السبت ٣ آذار (مارس) ٢٠١٨
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

التباكي على الغوطة الشرقية

بداية لا بدّ من التّأكيد على حزننا العميق لما يجري في سوريّا، وعلى كل نقطة دماء سالت من أيّ مواطن سوريّ بغضّ النّظر عن انتمائه العرقي والدّينيّ والسّياسيّ. لكنّ المثير في هذه الأيّام هو هذا الاستنفار الاعلاميّ والدّبلوماسي، وانعقاد مجلس الأمن الدّولي أكثر من مرّة بسبب هجوم الجيش السّوريّ على الغوطة الشّرقيّة لتحريرها من أيدي الارهابيّين الذين يعيثون فيها فسادا وقتلا وتدميرا، وهذا الاستنفار يقوم به من موّلوا ودرّبوا وسلّحوا العصابات الارهابيّة التي تستهدف استنزاف الجيش العربيّ السوريّ، وهدم الدّولة السّوريّة، وتحقيق حلمهم بتقسيم سوريّا إلى دويلات طائفيّة متناحرة، تنفيذا للمخطّط الأمريكيّ "الشّرق الأوسط الجديد" الذي أعلنته عام 2006 كونداليزا رايس وزيرة خارجيّة أمريكا يومئذ من قلب العاصمة اللبنانيّة بيروت، أثناء الحرب التي شنّتها اسرائيل على لبنان. ويلاحظ أنّ المتباكين على الشّعب السّوريّ هم من شاركوا باحتلال وتدمير العراق عام 2003 وقتل وتشريد شعبه، وهم من ساهموا ولا يزالون في تدمير ليبيا واشعال نار الفتنة فيها، وهم من يساهمون بتدمير اليمن وقتل المستضعفين فيه.

وهم يروّجون دعاياتهم التّضليليّة بأنّ الجيش السّوريّ يقوم بقتل شعبه وتدمير بلده في الغوطة الشّرقيّة، لكنّهم لا يتطرّقون إلى القوى الارهابيّة التي تتصدّى بأحدث الأسلحة للجيش السّوريّ لمنعه من السّيطرة على أرضه وتخليص شعبه من قوى الارهاب، فمن أين حصل هؤلاء الارهابيّون على هذه الأسلحة الفتّاكة؟ ومن درّبّهم عليها وزوّدهم بها؟ وماذا يريدون غير تقسيم سوريّا؟

وهل يلاحظ المواطن العربيّ الذي يجري تضليله واستدرار عواطفه أنّ حماية الارهابيّين في سوريا وامدادهم بالمال والسّلاح يتزامن مع صفقة القرن، التي تتحدّث عنها الادارة الأمريكيّة، والتي تهدف إلى فرض حلول في المنطقة، وتصفيّة القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ؟ وأنّ ما يجري في سوريّا هو جزء من هذه الصّفقة لتصفية القوى التي تعارضها؟ وهل انتبهوا أنّ اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لاسرائيل، وقطع التّمويل عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيّين يتزامن مع دعم قوى الارهاب التي باتت نهايتها وشيكة في سوريّا؟ ولمن غابت عنه الحقيقة ألا يتذكّرون ما قاله جاسم بن حمد رئيس وزراء قطر الأسبق، في لقاء تلفزيونيّ قبل أشهر قليلة بأنّ قطر وحدها قد أنفقت مبلغ 137 مليار دولار بإيعاز من أمريكا وبتنسيق مع حلفائها العرب لتغذية الارهاب في سوريّا، وأنّه كانت هناك غرفة عمليّات لدعم الارهابيّين تشارك فيها أمريكا، اسرائيل، تركيّا وبعض الدّول العربيّة الموالية لأمريكا؟

وهل شاهدوا على شاشات التّلفزة بعض قادة المعارضة السّوريّة وهم يزورون تل أبيب ويطلقون التّصريحات منها؟ وألم يشاهدوا على التّلفزة جرحى جبهة النّصرة وغيرها من الدّواعش وهم يعالجون في مستشفيات اسرائيل؟ وهل تساءلوا عن حشد ارهابيّين من أكثر من تسعين دولة ليحاربوا الشّعب السّوري؟

من هنا فإنّ البكاء ليس على المدنيّين السّوريّين، وإنّما على قوى الارهاب التي قضي وسيقضى عليها بأيدي جنود الجيش السّوريّ.

إنّ دماء الأبرياء في سوريّا يحمل خطاياها من يموّلون ويسلّحون قوى الارهاب، ومن يسعون إلى تدمير وتقسيم سوريّا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى