الخميس ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٠
بقلم خالد عزب

الجدل حول مستقبل الثقافة

هناك جدل عميق على الساحة الدولية حول مستقبل الثقافة، ففي كل دولة يبدأ الحوار من دور المثقفين إلى هل هم فئة مهمة إلى دور الثقافة في بناء خصوصية المجتمع والدولة. لكن دعونا نحدد من هو المثقف، المثقف: هو من يعمل في أي مجال من مجالات إنتاج المعرفة أو نشرها، لقد كانت المشكلة إلى سنوات ليست ببعيدة هي الحصول على المعلومات، فأصبح من يختزن في ذاكرته كمية كبيرة من المعلومات ويستطيع أن يربطها ليقدم رؤية تقوم على المعلومات المتراصّة في صورة متتابعة، هو المثقف. لكن بعد انفجار المعلومات في عصر الإنترنت، بات إنتاج المعرفة والعاملون عليها هم الأهم، فالمقولة الشهيرة "المعرفة قوة" تدل على إنتاج المعرفة وليس فقط حيازة المعلومات هي الوسيلة الوحيدة لضمان البقاء والاستمرار، في عصر بات فيه الصراع السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي على أشده، لفرض الذات على الآخرين. من هنا نستطيع أن نفهم ظهور مصطلح "Digital Gap" الفجوة الرقمية، هذه الفجوة التي تتزايد يومًا بعد يوم في وقت يثير فيه منتجو المعرفة الرقمية مشكلات مستمرة، مثل إخضاع الشبكات الرقمية لرقابة صارمة، وإثارة عقبات مثل حقوق الملكية الفكرية، وفرض أسعار مبالغ فيها على البرمجيات مما يحرم من لا يملك المال من امتلاك المعرفة العصرية.

هذا مؤشر إلى أن العاملين في مجالات إنتاج المعرفة يجب أن يحوزوا مستوى عاليًا من المعرفة، وتخزين المعلومات في بنوك لاستدعائها حسب الطلب. إن تحول الحكومات والمؤسسات إلى حكومات إلكترونية، يستدعي إنشاء مراكز هدفها تفسير التغيرات التي تحدث في المجتمعات نتيجة لهذه التحولات، وهنا تبرز طبقة المثقفين التي تحاول أن تفسر أو تستنتج التحولات الحادثة في المجتمعات بدءًا من اندماج كل الأجهزة والأدوات الخاصة بالاتصال في جهاز واحد "I pad" مثل (التليفزيون- الراديو –الصحيفة- الكتاب- خدمات الإنترنت) إلى توحد الأفراد مع هذا الجهاز، وقيام مجتمعات افتراضية بعيدة عن الواقع. إن تفسير تحولات التكنولوجيا وتحولات المجتمع هي فلسفة مذهب جديد ينقذ البشرية من الغرق في العالم الرقمي بل واعتباره الحقيقة الوحيدة في الحياة.

لذا لن نتحدث هنا عن دور مؤسسات أو وزارات الثقافة في صناعة مستقبل الثقافة العربية؛ إذ إن هذه المؤسسات مازالت أبعد ما تكون عن هذه الصناعة، فالمثقفون دأبوا على أن يلتحقوا بمؤسسات ثقافية ليعملوا من خلالها فتعطيهم الشهرة، أو يرأسوا مجلات ثقافية أو دوريات علمية.

لذا لدينا هنا عدة محددات هي:

 قوة المعرفة

 صناعة المعرفة

 صناع المعرفة

فقوة المعرفة هي التي تحدد اليوم قوة أية دولة أو مجتمع، وصناعة المعرفة هي أداة الدولة لذلك الهدف، وهو حيازة المعرفة. وصناع المعرفة لم يعودوا هؤلاء المثقفين التقليديين بل إن صناع المعرفة اليوم ينقسمون إلى ما يلي:

• الأفراد المبدعين.

• المؤسسات الحكومية كوزارات الثقافة والهيئات الثقافية التي لعبت خلال الخمسين عامًا الماضية الدور الرئيسي في صناعة المعرفة وتحول صناعها إلى موظفين لديها.

• المجتمع المدني: سواء في شكل مؤسسات مثل مؤسسة الفكر العربي التي قامت على دعم مجموعة من الشخصيات العامة العربية، أو الأفراد مثل المجلة الثقافية الجزائرية التي أخرجت الثقافة الجزائرية من محيطها الوطني الضيق إلى الوطن العربي الكبير لأول مرة، عبر جهود تطوعية من مثقفين جزائريين، أو موقع دار الكتب الإلكتروني المصري الذي قام على أكتاف مجموعة من الشباب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى