
العائــدون
كانت المقابرُ أبنيةً ساذجة:
قبوٌ من الطوب اللبِن
يَفتحُ فمَهُ مِثلَ كهفٍ مهجور
ثُم يُغلقُ عقب الدفن
سَمِعْتُ حكاياتٍ عن عودةِ الموتى
وهُم يَدْرُجون في الكفن
ويَطرقون باب البيت،
فينصعقُ الأهلون
كان ينتابُني يقين
لم أكُن أبوح به:
أنَّ الميتَ العائد
لم يَعُد مرغوباً
لقد مَنحناه دموعَنا
ومراسمَ الدَّفنِ وسرادقَ العزاء
فكيف نبكيهِ بصِدقٍ
عندما يموتُ مَرَّةً أخرى (حقيقيةً)
وكيف يتحمسُ المُعَزُّون للعزاء
في تِلك المَرَّةِ الأخرى
ربما لو عاد الميت
طيفاً في الحُلم
أو شابَّاً أنيقاً في لقطة فوتوغرافيا
أو جندياً يَلبسُ البيريه
في شهادة التجنيد ،
لانبعثَتْ ابتسامةٌ عذبة
ودَعَوْنا له بالرحمة
لم ينبسْ أحدٌ بكلمة
عن لُزوجةِ العودةِ
عقب الموت
لكنَّ أُسْرةً تِلو أخرى
أرادت أن تُميتَ الموتى
وقد اكتشفت حيلهم في الرجوع،
فطفقتْ تَبني مقابرَ أسمنتية
لا تَسمحُ لأحدٍ بالخروج منها:
كُلُّ مقبرةٍ موصدة
ببابٍ مِن حديد
ومِزلاجٍ لا يصلُ إليه الموتى
وقُفْلٍ صَديء