الجمعة ١٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

العلاقات النصية (الورد يحلم بالسفر) لإبراهيم خليل إبراهيم

النقد في حضرة النص مريد يبغي الوصول إلى المحال ولقد سوأ النقاد العلاقة بين النص والنقد فأصبح الناقد باحثا عن العيوب والمميزات أخيرا فلم تصبح العلاقة بينهما سوى علاقة مغتاب أو منافق.

وقد تسببت النظريات المعلبة والمستوردة في هدم القاعدة النقدية وإحلال قاعدة غربية لا تتصل بالمبنى والمعنى العربي .. هذا ما دعا الصادقين إلى محاولات التفتيش في الأوراق للبحث عن العلاقة التي يمكنها أن تربط النقد الغربي بالأدب العربي وتقوم هذه الدراسة على استجلاء ( العلاقات النصية ) في ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) للشاعر إبراهيم خليل إبراهيم الذي كتب هذا الديوان الشعري الثالث بعد ديوانيه ( قلبي على بابك ) و( إحكي وقول يا ورق ) هذا إلى جانب كتاباته المتعددة في النقد مثل : ( رؤي إبداعية في شعر المرصفي ) و ( الحب والوطن في شعر فاروق جويدة ) أما مؤلفاته عن الذين أثروا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والمصرية والعربية فجاءت في مؤلفات عدة منها :
موسوعة حلوة بلادي ( جزءان ) .
موسوعة أغنيات وحكايات ( جزءان ) .
أصوات من السماء .
العندليب لا يغيب ... وغيرها.

وقد تميز الشاعر بكتاباته المصرية الخالصة عن أبطال حرب أكتوبر وهى ساحته ومساحة كتبه فقد ألفَّ فيها عددا كبيرا يتجاوز العشرين مؤلفا مما جعله بطل الكتابة عن أبطال أكتوبر وهذا ما جعله أستاذا مقدما في المحافل الثقافية والمنتديات والمؤتمرات وجعله نجما لامعا حقيقيا في الإذاعات وعلى الشاشة الفضائية .
ولذا فكثيــر مـــن المؤسســات تســــعد بعضويته كاختياره رئيسا لتحرير سلسلة عزف القلم ورئيس لجنة المقال بقناديل الفكر ومحررا بمجلة اتصالات المستقبل وصحيفة آلو مصر وجريدة المحور الدولي والأهرام المسائي .. وغيرها الكثير .
وكذا عضوياته المتعددة في نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب بمصر واتحاد الكتاب والمثقفين العرب والاتحاد العالمي للشعراء والمجلس العالمي للصحافة ورابطة الزجالين ورابطة أدباء الشام واتحاد كتاب الانترنت العرب والاتحاد العالمي للإعلام الإلكتروني .. هذا العدد من العضويات كان نتيجة لتجربة كاتب مثابر يصدق الفعل قبل القول ويجتهد للوصل إلى هدفه وكان هدفه محددا في إعطاء كل ذي حق حقه .. وضع نفسه في المسئولية وكان على قدرها فكتب عن أبطال صنعوا المعجزات فوق الرمال وعلى المياه وفي طبقات الجو المتعددة وكتب عن الذين أدركتهم حرفة الفن فعاشوا يخدمون وطنهم بما وهبهم الله كما تناول شعر غيره مؤثرا القوم على نفسه .. مبرزا اهتماما بأبناء بلده المتفوقين في الشعر والذين قدموا أنفسهم وأموالهم لربهم رغبة في الجنة والرضوان .
ويأتي ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) كتجربة تحويلية في حياه الكاتب إبراهيم خليل إبراهيم .
ويتكون الديوان من سبع عشرة قصيدة بعد الإهداء يبدأ بقصيدة ( قارب الدموع ) وينتهي بقصيدة ( نبض الوريد ) وقد تنوعت البحور الشعرية في الديوان فمنها ما جاء على الرجز مثل : ( غوصي بقارب أدمعي ) ومنها ما جاء على الوافر مثل ( أتيت إليك تسبقني خطواتي ) ومنها ما جاء على الكامل مثل ( وبحثت عنك بأعين فيها الدموع ) ومنها ما جاء على الهزج مثل ( حماك الله يا مصر ) ومنها ما جاء على المتقارب مثل ( فلسطين أرضي وعمر الحنين ) ومنها ما جاء على المتدارك مثل ( العالم في صمت مغرق ) ومنها ما جاء على الرمل مثل ( أذكروني يا رفاقي ) فاستخدم الشاعر التفعيلات كلها تقريبا.
فاستخدم ( مستفعلن - مفاعلتن - متفاعلن - مقاعيلن - فعولن - فعلن - فاعلاتن ) وهى أوزان البحور ذات التفعيلة الواحدة وهذا يعني اهتمامه بالوزن العربي في صيغته الأصيلة معترفا بضرورة بقاء أوتار العود حيث لو نزعت أوتار العود لتحول إلى قطعة خشب ينقر عليها الجهلاء ويبتعد عنها العازفون النبلاء .
وسوف يأتي التناول للديوان بنظرية عربية جديدة في محاولة لإيجاد نقد أدبي عربي جديد كما كان عند أجدادنا نقد عربي بهر الناس جميعا في عصر الجرجــاني والجمحــي وابن طباطـبا العلـــوي وتعلم الأوربيون الدرس وترجموه وقدموه على انه نظريتهم الخاصة كما هو شأن الشكلية الروسية والبنيوية الفرنسية والتوليدية كالأنجلو أمريكية .
وقد اخترنا لهذه النظرية اسم ( نظرية العلاقات النصية ) نحو نظرية عربية وتم تطبيق هذه على النص الأدبي العربي قديما وحديثا إلا أن درجة الانتشار لم تتسع حتى الآن بالتناسب مع المجهود المبذول فيها :
وتقوم الدراسة على تناول ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) في نقاط عدة هى :
1- العامل النصي والحضور الجديد .
2- المتوالية النصية وشبكة الترابط .
3- الإيقاع وعناصر التشكيل .
أولا : العامل النصي والحضور الجديد :
يقصد بالعامل النصي في أبسط تعريفاته ( الكلمة في النص بعد اختيارها من المعجم اللغوي العقلي وأسباب اختيارها ) حيث إن الكلمة في المعجم اللغوي لها معنى أو عدة معان محددة وهذه المعاني متفق عليها بين المستخدمين والمتلقين للغة وحينما يستخدم صاحب اللغة المفردة فإنها لابد أن تخضع لخطابه فإذا استخدمها بمعناها المتعارف عليه فإنه ينقل خبرا أو حدثا أو تاريخا وإذا استخدمها قاصدا تحميلها بتوجيهات مغايرة ويريد إبلاغ رسالته في شكل جمالي مبتكر فهنا تتحول الكلمة من معناها المعجمي لتصبح عاملا في النص .
والكلمة المستخدمة على كل الأحوال تحمل معنى الثنائية فهناك مرسل ومستقبل وهناك ملق ومتلق وهناك مخاطب ومخاطب أما الكلمة في الأدب فسوف تحمل توجهات جديدة بجوار الثنائية مثل الحضور الجديد الذي جعل الكلمة تتطور وتنمو وتأخذ حيزا أكبر عن حيزها في المعجم وهذا ماسوف أدرسه في ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) حيث قام الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم بتأهيل الكلمة لتفويضها بالاتجاه إلى الهدف الجديد المعلن فالكلمة في النص ضرورة نصية لا بالوجود ولا بالحذف ولا بالتأويل ولكن تنبع هذه الضرورة من ترابطها مع غيرها بخيط عريض أو رفيع وفي كلتا الحالتين لابد أن يكون الخيط متينا .
وتتضح هذه الترابطات في فهم كيفية تأهيل العامل النصي وضبط إيقاعه وتقديم زاوية جديدة للتشكيل فيه لتصبح المفردة تجربة غير مكررة فتتحول الكلمة من مادة ترابط منطقية إلى مادة إمتاع تصويرية إيقاعية وقد استطاع الشاعر تحويل المفردة إلى عامل جديد في النص فمثلا في قصيدة ( قارب الدموع ) تبدأ القصيدة بـ ( غوصي بقارب أدمعي ) وتنهي بـ ( واحكي عن ماض قديم ) وتتكون القصيدة من ثمانية عشر اسما وخمسة عشر فعلا وأربعة عشر حرفا واثنى عشر ضميرا وتنقسم الأفعال إلى سبعة أفعال ماضية وخمسة أفعال أمر وثلاثة أفعال مضارعة ويمكن تمثيل ذلك في الجدول التالي :
العامل العدد
اسم 18 زيادة استخدام الاسم يدل على الثبات .
حرف 14 استخدام الحروف بهذا العدد يشير إلى تعدد الروابط .
ضمير 12 تعدد الضمائر بين التكلم والخطاب .
فعل ماض 7 للدلالة على أن التذكر هو الدرجة الأعلى .
فعل أمر 5 كلها أفعال رجاء وتمن .
فعل مضارع 3 لقلة وجود النص في الوقت الآني .
الشاعر يعتمد الاسم كعامل نصي أساسي في تكوين القصيدة حيث أن الفكرة والموضوع مستقران في الذهن والشعور ويليها في العدد استخدام الحروف حيث يرى الشاعر أن هذه الأسماء تحتاج إلى عوالق وروابط ويأتي استخدام الفعل المضارع أقل عددا وهذا يعني أنه متعلق بالماضي ومرتبط بالمستقبل أكثر فهو يسعى بين الاستباق والاسترجاع الشعوريين حيث إن حركة الزمن في النص لاتبقى في الزمن الآتي كثيرا.
وحينما يبدأ الشاعر قصيدته بـ ( غوصي بقارب أدمعي ) فالعامل النصي هنا ( غوصي ... بقارب ... أدمعي ) فالكلمة ( غوصي ) تستلزم بحرا والعامل ( غوصي ) يستلزم نصا فنيا والترابط بين البحر والنص غير موجود إلا في البناء الجديد ولذا لم يقل ( غوصي في البحر ) بل جاء الغوص ( بقارب ) والقارب يسبح وبالتالي حال الشاعر الوظيفة وتأتي كلمة ( أدمعي ) لا للبكاء هنا فقط بل جاءت لطول المدة لاتصالها بالشطر الثاني وللكيفية لاتصالها بالعامل الأول ( غوصي ) .
واستخدم حرف العطف بين الشطرين لا للعطف بل لبيان كمية الدمع التي تسمح بالغوص .
ويجيء الشطر الثاني ( وارو عن ماض قديم وذكري ) فطلب الرواية هنا جاء نتيجة طبيعية للغوص في الدموع وكذا للغوص في ماض قديم وكذا ذكري مرتبط بالرواية والغوص والتذكير هنا لايقصد مخاطبا بعينه بل إن جميع الاطروحات منصوبة للعامل النصي وذكري .
وهكذا تأتي الكلمة من المعجم اللغوي لتتحول إلى عامل نصي داخل القصيدة وهذا العامل مرتبط بشتى العلائق مع العوامل الأخرى فهناك ترابطات التتابع والنتائج وهناك ترابطات التضاد أو التوافق والافتراض إلا أن الكلمة إذا خلت من سبب للتابع والتجانس والتوافق والتضاد والافتراض فلن تصبح عاملا في النص الأدبي .
ثانيا : المتواليات النصية وشبكة الترابط :
يختصر البحث توالي العوامل النصية في مسمى ( المتوالية النصية ) وتختلف المتوالية النصية عن الجملة النحوية فإختلاف الكلمة وتحولها في النص إلى (عامل نصي ) فإن الجملة في النص الأدبي تتحول إلى ( متوالية نصية ) ويمكن التمثيل لذلك في هذا الديوان ( الورد يحلم بالسفر ) بقصيدة ( فلسطين ) حيث تأتي القصيدة في وسط الديوان تقريبا وكأنها قلب الديوان وتسبقها قصيدتان هما ( مصر ) و ( بغداد ) وهكذا أتى الترتيب ( مصر ... بغداد .. فلسطين ... إرادة ) وهكذا تتضح رؤية التنظيم للديوان فمصر أولا وبغداد محتلة حديثا وفلسطين هم قديم ولكن الإرادة قادرة على إنقاذ كل الديار وتبدأ قصيدة ( فلسطين ) بقول الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم :
فلسطين أرضي وعمر الحنين
وقلعة عشقي وعزمي المتين
فالبيت جميعه متوالية إخبارية وتقريرية ويلاحظ أن الشاعر ذكر ( العامل عشقي ) متساويا مع أرضي وتأتي مرتبتان من مراتب الحب هما : العشق والحنين والترابط بين الوطن كغائب وبين العشق المحفوظ في قلعة القلب أما العزم والإرادة في النفس فإنها تجربة متينة .
والحب والعشق والحنين وهذا يعادله فلسطين والأرض والعزم المتين فقد جاءت المتوالية مترابطة بعواملها النصية .
ويترابط النص الشعري بشبكة من العلاقات بين المتواليات منها العلاقات الزمنية كالرابط بين الماضي والحاضر مثل ( فداك الجدود .. فداك البنين ) فالجدود إشارة لماضي الحياة والبنين إشارة لحاضر الواقع والتكرار يعني الإلتزام بالفعل في الزمنين .
وترتبط المتوالية التالية لها ( سترجع أرضك للنازحين ) هو ترابط زمني لانتظار المستقبل وعودة فلسطين وترابط نتيجة لما يقدم ويلاحظ حركة الأرض لمن نزحوا منها فهى سوف تنزح لهم وهو على خلاف المستخدم من عودة النازحين فالأرض تبحث عن أهلها كما يفتديها أهلها .
وهناك ارتباط السببية والعلية كما هو الحال في المتوالية التي تليها بقوله ( وترجع قدسنا للعابدين ) فالقدس ليست أرضا للطعام والشراب والحبوب والثمار ولكنها محل لطاعة المخلوق للخالق واستخدم العامل ( العابدين ) ولم يستخدم ( المصلين ) للإشارة إلى تنوع العبادة ومبناها على أصلين في الشرع وهما : ألا يعبد إلا الله .. والثاني : ألا يعبد إلا مما شرع .. وجاءت صيغة اسم الفاعل للدلالة على الاستمرار وعدم التوقف كما استخدمت بهذا الشكل للدلالة على عبادة الاختيار .
ثالثا : الإيقاع وعناصر التشكيل :
يعتمد النص الأدبي على تقنيات متعددة في إبداعية التشكيل الغاية منها التوسل بهذه الإمكانات لإبلاغ مضمون الخطاب بشكل تأثيري في النفس بالتزكية وفي الروح بالتطهير وفي القلب بالوعي وتعتمد هذه التقنيات على الاختيار النصي للغة كما هو الحال مع العامل النصي كما تعتمد على التراتب كما هو الحال في توزيع العوامل النصية كما تعتمد على الكيفية في اختيار المشتقة وتعاملها مع سابقتها ولاحقتها .
وينتج عن هذه التقنيات إيقاعا موجيا يرتفع وينخفض بإرتفاع وانخفاض النص وهذا على باب التمثيل لا الحصر فمثلا تأتي قصيدة ( قيس قادم ) للتدليل على ماسبق تنظيره وتبدأ القصيدة بالمقطع الأول :
أقسم أنك كوني الحالم
فأنت لعيني ثغر باسم
من حبك أمتلك العالم
ياليلى .. ها قيس قادم
فقد اعتمد الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم على التوسل بالصرخة في الهتاف فبدأ بالعامل النصي ( أقسم ) والفعل دلالة على الصدق واستخدام ( لأنك ) للتأكيد على الصدق والالتفات من الخطاب للتكلم وهذا يستدعي ارتفاع الايقاع في ( أقسم ) وانخفاضه في ( الحالم ) ولذا فإن الايقاع لايعتمد على المفهوم والمحسوس فقط بل هناك امكانات أخرى كالصوت للغة ..ودلالات المعنى البعيدة .
وتأتي المتواليات مترابطة بايقاع على وفعلى وهذا مايغير حركة الإيقاع لتتناسب مع مايقدم في النص فتأتي الإيقاعات متصلات بالفكر مرة وبالهدف أخرى وبرباط الغائية ثالثة فمثلا :
وسأغدو بأحداقك فرحا
ياعمر شعوري .. وإحساسي
اسمك ينتفض بأودرتي ...
بالروح.. ونبضي ...وأنفاسي
فجاء الإيقاع هنا مرتبطا بالمتوالية الأخيرة ( ياليلى ها قيس قادم ) فقدوم قيس لعلة واضحة وهى الفرح في الأحداق والفرح ناتج من الارتباط بالشعور والحسي وليس إرتباطا بالفعل الجسدي أو الحسي وهذا ماجعله يختصر الحب في اسم من أحب ( ليلى ) حيث أن هذا الاسم لايقوم ولايتحرك ولكنه ينتفض في مساحة الأوردة بل في شهيق النفس بل في الروح ككون غير محسوس والموسيقى الصوتية بحروف الهمس كالسين المكسورة ( إحساسي .. وأنفاسي ) أو المفتوحة والساكنة مثل ( سأغدوا _ اسمك ) والتلوين الصوتي بين كاف الخطاب ( بأحداقك ) وياء التكلم في ( إحساسي _ أوردتي _ أنفاسي _ نبضي _ شعوري ) ويبرز الايقاع هنا كذلك في صور جمالية فهو لايصف اتساع الأحداق لكن يشير لوجوده بهما ولايعلن تأثيرها في غيره لكنه يبرز تأثيرها في نفسه بالفرح .. وهذا ماجعل تنظيرنا يرى أن الإيقاع لايكمن في الصور والموسيقى فحسب بل إن الإيقاع يكمن في التراتب والكيفية وتعدد الروابط بين المتواليات وبعضها .
إن خروج ديوان ( الورد يحلم بالسفر ) للشاعر إبراهيم خليل إبراهيم تحت هذه النظرية العربية ( نظرية العلاقات النصية .. نحو نظرية عربية جديدة ) يجعل الديوان في مقدمة الدواوين العربية التي تدرس بهذا المنهج المتميز ويضع الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم في الصف الأول الذي يبحث عن التقدم الفكري والتنظير الأدبي العربي مبتعدا عن النظريات المعلبة والمستوردة من نظريات الأدب الغربي بأشكاله المختلفة.
وقد استطاع الشاعر إبراهيم خليل إبراهيم أن يقدم تجديدا في الشعر العربي .. معتمدا على التأصيل التراثي للأوزان باستخدامه للتفعيلات العربية في شكلها القديم كتقنية ايقاعية لايمكن الاستغناء عنها ...وقد أضاف الشاعر كذلك لها تقنيات أخرى كالترابطات الغائية والسببية والعلية والنحوية إلى جانب الاعتماد على الصوت المنطوق من الحرف حسب المخارج الصوتية المتباينة تقدما وتأخرا وارتفاعا وانخفاضا الذي أوجد ايقاعا موجيا مناسبا لكل نص.
وقد قام الشاعر بمحاولات متعددة في البحث لنقل المفردة من المعجم اللغوي لتصبح عاملا في النص الشعري وبذلك تكتسب المفردة اتجاهات واشعاعات جديدة فلم نعد نرى للكلمة ثنائية المتكلم والمخاطب أو المرسل والمستقبل .. بل أخذت المفردة أبعادا جديدة ... كالبعد الصوتي والبعد الزمني فأصبحت الكلمة رباعية الابعاد وهذا ما نسميه الايقاع الدلالي للعامل النصي .
يستحق الديوان دراسة مطولة لما بذله الشاعر من جهد في محاولات التجديد الدائبة والمتمثلة في مجمل أعماله .. وهذا شاعر وكاتب نادر يكتب للمجتمع دون تدخل شخصي لفرض رأي أو وصاية ... ولكنه يكتب للتنوير وتسليط البؤرة نحو العقول والأفكار أكثر من تسليطها نحو الذات مما جعل أدبه اجتماعيا تربويا يستحق الاهتمام من الدولة ..
شرفت بكلمتي هذه والتي اسميتها دراسة للديوان .. وهو يستحق التوسع في هذا الدرس .. هذه رفعة لي أخي الحبيب إبراهيم خليل إبراهيم أن أناقش بعض أعمالك.
بقلم الناقد د . رمضان علي منصور


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى