الجمعة ١٥ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم مصطفى الغرافي

الفقهاء وغواية الحب

لعله من اللافت أن الفقهاء الذين اشتهروا بالمحافظة والتزمت لم يسلموا من "غواية الحب" فألف بعضهم في الموضوع كتبا مستقلة اشتهر بعضها بطرافة التناول كما هو الشأن بالنسبة إلى كتاب "طوق الحمامة" الذي ألفه فقيه أديب هو ابن حزم الذي أسس مذهبا فقهيا في الأندلس عرف بـ "المذهب الظاهري". وفي الكتاب محاولة لتفسير ظاهرة الحب واستقصاء لعلاماته وسرد لسير العاشقين وأهل الغرام من دون أن ينسى المؤلف أن يورد أطرافا من سيرته العطرة سرد خلالها علاقته بالنساء ومعاناته في الحب. كما أورد أخبار العشاق من الكبراء وجلة القوم. كما ألف ابن القيم الجوزية وهو فقيه متشدد من تلاميذ شيخ الاسلام ابن تيمية "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" وهو كتاب ضمنه المؤلف وصفات علاجية لأمراض الجسم والروح ومنها مرض الحب. وقد روى في ثنايا الكتاب بيتا يظهر منه أن الحب يشكل قيمة القيم بها تتحقق إنسانية الإنسان:

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى/ فقم واعتلف تبنا فأنت حمار
ولا يعني هذا أن التأليف في موضوعة الحب كان دائما مرتبطا بالتقدير والاحتفاء عند الفقهاء فقد صنف بعضهم كتبا في التحذير من الانسياق وراء غواية الحب كما يكشف عن ذلك كتاب فقيه آخر هو ابن الجوزي الذي وضع كتابا وسمه بعنوان يدل على غايته من تأليفه حيث أسماه "ذم الهوى".

نستفيد من ذلك أن فقهاءنا لم يسلموا من غواية الحب فكتبوا (معه وضده) شارحين أسراره أو محذرين من فتنته وفي الحالين كان الحب يمارس سلطانه الذي لا يقهر على فقهائنا الأجلاء. هل يكون للأمر علاقة بـ "تلبيس ابليس" (عنوان كتاب لابن الجوزي تتبع فيه مكر ابليس وخداعه للعلماء والمتصوفة والقصاص).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى