الكتابة كما يراها سقراط مدينة تونس: سليم دولة
"إنّ الكتابة أقوى من الموت"
ستاندال
الكتابة تصارع الموت، تتحرّك بعكس حركة الزمن. تواجه الفناء والإفناء، مرتحلة على درب الخلاص. و الخلاص حسب شيخ المتصوّفين الجدد (سليم دولة) يكون في الكتابة الاستثنائية.
فالكتابة تائقة إلى الخلود و ”الخلود لا يتوفّر إلاّ بسحر البيان، سلطة اللّسان و الكلام المنطوق” فاتّخذ البيان أشكالا مختلفة تارة يستحضر “برد اليقين” مسبّحا. مؤمنا و تارة أخرى مشكّكا، كافرا “متعتعا الذاكرة” فكانت الكتابة ” كتابة احتجاج” “كتابة اقامة في العالم و الوجود”. إن سليم دولة كعادته قلق دائما، مقلق دائما، ساخط دائما، مثير السخط من حوله وفق عبارة عميد الأدب العربي طه حسين، فما هذين الضربين من الكتابة؟
الكتابة السبحانية:
اتخذت هذه الكتابة استراتيجية الأيديولوجيا للسيطرة على الأفئدة، ماسكة بالوعي و اللاوعي الفردي و الجماعي مكرّسة ثقافة الوثوقية و التقليد. فكانت كتابة توهم بأنها محاصرة لجميع أبعاد الواقع لكنّها ملتحفة بالزيغ والمراوغة تبعد الواقع و تقصيه. لتحيلنا على واقع آخر لا مرئي و لكن هذه “الكتابة المسبّحة” كانت محلّ اعتراض من قبل الكاتب الحرّ سليم دولة الرحّالة التائه، محتفل بالهامش و المختلف، داعيا إلى كتابة استثنائية. كتابة مسكونة بالاختراق ملتبسة بعنف اللحظة و شراستها فكانت كتابة منزاحة عن مركز السلطة و هي:
الكتابة المتعتعة التي ترجّ السلطوي.
إن الكتابة المتعتعة “كتابة لا تتبرأ من دمها ” كتابة مفتوحة بجراحاتها، تطلع من الوجع، كتابة فعل استرداد من دروب التيه ولضياع، ضياع الذات وتلاشيها.
كتابة إبداع تذهب إلى تخوم ما لاذ بالصمت إلى ” القصي الأقصى” كتابة إبداع تستلزم الاستماع إلى المكبوت جسديا، يستلزم الإبداع نبذ الإتباع، العصيان و الرفض.. فلا إبداع دون تعتعة الذاكرة و الفكر بها استن الأوائل و سطّروا بمعنى خطّوا و كذبوا فإن كانت كتاباتهم.. تسطيرا وتزييفا”.
هي الكتابة المسكونة بالدهشة و السؤال حالما تستردّ ماهيتها تخرج لتشهر اختلافها و تمرّدها على النمذجة و التصنيف، لا تنتظر مباركة آلهة و لا تزكية بابوات