باسكال مشعلاني: ليس في الفن صداقات بل مصالح
تحقق الفنانة باسكال مشعلاني النجاح تلو الآخر مع كل ألبوم جديد لها، وهي من جيل الفنانين الذين بذلوا جهدا كبيرا وتعبا وسهرا لتحقيق استمرارية مبنية على أسس فنية وموسيقية متينة.
باسكال لا تحب الأجواء الفنية التنافسية التي تضر بالفن عامة وبفنها خاصة، لأنه حسب قولها: "لا صداقات في الفن بل مصالح".
وتستغرب من تلفيق الإعلام وبعض العاملين فيه لإشاعات وأخبار حول زواجها من ذاك وطلاقها من آخر!
– بداية.. ما رأيك بوضع الساحة الفنية الحالي، هل تجدينه يضر بجيلك من الفنانين؟
– الوضع يضر بالجميع وليس بالفنانين فحسب، صحيح أننا بتنا أمام أغانٍ وأعمال سخيفة، صورة وصوتا. لكني شخصيا أدعو بالتوفيق للجميع. يا ليت الكل يغني ولا يحمل سلاحا ويحارب كما نشاهد على الشاشات في بعض الدول. من يرغب بدخول ميدان الفن، عليه أن يمتّع نفسه. أنا من جيل دخل الفن وموهبته معه. وعملنا على تحصين هذه الموهبة بالتعلّم الموسيقي والثقافة الموسيقية وعززناها بالخبرة. ومن الأخطاء والفشل تعلمنا النجاح. وهذا ما جعلنا نكمل. للأسف اليوم معظم الذين يغنّون يصرحون بأنّهم يسعون إلى كسب المال خلال مدة قصيرة ولا تهمهم الاستمرارية. لذلك فأنا أشجع كل من يريد الدخول إلى عوالم الفن بالتجريب وأخذ الفرصة المتاحة، وفيما بعد إما يكمل أو يتوقف.
ويزعجني الاستهتار بقيمة المرأة، وأنا لم أمش مع هذا التيار واعتمدت فقط على الكاريزما والصوت والأغنيات الجميلة. الفن يتطلب البال الطويل والصبر والتعب وسهر الليالي لتحقيق النجاح، ولا يتم ذلك بين ليلة وضحاها. للأسف نشهد وضعا نسمع فيه الكثير من الأعمال التافهة، بالإمكان تقديم الاستعراض ولكن بشكل يحترم المستمع والمشاهد معا. الأمر دون شك يضايق الجميع ولكن ليس بيدنا حيلة. يفترض بنقابة الفنانين معالجة هذا الموضوع. الجمهور يحب الشعبي والاستعراضي والبلدي، ولكن لا أعتقد أنه يحب الأعمال السخيفة.
– لماذا غيّرت باسكال مشعلاني "الشكل" الخاص بها؟
– اليوم يسود عصر الصوت والصورة، ولا يمكن إغفال هذا الأمر. ولكن بالنسبة إلي الصوت يأتي بالدرجة الأولى. أعمل على الألبوم لمدة سنة بين الألحان والكلمات وكل ما يتعلق بها. ومن الطبيعي أن أولي أهمية للشكل، لكن هذا الأمر لا يأخذ أكثر من أسبوعين قبل إطلاق الألبوم. أحب أن أطل بشكل جديد. التغيير والتجديد مطلوب من قبل الجمهور، فلم لا؟ إنما أكرر أن تركيزي ينصب على الأغاني لأنها تدوم أكثر من الشكل الذي يمكن تغييره كل يوم.
– بعد دخولك ميدان الإعلانات، دخل العديد من الفنانين فيه، ثم تخليت أنت عنه مع أنك كنت رائدة فيه، فلماذا؟
– أكون سعيدة عندما أكون السباقة في أي موضوع. عندما طرحت أول إعلان شامبو، استغرب الجميع. اليوم الجميع انطلق في تسجيل الإعلانات لسلع متنوعة. عرض علي إعلان ولكني لم أشعر أنه بالمستوى المطلوب. إعلاني عن الشامبو أظهرني وأنا أغني. حاليا ثمة مشروع إعلان قيد الدرس، سأتكلم عنه في حينه في حال سارت الأمور كما أريد. قدمت تجربة إعلانية ناجحة، ولا أريد أن تأتي التجربة الثانية فاشلة أو غير مناسبة لي.
– هل للأجر المالي علاقة بموقفك هذا؟
– لا، المهم أن يكون الإعلان قيما وذا مستوى عالٍ، والمسؤولون عنه محترفون، ويتم بثه على كافة المحطات العربية الأرضية والفضائية. الناحية المادية بالتأكيد يجب أن تكون قيمة لأني أضع اسمي على إعلان لمدة سنة، وبالتالي يجب أن تكون عائداته جيدة.
– يلاحظ أن صداقاتك قليلة في الوسط الفني.. لماذا؟
– في الفن لا صداقات بل مصالح. أنا ممّن يركز على فنه الخاص. عندما أنتهي من عملي في مكتبي، لدي حياتي الخاصة التي تشمل أهلي وأصدقائي، وممارسة الرياضة. باختصار أحاول الخروج من جو العمل كليا لأتمكن من الدخول مجددا في جو الفن. لو كانت سهراتي وحياتي كلها في إطار الفن، سأنصرف حتما عن فني، مما قد يخلق إشكاليات بيني وبين الفنانين. لذلك أبتعد عن المشاكل وأتمنى التوفيق للجميع. ألتقي بالزملاء الفنانين في المهرجانات وسواها وأكتفي بالسلام عليهم وتهنئتهم بأعمالهم وألبوماتهم الجديدة. أشعر أن جو البيت يريحني أكثر، ولا أدع فني يحرمني من هذا الجو، لذلك تلاحظون أنني أبتعد عن المشاكل. وفي حال وجود الحاسدين، أرد عليهم بعمل ناجح، بأغنية أو فيديو كليب.
– نسمع ونقرأ الكثير من الإشاعات حول زواجك تارة من مزين شعرك، وتارة من رجل أعمال، كيف تردين على هذا النوع من الشائعات؟
– لا أعرف لماذا تركز بعض المجلات دائما على زواجي.. ربما لأني عزباء وفنانة مشهورة ومحبوبة!. ربما من حرصهم وحبهم لي يرغبون أن أتزوج. وهذه ناحية إيجابية. أما من الناحية السلبية، لا أعرف من أين يأتون بهذه الأخبار غير الصحيحة، ويفبركونها ويوردونها على لساني. أنا أضحك من هذه الأخبار الملفقة، والموضوع يحزنني. أحيانا يلجأون إلى هذه الأساليب لزيادة مبيعات مجلاتهم أو لشد القارئ.. ثمة أمور أكثر أهمية لشد القارئ. هنا لا أستطيع إلا الرد وعبر المحامي.
– هل مللت الرد على مثل هذه الإشاعات؟
– عندما نرد على شخص نرفع من قيمته ولو أهملناه نغظه أكثر، وقد أوضحت أن ليس هناك أي زواج سري، وحين أعلنت عن علاقة حب، تصدّر الخبر عناوين المجلات واهتم الإعلام بخبر انتهائها فيما بعد.
– ربما لأنك فقدت والدك مبكرا اعتبروا أنك بحاجة إلى رجل قوي إلى جانبك؟!
– هذا احتمال، لكن الزواج قسمة ونصيب ولم يأخذ مني الفن هذا التفكير، لأن حب العائلة والأطفال يتملكني كأي امرأة عادية، لذا أقضي معظم أوقاتي في البيت مع العائلة.
– وهل أدركت أن الفن لا يعوض عن العائلة والزوج؟
– بالطبع. لأن الفن له استمرارية وعمر محدد، أؤمن بضرورة ترك الفنانة المجال وهي في أوج عزّها ونجاحها، كما فعلت ليلى مراد، وشادية، وهند رستم، لذلك تحتل العائلة المرتبة الأولى في الحياة.
– كونك من جيل سابق لجيل الفنانين الجدد، هل تجدين نفسك مضطرة لتخفيض أجور حفلاتك؟
– بالنسبة إلي، لا أبداً. على العكس، أجد نفسي من أكثر الذين يرفضون حفلات ومهرجانات لأني أصر على المحافظة على مستوى المكان الذي أغني فيه، وأرفض أيضا إجراء مقابلات صحفية مع وسائل إعلامية لا تتمتع بمستوى معين ولا تساعد على تقدمي بل تراجعي. في بداية حياته الفنية، يخوض الفنان التجارب والمظاهر. ولكن عندما يكوّن اسما وصيتا وشهرة، يصر على المحافظة على فنه واسمه وصوته وصورته ولسانه، وعلى مستوى يليق بكل هذه العوامل، هنا يرتفع أجر الفنان ولا ينخفض. الساحة تتسع للجميع، ورغم هذا الكم الهائل من الأصوات، العمل الجيد يفرض نفسه.
– هل تتبعين مع نفسك أسلوب النقد الذاتي؟
– أكيد. مع صدور كل ألبوم، ومع نجاح أو فشل أغانيّ، وماذا أحب ولم يحب الجمهور.. أطرح على نفسي الكثير من التساؤلات، وأحاول معالجة الخلل والنقاط الفاشلة. آخذ بعين الاعتبار آراء المعجبين وأفكارهم، وأحاول التعرّف على توجهاتهم. في النهاية الجمهور هو أساس نجاح الفنان، وهو الذي يشكل الدافع الرئيسي له. من هنا آخذ في الاعتبار نقد الجمهور ونقدي الذاتي لأعمالي، وربما هذا ما جعلني ناجحة ومستمرة على مدى 13 سنة، من عمري الفني.
– ما هو الانتقاد الذي تصارحين نفسك به؟
– أحيانا أتكلم بسرعة وأحاول التخلص من هذه العادة. أما على الصعيد الشخصي، فأنا عفوية وصادقة ومؤمنة جدا، وأسعى إلى أن أكون أكثر هدوءا وروية لأنني أستعجل نتائج الأمور أحيانا. < كيف تصفين اليوم نفسك في جملة واحدة؟
– أرى نفسي ناجحة جدا، خاصة بعد مضي ثلاث عشرة سنة من العمل المتواصل والتقدم، وقد اكتسبت محبة الناس وحافظت عليها بفعل التجدد في أسلوبي وحب الفن والتواضع في معاملتي مع الآخرين.
– ما هو مفهومك لكل من: الحب، والمال، والشهرة؟
– الحب كالأوكسجين لا تصلح الحياة من دونه، وهو يدخل في تفاصيل حياتنا اليومية ولا يتوقف على علاقة الرجل بالمرأة فحسب، أما المال فهو وسيلة كي نعيش برفاهية وسعادة ونشتري كل حاجياتنا، وإن كنت مبذرة في بعض الأحيان يستطيع المقربون مني الانتباه للأمر. والشهرة تساوي حب الناس وإعجابهم بي في كل لقاء معهم ولم تزعجني إطلاقا، باستثناء القلق الذي أعيشه من أجل عدم التراجع عن النجاح.