تأثير ثورة تكنولوجيا الإنترت على الأمن القومي والدفاع السيبراني
يعتبر إيهاب خليفة الذي هو يشغل منصب رئيس وحدة التطورات التكنولوجية مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أحد الباحثين في مجال الثورة التيكنولوجية بكتاباته وأبحاثه التي تساير وتفكك تأثيرات هذا المجال المستجد والمتسارع. وهو ما ينظر إليه في كتابه ’’مجتمع ما بعد المعلومات، تأثير الثورة الصناعية الرابعة على الأمن القومي’’، حيث يناقش كيف يعتمد المجتمع بشكل متزايد على المعرفة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كافة مجالات الحياة. ذلك أن المعرفة تمثل موردًا استراتيجيًا رئيسيًا وتقوم الاقتصادات على أساس المعرفة. كما يتسم هذا المجتمع بالوصول العالمي المفتوح للمعلومات وتطور تقنيات الاتصالات الرقمية بشكل متزايد. بالإضافة إلى ذلك، يشهد هذا المجتمع تغيرًا في أدوار العمل وظهور وظائف جديدة ذات مهارات عالية، وتفاعلاً اجتماعيًا واسع النطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
من أهم المحركات والقوى الدافعة لتطور مجتمع ما بعد المعلومات هي التقدم الهائل في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، مثل الإنترنت والحوسبة وتقنيات الويب والهواتف الذكية، إضافة إلى تطور علوم البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي، مما يسرّع من تراكم وتداول المعرفة البشرية بين أفراد المجتمع. كما تلعب التحولات في أنماط العمل والحياة نحو الاندماج الكامل مع المعلومات، والتغيرات الديمغرافية المتمثلة في ازدياد عدد الشباب دورًا محوريًا في دفع عجلة هذا المجتمع.
أما العملات الافتراضية هي عملات رقمية تستند إلى تقنية التشفير، حيث تتم المعاملات عبر الإنترنت دون حاجة لوسيط مالي مركزي. وهي عملات غير مرتبطة بأي عملة قانونية أو سلطة مالية، بل تعتمد على الثقة بين المتعاملين. ومن أشهر هذه العملات البتكوين والإيثريوم، حيث يمكن الحصول عليها مقابل عملات أخرى أو مقابل خدمات. وعلى الرغم من انتشارها إلا أنها تحمل مخاطر مثل تقلبات الأسعار وعمليات الاحتيال المحتملة.
تتيح إمكانية تصميم وانتاج الطابعات ثلاثية الأبعاد وهي آلات حديثة ،استخدام تقنية التصنيع الإضافي لإنتاج الأجزاء أو المواد ثلاثية الأبعاد من خلال بنائها طبقة فوق طبقة باستخدام مواد خام متنوعة مثل البلاستيك أو المعادن. تتيح هذه التقنية إمكانية تصميم وطباعة أجزاء وأدوات ذات أشكال معقدة غير قابلة للإنتاج بالوسائل التقليدية. كما يمكنها إنتاج نماذج بسرعة وبتكلفة منخفضة، مما يجعلها أداة قيمة في مجالات التصميم الصناعي والهندسي والتعليمي والطبي. وبفضل التحكم بواسطة الحاسوب يمكن للطابعات ثلاثية الأبعاد أن تنتج أشكالاً دقيقة ومعقدة بسهولة.
\
تنشأ البيانات من مصادر مختلفة مثل شبكات التواصل والحساسات ولوحات الدوائر. وتستخدم في مجالات متعددة مثل التسويق، فالبيانات العملاقة هي مجموعات بيانات هائلة الحجم ومعقدة البنية تفوق قدرة البرامج التقليدية على التعامل معها وتحليلها. وقد ظهر مصطلح البيانات العملاقة نتيجة للزيادة الهائلة في كمية البيانات المولدة يوميا من مصادر مختلفة مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية والاستشعار عن بعد. وتتميز البيانات العملاقة بأنها كبيرة الحجم، وسريعة التغير ومتنوعة ولا يمكن تخزينها ومعالجتها ضمن نظام إدارة قواعد البيانات التقليدية. كما أن لها إمكانات غير متوقعة للكشف عن العلاقات والأنماط واتخاذ القرارات المستنيرة.
أصبحت الحروب السيبرانية إحدى أبرز أشكال الحرب غير التقليدية بين الدول حيث تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كساحة قتال. وتتضمن عمليات اختراق الشبكات، وسرقة البيانات الحساسة، وحرمان الخصوم من الخدمات، بالإضافة إلى نشر الأخبار والمعلومات المضللة للتأثير على رأي الجمهور. كما يتم استهداف البنى التحتية الحيوية كالمصانع والمرافق. ونظرا لسهولة إخفاء هوية المهاجمين في العالم الافتراضي، فقد أصبحت الحروب السيبرانية وسيلة فعالة لشن الحروب دون استخدام القوة المباشرة، وتمثل تحديا كبيرا للأمن القومي للدول.
التهديدات غير التقليدية هي تهديدات حديثة لا تأخذ الشكل التقليدي للحروب، وتتصف بعدم التنبؤ والغموض والتعقيد، وتشمل:
– الأمراض المعدية والوبائيات مثل فيروس كورونا ومرض الإيبولا؛
– الكوارث الطبيعية المتزايدة بسبب تغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف والحرائق؛
– الهجمات الإرهابية واستخدام التكنولوجيا الحديثة؛
– الحروب السيبرانية والعمليات الإلكترونية؛
– أخطار الفضاء الخارجي مثل المذنبات والكويكبات؛
– انعدام الأمن الغذائي والطاقوي.
وتتطلب مواجهة هذه التحديات تعاونا دوليا واسع النطاق، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وتحديث التشريعات، ورفع كفاءة أجهزة الإنذار المبكر ،كما يتطلب مجتمع ما بعد المعلومات إعادة النظر في بعض المفاهيم الأمنية التقليدية وتعريفها بشكل أوسع ليشمل التهديدات غير التقليدية الجديدة الناشئة:
– مفهوم الأمن القومي: يجب أن يتسع ليشمل الأمن السيبراني والأمن الغذائي والطاقوي باعتبارها حيوية للدولة ككل؛
– الأمن الصحي: أصبح من الضروري تعزيزه لمواجهة تفشي الأوبئة بفعالية عبر التعاون الدولي؛
– أمن البيئة: حماية الموارد الطبيعية أمر بالغ الأهمية لضمان الاستدامة؛
– الأمن الإنساني: الحفاظ على كرامة وحقوق الإنسان رقميا وفيزيائيا؛
– أمن البيانات: حماية البيانات الشخصية والحكومية من الاختراق والسرقة أو التلاعب؛
لذا فإن إعادة تعريف وتوسيع نطاق المفاهيم الأمنية أمر ضروري لمواكبة التحديات غير التقليدية الحديثة.
إن الحديث عن مفاهيم القوة السيبرانية والصراع والدفاع السيبراني التي تشكل جانباً مهماً من جوانب التنافس الاستراتيجي بين الدول في العصر الرقمي. فالقوة السيبرانية تعكس قدرة الدولة على استغلال تكنولوجيا المعلومات لتعزيز قوتها، في حين يشير الصراع السيبراني إلى استخدام أساليب مثل القرصنة والتجسس ضد الخصوم عبر الإنترنت بهدف تحقيق مكاسب. وقد أصبح الفضاء السيبراني ساحة لخوض المناورات الاستراتيجية بين القوى العظمى. في حين تمثل سياسات وتدابير الدفاع السيبراني ضرورة قصوى لحماية البنى التحتية الحيوية للدولة من الهجمات الإلكترونية المتزايدة.
تعد تقنية تخزين البيانات في جزيئات الدنا من الحلول المستقبلية ذات الكفاءة العالية لتخزين المعلومات طويلة الأمد. وتقوم الطريقة على ترميز البيانات إلى رموز دنوية باستخدام قواعده الأربعة ثم دمجها داخل جزيئات الدنا بما يتيح تخزين تريليونات البتات في غرام واحد فقط. وتوفر هذه التقنية تخزينًا مكثفًا واسترجاعًا دقيقًا للبيانات دون حاجة لتغذية أو طاقة، مما يؤهلها لاستخدامات طويلة المدى مثل تخزين سجلات البيانات والأرشفة لقرون. وتعد هذه التقنية الواعدة قفزة نوعية في مجال تخزين البيانات.
استخدام فوتونات الضوء في نقل البيانات عبر شبكة الإنترنت تعد من التقنيات الثورية القادمة للاتصالات ضوئية ذات السرعات الفائقة. وتتمثل فكرة النظام باستخدام ألياف بصرية رفيعة مكونة من الزجاج أو البلاستيك لنقل البيانات عبر فوتونات الضوء بسرعات تصل إلى تيرابت في الثانية. كما تتيح الاتصالات اللاسلكية ضوئية الفرصة لنقل ضخم للبيانات لمسافات شاسعة دون تداخل أو احتياج لمكررات. ومن المتوقع أن تسهم هذه التقنية في ثورة اتصالاتية جديدة قادمة.
هناك عدة تحديات رئيسية تواجه تطوير وتطبيق الاتصالات الضوئية على نطاق واسع، من أهمها:
– التكلفة المرتفعة لتركيب وصيانة البنية التحتية للشبكات الضوئية مقارنة بالشبكات الحالية؛
– حساسية الإشارات الضوئية للتشتت والضعف مع زيادة المسافة مما يتطلب مكررات بكثافة؛
– صعوبة التحكم والتوجيه الدقيق للإشارات الضوئية داخل الألياف البصرية.
– تعقيد تصنيع الألياف والمكونات الضوئية النانوية عالية الأداء.
– عدم وجود معايير ومواصفات قياسية موحدة في بعض التطبيقات.
– الحاجة لتطوير تقنيات ضوئية فائقة السرعة لمواكبة طفرة كمية البيانات.