
جوليا بطرس تغني أحبائي
الكلمات عبرت عن روحي، كانت روحي تتكلم بلسان السيد حسن>. هي كلمات قالتها الفنانة جوليا بطرس، عن الرسالة التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى المجاهدين خلال العدوان الاخير على لبنان. الرسالة هذه تحولت الى قصيدة طلبت الفنانة من الشاعر غسان مطر اعدادها. والقصيدة لحنها الملحن زياد بطرس ووزعها ميشال فاضل. وستغنى بصوت جوليا في عمل منفرد تنتجه بنفسها تحت عنوان <أحبائي>، وسيصدر في الأسواق خلال أيام، ريثما يتم التعاقد مع شركة تتولى توزيعه، بعد أن أبدت شركة <روتانا> للإنتاج عدم اهتمامها بالعمل.
جلست جوليا بين مطر وبطرس، ونقيب الصحافة محمد البعلبكي، في المؤتمر الصحافي الذي عقدته قبل ظهر أمس، في نقابة الصحافة. بدت متحمسة ومتشوقة لاعلان الخبر، وقد أعلنت عن ذلك ابتسامة صغيرة تسللت الى شفتيها. كانت فرحة جدا بعملها، وفخورة بما ستقدمه، ولاسيما أن ريع مبيعات العمل سوف يعود الى عائلات الشهداء. تصمت لثانية أو ثانيتين، تراقب وجوه فضولية تجلس أمامها، تعود لتنظر في أوراقها مرة والى عدسات الكاميرا والحضور مرة ثانية. لم تتغير نظرة الفنانة الملتزمة لثانية، فهي مازالت تتكلم بتأثر عن همجية الحرب وصور الأطفال الشهداء. تقول أنها تتخيل أطفالها مكانهم. ترهبها الفكرة. تقرر المساعدة على طريقتها الخاصة، عبر العمل الفني، وعبر افتتاح حساب مصرفي خاص للتبرعات باسم <جوليا بطرس شهداء لبنان حرب تموز 2006 بنك عودة عودة سارادار غروب>. تتوقع جوليا على مدى ثلاثة أشهر، تبدأ من اليوم جمع مبلغ يتجاوز مليون دولار من خلال هذا العمل. على أن يصدر تقرير شفاف بالتعاون مع بنك عودة للاعلان عن المبلغ الاجمالي عند انتهاء الحملة، والآلية المفصلة لتوزيعه.
ليست ردة فعل الفنانة الملتزمة الأولى على هذه الحرب، كلماتها يوم مجزرة قانا، ويوم الاعتصام أمام مبنى الأمم المتحدة، مازالت في بال كثر. <شكرا للعرب.. ولاطفال اسرائيل: وصلت الرسالة>. كما لم يكن جديدا على أحد، مواقف جوليا الى جانب الخط المقاوم وتأييدها قضاياه ومهاجمتها مُناهضيه. هي التي انتقدت الحكام العرب، وسياساتهم فغنت <ما عم افهم عربي كتير.. فهمني شو يعني ضمير. هالكلمة صارت منسية.. بقاموس العالم ملغية>.. قبلها كانت قد غنت <غابت شمس الحق> (1985)، <منرفض نحن نموت>، <قاوم>، <وين الملايين> <نحن الثورة والغضب>.. كما غنت للأسرى <أنا بتنفس حرية>.. لم تبدل جوليا من نهجها السياسي ولم تخش يوما من اعلانه على الملء. لكن ألا تخشى اليوم على مستقبلها الفني في ظل الانقسام على عمل المقاومة ووجودها؟ الجواب يأتي <أنا مقاومة، ولم أتخل يوما عن هذا الخط، ولن أفعل>. جوليا لم تختار الفن للفن، جوليا ستغني كلمات السيد حسن <القائد التاريخي العظيم> كما تصفه، معلنة بوضوح توجهاتها السياسية وتمسكها بالمقاومة. لا تكتفي بارسال مساعدات كفنانات أخريات ولم تلزم الصمت ولم تنطق بكلمات رمادية، اختارت أن تغني لرجال الله في الميدان وللوعد الصادق والنصر الآتي وللرجال العائدين من جبال الشمس العاتية على العاتي. اختارت ان تنشد لمن بهم يتحرر الأسرى وتتحرر الأرض بقبضتهم وبغضبتم يصان البيت والعرض، هكذا تقول كلمات القصيدة. هكذا خاطب السيد المقاومين. اذا جوليا تغني السيد، هل في هذا استغلال لكلمات مؤثرة؟ لماذا لم تكتب قصيدة جديدة عن المقاومة والمقاومين؟ تشعر جوليا أنها لم تجد أكثر من هذه الكلمات <بساطة وتأثير، نطق بها رجل واضح، في كلماته عاطفة مجتمعة في نص صريح يتوجه للأشراف>. سؤال بديهي يقفز الى الواجهة: هل وافق السيد على العمل؟ أو على الأقل هل هو على علم به؟ في هذا لا جواب. تفضل أن لا تعلق على الموضوع. هكذا يأتي ردها على السؤال خلال المؤتمر الذي حضره رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم، والشاعر هنري زغيب وشخصيات.
عمل كلماته أقوى من أن يشك أحد بخط جوليا <أقبل نبل أقدام بها يتشرف الشرف بعزة أرضنا انغرست فلا تكبو وترتجف بكم سنغير الدنيا وينحني رأسه القدر بكم نبني الغد الأحلى بكم نمضي وننتصر>.
وخلال المؤتمر لفت البعلبكي الى أن العمل الفني يحمل دلالات كبيرة على ما تهدف اليه جوليا من القيام بما تعتقده واجبا عليها ازاء تضحيات الشعب اللبناني. واعتبر أنها لم تشأ يوما ان تمارس الفن لمجرد الفن، انما شاءت ان يكون فنها تعبيرا عن نضالها من اجل الوطن والشعب اللبناني في مختلف الظروف.
وعبّر مطر عن صعوبة اعداد النص، ليتحول الى شعر عبر توليفة صالحة للغناء. بدوره ذكر الملحن بطرس أنه منذ 21 عاما يسير هو وجوليا في الاتجاه الوطني، وأن تفكيرهما يصب في اتجاه المقاومة والوطن. وراى أن مسؤوليته كملحن، كانت اكبر في هذا العمل، لان الكلمات هي لسماحة السيد نصر الله، ما توجب عليه ان يكون اكثر حرصا على الكلام. وأوضح ل<السفير> أن اللحن سيأتي ثوري، نابض، متناسق مع كلمات الاغنية ومع صوت جوليا، من دون أن يخرج عن وتيرة أعماله التي قدمها سابقا. اذا هل سيبدو شبيها باعمال أخرى؟ يرفض زياد أن تكون كل أعماله متشابهة، ولكنها تتميز بوتيرة واحدة أو هوية واحدة، وهذا العمل من ضمنها.
جريدة السفير