السبت ٢١ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم أحمد محمود القاسم

حكـــاية امـــرأة مطلــــقة

التقيا باحدى جامعات الضفة الغربية، هي تدرس في كلية الآداب –قسم اللغة الانجليزية وهو يدرس في قسم الصحافة، احبها حبا شديدا، وبادلته حبا اكثر من حبه لها.

مظهره أنيقا، له جاذبية خاصة، متكلم جيد، كثير التنقل والترحال، ليس من طبيعته ان يبقى في منزله حتى قبل ان يتعلم الصحافة، (هذا ما قالته هي ).
جمالها كان فوق العادة، بيضاء اللون، خضراء العينين، شعرها اشقر، اعتادت على تسريحه ( نيجرو ) ، طويلة القامة، ممشوقة القوام ومتناسقة الجسم، يعلو وجهها ابتسامة رقيقة دائما، ذات شخصية قوية، مجدة ومجتهدة في دراستها ، حصلت على اعلى الدرجات العلمية. (هذا ما صرح به هو ).
اتفقا على الزواج بعد تخرجهما من الجامعة مباشرة، طلبت منه تأجيل الموضوع الى ان يتمكنا من بناء نفسيهما، رفض طلبها واصر على الزواج منها اليوم قبل غد، وافقت على الزواج منه تحت اصراره ولما يرسما بعد طريقهم الى المستقبل. اتفقا على ان يعمل هو في مجال الصحافة وتعمل هي في مجال التدريس، تدريس اللغة الانجليزية.

حصل على وظيفة متوسطة في احدى مؤسسات الصحافة، في مدينة رام الله، حيث معظم الصحف والمجلات والمؤسسات الصحفية، ولانها مركز ثقل للعمل الصحفي، اما هي فقد عملت مدرسة للغة الانجليزية، في منطقة قريبة من سكن اهلها، استأجرا شقة بالبداية قريبة من سكن اهله، بعيدة عن سكن اهلها كثيرا، مضى اكثر من شهر عسل بينهما، رغم مشاكل التنقل والمواصلات من مكان سكناه الى مكان عمله ، وصعوبة الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة، انتهى بهما المطاف كي يستأجرا شقة قريبة من محافظة رام الله حيث مكان عمله، وتمكن ايضا من نقل مركز عمل زوجته الى رام الله ايضا، لتعمل في سلك التدريس ولكي يكونا قريبين من بعضهما البعض.

مضت عدة سنوات، خلفا خلالها ولدا وبنتا، تمكن بداية من احضار والدته كي تقوم برعاية اطفاله على الاقل بالفترة الصباحية، لأنه يذهب لعمله ولا يعود الا في ساعة متأخرة من الليل، اما هي فتعود من عملها بعد الساعة الثانية من بعد الظهر يوميا، فتجد حماتها بانتظارها ومعها طفليها وتسلمهم لها مباشرة حتى قبل ان تطأ قدماها عتبة البيت، وتتبرأ الجدة منهما وحتى مجيء صباح اليوم التالي، تعد الزوجة طعاما لها ولزوجها ولطفليها يتناسب مع ذوقها، اما حماتها فلها اكلها الخاص بها، تتغذى الزوجة وتتعشى مع طفليها وتنام ولما يحضر زوجها بعد، واذا ما حضر قد يوقظها لكي تحضر له العشاء، وغالبا كان لا يسأل، بل كان ينام الى جابها دون ان تشعر بوجوده، هكذا كانت تسير الامور بينهما بهذه الرتابة المملة والكئيبة دون أي اهتمام من الزوج بزوجته، مرضت الحماة، فذهبت الى بيتها مسقط رأسها، وتركت الاطفال لوالديهما، اضطرت الزوجة الى ترك عملها والبقاء بالبيت، حتى تقوم برعاية طفليها، وايضا كي تقوم بعمليات الطبخ والنفخ وزوجها لا يحضر الا بعد منتصف الليل غالبا.

عاشت الزوجة مدة كبيرة مع اطفالها وجدران البيت لا ترى زوجها الا قليلا من الوقت، حيث يقضي الزوج كل وقته خارجه متنقلا من مكان لآخر، اصيبت الزوجة بكآبة حادة وانهيار عصبي بعد مشادات عنيفة متكررة بينها وبين زوجها، كان يتخللها ضرب مبرح لها ، افقدها وعيها، كانت الزوجة تطالب زوجها كي يعود الى بيته بعد انتهاء دوامه حتى يجلسا مها ومع اولادهما، وكان الزوج يرفض طلبها هذا بحجة ان عمله يتطلب منه التغيب عن البيت لساعات طويلة، لم يعد مجديا النقاش بينهما سئمت كثيرا من الوحدة والملل، واصبحت تخاف حتى من خيالها، ذهبت الى الطبيب عله يخفف عنها معاناتها، وصف الطبيب حالتها باكتئاب نفسي حاد، وصرف لها دواء مهدئا للاعصاب على ان تتناول منه حبة يوميا او عند الحاجة، لم يعد يؤثر فيها دواء الطبيب ولم يحد من كآبتها، فضاعفت الجرعات مثنى وثلاث ورباع، حتى اصبحت لا تشعر بوجودها، لديها ارتخاء كامل، تضحك لأتفه الاسباب واحيانا دون سبب، حتى ان بعض جاراتها اتهمنها بتعاطي المخدرات

لم يكن الزوج يسأل كثيرا، خاصة بعد ان اصبحت زوجته مخدرة، فلم تعد تحس بوجوده سواء حضر ام لم يحضر، فلم تعد تشكو له من وحدتها ومن شجونها، معتقدا ان ضربه لها وتأنيبها باستمرار ادبها كثيرا واحسن من تأديبها، الى ان فاجأته يوما من الايام بطلب من اهلها بتطليقها بعد ان طفح الكيل بها كثيرا ( كما تقول ) بحيث اصبحت لا تستطيع رؤيته بتاتا، تنازلت عن كافة حقوقها بالكامل مقابل طلاقها منه بالرغم من تدخل اهله واهلها مرارا وتكرارا، تم التفريق بينهما، ذهبت الى بيت اهلها مع طفليها وبقي هو في بيت الزوجية المنهار، تحسنت نفسيتها كثيرا بين اهلها بعد طلاقها منه، لم تعد تأخذ الحبوب المهدئة والمسكنة تدريجيا، شعرت بفراغ كبير، ملأته بالذهاب الى مهنة التدريس مرة اخرى، لكن هذه المرة قريب من بيت اهلها. حدد القاضي ساعات محدودات للزوج ليختلي بطفليه مرتين بالاسبوع، تعددت زياراته كثيرا، في مرة من احدى زياراته اسر لها برغبته بعودتها الى عش الزوجية واستعداده للالتزام الكامل بكافة شروطها، امام شهود من اهله وشهود من اهلها وافقت الزوجة العودة له مرة ثانية، الى بيت زوجها بعد هجران دام عدة سنوات، ذاق خلالها الزوج طعم العسل مرة اخرى لأشهر معدودات، التزم ببادئ الامر بكل ما وعد به، ثم ما لبث ان انهار الاتفاق، وتعود الزوجة لتناول المهدئات والمسكنات مرة اخرى، زاد المها كثيرا عن ذي قبل، تدهورت حالتها الصحية والنفسية ، خاصة بعد ان تكرر ضربه لها كلما اشتكت او همت بالشكوى منه، لم تعد تحتمل اكثر من ذلك، استدعت اهلها على عجل كي يخلصوها منه ، وهددت بالانتحار اذا لم يستجاب لطلبها هذا، امام القاضي عرضت مشكلتها بالتفصيل الممل كي يتطلع القاضي على كل صغيرة وكبيرة، اقتنع القاضي بكافة ما قدمته اليه من مبررات، حتى انها كشفت له عن جسمها ليرى بام عينيه آثار الضرب والتعذيب، عمل القاضي على تطليقها بموافقة زوجها تطليقا لا رجعة فيه، انتقلت الزوجة مع طفليها الى بيت اهلها، تزوج الزوج ثانية من واحدة اخرى، اما الزوجة فقد عادت حياتها طبيعية كما لو كانت قبل الزواج، اعادت تنشيط نفسها واستعادت حيويتها ونشاطها، التحقت للعمل بسلك التدريس مرة اخرى، تحسنت نفسيتها كثيرا عن ذي قبل، وهبت حياتها لطفليها، فتحت لكليهما حسابا بالبنك، كانت تودع فيه لهما نصف راتبها الشهري، لم يعد لديها فراغا كثيرا، بوقت فراغها كانت تقرأ الادب الانجليزي، وتجد فيه متعة اكثر من وجودها في بيت الزوجية، وكانت تقول " الكتاب خير جليس لي "


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى