الخميس ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم فايز أبو شمالة

حماس بين الموساد الإسرائيلي والشباك

أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية حكماً بسجني لمدة ثمانية عشر عاماً، وكانت أحدى التهم التي وجهت إلى: تجنيد ضابط أمن يهودي للعمل مع المقاومة الفلسطينية، وللعلم؛ فقد قدم الضابط الإسرائيلي خدمات فعلية أدت إلى إلقاء القبض عليه، وسجنه عدة سنوات!.

إذن؛ يمكن اختراق الإسرائيليين كما يخترقوننا، وقد تم تجنيدهم فعلاً للعمل ضد الإسرائيليين كما جندوا بعضنا للعمل ضد الفلسطينيين، إنها قضية خاصة بالشخص الذي تم تجنيده، والظروف التي أقنعته، أو أغرته، أو أسقطته، ولا يمكن تعميها على كل المجتمع، ولا يمكن اعتبار الأمر خارقاً للطبيعة، أو خارجاً عن مكونات النفس البشرية.

استرجعت ما سبق، وأنا أقرأ على رأس الصفحة الأولى لصحيفة "هآرتس" بقلم "آفي يسسخروف": "أن ابن رئيس حركة حماس في الضفة الغربية كان على مدار سنوات هو العميل الأكثر أهمية، الذي عمل مع "الشباك" الإسرائيلي في المناطق. وظهر في نفس الصفحة الأولى، مقال آخر للكاتب "عاموس هارئيل" عنوانه: مصعب حسن يوسف، يكشف في كتابه ارتباطه بالمخابرات الإسرائيلية "الشباك" ويفضح بعض وسائل عمل الشباك!.

فما معنى أن تكون واجهة الصحيفة العبرية واسعة الانتشار مخصصه للتشويه على حركة حماس؟ وهل المقصود هو إظهار القدرة الإسرائيلية الخارقة على اختراق حركة حماس؟ إن كان كذلك، فإن في هذه الطريقة من النشر دلالات الهزيمة والانكسار، وليس الانتصار، فقد عودتنا إسرائيل المنتصرة أن تخفي أسرار عملائها، ولكن عندما تكون إسرائيل تائهة، ولا معلومات دقيقة لديها عما يدور في ساحة المواجهة، فإنها تلجأ إلى الطعن من الخلف، والالتفاف على المقاومة، وإثارة حالة من التشكك، والتخوين، والتهويل.

ربما يكون هدف المخابرات الإسرائيلية "الشباك" هو إثارة حالة من التشكك، والطعن بثقة المجتمع الفلسطيني والعربي بحركة المقاومة حماس، ولاسيما بعد نجاح "الموساد" في ذبح الشهيد محمود المبحوح، ليجيء اتهام ابن أحد قادة حماس معززاً لقدرة إسرائيل في التجسس!. فإن كان كذلك، فإن هذا دليل إضافي على أن المخابرات الإسرائيلية لا تعرف الفكر والثقافة والوعي الذي تزرعه المقاومة الإسلامية في نفوس أبنائها، ويبدو أن إسرائيل تجهل ما هي المقاومة الإسلامية، وما معنى أن تكون مسلماً لا تتحمل وزر أبيك، أو أخيك، أو ابنك، فالمقاومة لا تهتم بالأسماء، حتى ولو كان ابن حسن يوسف، وما أكثر الأمثلة التاريخية التي فرقت بين عمل الأب وابنه، وبين مكانة الأخ وأخيه، وما قصة نوح وابنه، وقصة عزيز مصر وزوجته، إلا بعض الأمثلة الكثيرة التي لا يجزي فيها والدٌ عن ولده شيئاً.

لا أهدف في مقالي هذا الدفاع عن حسن يوسف، أو عن حركة حماس، وإنما أناصر المقاومة الفلسطينية التي كشفت عن الحقيقة التالية:

بعد أن عجز الجيش الإسرائيلي في المواجهة المباشرة مع رجال المقامة الفلسطينيين في قطاع غزة، وبعد أن حظيت المقاومة بهذا الالتفاف الجماهيري، والتعاطف العالمي والإنساني، وبعد أن فضحت المقاومة الفلسطينية القدرة الإسرائيلية المخادعة، تلجأ إسرائيل إلى حرب غير مباشرة على المقاومة، وذلك من خلال الالتفاف عليها، وتشويه صورتها المشرقة، وإظهار قادتها بمظهر العملاء والخونة لإسرائيل، وهذا يتعارض مع الواقع الذي يستفز جيش إسرائيل، ويتحدى كل أذرعه العسكرية، ومخابراته، ويقول لهم: هذا هو الميدان، وهذا هو لبنان، وهذه هي غزة، تقدموا إن كنتم واثقين، وانتصروا إن قدرتم، ففي انتظاركم أبناء حسن يوسف، وخالد مشعل، ومحمود المبحوح، ومحمد نصار، وهم على أهبة الاستعداد، بل سيفاجئنكم أبناء حسن يوسف الحقيقيون في كل ميدان، وشارع ومخيم في قطاع غزة.

لا بد أن تنمو الأعشاب وسط حقول القمح، ولكنها تجف، وتتكسر قبل موسم الحصاد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى