الثلاثاء ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥

حينما يجفُّ الحبر

تحث الكاتبة العمانية سناء بنت عبدالرحمن بن علي البلوشية في كتابها "حينما يجف الحبر" القارئ على إعادة تنظيم حياته، وتصحيح نواياه في كل عمل ينوي له .مؤكدة أنه ذلك المسار الذي سيأخذك إلى حيث وجهتك لتحقيق التميز والتوازن في مختلف جوانب حياتك.

وإيمانا منها أن هذا الإصدار جزء لا يتجزأ من رؤية "عُمان 2040"، إذ يسهم بشكل فعّال في تعزيز وتطوير ما يخدم تنمية وصقل الركائز الأساسية للرؤية، مثل الحوكمة والأداء المؤسسي، والإنسان والمجتمع، والبيئة والتنمية المستدامة، وفي القيادة. إذ لا يقتصر الإصدار على الرؤية فحسب بكل يخدم كل إنسان على هذه الأرض الطيبة.

و يشجع الكتاب الذي صدر مؤخرًا في جزأين، على أن يعيد المرء النظر إلى كل أحداث حياته وتعاملاته مع نفسه ومع من حوله على السواء على الصعيد الشخصي والمهني.

ويضم الكتاب نصوصًا تتوزع على ٣٦٦ يومًا، وتدعو الكاتبة قراءها ألا يقرأوا الكتاب دفعة واحدة، بل تطلب منهم أن تكون القراءة يومية كوِرْدٍ يتلقَّاه القارئ كل صباح، أو كشعلة من الأمل تفتح له بابًا جديدًا ليرى الحياة من منظور مختلف.
تقول الكاتبة سناء البلوشية في مقدمة كتابها:

"في هذا الكتاب، أهديك قارئي العزيز حروفي التي طال انتظارها كثيرًا حتى يجفَّ حبرها وأترك بعدها أثرًا طيبًا".

موضحة أن اختيارها لهذا العنوان انطلق من إيمانها بأن الحبر عندما يجفُّ على الورق "سيعطي رونقًا وجمالًا"، مخاطبة القارئ: "لا تخَف أن يضرك، بل سيترك أثرًا جميلًا ولن يمحى ويزول، حتى وإن بدأت صفحات الكتاب بالتحلُّل شيئًا فشيئًا، ولكن يبقى أثر هذا الحبر، ولربما تاركًا رائحته في كثير من الأحيان، فيأخذك حنين إلى ذلك الزمان الذي طالما تمنَّيت الرجوع إليه".

وتتابع المؤلفة:

"أهديك قارئي العزيز مزيجًا وسلسلة من مواقف وتجارب علمية وعملية، ودروس حياتية شخصية مختلفة تعينك كشخص، أو في مواقف الحياة المختلفة، لذا سطرتها لك حروفي من خلال المواقف التي مررت بها ولأكثر من 17 سنة، ومن مدارس الحياة المختلفة، لخَّصتها لأجلك وعلى شكل يوميات تعينك بإذن الله في محطات حياتك المختلفة".

وتختتم البلوشية مقدمتها بفقرة تبعث فيها روح التفاؤل والحماس في نفوس القراء، تقول:

"لا أطيل الكلام، ولكن أقول دائمًا: ما أجمل النهايات عندما تسبقها روعة البدايات، وما أجمل البداية عندما تأتي في الوقت المناسب والصحيح. وهذه أجمل بداية قارئي العزيز، وفي هذه اللحظة وأنت تتخطَّى سطور هذه المقدمة بكل حب وامتنان، فهنيئًا لك أيضًا".

تبدأ الكاتبة اليوم الأول مختارة أن يكون التاريخ الذي تدونه تاريخًا افتراضيًّا، تبدأ فيه السنةُ الهجرية مع نظيرتها الميلادية، وحين تكتمل السنة الهجرية تكتفي في باقي الأيام أن تثبت التاريخ الميلادي منفردًا، وكذلك فقد اختارت أن تجعلها سنة تامة (366) يومًا، لغرضٍ ما في نفسها، ألا وهو أن تكون اليوميات 365، وفي اليوم الأخير تتمة وثمرة من المنتظر أن يجنيها القارئ حينما يجفّ حبر الكلمات.

وتبدأ الكاتبة سناء البلوشية يومها الأول بافتتاحية من القرآن الكريم، مدلِّلَةً على عظمة وأهمية الاستمساك بكتاب الله وبالسنّة النبوية المشرَّفة، فتقول:

"﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: 18] مع بزوغ فجر جديد، صوت ما بداخلي يستيقظ قبلي ويهمس لي قبل أن أهمس له لترتيب أولوياتي ووضع النقاط على الحروف في أماكنها الصحيحة وبوضوح تام. يدفعني هذا أن أستفتح يومي وأنا أنوي كل عملي خالصًا لوجهه الكريم".

كما أعربت الكاتبة عن بالغ تقديرها واحترامها لـ"أم الوطن"، السيدة الجليلة، على سعيها الحثيث في دعم المرأة العمانية في عالم الإبداع والابتكار والمواهب المختلفة في شتى المجالات والتخصصات وعلى أرض الواقع، مؤكدة أن هذا الدعم يُعد مصدر فخر لكل امرأة عمانية. وبهذه المناسبة، عبّرت الكاتبة عن مشاعر الحب والامتنان بإهداء خاص سطّرتها في ذكرى ميلاد السيدة الجليلة - حفظ الله السيدة الجليلة، وجعلها ذخراً للوطن دائماً".

وتتطرَّق يوميات الكتاب إلى موضوعات ومجالات متنوعة، منها ما يخصُّ مستقبل الإنسان، ومنها ما يخص أسرته، فمثلًا في اليوم الخامس من صفر، الموافق الرابع من فبراير، تتحدث الكاتبة عن منطقة الراحة والروتين اليومي للإنسان وكيف تمثل تلك المنطقة فخًّا حقيقيًّا للإنسان.

تقول سناء البلوشية:

"فمنطقة الراحة تعني حب العمل الاعتيادي اليومي (الروتين)، حيث العقل الباطن تبرمَج واعتاد على ممارسة أعمال وأنشطة لا تتطلَّب أي جهد عقلي أو بدني، ويبحث عن اللهو والمتعة المؤقتة، على سبيل المثال لا الحصر، كأن يقول لك: بدل قراءة كتاب، العب بلايستيشن، أو نَم وارتَح 5 دقائق، أو صلِّ صلاتك لاحقًا عندما تسمع الأذان. إلخ، فالعقل الواعي لا يحب التغيير أو أي عمل يتطلَّب الخروج عن شيء اعتدته، ولكن ماذا لو كان العكس؟ ماذا لو أدرك الشخص نفسه أن بقاءه في منطقة الراحة يعني خسارة عمره؟ ماذا لو طبَّق المثل: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)؟، أو (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد)؟ ماذا لو فزع إلى الصلاة من أول أذان؟ ماذا لو ابتسم للتغيير ونوى نية الخروج من منطقة الكسل والخمول؟ ماذا لو اعترف بخطئه ونوى التغيير والنمو؟".

وتصنع الكاتبة مفارقةً مقصودة في اليوم الذي دوَّنته بتاريخ الثالث عشر من ربيع الأول الموافق الثاني عشر من مارس، حين تتحدث عن بدء شهر رمضان المبارك، داعية فيه للأمة الإسلامية بالرحمة والعفو والمغفرة والعتق من النار، إذ تقول حينما جف حبر يومها ذاك مشيرةً إلى أهمية الصبر:

"دائمًا تأتي بداية جميلة لك مع بداية أروع رغم أن الأمر قد لا يكون محمِّسًا لك.. فقط تأتي التباشير مع قليل من الصبر، ولكن مع كثير من التفاؤل والامتنان لله (عز وجل) دائمًا وأبدًا".

وعن قيمة التعاون ومساعدة الآخرين تتحدث الكاتبة سناء البلوشية يوم السادس والعشرين من ديسمبر متسائلة:

"ولا أنسى سؤالك يا عزيزي القارئ: لماذا أساعد الآخرين في وقتٍ أكون أنا فيه بحاجة إلى من يخدمني؟! لأنني -سبحان الله- ربما أكون قد لاحظت أيضًا في بعض محطات حياتي بعض العقد والمطبات القاسية التي لا يمكن أن تكسر أو تفك إلا باختبار عظيم".

وتضيف:

"جميعنا قد تواجهنا تلك الحالة كثيرًا، فهنا يكمن إيمانك ثم يقينك بالفرج من وراء هذا الاختبار، والذي يأتي على هيئة ظروف، أو على هيئة مساعدة الآخرين، وربما على هيئة ابتلاءات يقاس مدى قبولك بها وسعيك لها بكل جدية، وحرصك على الإتيان بما هو مرضٍ لله (عز وجل) في المقام الأول، وأيضًا تقاس مدى طبيعة مشاعرك وقت السراء والضراء وفي وقت ضيقك وهمومك قبل فرجك، بل وأكثر من ذلك كأسلوب حياتك عامة، فما هي صور مجريات حياتك وكيف هي مشاعرك ونظرتك إليها وتدبيرك لها وفي كل موقف مختلف".

وتختتم الكاتبة عامها باليوم الأخير منه بالثناء على الله وشكره على أن تم بحمد الله وتوفيقه كتابها الذي بين أيدينا قائلة في الفقرة الأخيرة:

"وهكذا، عزيزي القارئ، تم بحمد الله وجفَّ آخر ما تبقى من الحبر، وليتخطَّى القلم على كل خبرة وعلى سلسلة من التجارب والخبرات العملية والعلمية والشخصية التي دوَّنتها بقلم حبري حتى جفَّ، وأنا على يقين بالطريقة التي روَّقتك إن شاء الله، وفي قالب واحد وعلى سقف متزن وبمرونة، وآمل أنك استفدت منها الاستفادة القصوى في كل يوم وفي كل موقف مشابه مررت به أو أي موقف قادم إن شاء الله. استودعتك الله (جل في علاه) يا صديقي القارئ، وكل ما تنوي إليه من هذا الإصدار من خير وعزم.

(حينما يجفُّ الحبر)".

يُذكر أن سناء البلوشية حاصلة على ماجستير مهني في الإرشاد الأسري والزواج معتمد من نيوكاسل بزنس سكول بالمملكة المتحدة، وبكالوريوس إدارة أعمال - تخصص موارد بشرية - سلطنة عمان، وهي مدربة في التنمية البشرية معتمدة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بسلطنة عمان، ومدربة مهارات حياتية وفي الإدارة والإرشاد الأسري معتمدة من اتحاد المدربين العرب التابعة لجامعة الدول العربية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وكوتش حياة واكتشاف ذات وتطويرها معتمد بمعايير الاتحاد العالمي للكوتشينج (ICF).

ولديها خبرة لأكثر من خمسة عشر عامًا في مجال التدريب والكوتشينج والاستشارات، وخبرة لأكثر من 16 سنة في المجال المصرفي.لها الكثير من المشاركات كأوراق عمل في المؤتمرات في الخليج والوطن العربي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى