
حين فارق الظّلُّ الجسد
ارتدَّ طَيفُكَ بعدَ طُولِ ثَبَاتِهِ
وأَحَلَّ عُقْدَةَ جَمْعِهِ بِشَتَاتِهِ
متخفِّيًا عمَّن سَيَعكسُ شَكلَهُ
عمَّن سَيَرسمهُ عَلى لوحاتِهِ
سَئِمَ اتباعَكَ؛ إنْ مشيتَ جَررتَهُ
وإذا جلستَ صلبتَ نَسْمَ رِئَاتِهِ
هو في البَقَاءِ وفي الرَّحِيلِ معذَّبٌ
هو ذلكَ المدفونُ قبلَ وفاتِهِ
لا.. ما التَفَتَّ إليهِ.. لا.. وإذا
التفتَّ فلفتَةُ الأعمى إلى عَثَرَاتِهِ
كم في شرودِكَ وانتباهِكَ كان
يعكفُ بينَ لَثْغَةِ كُفرِهِ وَصَلَاتِهِ
كم رَاح يرمي نفسه مِن "لا مِسَاسَ"
إلى مِسِاسِ النَّايِ فِي زَفَرَاتِهِ
مُتَطَلِّعًا نحو الحقيقةِ لا
الخيالِ كطامعٍ بالموتِ لا بنجاتِهِ
غَضَبًا يفرُّ كَرَميَةِ السهمَّ المفارقِ
قوسَهُ؛ يرنو إلى غاياتهِ
شَقَّ الضبابَ لِيَستَقِرَّ فَمَا استَقَرَّ
ولم يزل كالريحِ في شهواته
لم يُبقِ مَلمَحَ وجهةٍ إلَّا تغلغلَ
فيهِ بحثًا عَن صَدى ناياتِهِ
الصَّحوُ يِخطِفُ ظنَّهُ؛ والنومُ
نَادى: هاتِهِ ليعودَ ظِلًّا هَاتِهِ
كالصمتِ يصرخُ نَزوةً، كالصَّرخِ
يصمتُ نَزوةً؛ كم ضاعَ فِي نَزَوَاتِهِ
فَمُهُ المُسَالِمُ كسَّرَ الكلماتِ فوقَ
شِفَاهِهِ لِتَعيشَ في صَفَحَاتِهِ
يدهُ النحيلةُ مدّها سَبعًا على
قمحِ الرُّؤى فارتدَّ عن سنواتِهِ
يرنو إلى اللحن العميق تحدُّرًا
كالصوت يثأرُ لانكسار بَيَاتِهِ
أَوَمُخطِئٌ إن كان يرجو ضَمَّةً
منها يحسُّ بجسمه وبذاته؟!
ستكونُ أَشهى ضمَّةٍ غَيبِيَّةٍ
وُلدت بصمتٍ خلفَ صَرخِ لَهَاتِهِ