الجمعة ٥ أيار (مايو) ٢٠٠٦

سجينات سعوديات يتنازلن عن أطفالهن غير الشرعيين خوفا من الفضيحة

تفضل السجينات السعوديات الابتعاد عن اطفالهن، خوفا عليهم من شرب الحشيش والمخدرات، وكذلك من أجواء السجن، ولكن بعض السجينات يتنازلن بعد الولادة مباشرة عن الأطفال غير الشرعيين خوفاً من الفضيحة.

وقد وفرت وزارة الشؤون الاجتماعية دوراً مخصصة لأطفال السجينات تستقبلهم منذ سن العامين وحتى 12 عاماً، وخصصت إدارة السجن أوقاتاً لهذا اللقاء الحميمي الذي تتجمع فيه عاطفة الأمومة والحرمان في نفس الوقت، وتتسابق السجينات يحملن أكياساً وهداياً برفقة إحدى العاملات بالسجن عندما تعلن لهن السجانة البشرى إيذاناً بقدوم الأطفال.

السجينة (ع، د) سجلت 5 سوابق، كانت المخدرات سبباً رئيسياً لتكرار دخولها إلى السجن، تقول " منذ أن وعيت على الدنيا وأنا أرى المخدرات أمراً عادياً، في البداية تناولتها كأي شخص من أفراد الأسرة، وبعد زواجي من مدمن مثلي أيضاً بدأت أعمل في الترويج "، بحسب صحيفة الوطن السعودية الجمعة 5-5-2006.

وتضيف "ترويج المخدرات بالنسبة لي كان له أسباب، أولها رغبتي بأن تخرج طفلتي من هذا البيت الموبوء، وبعد أن تم القبض على زوجي وحبسه ذهبت إلى دار التربية الاجتماعية واعترفت لهم بقصتي، وطلبت منهم حماية الطفلة مني ومن والدها ومن مجتمعي ككل، إلا أن اللوائح والأنظمة لديهم لا تقبل بالطفل الذي يعيش بين والديه أو مع والدته، لذا قررت أن أكون مروجة لألحق بزوجي في السجن، وبذلك تذهب طفلتي إلى الدار" .

وتكمل "بعد حبسي مباشرة قامت مديرة السجن والاختصاصيات بمساعدتي ومخاطبة الدار لأخذ طفلتي، ومنذ 9 سنوات وابنتي تعيش هناك لا تعلم شيئاً عن حقيقتي، عندما أخرج من السجن أزورها يوما في الأسبوع، أما في حال وجودي داخل السجن فأتصل بها بواسطة الهاتف بين وقت وآخر، ولا تعلم سوى أني مسافرة".

وتؤكد (ع، د) أن بقاء ابنتها التي أكملت 15 عاماً في دار التربية أفضل من وجودها في بيئة منحرفة على حد قولها، وتذكر أنها استطاعت إقناع ابنتها منذ سنوات بأن تبقى في الدار متعللة بعدم وجود أي أوراق رسمية للبنت سواء شهادة ميلاد أو بطاقة عائلية، وبالتالي فإن بقاءها في الدار يكفل لها التعليم والجو النقي

ورغم أن (ع، د) قد انتهت مدة محكوميتها وهي مستعدة للخروج، إلا أنها لا تنوي إخراج ابنتها من الدار، تقول " كيف سيتحقق حلمي وحلمها بأن تكون طبيبة تحمل أعلى الشهادات إن عاشت معي ؟، سيلتئم شملنا بالتأكيد لكن في الوقت المناسب " .

وتشير الإحصائيات إلى أن مجمل عدد السجينات السعوديات في سجون المملكة 149 امرأة، أما السجينات غير السعوديات فقد بلغ عددهن 1128 امرأة، ويتواجد بسجن النساء بالرياض في الوقت الحالي ما يقارب 40 طفلاً برفقة أمهاتهم السجينات.

عزل أطفال السجينات

وتلتقي السجينات بأطفالهن في إدارة شؤون السجناء، المكان الذي اختارته إدارة السجن ليكون بعيداً عن العنابر، حفاظاً على نفسية الأطفال، في إحدى الغرف يلتئم الشمل، تصطحب الأطفال اختصاصية من دار الرعاية المؤقتة المخصصة لأطفال السجينات بوزارة الشؤون الاجتماعية وترافقهم أيضاً الخالة أم سعيد وهي سيدة مسنة تعمل في دور الوزارة منذ أكثر من 30 عاماً، كان من الواضح تعلق الأطفال الشديد بها .

وتصف الاختصاصية بدار الرعاية المؤقتة جواهر الدوسري والتي تصطحب أطفال السجينات عادة أثناء الزيارة وضع هؤلاء الأطفال بعد انتزاعهم من أمهاتهم لأول مرة، مؤكدة أن هذه قد تكون الصعوبة الوحيدة التي تواجه اختصاصيات الدار بشكل عام، حيث يبقى الطفل منعزلاً حتى تمر فترة تتراوح ما بين أسبوع إلى شهر، ليتكيف مع الأوضاع الجديدة.

الحالة الوحيدة التي يتم فيها فصل الطفل عن والدته قبل بلوغه سن العامين هي الإهمال، فمصلحة الطفل أهم من أي شيء آخر، هذا ما تقوله مديرة سجن النساء بالرياض أمل أبو عراج، مؤكدة على حق الأم السجينة في بقاء طفلها معها حتى يكمل عامين، وبعد ذلك تبدأ الأخصائيات في التحدث إلى الأم لإقناعها بالانفصال عنه، فليس في صالحه أن يبقى مع والدته خصوصاً في الحالات التي تكون مدة محكوميتها طويلة، ورغم ندرة الحالات التي تم فيها فصل الطفل عن والدته قبل بلوغه العامين تروي أبو عراج حكاية سجينة كان برفقتها رضيعان توأم لم يأخذا منها الرعاية الحقيقية، وكان إهمالها لهما قد يتسبب في إيذائهما، فقررت إدارة السجن إلحاق الطفلين بدار الحضانة .

وتؤكد عضو جمعية حقوق الإنسان بالرياض الدكتورة نورة الجميح أنها قد انتقدت عدم وجود مناطق لعب لهؤلاء الأطفال، موضحة أن طريقة جلوسهم طوال الوقت في وسط السجينات كانت غير مرضية، وتضيف "أيضاً لم يكن في داخل العنابر مساحات مخصصة لجلوس الأطفال، مؤكدة أن وسائل الترفيه للطفل بشكل عام معدومة داخل السجن . ومع ذلك فإنه لا ينبغي إغفال المخصصات والمعيشة الخاصة بالأطفال وهي في التقييم العام ممتازة .

تخلي السجينات عن الطفل غير الشرعي

وتوضح أبو عراج الحالات التي تتخلى فيها الأم السجينة عن طفلها، مشيرة إلى الحالة التي تحمل فيها الأم طفلاً غير شرعي، تقول: "السجينات السعوديات في أغلب الأحيان يتخلين عن الطفل بعد الولادة مباشرة، وبدورنا نقوم بتحويله إلى دار الحضانة بوزارة الشؤون الاجتماعية، أما السجينات غير السعوديات فيتم ترحيلهن بعد انقضاء مدة العقوبة برفقة الطفل ".

وتشير إلى اختلاف الثقافة بين المجتمع السعودي وغيره من المجتمعات وبحسب ما وجدته، فإن الأجنبيات لا يتحرجن من السفر إلى أهاليهن برفقة الأطفال غير الشرعيين، على عكس السعودية التي تحاول التخلص منه مباشرة خوفاً من الفضيحة .

من جانبه يؤكد أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود الدكتور سعود بن ضحيان الضحيان على ضرورة إيجاد دار حضانة الأطفال بنفس السجن، مؤكداً على كثير من الانعكاسات السلبية التي تحدث للطفل عند فصله عن والدته في سن العامين، محذرا في الوقت ذاته من أن يضاف للمجتمع طفل عدائي وإنسان ضار لنفسه ومجتمعه مستقبلاً.

ويقول " في حال وجود الطفل بدار قريبة من السجن سيتعود على غياب أمه تدريجياً، حيث يستطيع أن يراها وتراه في أي وقت، على الأقل حتى يبلغ سن الـ 6 سنوات "، ويضيف " من الضروري أن يتم تخفيف الحكم على المتهمات الأمهات أو الحوامل، خصوصاً في القضايا البعيدة عن أحكام القصاص، وأن تراعي اللوائح والأنظمة الجانب الاجتماعي وليس الأمني فقط ".

دبي- العربية.نت


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى