صناعة الخزف الصيني
كانت أواني الخزف الصيني تعد نوعا ثانيا من الصادرات الصينية بكميات هائلة بعد الحرير. وبما أن النقل البحري أكثر سلامة من النقل البري بالنسبة إلى أواني الخزف الصيني القابلة للكسر، كانت تنقل إلى الغرب بحرا في غالب الأحيان، وهذا ما جعل بعض الناس يسمي طريق الحرير البحري "طريق الخزف الصيني".
لقد اخترعت الصين الفخار قبل عشرة آلاف سنة، واستطاعت قبل ستة آلاف سنة أن تصنع أواني فخارية اتصفت بأنها عملية وذات مظهر جمالي؛ أما أواني الخزف الصيني فقد ظهرت في عهد شانغ وتشو (ما بين أوائل القرن السابع عشر قبل الميلاد وعام 256 ق.م)، واجتازت المرحلة الانتقالية من الخزف الصيني البدائي إلى الخزف الصيني العادي التي عاصرت فترة هان الشرقية (25 ق.م – 220م)؛ واستطاعت في عهد الممالك الثلاث وأسرتي جين الغربية والشرقية (220 – 420) أن تصنع أواني الخزف الصيني الأخضر أو الأسود البديعة في جيانغسو وتشجيانغ. وخلال الفترة التاريخية الطويلة الممتدة بين أسرتي تانغ ومينغ لم تكف صناعة الخزف الصيني عن التقدم، حتى إنها انتزعت إعجاب مختلف الأمم وذاع صيتها في أرجاء الدنيا. وكانت ألسنة العرب تلهج بالثناء عليها، فقد ورد في ((أخبار الصين والهند)) قول بأن أقداح الخزف الصيني الناعم صافية نقية كالزجاج بحيث يستطيع المرء أن يرى من خارجها ما في داخلها من الماء ، لذلك وصفه ابن بطوطة بأنه "أبدع أنواع الفخار" ؛ وقال لي تشاو في ((تكملة تاريخ تانغ)) أيضا إن "الخزف الصيني لازوردي كلون السماء، ورقيق كأنه الورق، و له رنين كرنين الجرس". وذلك كله يدل على أن العرب لم يكونوا مبالغين في إطرائهم للخزف الصيني. وكانوا لشدة إعجابهم به، يدعونه "الصيني" نسبة إلى الصين، ثم أصبحت هذه اللفظة فيما بعد تطلق على كل نوع من الأواني الخزفية. لقد كانت أواني الخزف المصنوعة في الصين تعتبر في نظر العرب من النفائس؛ فوالي مصر اختار منها أربعين قطعة، وأرسلها هدية إلى دمشق عام 1171، وقيل في بعض الأماكن إن طبق الخزف الصيني الأخضر يكشف ما إذا كان الطعام يحتوي سما.
كانت أواني الخزف الصيني في عهد أسرة تانغ تنقل إلى بلاد العرب وتباع في أسواقها. وكان من بين الهدايا التي قدمها حاكم خراسان إلى هارون الرشيد أوان بديعة من الخزف الصيني. وبعد عهد تانغ صارت أواني الخزف الصيني تصدر إلى بلاد العرب بكميات هائلة، وقد اكتشفت بين حفريات الكثير من الأقطار العربية كسارات من أواني الخزف الصيني من عهود مختلفة .
ففي العراق اكتشفت في حفريات سامراء شمالي بغداد كسارات من الخزف الصيني الأبيض والخزف الصيني الأخضر، منها ما يعود إلى خزف لونغتشيوان الأخضر من عهدي سونغ الجنوبية ويوان المنغولية. وقد سبق لسامراء أن كانت عاصمة الدولة العباسية في الفترة الممتدة من عام 836 إلى عام 892. وفي إطلال طيشفون على بعد خمسة وثلاثين كيلومترا جنوبي بغداد عثر بين حفرياتها على كثير من كسارات خزف لونغتشيوان الأخضر الذي يعود زمنه إلى ما بين القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر. وفي عبرتا على بعد ستين كيلومترا جنوب شرقي بغداد وما يجاورها من منطقة ديالى اكتشفت بالحفر كسارات من الخزف الصيني البني اللون الذي تم إحراقه في أتون يويتشو الشهير ما بين القرن التاسع والعاشر، وكسارات من الخزف الصيني الأبيض المصنوع في جنوبي الصين. وفي البصرة وأطلال الحيرة والأبلة اكتشفت كسارات من خزف لونغتشيوان الأخضر.
وفي سوريا اكتشفت في حفريات حماة كسرات آنية من الخزف الصيني الأبيض وقصعة من الخزف الصيني الأخضر عليها نقوش نافرة من عود الصليب، وهما مما صنع في عهد أسرة سونغ الجنوبية، وكذلك كسرات أوان من الخزف الصيني مما صنع في عهد أسرة يوان بما فيه النوع الأبيض والنوع الأخضر والنوع الأزرق والأبيض.
وفي لبنان اكتشفت بالحفر في بعلبك كسرات من خزف لونغتشيوان الأخضر المزخرف بتصاميم اللوتس والذي تم إحراقه في عهد أسرة سونغ، وكسرات طاسات من الخزف الصيني الأخضر والأبيض المزخرف بتصاميم الأزهار والأعشاب والذي تم إحراقه في عهد أسرة يوان. عفت عليها الأيام،
وفي عمان اكتشفت في الموقع القديم لمدينة صحار كسرات من الخزف الصيني، وخاصة الخزف الصيني الأزرق والأبيض من عهد أسرة مينغ.
وفي البحرين اكتشفت قطع من خزف لونغتشيوان الأخضر من أوائل عهد أسرة مينغ. عفت عليها الأيام،
وفي اليمن اكتشفت في عدن وبعض الأماكن القريبة منها كسرات من الخزف الصيني. وفي (Zahlan) اكتشفت كسرات من خزف لونغتشيوان الأخضر من عهد أسرة سونغ، وكسرات من الخزف الصيني الأبيض والأزرق من عهد أسرة يوان.
وفي السودان اكتشفت في موقع عيذاب الأثري كسرات من الخزف الصيني الأخضر يعود تاريخه إلى ما قبل أواسط عهد أسرة مينغ، وفيها قطعة عليها نقوش باغسبوية .
وفي الصومال اكتشفت بين حفرياتها كسرات من خزف جينغدتشن في الصين.
وفي مصر بدأت أواني الخزف الصيني تدخلها منذ القرن التاسع عن طريق ميناء عيذاب السوداني، حيث كانت تنقل إلى المناطق الداخلية في السودان، وإلى الفسطاط المحطة الهامة لتجميع ونقل أواني الخزف الصيني في العصور الوسطى، ومن ثم تنقل مرة أخرى إلى إيطاليا وصقلية وأسبانيا وبلاد المغرب. وبين الآلاف المؤلفة من كسرات الخزف الصيني التي عثر عليها في حفريات موقع الفسطاط الأثري ما يعود إلى عهد أسرة تانغ من الخزف الصيني الأخضر والخزف الصيني الأبيض؛ وما يعود إلى عهد أسرة سونغ من الخزف الصيني اللازوردي، وخزف لونغتشيوان الأخضر – وهو في الغالب سلطانيات مزخرفة بتصاميم اللتوس أو بتصاميم عروق السحب، وأطباق مزخرفة بتصاميم العنقاء، ومغاسل كل منها مزخرفة بتصميم سمكتين ؛ وما يعود إلى عهد أسرة يوان من سلطانيات مزخرفة بتصاميم اللوتس وأطباق أو صحون مزخرفة بتصاميم عود الصليب، وأطباق مزخرفة بتصاميم التنينين المتنافسين على الدرة، وأطباق مؤبلكة بتصاميم السمكتين، بالاضافة إلى الأوعية والأفران والكؤوس..ال! خ. وأخيرا منها ما يعود إلى عهد أسرة مينغ من الخزف الصيني الأزرق والأبيض.
ومن أواني الخزف الصيني القديم التي اكتشفت في حفريات الأقطار العربية ما هو محفوظ في المتاحف بالبلدان الغربية، ومنها ما هو محفوظ في المتاحف بالأقطار العربية. ففي قصر العظم بدمشق أوان من الخزف الصيني القديم، وفي متحف بغداد مزهريات صينية من الخزف الصيني الأخضر، وفي المتحف المصري بعض أواني الخزف الصيني أيضا. وهذه المعروضات تحظي ببالغ الاهتمام لدى العرب باعتبارها دلائل أثرية على الاتصالات الودية التي قامت بين الصين وبلادهم في العصور القديمة.
انتقلت صناعة الخزف الصيني إلى بلاد العرب في القرن الحادي عشر، وعلى يد العرب انتقلت إلى البندقية عام 1470، ومنذ تلك الفترة بالذات بدأت أوربا إنتاج الخزف الصيني. وأخذت مصر في أيام الفاطميين تصنع أواني الخزف على غرار الخزف الصيني ابتداء من الخزف الصيني الأخضر، ثم الأزرق والأبيض، وقد فعلت ذلك من حيث الأشكال والتصاميم أولا، ثم شكلت المميزات الخاصة بها تدريجيا. وبلغت مستوى عاليا جدا في صناعة الخزف في غضون النصف الأول من القرن الحادي عشر، حيث كانت خزفياتها "تبدو في غاية الجمال والشفافية حتى إن المرء يستطيع أن يرى يده من ورائها".
مشاركة منتدى
8 كانون الثاني (يناير) 2008, 08:55
هذا المقال تاريخي جميل ومفيد جداً لكل محبي الخزف والصيني والفخار0
برجاء من الأخوه والأخوات أذا كان لديهم معلومات عن أفران الخزف والصيني وطريقة عملها وأسعارها والأماكن التي ممكن أن أشتريها منها برجاء ارسال هذه المعلومات علي بريدي الألكتروني fqo_company@yahoo.com أخوكم / تامر عبدالله من مصر ( القاهرة )
10 كانون الثاني (يناير) 2008, 11:21, بقلم يوسف بومعليف
السلام عليكم لو تحب معلومات عن طريقة صنع الأفران اتصل بي على العنوان : boumaalif@hotmail.com
25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011, 12:00, بقلم ابو منير - اليمن صنعا
اخواني لدي مجموعة من الخزف الصيني الذي يتعدى عمرة 2000 سنة وجدت في قيول ملوك حميريين العديد منها مكسر ونحتاج الى جهه تقوم بترميمه وصيانتها لما لها من اهمية هذا من جانب ومن جانب اخر نريد ايضا التاكد من ان القطع جميعها او جز منها صينى راجيا ان ترشدوني على اى جهه تقوم بذلك
29 كانون الثاني (يناير) 2023, 16:14, بقلم توفيق العمراني
سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير أحب 🧡 أحب أولا أن أتقدم إليكم بالشكر والأتمان احب المزيد من المعرفة من تشكيل والأشكال الصناعة الخزفية القديمة والجديدة احب المتاجرة فيهم أني أأكد لكم انها حرف مميزة إن تمكن منها الشخص فهوا فن مميز جدا في عهد العصور القديمة كانت الناس تصنع ذات الفخار الطيني من ثقافة الصيني والصين اخذت هاذه الثقافة المميزة من آنذاك الثقافة العربية الحضارة القديمة في العصور القديمة قبل النمرود ملك بابل وقبل البابليين وقبل عصور الفراعين هاذه الصناعة الفخارية احتوت على مركز قوي ألا مركزية الصناعية في ثقافة الإجتماعية تسلط الضوء حتى إلى آخر النفق ومتزت المزهريات الصينية التي تعود إلى الملوك الصينيين مثل هونغ كونغ في ثمان القرن وهية تضم هاذه التحف الأثرية لاتقدر بثمن من القطع النادرة