الاثنين ٣ تموز (يوليو) ٢٠١٧
بقلم جميل السلحوت

عناقيد أماني محمد والأدب الرفيع

عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، صدر قبل أيّام قليلة كتاب نصوص أدبيّة بعنوان "عناقيد" للكاتبة الفلسطينيّة الشّابّة أماني محمّد من عرابة البطوف. ويقع الكتاب في 261 صفحة من الحجم المتوسط، ويحمل غلافه لوحة لهبة خطبا.

لا أعرف السّيّدة أماني محمد دراوشة شخصيّا، وفوجئت عندما عرضت عليّ اصدارها الأوّل "عناقيد" طالبة النّصيحة، وما بخلت عليها برأيي، قرأت النّصوص، وأبديت لها بعض الملاحظات، واحترمت رغبتها بكتابة تقديم لهذه النّصوص اللافتة بلغتها ومضمونها، وطريقتها في السّرد الانسيابيّ الذي لا ينقصه عنصر التّشويق.

والقارئ لهذه النّصوص سيتوقّف أمامها متمعّنا مستمتعا، ويبدو واضحا من خلال النّصوص أنّ الكاتبة تملك لغة جميلة تحلّق من خلالها في فضاء الفكر والمعرفة، فثقافتها الاجتماعيّة وتجاربها الحياتيّة، واطّلاعها على معاناة بنات جنسها، اللواتي يعشن في مجتمع ذكوريّ لا يحترم انسانيّة الأنثى، يشكّل وازعا ودافعا منها للانحياز لنصف المجتمع الذي هي نفسها لبنة من لبناته، وهذا سرّ ابداعها، فمهما انحاز الرّجل إلى قضايا النّساء، فإنّه لا يعرفها أكثر من المرأة نفسها.

والكاتبة الزّوجة والأمّ، ومن خلال معايشتها للواقع ومن خلال تجاربها الحياتيّة وتجارب قريباتها وزميلاتها ومعارفها من النّساء، لم ترتض السّكوت أو أن تقف موقف المراقب اللامبالي، ومن هنا بدأت مخاطبتها لبنات جنسها ناصحة ومرشدة بشكل مدروس لا ينقصه المنطق، في محاولة منها لبناء مجتمع انسانيّ متوازن وسعيد، فهي ترى الأسرة السّعيدة من خلال علاقة متوازنة ومتكافئة بين شريكي الحياة "الرّجل والمرأة". وإذا ما تحقّق ذلك فإنّ تربية الأبناء ورعايتهم بطريق صحيحة ستخلق جيلا سيكون عمادا للمستقبل.

وكاتبتنا التي ركّزت على بناء الانسان السّويّ وإن بطريقة غير مباشرة، تدرك انعكاسات ذلك على حياة الانسان كفرد وكعضو يجب أن ينجح في حياته، وأن يكون عضوا فاعلا في مجتمعه.
وسيلاحظ القارئ أنّ كاتبتنا قد كتبت بمداد فكرها، لتبرّئ نفسها من سلبيات تراها وتسمعها وتنفر منها. وساعدها في ذلك مخزونها اللغوي، ولغتها الرّشيقة الشّعريّة التي حلّقت من خلالها في سماء الابداع.

غير أنّ كاتبتنا لم تقصر "عناقيدها" على نصح النّساء وتربية الأبناء، بل تعدّتها إلى الغزل والعشق، فكتبت غزلا بالرّجل، وكتبت عن الوطن وهمومه أيضا.

ويلاحظ أيضا أنّ الكاتبة لم تصنّف "عناقيدها" تحت صنف أدبيّ معيّن، - مع أنّها كتبت أدبا رفيعا-، وكأنّها تتمرّد على المألوف، في محاولة منها لإيصال ما تؤمن به من خلال التّجريب، وهذا يسجّل لصالحها، مع الانتباه أنّ لديها القدرة على كتابة الأقصوصة والقصّة القصيرة لو أرادت ذلك، لكنّ سردها لنصوصها يحمل في طيّاته أسلوب السّرد الرّوائيّ، وبعض نصوصها تصلح بأن تكون نواة لرواية متكاملة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى