السبت ٢٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨
بقلم مهند النابلسي

«فيرديناند» تحريك جديد رائع (2017)

أن تكون دوما على طبيعتك وليس كما يتوقع الآخرون منك أن تصبح!

انها قصة "ثور ضخم" بقلب كبير، فبعد أن يتم اعتباره كحيوان مقاتل خطير، حيث يعتقل ويبعد عن موطنه، ولكنه يصمم باصرار على العودة ثانية لعائلته البشرية الطيبة التي تبنته وهو صغير، ثم يقوم باجراء تحالفات ذكية مع ثيران اخرى وماعز عجوز ثرثارة ومتعاونة وثلاثة قنافذ ظريفة ذات حيلة ودهاء...لانجاز مغامرته الجسورة التي تعج بالمخاطر، صور هذا التحريك اللافت في اسبانيا، وهو يدور حول فكرة مفادها: انه لا يمكن الحكم على الثيران من حجومها وأشكالها( وينطبق ذلك طبعا مجازيا على البشر ايضا)، انه نفس مخرج فيلم التحريك الشهير "ريو" كما انه مصور في اسبانيا، ومقتبس عن رواية شعبية رائجة بنفس العنوان، لقد استمتعت حقا بحضور هذا الفيلم ولم اشعر بالملل اطلاقا، نظرا للسرد الدافىء العاطفي الكوميدي الحافل بالأكشن والمغامرات والمطاردات الشيقة، وهو من اخراج "كارلوس سالدانا"، وبأصوات ممثلين وممثلات معروفات، مثل جون جينا، كيث ماكينون، جينا رودريغز وكل من انتوني أندرسون ودفيد تينانت وبوبي كينيفال (بدور كل من المعزة الحكيمة العجوز لوب والثيران الاخرى) ، والفيلم بمجمله يستعرض عدم وحشية الحيوان ومحبته الشغوفة للزهور ورائحتها منذ صغره، ويبدع النجوم بأصواتهم، وقد نال اكثر من 70% على موقع الطماطم الفاسدة النقدي، ويبهرنا بتشكيلاته الحركية الملونة والجذابة، مع الصوت الشغوف لجون جينا بدور الثور الظريف الودود "فيرديناند" (وقد ذكرني بفيلم التحريك الناجح الأخير لسبيلبيرغ "العملاق الكبير الودود").

*هناك في اسبانيا مركز تدريب حيواني مخصص للثيران والأحصنة يسمى "كاسا ديل تورو"، ويمكث فيه ثور لطيف صغير وقوي يدعى "فرديناند"، يعتبره زملاؤه سخيفا لأنه يكره الشجار والمواجهات العنيفة، ويعشق رائحة الزهور الحمراء الصغيرة ويحاول دوما حمايتها من الدعس. ولكن عندما يموت والده وتسحق في نفس اليوم زهرة حمراء صغيرة يهتم بها يشعر بالتشاؤم والحزن، وينجح بالهروب من المحمية التدريبية، وخاصة بعد اختفاء والده الذي يتم انتقاءه لمواجهة في مدريد ولا يعود بعد ذلك، ويتم تبنيه من قبل عائلة انسانية لطيفة ريفية تعيش في مزرعة جميلة صغيرة، ومكونة من صاحبها الأب جوان (خوانيس)، وكلب اليف صغير يدعى باكو، وابنته الصغيرة الجميلة تينا (ليلى داي).

*وحتى بعد ان يكبر الثور فانه يبقى لطيفا لا يحب العنف ويتجنب المشاجرات، كما يبقى عاشقا للزهور، ولكنه يتورط بالخطأ بتخريب احتفال الزهور السنوي في القرية المجاورة، فتلاحقه الشرطة وتتم اعادته لنفس مركز تدريب الثيران الذي هرب منه...ثم عندما يتم اختياره لمصارعة الثيران في حلبة مدريد الشهيرة، فانه يبقى مصمما على مواجهة مصيره واثبات قوته، وعندما يحاول مصارع الثيران المغرور "البريميرو" تحديه وقتله، ولكنه يعجز عن ذلك، ثم نرى أن الثور يتركه وشأنه عندما تسنح له الفرصة لقتله، فيتأثر الماتادور الشهير فيعفي عنه، وسط تشجيع وتصفيق الحضور وقذفهم بكثرة للزهور الحمراء التي يحبها، فينضم ثانية لصديقته الفتاة المخلصة الطيبة نينا مع ابيها والكلب الوديع، ثم تصل باقي الثيران مع المعزة العجوز الحكيمة متأخرة لانقاذه (بعد ملاحقة لاهثة وطريفة في شوارع مدريد)، وبذلك نشهد اول حالة "تاريخية" لثور يخرج من المصارعة حيا، ليعيش حياته بالفة ووداعة، ثم لينضم للمزرعة والعائلة التي تبنته، والمكونة من كل "نينا وباكو ومورينو"، وفي المشاهد الأخيرة نرى مجموعة الثيران الصديقة والمعزة الظريفة والقنافذ الصغيرة الذكية وهم يشهدون بهدؤ "شروق الشمس" على حقل من الزهور الجميلة بجوار المزرعة الريفية.

*الفيلم يحفل بالتلوينات المشهدية الجميلة، كما بألأكشن التفصيلي والمغامرات والدراما الحزينة، وبمهارة تصميم الشخصيات وتعبيرات الوجوه، ويتضمن سخرية طريفة من تقليد مصارعة الثيران الاسباني، وهناك في "المركز الحيواني" ثلاثة خيول ساخرة ترقص برشاقة وتباهي دوما على ايقاع موسيقي وبلكنة المانية ناعمة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى