الأربعاء ٢٣ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨

قراءة في روايتين للروائي صبري هاشم

بقلم: منير العبيدي

في تقديمه لأحدى روايات صبري هاشم " حديث الكمأة " كان قيس الزبيدي موفقا في اقتباس مقولة آلن روب غرييه القائلة: "على كل روائي - في كل رواية – أن يخترع شكله الخاص "

إن الشكل الخاص بالرواية الذي أشار إليه الن روب غرييه هو المسار الشخصي لها، ذاك المسار الذي يفرض نفسه على المؤلف ربما منذ السطور الأولى للعمل كقانون عام مشترك لكل الأشكال الإبداعية بمعنى: أن ما بعد الانغمار في العمل الإبداعي، ما بعد الشرارة الأولى التي تتحول الى كتابة أو لون وشكل أو تدوينة موسيقية... نجد أن مسار العمل يقود الكاتب وفق منطقه الخاص بالرغم منه وبمباركة منه. وبالرغم من أن الرسام، الموسيقار أو الكاتب.. الخ هو في نهاية المطاف خالق العمل، إلا أن كل عمل، وضمن ذلك الرواية، له مساره الخاص، سيرته الشخصية التي لا تشابه السير الأخرى حتى ضمن أعمال لنفس المؤلف، إذ أن الرواية كما كل الأعمال الإبداعية الأخرى تفرض منطقها الخاص، أكاد أقول منذ البداية. ويبدو أن من مهمات الكاتب والمبدع بشكل عام إدراك الملامح الخاصة بهذا العمل وذاك وشروط تطوره الخاصة التي لا تتطابق مع شروط تطور عمل آخر له. عليه أن يقتنص ويوظف هذا المسار الخاص الذي لا يكون بكليته خاضعا للوعي والتخطيط. إن قدرا من المطاوعة والمسايرة لمسار النص لهو أمر ضروري لكل كاتب ومبدع.

فشروط العمل الإبداعي، الشروط التي تسبق الشروع، فريدةٌ من نوعها وتبدأ بفترة تطول كثيرا أو قليلا مستبقة المباشرة به: تهويمات ضبابية، إيحاءات، صور، قلق، عدم استقرار..الخ تسبقه وتهيئ له، إنها لا تقوم على الفراغ، كما قد يرغب متفحص أن يفسر كلامي، بل إنها بقدر ما تقوم على تراكم طويل وتحضيرات لولادة لا تشابه الولادات الأخرى حتى لو كانت من نفس الرحم.

الوصف

على أن الاقتباس الذي اعتمده قيس الزبيدي هنا ليس صحيحا بشكله العام فحسب بل إنه صحيحٌ بشكله الخاص وفي سياقه، أي في التقديم لرواية لصبري هاشم. فصبري هاشم اخترع في رواياته شكله الخاص القائم على العديد من الملامح التي سنعرض لها، وضمن أشياء أخرى: على انقطاعات في السرد والتتابع الدرامي من اجل الوصف والمزيد من الوصف للأشياء والأشخاص، وكذلك على نصٍ بشاعرية عالية وأبيات من قصائد مبثوثة في مسار الرواية هنا وهناك. وإذ نجد أن الوصف في الرواية ليس بالأمر الجديد عموما إلا انه لديه هنا يأخذ حيزا كبيرا وطويلا ويتحول هنا وهناك الى مناشدة شعرية. وفي روايته الخلاسيون يتغير الإيقاع السردي ويدخل عوالم جديد وأشكالا إيقاعية جديدة ما أن يلجأ الكاتب الى الوصف مضفيا على مسار الرواية تنوعا كاسرا للرتابة.

فحين يذهب جابرُ الصغير ليستعيرَ لأبيه ربطة عنق من خليل كي يحضر الجنازة يرى خليلا مُرخيا ساقي امرأته على كتفيه.... لم يطرق الباب ويقسم أن لا يطرقه، كما يقول، حتى لو ذهب أبوه إلى الجنازة بدون ربطة عنق حتى تتم الطقوس. يقوم بعدها بعدّ الداخلاتِ الى المأتم بغزل صبي لم ينضج بعد... وبعد أن يُشار إليه بأن يقوم بدور القاسم يسأل عمن تقوم بدور سكينة فيُقال له: سهام الخلاسية. ثم يتنادى الرجال: " أن أبعدوا جابر المسحورَ عن صبيتنا لقد أفسد ما في نفوسهم " يلجأ الى بيت خالته التي تمنحه قدرا من الحنو فيجد عندها حليمة العذارية... في هذه اللحظة يتوقف عنده الزمن ويأبى أن يكون وجودُ حليمة مجردَ لحظة عابرة، مجردَ وجود مادي ملموس مهما كان ساميا، يتوقف عنده السرد والتتابع لصالح ما هو أجدر بذلك، لنقرأ: " كانت أجملَ ما يكون وأطرى ما يكون وأنفسَ ما يكون، امرأة يافعة جُبلت من زبدة ممزوجة بالطيب، شعر نُسجَ من حرير، فمٌ عقيقي، شفتان ناريتان زُمّتا على هيئة كرزة، عينان زمردتان تسبحان في قاربي جمّار، بطن ضامر على قامة رهيفة، حليمة طل الصباح، فارقها زوج قبل حين..... " ص 15

في مواقع أخرى يأخذ الوصف شكل مناشدة أو مناجاة... ففي صورة مرسومة بعناية نجد أن النخل قد ثمل بعد أن استوحش وضاق ذرعا بتيجانه فعب جرعة من مجده التليد، نجد الراوي الذي هو جابر المسحور نفسه بضمير المتكلم مرة كما في عدة مواقع ونجده الشخصَ الثالثَ مرة أخرى وفي مواقع أخرى كراوية ما يخاطب سهام الخلاسية إذ هي: " انسياب الخمرة في ربيع العيون، هي الدرة التي انكشفت أسرارها وضيعت مغاليقها، وهي المهرة التي انتظرت فارسا يتدلى من الثريا ويمتطيها ". وهي بدورها تخاطبه: " انتظرتك يا إله الغواية تستدرجني إلى رحم المعصية ندور في أفلاكه. فلولاك لهلكت نظارتي واعتصرتني غربة ولولاك لهجت ظبائي من جدب فأنت ضعفي وقوتي..... ويستمر هذا الشكل من الحوار مغطيا صفحة أو نحوها.

هذه الصيغة سنجدها في مواقع كثيرة أخرى.
لا يمكن للحدث، للسرد، للتتابع الدرامي إلا أن يكون ضمن إطار المكان والزمان. ليس بوسعه أن يستغني عنهما، ليس بوسعه أن يكون معلقا في اللامكان أو اللازمان، ولذلك يحتاج الى الوصف لكي يجعل الحدث في إطاره زمانا ومكانا. على أن التبرير العام بحتمية الوصف وضرورته، بحتمية الإحاطة بجو الحدث السردي وظروفه لا يحل إشكالا لاحقا ملازما: أي وصف نقصد؟ ما هو الحيز الضروري الذي يجب أن يشغله؟ ما الوصف الجدير بتغطية العديد من الصفحات وما هي المناشدات والحوارات والمنولوجات التي تستحق تدبيج العديد من الصفحات؟ هذه بالتأكيد مهمة الكاتب الذي يجب أن يكون مقنعا انه بعمله هذا يكمل الصورة وانه بدون ذلك ستكون الصورة ناقصة. أن يكون مقنعا ليس نقديا أو في تبرير لاحق بعد إنجاز العمل، وإنما المقصود أن يكون مقنعا إبداعيا في إطار العمل نفسه بخلق توازن بين المسارين السردي والوصفي وما يستلزمانه من صور شعرية.

خصائص لغوية

وفي سياق نفس الاقتباس الذي استهل به قيس الزبيدي تقديمه لرواية " حديث الكمأة " أي سياق اكتشاف الشكل الخاص بكل رواية سنعمل في مسار الروايتين (الخلاسيون وحديث الكمأة) على أن نتتبع بعضَ الخصائص اللغوية لصبري هاشم. من اللازم أن أقول إن صبري هاشم يهتم بلغته كثيرا وربما يراجع ما يكتبه مرات عديدة ويُجري عليه تعديلات ويعيد تقديم وتأخير بعض الكلمات أو الجمل. هذا ما توصلتُ إليه من خلال قراءتي لهاتين الروايتين. ومن المنطقي التوصل الى أن صبري هاشم كان قد تابع نفس النهج، أي المراجعة والتدقيق اللغوي في كل أعماله، فهذه الخاصية، أي التدقيق في العمل، هي صفة يختص بها بعض الكتاب وليس كلهم.

ويتجلى بعض هذه الخصائص اللغوية فيما يلي:

1ـ تأخير الفاعل وتقديم الجار والمجرور أو المفعول به عليه من أجل تفعيل الإيقاع والخروج عن الرتابة ومن أجل بناء جملة شعرية تتوافق أحيانا مع كلاسيكيات الشعر العربي.

تسمح اللغة العربية بهذا اذا ما قورنت بلغات أخرى بحكم مرونتها وبحكم إنها تطورت وتكيفت من اجل ملائمة الإيقاع الشعري تاريخيا، فهي لغة شعر أولا وكانت أكثر من أية لغة أخرى ذات مهمات بلاغية، وأمثلة تأخير الفاعل وتقديم المفعول به، مثلا، كثيرة التردد في اللغة الشعرية القديمة مثل قول طرفة بن العبد تحذيرا لخؤولة له اغتصبوا حقا لأمه:

قد يبعث الأمرَ العظيمَ صغيرُه
حتى تظل له الدماء تصبب

وفي مثل هذه الحالات وتبعا لها، ألزم صبري هاشم نفسه بما لا إلزام، عادةً، فيه. أي تحريك آخر الكلمات حين يكون ثمة ما يدفع الى الالتباس في تحديد الفاعل أو غيره. سنلاحظ ذلك على أوضح ما يكون في حديث الكمأة على خلاف الخلاسيون. ولكننا مع ذلك سنستشهد أولا بما ورد في الخلاسيون من أمثلة تأخير الفاعل بشكل مقصود، ثم نعرج على بعضه في حديث الكمأة:

"لن تصبح الجزيرة سجنا آمنا ولو ازدحمت بأشلائنا الأرض وبأرواحنا السماوات " الخلاسيون ص 28

"مأتما لصبايا أفسدت بيوضهن الحاجة، لعذراوات فضت غلالاتهن الفجيعة " الخلاسيون 52
لكنه هنا في هذه الجملة، ولكي يخرج من الرتابة ويمنع التكرار الإيقاعي الممل يكمل بخلاف ذلك أي بتأخير المفعول به هذه المرة وتقديم الفاعل كما هو مألوف:

"لحاملات أجهض الخوف بطونهن "

ثم نستمر

"إلى وجه اليم سيغادر رتل، كان نسيما فتمايل النخل " ص 124

ثم في حديث الكمأة سيتوسع هذا النوع من البناء اللغوي فيُظهر، إضافة الى خاصية تأخير الفاعل، خصائصَ أخرى وتعقيدا بنائيا متقدما:

"ربما ظلّت تبحث عن عشبة أضاعتها، على مشارف البادية، قافلة " ص 33 حديث الكمأة
ولو أنه قال افتراضا: " ربما ظلت قافلة تبحث عن عشبة أضاعتها على مشارف البادية " لما كان للجملة عندها نفس الإيقاع ولكانت جملة مطروقة.

فإضافة الى احتلال الفاعل " قافلة " آخر موقع في الجملة هنا، نجد أيضا جملةً اعتراضية محصورةً بين فارزتين وُضعت بعناية وإدراك لكي تتوسط الجملة الكاملة. وبذا تكون الجملة قد رُكّبت من جملتين.

وبالرغم من الجملة التالية قائمة على تأخير الفعل وليس الفاعل هذه المرة إلا أنها تشترك مع الجملة السابقة في البناء القائم على الجملة الاعتراضية الهادف إلى مراعاة الإيقاع:
"خولة، ونحن في الأصيل ندخل، تأتي " ص61 حديث الكمأة
و تواصلا مع تأخير الفاعل نواصل القراءة:

" نحن من بلدة يحرس الليلَ همسُ نمائها وعلى أبوابها تاريخ يهلل " ص 69. هنا يُكسر الإيقاع مرة بتأخير الفاعل " همسُ نمائها " ومرة بتأخير الفعل " يهلل " وتقديم الجار والمجرور.
وتواصلا مع ما قبلها وتطويرا له تصل الجملة الى أقصى تركيبها لديه في حديث الكمأة في النموذج التالي

" نحن من بلدة أسهر الأمصارَ شدوُ شاديها ولها في الكلام قريحة تطرب.... تشفي عن الأهل غريبا ورودها، ويسكت صيحةَ المدارِ صهيلُ خيلها "

لنلاحظ تحريك آخر الكلمات، والذي نقلته كما ورد في النص، حيثما رأى الكاتب ذلك ضروريا. من الممكن أن يُكتب الكثير عن هذه الجملة الأخيرة وخصوصا في الدخول في التفاصيل الإعرابية وعندها ربما سيكون الموضوع مملا للقارئ، ولكني أشدد فقط على ما قاله الكاتب في وسط الجملة: " ولها في الكلام قريحة تطرب ".

بهذه الإضافة كان الكاتب موفقا جدا في إحداث إيقاع مدروس وناجح، وبها يتضح اهتمامه بموسيقى اللغة.

وأخيرا، وفي سياق التركيب اللغوي ليس بوسعي أن أتجاهل الجملة التالية:

"أعتقيني يا أرض الكمأة فأنا لا أعلم كيف ستكون، إذا جفت الرؤية، الحدقاتُ..... " هنا التركيبة متأتية من تأخير اسم كان " الحدقاتُ " والتي تنطوي على احتمالين: أن تكون " كانت " فعلا ماضيا تاما وليس ناقصا أو أنها فعلٌ ماضٍ ناقص خبرها محذوف جوازا. الأول هو الأقوى، كما أرى.

2ـ تقديم المفعول به على الفعل:

"وظلت تجمع الرحيق من تويجات سكرى. تويجا تُقبل، وآخر تدلل ". هذا على سبيل المثال وليس الحصر.

3ـ تقديم الجار والمجرور على الفعل

" لم تمض ساعة حتى الى حينا صاروا... والى جوارنا سكنوا " ص 35 حديث الكمأة

"إلى الباب طرتُ، كأن يدا انتزعتني من فضاء بهي " ص 39

لا يحرك كتّاب الرواية العربية في الغالب أواخر الكلمات، فيما تُظهر كتابات صبري هاشم العكس، أي إنها تظهر قدرة لغوية ـ نحوية ـ تأسست عليها مرونة لغوية، فلا مرونة لغوية بدون قدرة لغوية، فالتعامل مع أمور كهذه يعكس معرفة بخفاياها ما جعلها مألوفة سهلة الانقياد.

اغفل نقاد كتبوا عن صبري هاشم هذه الخاصية ـ أي تمكنه من قواعد اللغة العربية ـ وبالتالي قدرته على التصرف بها، في الوقت الذي حفلت الكتابات عنه بأخطاء لغوية لا تغتفر.

وخلاصة متابعة البناء اللغوي لروايتين نلاحظ بوضوح التطور اللغوي لصبري هاشم تأسيسا على المقارنة بين روايتين واستنادا الى اكتساب صوره الفنية المزيد من التركيب والمزيد من التعقيد. وتعكس المقارنة جدلية العلاقة بين اغتناء الصور واللغة المناسبة لها، فلغة جديدة إستلزمتها وطالبت بها صورة أكثر تركيبا وثراء تقوم هي بدورها برفع الوعي بكافة أشكاله وضمن ذلك الوعي الجمالي.

خصائص أخرى

من أجل تحليل أشمل لأعمال صبري هاشم نحتاج الى تأشير ملامح أخرى من خصائصه الأسلوبية وصوره ورؤاه. فالبنية الفنية والأسلوبُ العام للرواية والصورة التي ترسمها لغة الكاتب، إضافة الى ما تناولناه في بعضٍِ من ملامح نهجه اللغوي وتوظيف تمكنه من قواعد اللغة، هذا كله ليس كافيا بحد ذاته، إن ذلك كله لا يستنفذ كامل البناء الفني والقائم، ضمن أشياء أخرى، على شاعرية النص المنثور أو النصوص الشعرية الصريحة، ويقوم على اعتماد ملامح أسلوبية أخرى مثل السجع: وهو شكل من أشكال الإيقاع اللغوي يقوم على إنهاء الجمل بالكلمات التي تنتهي بحروف متشابهة وبه يصل أسلوبه في بعض المواقع الى ما يشبه أدبَ العصر الإسلامي الوسيط وأسلوب " ألف ليلة وليلة " ففي الخلاسيون نجد أمثلة منها ما يلي:

ـ "يا أيتها الريق إذا الريق نشف، يا أيتها الكبد إذا الكبد تلف، ويا أيتها الرأي إذا الرأي سخف " الخلاسيون ص 79

ـ "ما بين البصرة وبرلين فرسخ طويل، في ليلهما وجه جميل، في ما بينهما كلام نبيل " ص 98 الخلاسيون.

هذا على سبيل المثال لا الحصر.

على أن أسلوب الكاتب يتماثل بحدود معينة مع أدب العصر الإسلامي الوسيط و" ألف ليلة وليلة " ليس في اعتماد السجع فقط وإنما، أحيانا، في طرق التعبير عموما وعن المشاعر بشكل خاص وما عرف فيما بعد في المصطلح النقدي الأدبي والسينمائي والتشكيلي المعاصر بـ " فرط العاطفة " والإكثار من مفردات التعبير عن العاطفة والتشديد عليها. ففي الخلاسيون ص 118 يذهب جابر المسحور الى مطعم في برلين كان قد تعرف فيه على النادل التي تخدم فيه وهي امرأة جملية يكتب:

"ولج المطعم....فأختلجت كرزة الحسن حيرة. نطقت في إثر تنهيدة: ما الذي أتى بك صبحا؟.. رد منكسرا: جئت مودعا. كالطلقة أزت صرخة طاشت وانغرست في نحره، فتعلق خيط الكلام ببلعة. تاهت، داخت، حشرجت، ونسف الحديث من أصله. ارتمت على كتفه زمنا، ثم أفاقت: فكر مليا يا جابر ".

وفي " حديث الكمأة " وحين يلتقي بخولة وأمها شمس واقفاتٍ أمام الباب ينوين الدخول يصعقه جمال " شمس " أم خولة التي يحبها وسيتزوجها فيقول:

"اهتز وجودي، تزلزل صباي، ارتجفتُ، أخذتني إغماءة، صحوت، تلعثمت إزاء سحر سماوي، طوحت بي الكلمات بعيدا ". حديث الكمأة ص 40.

يخلق صبري هاشم رغم ذلك صورا معاصرة ويكتب رواية في هذا الزمان ولهذا الزمان. كتبت جيرترود شتاين مرة عن فن سلفادور دالي: أن مفرداته التشكيلية كلاسيكية، لكن رؤاه معاصرة. ولو أخذنا أي مفردة بصرية منفردة من إحدى لوحات دالي سنجد أنها رسمت بعناية ودقة تماثل الدقة التي رسمت بها رسومات عصر النهضة ولكننا اذا انظرنا الى مجمل اللوحة وأجوائها الغرائبية وجدنا إنها غير ذات صلة بالماضي أبدا رغم انتماء المفردة التشكيلية إليه، ومجمل اللوحة لا ينتمي إلا لوقتنا الراهن وزماننا المعاصر، يكاد هذا ينطبق على صبري هاشم.

على هامش كتابات العديد من الكتاب في مجال الرواية والقصة يثار دائما، كما فعل قيس الزبيدي، موضوع الحدود بين الأشكال أو الأجناس الأدبية. ليس من الصعب في هذا السياق ملاحظة أن هذه الحدود الصارمة هي، تاريخيا، مرحلة من مراحل تطور الرواية وهي ملازمة لتاريخ تطور كل الأعمال الإبداعية، فيها يكون الوليد الجديد حساسا لكل " الأجسام الغريبة " لحماية نوعه وتثبيت ملامحه. على أننا لن نختلف على أن الحدود بين الأشكال الإبداعية وخصوصا المدونة والتي تعتمد الكلمة لا أقول إنها، بمرور الوقت، ألغيت أو أزيحت، ولكنها بدون شك أصبحت متحركة، مرنة وقابلة للتحريك كما أصبحت الأشكال الإبداعية أكثر تداخلا وتزايد تأثير بعضها على البعض الآخر.

في كلاسيكيات المعرفة بكل حقولها كانت الحدود بين الأشكال المعرفية اصطلاحية. فلا يمكن وضع حدٍ صلب غير قابل للاجتياز بين الفيزياء والرياضيات مثلا. فلا ندري، حين ندرس ظاهرة ما، متى انتهى فعل قوانين الفيزياء وبدأ فعل قوانين الكيمياء أو الرياضيات، فتخصيص العلوم هو تجريد معرفي بشري يهدف الى شكل من أشكال التخصيص الذي يساعد على الاستيعاب وهو نوع من أنواع التجريد الضروري وإسقاط ذهنيٌ على الظواهر من أجل فهم أحسن، لكنه قطعا ليس واقعيا، فالطبيعة مثلا لا تعمل وفق قوانين الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات بل إنها تعمل بكل القوانين المكتشفة والتي عرفتها البشرية وبتلك القوانين غير المكتشفة بشكل متداخل ومتآصر.

وبالرغم من أن قوانين العمل الإبداعي ذات خصوصية قائمة بذاتها إلا أن من الخطأ الاعتقاد بأن هذه الخصوصية تجعل العمل الإبداعي مستقلا بالمعني المطلق للكلمة عن مجمل المعارف البشرية ومن ضمنها العلوم. على أن من الجازم أن الحدود بين الأشكال الإبداعية متحركة مرنة وقابلة للاجتياز، كما ذكرنا، وأن المزاوجة المقصودة هو حق مطلق لكل كاتب أو مبدع.

لا ينبغي لهذا أن يلغي الخصائص الخاصة بكل شكل إبداعي وخصوصا تحديد العلاقة بين الرواية والقصة. فضمن كل الأشكال الإبداعية وضمن التقارب العام بينها يوجد تقارب خاص وآصرة وثيقة بين الأشكال التي تعتمد الكتابة أو الرواية الشفهية أقصد: الرواية، القصة، القصيدة، وكل أشكال النثر. قدمت قصيدة النثر شكلا ثوريا في المزواجة بين النثر والشعر متخطية الحساسية والعزلة التي تحصن الأشكال الإبداعية نفسها بها، كما فعل الرسم الحديث الشيء نفسه في استيعابه تقنيات السينما والفيديو.. الخ. وهذا الشكلان الإبداعيان أي الشعر والرسم كانا سباقين للتحرش بالإطار الضيق للشكل الإبداعي الذي يقرر الجنس ويرسم حدوده وأسقطا عنه هالة القداسة، بل إن الرسم بالغ بالتغريب وأعتمد موادا لا صلة لها البتة بقماش اللوحة والألوان حتى كاد يغادر نفسه ونوعه، على أن من الصحيح ضمن هذا كله وضمن " فوضى" التداخل والتشابك استيعاب الشكل الجديد للخصوصية، وليس استعمالها لمزيد من التشويش وفقدان البوصلة. تحتاج الرواية الى تخطيط ستراتيجي يغطي مساحة واسعة من الزمان والمكان أو انعكاساتها على الورق. بالرغم من أن هناك قصة طويلة ورواية قصيرة فلا أجد أن أحدا سيجادل في أن الرواية أطول من القصة وتغطي مساحة أوسع اذا ما أبعدنا الاستثناءات المربكة. وبتلك النقطة يحتاج الكاتب الى مقدرة شاملة على إيجاد إيقاع يوحد مسار الرواية التي تسير أحيانا ـ وخصوصا في العراق الذي يفتقر الى تقاليد روائية ـ الى التفكك. إن ضرورة المراجعة العامة والمتكررة التي يلجأ إلى مثلها ماركيز مثلا، كما ذكر هو نفسه في " رائحة الجوافة "من اجل تحقيق نسيج موحد للرواية وتجنب تفككها كالفسيفساء تكاد تكون قانونا عاما.

من الطبيعي أن تتراكم ضمن كل شكل إبداعي عناصر من "خارجه" على اعتبار أن مصدر العمل الإبداعي هو الحياة والواقع ومنهما يتغذى، وكلما ازداد الواقع تعقيدا وتركيبا وتغريبا ازدادت الأشكال الإبداعية أيضا تعقيدا وتركيبا وتغريبا والداعون الى نقاء النوع هم الداعون الى انفصال الإبداع عن الحياة. وتتراكم عناصر التغيير الى الحد الذي تدفع الشكل الإبداعي أحيانا الى مغادرة نوعه والدخول في مرحلة نوعية جديدة، ومهما كان النوع فإن ما هو مهم هو العمل الإبداعي نفسه بغض النظر عن اسمه ونوعه ومجال تبويبه. إن الجنس البشري معنيٌ بالإبداع تحت أي مسمى كان. فإذا ما ولد في العائلة طفل واحتار الجميع بتسميته وبقي بدون اسم، فإن ذلك لا يعني إن الطفل غير موجود. علينا أن نهتم بالولادة أولا ثم بالتسمية ثانيا وفي التاريخ نشأت مدارس عديدة واكتسبت ملامحَها النهائية قبل أن يتم تسميتها. فتسمية " الانطباعية " قد نشأت بعد أن رسم مونية لوحة "انطباع " في سبعينات القرن التاسع عشر على نهر التايمز، وكانت الانطباعية قد نشأت وتطورت قبل ذلك بما يقارب العشرين عاما، إنها موجودة قبل الاسم. وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا لو أن مونيه لم يرسم لوحة انطباع؟ لا شك أنه سيظهر عندئذ اسم آخر.عدا عن أن هذا الاسم لم يكن دقيقا أو علميا وأثار تحفظات العديد من المؤرخين والنقاد لأنه لا يمثل محتوى هذه المدرسة الفنية الناشئة، وانه نشأ بحكم مصادفة. ولكنه اكتسب رسوخا ودلالة وإقرارا جمعيا، وهذا هو المهم، على محتوى بعينه دون الرجوع الى نشأة الاسم.

الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.
الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.

الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.
الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.
الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.

الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.

الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.
الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.

الاسم هو إذن: اتفاق اجتماعي على أن صوتا منطوقا أو رمزا مكتوبا أو كلاهما يدلان على شيء معين، فلو أن المجتمع اتفق على أن اسم المنضدة هو: " س " لأصبحت " س " تدل على المنضدة. ولكن المجتمع لا يتفق بسهولة ولا عبثا على رمز دال إلا تحت ظروف معينة.

كثافة القصة والقصيدة تجعل القصائد والقصص الطويلة استثناءا فالكثافة هي ضغط المساحة وإعطاء دفقٍ إبداعي في زمن قصير يشبه الومضة، قصيرة ومشبعة، هذه الكثافة ثقيلة على الرواية اذا ما أديمت، وستخلق لا محالة مشاكل تتعلق بإدامة الشد الدرامي واختبارا عسيرا لصبر أفضل القراء.

واذا ما كان البعض يرى أن المتعة ليست وظيفة العمل الإبداعي أو إنها على الأقل ليست ضمن أهداف الكاتب ولا ينبغي أن تكون، فلا مفر عندئذ من اعتبار المتعة التي تحققها الأشكال الإبداعية جميعها (ناتجا عرضيا) لم يضعه الكاتب حين يشرع بالكتابة كهدف، على أن القبول الجمعي بالعمل الإبداعي متعلق بقدر كبير بهذا الأمر.

ليس لدي ما يمنع من الاستمرار في فرضية أن الرواية مرتبطة الى حد كبير بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، والعكس بالعكس. تعكس تقاليد الإشكال الإبداعية الكثيفة والقصيرة في العراق الأوضاع السياسية والاجتماعية غير المستقرة، فلا يمكن في وضع مضطرب التخطيط لعمل إبداعي يتطلب وقتا طويلا لإنجازه، ولا يلغي الاغتراب ومغادرة الوطن عدم الاستقرار هذا، فحين يغادر المبدع وطنه غير المستقر سيجد أن الشعور بعدم الاستقرار قد صار صفة ملازمة يحملها معه في حله وترحاله. وبذا فان تقاليد الشعر والقصة أكثر بروزا في المنجز الإبداعي العراقي وبقيت الرواية الى حد كبير تحمل صفات القصة.

ومع ذلك أجدني لا أتفق مع الرأي الذي يرى أن تكنيك القصة مضر بالرواية في مطلق الأحوال، والتعميم ليس صحيحا من الأدق اعتماد تحليل نقدي لكل عمل منفرد لمعرفة فيما اذا كان تكنيك القصة قد اضر بالرواية هنا أو خدمها هناك، فالتعميمات تساعد الذين لا يرغبون ببذل أي مجهود حقيقي في تحليل النص. يكتب ميلان كونديرا، وخصوصا في روايته " الخلود " فصولا يمكن أن تكون قصصا قصيرة، ما يمنعها من ذلك قدرته المدهشة على الربط بين حوادث ووقائع وقعت في أزمنة وأمكنة مختلفة ولولا هذه المهارة لتفكك العمل. في كل شكل إبداعي سنجد وحدات منفصلة أو تكاد، تستطيع أن تكون لوحدها وحدات إبداعية تحت أي مسمى كانت فالمقطوعات الموسيقية والسمفونيات تتكون من حركات أو وحدات موسيقية قائمة بذاتها ويفصل بينها فاصل زمني قصير على أنها تُوحّد في الغالب بروحية فنية واحدة أو بواسطة اللحن الأساسي الذي يتكرر في جميع الوحدات بطريقة أو بأخرى، وفي دروس تعليم الرسم غالبا ما يُلاحظ أن بعض الدارسين يرسمون وحدات وعناصر منجزة بشكل رائع اذا ما أخذت منفصلة ولكن من الملاحظ أيضا إنهم ليسوا قادرين بعد على الوصول الى ربط عناصر اللوحة بنسيج واحد وهذه هي أصعب مراحل العمل الإبداعي تشبه من بعض الوجوه توحيد نص طويل بنسيج واحد ومنعه من التفكك.

بقلم: منير العبيدي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى