الخميس ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤
قـراءة في كتـاب

قصـة الفن التشكيلي

عرض: نيللى كمال - باحثة فى العلوم السياسية، مصر

قد يكون من المفيد عند استعراض هذا الكتاب الهام النظر إلى تلك الحضارات بشكل تجميعي، أي تقديم الحضارات، والنظر إليها مجتمعة كمدخل، ثم تناول كل فن من تلك الفنون على حدة ومعرفة وضعه وطبيعته في الحضارات التي تناولها الكتاب جميعها.

المؤلف: محمد عزت مصطفي

الكتاب: قصة الفن التشكيلي... العالم القديم

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

يروي هذا الكتاب - وكما يتضح من عنوانه- قصة الفن التشكيلي، وتاريخ تطوره، وكيف كان حال الفنون المختلفة من: نحت، وعمارة، وتصوير، بالإضافة إلى الفنون التطبيقية في الحضارات القديمة. ويقصد بها حضارات: وادي النيل، وأرض النهرين، وفارس، والشرق الأدنى، والهند، والصين، واليابان، واليونان، والهلستينية، وروما. حيث أثرت تلك الحضارات القديمة التاريخ الإنساني في شتى مجالات الحياة، ويمكن الرجوع بالتطورات الحديثة في العصر الحالي لنجدها تضرب بجذورها في هذه الحضارات القديمة. اتبع الكتاب تناول كل حضارة بشكل منفرد من خلال تقديمها بشكل موجز، ثم دراسة فن النحت، والتصوير، والعمارة، والفنون التطبيقية بها.

نظرة بانورامية على الحضارات القديمة:

يرى الكاتب أن علماء الآثار قد أرجعوا نشأة الفن البدائي إلى مبدأ العصر الحجري الحديث (أي ما بين سنة 20000 ق. م. وسنة 10000 ق. م). حيث وجدت بعض الآثار من مقاطع وفؤوس وأدوات صيد وقتال وتماثيل صغيرة من الحجر نحت بأسلوب فج، تمثل البشر والحيوان، ومن صور رسمت بالألوان على حوائط الكهوف.

إلا أنه يؤكد أن الولوع بالفن، وعشقه أمر يجمع بين الأطفال والبدائيين في بوتقة واحدة، وأنه ينتهي بهم إلى نتائج متقاربة، فلقد مارس البدائي الرسم والنحت قبل أن يعرف الكلام والزراعة وقبل أن يستأنس الحيوان ويصنع الفخار.

وبالنظر إلى كل من هذه الحضارات بشيء من التفصيل نجد أن أقدمهم حضارة وادي النيل. تمتد في جذور التاريخ المصري إلى ما قبل حكم الأسرة الفرعونية الأول بحقب طويلة. وأمكن وضع تحديد نسبى لأطوارها تبعاً للأنماط التي ظهرت مع آثار العصور الحجرية الأولى، وشهدت تطورات عديدة حتى أدخل الصقل عليها رقة نهضت بأشكالها وأنماطها الزخرفية، ثم ازدادت حسناً، وكان ذلك بعد أن اكتشاف النحاس واستخدامه كمادة لإنتاج السلع والأدوات البدائية إلى جانب استخدام الحجر.

وبانتهاء حكم ملوك الأسرة العشرين يختم التاريخ المصري صفحاته اللامعة؛ فلقد بلغ الوهن بالحضارة العريقة خلال حكم ملوك الأسرة الثالثة والعشرين. ثم وقع بعد ذلك الصدام بين مصر وآشور وكان ذلك فاتحة للانحدار الذي حاق بعدئذ بالبلاد.

أما حضارة أرض النهرين فقد كشف علماء الآثار عن مخلفات كثيرة لهذه الحضارة، من بينها: أسطوانات منقوشة، منها ما يمثل "حمورابي" وهو يتلقى الشرائع عن المعبود "شمش"، بالإضافة إلى أطلال معبد "مردك وزوجته" والقلاع التي شيدت في عهده. والواقع أن مدينة "بابل" كانت أعظم مدن العالم القديم، وكان عهد "حمورابي" أزهى عهودها، غير أنها فقدت مكانتها بعد موته؛ إذ وقعت في قبضة الكاشيين، كما قضى عليها قيام دولة آشور في الشمال، وخاصة حين ظهر "سنحريب" فأخمد أنفاسها، ولقد ظلت دولتها قائمة حتى انتهز "نبوبولاسار" فرصة ضعفها فحرر بابل من سلطانها بأن استعدى عليها دولة "ميديا" الناشئة، وبذلك مكن لباعث بابل من جديد سنة 625 ق. م. ويختتم التاريخ فصوله في بلاد الجزيرة بقيام دولة فارس سنة 539 ق. م.

كانت النار مقدسة في الحضارة الفارسية كما كانت عند كثير من الشعوب الآرية الأولى، وقد وضع "زرادشت" منهاج العبادة وفسرها، فزعم أن النار هي مصدر النور، ورمز الحقيقة وأن الحرارة تطهر النفوس من الرجس. ولم تكن هذه العقيدة عاملاً يذكر في توجيه الفن أو إنعاشه، وإنما وجهه ودفعه إلى الازدهار ميل الحكام وشغفهم ببناء القصور -إظهاراً لجاههم- وهم في ذلك شديدو الشبه بأبناء الجزيرة.

تكونت حضارة الشرق الأدنى من مجموعة من البحارة المهرة من الأصل السامي تعبر البحر من جزيرة العرب لتستقر في فينيقيا، ولتؤسس فيها المدن الهامة مثل صيد، وصور. وقد ظهر أمر هذه الأخيرة في عهد الملك حيرام صديق الملك النبي سليمان ومثل بيلوس الذي اشتهر بالتجارة في أوراق البردي ومن اسمها اشتق اسم كتاب اليهود. وعلى الرغم مما كان لهذه الجماعات من شأن في تشكيل وجه التاريخ القديم، إلا أن استمرار حركتها وهجراتها من مكان إلى آخر، وقلة موارد بلادها وضغط الحضارات الكبرى عليها كان من الأسباب التي هبطت بها وجعلت دورها في الإلمام في التراث الفني التشكيلي محدوداً، فضلاً عن خضوعه في أغلبها لأنماط الحضارات الكبرى.

أما حضارة الهند، فقد نشأ عن بعض طقوس العبادات الهندية الفنون التي امتزجت فيها روح الأساطير بمنطق الحياة، وكان منها ما نسميه الآن "الباليه" الذي ترجع تقاليده إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد حين ظهرت عبادة الإله الراقص "سيفا" الذي أحب زوجته "أساتي" أكثر من حياته، فلما ماتت حزن عليها حزناً حدا به إلى أن يطوف بجثتها راقصاً حول العالم سبع مرات.

وعن حضارة الصين، فقد جاء اسمها من كلمة "تيان هوا" وتعنى ما تحت السماء، أو "زهأي" أي بين البحار الأربعة، أو جونج هوا جوو "أي الدولة الوسطى، وأهلها الأول سلالة إنسان بكين" ولقد ثبت أنه كان بالصين ثقافة منذ العصر الحجري، وأن الخزف الراقي ظهر خلاله في "هونان".

كانت عهود ازدهار الفن في الحضارة اليابانية تبدأ منذ حل قسس البوذية باليابان قادمين من كوريا، ومن هنا كان تشابه المعابد اليابانية والكورية.

وفي الحضارة اليونانية، كان الود المتبادل بين الدولة والفن سبباً في استخدام الآلاف من الفنانين لتجميل الأماكن العامة وإحياء الحفلات وتنظيم الطقوس. وكان الفن وقتئذ خالياً من المغالاة في تمثيل العواطف معتدلاً بعيداً عن الانحرافات قريباً من الواقع، وكان هدف الفن أن يستحوذ على جوهر الأشياء، وأن يعبر عن المثاليات، وألا تبلغ آثاره من الرشاقة إلى الحد الذي تفقد به جديتها، وكان الفنان الإغريقي يخضع فنه لفكرة الحياة، وينظر إليها على أنها أعظم الفنون ومنبع الإلهام. وكانت الملاعب، والمسارح، والميادين، والمدارس، والحدائق في أثينا مزينة بتماثيل أبطال الفكر والرياضة.

مدلول الحضارة الهلينستية، يرتد إلى أنماط الفن اليوناني التي ظهرت بعد موت الإسكندر وكانت قد تفاعلت مع أنماط الفن في مصر والجزيرة وفارس وآسيا الصغرى. وتولى الإسكندر حكم مقدونيا في سن العشرين، فاستخف به حكام الولايات وتزعمت طيبة حركة عصيان عمت كل مناطق النفوذ المقدوني، فقام الإسكندر يعلن الحرب عليها حتى دانت له المدن كلها بالطاعة بما في ذلك أثينا.

تشير الأساطير الرومانية إلى قصة تأسيس روما بقولها إن "إينياس" ابن الربة "أفروديت" خرج من طراودة المحترقة وجاء إلى إيطاليا بآلهة مدينة "بريام"، ثم تزوج "لافينيا" ابنة ملك "لاتيوم"، وجلس "نوميتور" أحد أحفادها على العرش في مدينة الفجر الطويل عاصمة "لاتيوم" ثم جاء "أمولياس" أخوه الشرير فقتله واغتصب عرشه.

تطور فن العمارة عبر الحضارات القديمة المختلفة:

عن حضارة وادي النيل فبالنسبة للدولة الموحدة أول الدول في مصر القديمة، استلهمت فيها المباني المصرية القديمة عناصرها الروحية من العقائد الدينية، والمبادئ، ومن العادات والتقاليد، أما عناصرها الشكلية فقد استمدتها من طبيعة الإقليم ومواده الخام. بالنظر إلى الدولة القديمة، يعد هرم خوفو أعظم الآثار التي خلفتها حضارة مصر الأولى، وهو بحق عجيبة الدنيا الباقية حتى الآن من عجائبها السبع، ولا شك في أن بناء الأهرام تطلب دقة في القياس لا يستطاع الوصول إليها بغير معرفة واسعة بالعلوم الرياضية. ومع مرور الزمن، وبالعودة إلى عقيدة آمون، ظهرت المعابد الكبرى التي كانت فخراً للحضارة المصرية، ويكون المعبد منها من صحن ذى أروقة، ومن بهوذى أعمدة ومن هيكل أو أكثر، وتتقدم المعابد طرق محفوفة بتماثيل الكباش وبوابات يكتنفها برجان هائلان يميل سطحهما الخارجي إلى الوراء ميلاً محسوساً مع إطالة في عروضهما، وتقف المسلات رمز عبادة الشمس أمام كل معبد شامخة برؤسها.

أما حضارة أرض النهرين، فيستدل من نقوش الحشوات التي بقيت من آثار هذه الحضارة على أن بيت السكن كان من طبقة واحدة للعامة، ومن طبقتين للخاصة، وكانت الشرفات على الواجهة تظهر من الطبقة العليا، كما تبدو من أعلاها حديقة، ومن هنا سميت بالحدائق المعلقة. ولقد تطور هذا الطراز فيما بعد على عهد "صارغون" في القصر الجامع بين أغراض السكن والعبادة، وكان يشتمل على قاعة كبرى لإقامة الحفلات وإحياء الأعياد وأجنحة الضيافة، ومقر لسكن الأسرة الحاكمة، ومن معبد على هيئة برج من عده طبقات ومخازن وإسطبلات.

تقدم أرض فارس الأنواع الكثيرة من الأحجار بينما تندر فيها الأخشاب، ولكن ملوكها أخذوا بتقاليد آشور في إيثار الآجر على الحجر لأغراض البناء، فشيدوا قصورهم وقلاعهم وأضرحتهم منه، واستوردوا الأخشاب لإنشاء سقوفها وصنع أعمدتها.

يتكون التراث المعماري في الحضارة الهندية على الجملة من المعابد المشيدة والكهفية والأديرة والصوامع والأبراج الأسطوانية والمضلعة، أما معابد البراهمة فأجملها بمقاطعة ميسور حنوبي الهند ومنطقة اللورا بوسطها، وأومبر وجيرنار بشمالها.

بلغت العمارة اليابانية أوج ازدهارها في عهد "أشيكاجا"، فكانت مدينة كيوتو حافلة بالمعابد من طراز "الباجودا" والقصور الجميلة على أن هذه المشيدات كانت تخشى البراكين فلم تشيد بالحجارة. والعمارة اليابانية رغم بساطة مظهرها ورغم العوائق التي حالت بينها وبين استعمال الحجارة في بنائها تبدو ممتعة جميلة لحسن تفاصيلها، وروعة الألوان التي يعكسها الذوق الياباني على وحداتها.

تعتبر العمارة في اليونان هي هندسة الأحجار بالأساس، وليست بناء بالأحجار، وقد ازدهرت آثارها لا في موطنها الأصلي فحسب، بل شمل نفوذها البلاد الأخرى التي دارت في فلك هذه الحضارة الهامة مثل مانيا جريشا وإتروريا وصقلية. ويشير عدد من المؤرخين إلى وفود عدد من المهندسين المصريين إلى كريت، وعزوا إليهم نقل أساليب البناء المصري إلى كريت.

ظهرت بالحضارة الهلستينية المباني الدينية والمدنية التي تعكس الشغف بالأبهة. وظهر التمازج بين أنماط مصر المعمارية، واليونانية فيما شيده البطالمة بمصر من معابد وقصور ومكتبات، كما ظهرت في كثير من مدن اليونان مؤثرات العمارة المصرية وبخاصة في معابد ديلوس.

أخذت روما عن التوسكان (الأتروريين) نظام تخطيط المدن، وشق المجارى. وما زالت مجارى روما الأولى تصرف المياه المتجمعة بين تلالها في نهر التيبر حتى الآن. ونقل الرومان فيما نقلوه عن التوسكان بوابات المدن المشيدة بالحجارة الضخمة وأنماط المعابد التي كانت من الخشب في العهود الأولى.

تطور فن النحت عبر الحضارات القديمة المختلفة:

تدل آثار حضارة وادي النيل من أعمال النحت المبكر على شعور المثالين بالكتلة والفراغ. ولقد كان للتماثيل البشرية المصرية في عهد الدولة القديمة أنواع شتى، منها الفردية والمزدوجة والجامعة، كما كان من أنواعها التماثيل الرمزية التي تمثل فرداً من الناس في طورين أو ثلاثة من أطوارا عمره. على أن التماثيل التي ظهرت في عهد أمنحتب الثالث امتازت بعمق النظرة والنزوع إلى محاكاة الأشكال الطبيعية بروحانية أرهصت لطراز تل العمارنة قبل أن يظهر بفترة ليست بالقصيرة.

أما حضارة أرض النهرين وكما كانت ديانة أبناء الجزيرة أرضية، فقد كانت فنونها التشكيلية دنيوية لا تحفل بتمثيل الطقوس الدينية، ولا تجعل للآلهة في تناولها المكانة الأولى، بل تمضى في عرض مباهج الحياة من صيد، وحفلات صاخبة، تظهر فيها الملوك في الثياب الفاخرة وهم يحتسون الخمر ويستمتعون بأنغام الموسيقى والرقصات.

وللنحت في الحضارة الصينية منذ أبعد العصور صلة مباشرة بالخزافين، حتى ليمكن القول بأن أجمل آثار النحت كان من إنتاج الخزافين الذين كانوا يحتلون مكانة مرموقة في عالم الفن منذ عهد أسرة هان، وظلت مكانتهم تتزايد يوماً بعد يوم حتى استغرقت عهد حكم أسرة سونج ومينج.

يؤثر النحات الياباني الخشب والبرونز في إنتاج تماثيله، ومن أقدم آثار النحت الياباني ثالوث "هوريوجي" البرنزي الذي يمثل بوذا جالساً على براعم اللوتس بين اثنين من تلامذته.

وتعد تماثيل اليونان من أجمل ما أنتجه المثالون في أي عصر من العصور، وهى مصدر فتنة لا ينضب معينها، فلقد غمرت العالم القديم بسحرها، وهى ما زالت تنتزع إعجاب العصور بجمالها... حسب الإغريق أن تماثيلهم ما فتئت تمد الطامحين إلى المجد من شباب الفن ورجاله بأسباب نجاحهم وشهرتهم حتى الآن باحتذائهم قواعدها وترسمهم خطاها. ولم تنحت تماثيل اليونان في الأصل لوضعها بالمتاحف، وإنما نحتت لتهز وجدان الشعب المرح الذي كان يتقرب إلى آلهته برقصات وأناشيد على أنغام الموسيقى للتعبير عن إعجابه بقدراتها.

وكان المثالون في كل مكان من الأماكن التي دارت في الفلك الهلستينى أكثر الفنانين إنتاجاً، ولقد حقق النحت قيماً جديدة فيما تناوله من تمثيل المعاني المجردة كالحظ الذي نحت له الفنان "يوديجاديس" بأنطاكية تمثالاً جميلاً.

وعن النحت في حضارة روما تبدو التماثيل الأترورية المشكلة من الطين المحروق في حيوية مثيرة، وفي متحف "بورجيزي" بروما تمثال للمعبود أبولو يفيض بالقوة والتفاؤل. وكان الرومان يعدون المثالين في زمرة الصناع والخدم، ومن أقوال سنيكا "أنا وإن كنا نعبد التماثيل لنحتقر الذين يصنعونها".

تطور فن التصوير عبر الحضارات القديمة المختلفة:

وادي النيل، تستفيض صور المصاطب منذ عهود الأسرة الثالثة في سرد أساليب الحياة، ولئن كانت المصاطب مواضع خصصت لدفن الموتى إلا أن صورها تحكى شتى مواقف الحياة الدنيوية بدقائقها وتفاصيلها، وكان القصد من تصويرها على جدران المصاطب إنشاء بديل لواقع الحياة ليأنس به الموتى في القبور، ومن هذا جاء العرف بتصوير مشاهد بالألوان تمثل الموتى بين أفراد أسرهم وخدمهم في البيت، أو وهم قائمين بالإشراف على الزراعة في حقولهم. ثم ظهر نوع أخر مع الدولة الحديثة يعتمد على البهجة في التصوير أمثال اللوحات في عصر حتشبسوت.

أرض النهرين، تشير مشروعات التصوير في هذه الحضارة على تسجيل المرئيات على أساس البعدين، شأنها في ذلك شأن الفنون الفرعونية، وتشغل الألوان المتباينة المكان الأول منها، وهى بذلك تنحو الناحية الزخرفية التي تستبد بميول أبناء الجزيرة تبعاً للشغف بإظهار الأبهة والفخامة.

الهند، لعل التصوير كان من وجهة النظر الهندية الخاصة أقل الفنون شأناً؛ إذ وجد الهنود فيه مادة سريعة للفناء، فآثروا النحت عليه، على أن تبقى من آثاره الأولى حتى الآن يجعله من وجهة النظر الفنية من فنون الهند الهامة.

الصين، يعد التصوير أسمى أنواع الفن الصيني مكانة، ففي آثاره تتجمع المبادئ الفلسفية والأخلاقية. وتحتل شخصية المصور الصيني الصدارة من مجامعها الفنية على الدوام، فهو أبعد فنانيها عن الاشتغال بالمادة، وهو أقربهم إلى روح الحكمة وإلى طبيعة التجريد.

اليابان، يحتل التصوير المكانة الأولى من فنون اليابان، وهو إحدى عناصر مدينتهم، ويهدف إلى تجميل الحياة بالأنغام والألوان والصور السارة، وتشبه صور اليابان الصور الصينية من حيث أنها رسمت بفرجون الكتابة. والمتابة والتصوير في فنون الصين واليابان يعنيان شيئاً واحداً، فمؤداهما هى الألوان المائية والفرجون والورق والحرير الشفاف.

اليونان، وهى تختلف عن غيرها من الحضارات من حيث أن التصوير اليوناني كان منذ النشأة بعيداً عن نفوذ رجال الدين الذين فرضوا سلطانهم على المصورين في مراكز كثيرة من مراكز الحضارات القديمة، وهكذا كانت أعمال التصوير اليوناني دنيوية، ومكانها البيت، وكان موضوعاها الإنسان الذي لا يحفل إلا بعالمه الأرضي.

الهلستينية، يتردد التصوير في المرحلة الهلستينية بين الأنية والحائط. ويحتفظ متحف الفاتيكان بأكبر مجموعة من آثار التصوير المنفذ بألوان الأفرسك، ومن أجمل أجزائها القطعة التي تعرف باسم "عرس الدوبراندين" والتي تعزى إلى بعض مصوري عصر الرومان، وتظهر أفروديت ربة الجمال وهى تسدى إلى العروس الخائفة بعض النصح.

روما، مضى التصوير الروماني بعد ظهور الجمهورية يحتذى أنماط الفن اليوناني، حتى أن مشاهير المصورين اليونان مثل بولينيوت، وزيوسي كانوا هم أنفسهم العمد الأساسية ببلتصوير في روما.

تطور الفنون التطبيقية عبر الحضارات القديمة المختلفة:

الهند، أنتج الهند منذ أبعد العصور أثواباً من الحرير والقطن السارى، وتدل الأقمشة القطنية التي تطبع الآن بكلكتا وتعرف فيها باسم "كاليكو" والشيلان المطرزة بأجمل الوحدات الفنية ذات الألوان والتي تخصصت فيها كشمير على رسوخ تقاليد الفنون الزخرفية الهندية.

اليابان، أينعت في اليابان فنون طباعة الأقمشة وتطريزها وأشغال المعادن واللاكر بنوعيه، وعنى اليابانيون بإبراز محاسن الخامة في هذا كله، وازدهر بنوع خاص فن إعداد الرقع الزخرفية المعروفة باسم "كاكيمونو" و"ماكيمونو" وبلغ الخزف في اليابان حداً من الرقى منذ القرن الثالث عشر. وقد امتازت آثاره في سيتو وأريتا بإنتاج النوع الأبيض الشفاف من البورسلين. والخزف الياباني رشيق، ويعتبر وصول الشاي إلى اليابان عاملاً هاماً في ازدهاره، ومما يذكر أن الفنان الياباني "كاتو شيرويموزن" سافر إلى الصين سنة 1223 ومكث بها ستة أعوام ليتعلم على خزافيها أسرار هذه الصناعة، فلما عاد أنشأ مصنعه الهام في سيتو.

روما، بمتحف الفاتيكان بروما نماذج كثيرة لأثاث القصر الروماني، منها أرائك وكراسي للجلوس والرقاد من الرخام، ومواقد ومناضد من المعدن، وأواني من المرمر أو الفخار الجميل.
أما القسم الأخر من الكتاب فقد اشتمل على مجموعة من الصور لبعض التماثيل واللوحات التي تشهد على أساليب وطبيعة الفنون من نحت وعمارة وتصوير في الحضارات المختلفة، بالإضافة إلى بعض الأساليب الحديثة. وصلت عدد الصور إلى 72 صورة. منها: نفرت وراحوتب من الدولة المصرية القديمة، الأسد الحارث من آثار النحت الآشوري، ورأس تمثال بوذا يتأمل، والإمبراطور أغسطس بزي الحرب.

تأتى أهمية هذا الكتاب من كونه عكف على التعريف بالحضارات القديمة، وقيامه بتسليط الضوء على أهم إنجازاتها الفنية من زوايا الفنون التشكيلية المتباينة من: النحت والتصوير، والنحت، وفنون العمارة، والفنون التشكيلية، وذلك من منظور مقارن. وأخيراً، فإن الإطلاع على ما قدمته تلك الحضارات القديمة يطرح سؤالاً حول: تحول تلك الحضارات -أو معظمها- عن ركب التقدم في العصر الحالي، ويأتي هذا السؤال ملحاً فيما يتعلق بالحضارات التي تقع داخل نطاق الوطن العربي. هل حدث ذلك بفعل طبيعة دورة التاريخ التي تتراوح بين التقدم والانحدار وهو ما يؤدى إلى تبادل الأدوار بين الشعوب؟ أم أن ذلك راجعاً إلى أسباب وعوامل أخرى.


مشاركة منتدى

  • معلومات قيمة الا انها مختصرة وريعة للغاية وذلك لاننى فنان وكنت اتمنى المزيد من هذه المعلومات الهامة

    • اطلعت على الكتاب ولكن ينقصه بعض المعلومات او بمعنى اخر محتاج ان نتكلم عن هذا الموضوع بوضوح اكثر ومعرفه اكبر ولكن مش تقليل من كتاب الدكتور اشرف العرينى ولكن نتمنا ان ينشر كتاب اخر بتوسع وتفاصيل اكثر للافاده لنا ونشكره على هذا المجهود

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى