الجمعة ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦

كتاب يصدر لباحث إسباني يرصد تطور الرواية ببلاده خلال القرنين الأخيرين..

إعترف الباحث المعروف فرنثسكو كاوديت في كتابه الصادر حديثا بعنوان "ولادة الحداثة: الرواية الاسبانية في القرنين الأخيرين" بحيرته في تسمية التيارات الأدبية التي ظهرت في القرنين الفائتين , فهناك تسميتان مألوفتان هما "الحداثة" و"جيل 1998"، كأنهما عبارتان تدلان على أمرين مختلفين .

وفيما يرتبط بالرواية،أوضح أن الأمور لم تتبدل كثيرا بالقياس إلى الفترة السابقة , مشيرا وفقا لعبد الهادي سعدون بجريدة النهار اللبنانية - أن الطبيعة لا تزال تهيمن على الحياة،وإن كانت قد زادت عنفا وقسوة وتشبثا بالمحليات , وخير من يمثل هذا الاتجاه كما يبين الكتاب - الصادر عن دار "لاوتري" - هو بيثنته بلاسكو إيبانيث الذي حرص في مرحلته الأولى على تصوير واقع منطقته الأصلية بالنسيا في شرق البلاد، وسرعان ما اشتهر بأفكاره السياسية والاجتماعية المعادية للكنيسة الكاثوليكية والمناصرة للنظام الجمهوري .

ونال قسطا من الرواج في أوروبا والولايات المتحدة (وتحديدا في هوليوود حيث نُقلت بعض قصصه إلى الشاشة الكبيرة) بعدما أصدر روايات ترجمت إلى لغات عدة رغم أنها محدودة الأهمية كـ"فرسان الرؤيا الأربعة" (1916) و"البحر الأبيض المتوسط" (1918)، وكلتاهما حول الحرب العالمية الأولى , ومن أهم رواياته "الأرز والقارب" و"الكوخ", والأكثر شهرة "الخيزران والوحل".

يفرد المؤلف أجزاء من كتابه للحديث عن أهم حركة أدبية فكرية في تاريخ إسبانيا ومجتمعها، جيل الـ 98 , مشيرا لأنهم
هم في الأساس خمسة من أفضل ما أثمره الأدب الإسباني على مر الأزمنة : ميغيل دي أونامونو، رامون ماريا ديل بايي إينكلان، بيو باروخا، مانويل آثورين، وأنتونيو ماشادو .
وأهمهم في نظر كاوديت، ميغيل دي أونامونو، صاحب روايات : "الضباب" (1914) و"آبيل سانشيث" (1917) و"العمة تولا" (1921) و"القديس مانويل الطيب الشهيد" (1933).
ويبين الكتاب مدى تأثر الأدب الأسباني بالعوامل الداخلية والحرب الأهلية الاسبانية بعد إنتهائها واستقرار وضع الجنرال فرنكو وحكومته، وحتى بعد رحيله ونظامه عام 1975 .

ويشير لأن مذهب الواقعية الجديدة بدأ بالتقلص عند منتصف الستينات أو قبله بقليل نتيجة الإحباط الذي إنتاب المثقفين لدى إدراكهم أن شوكة نظام فرنكو قد ازدادت، لدرجة أن الحكومة الإسبانية احتفلت بمرور 25 عاما على إنشاء "حقبة السلام" واطاحة الجمهورية وسط مظاهر الفرح العارم , وأحست غالبية المثقفين الملتزمين بأن مؤلفاتهم المركزة على الوصف والتقرير لم تعد صالحة، والأمر نفسه ينطبق على تقنيات الرواية الواقعية الجديدة.

ويوضح المؤلف أن الثورة الأولى على هذا التيار انعكست في رواية لويس مارتين سانتوس، "زمن الصمت"، الصادرة عام 1962حيث يصور سانتوس خلال هذا العمل دناءة المجتمع ومعاناة أفراده من خلال حكاية طبيب واعد تفسد مسيرته المهنية والشخصية بعد تورطه في عملية إجهاض سرية .

يشير كاوديت الى أن المشهد الثقافي بدأ يتغير برحيل فرنكو ونظامه عام 1975 ويتأهب للعصر الجديد الذي سيكون تأثيره بالغا على الحياة الثقافية, ولم يتبق من المؤسسات والمظاهر القمعية سوى الرقابة التي تفرض حظر التوزيع على روايات خوان غويتيسولو وأشعار خايمي خيل دي بيدما أو أفلام المخرج المنفي لويس بونويل.

وخصص الناقد فصلي الكتاب الأخيرين لدراسة أعمال خافيير مارياس الواسع الشهرة في بعض الدول الأوروبية
واحداً من أهم روائيي اسبانيا المعاصرين، والذي تعاد طباعة أعماله لأكثر من مرة سواء في أسبانيا أو في دول أميركا اللاتينية والتي فاقت المئة طبعة في أكثر من خمس وعشرين لغة عالمية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى