الأحد ٢٤ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم ريمون جرجي

كيف تتخذ قراراً حكيماً ؟

لو كانت هناك مجموعة من الأطفال تلعب بالقرب من مسارين اثنين منفصلين لسكة حديد قطار ما، أحدهما معطل والآخر لازال يعمل، وكان هناك طفل واحد يلعب على المسار ( الأول ) المعطل ومجموعة أخرى من الاطفال يلعبون على المسار( الثاني ) الغير معطل ،
و أنت تقف بجوار موجه التحكم باتجاه سكة القطار، ورأيت الأطفال!!!، و لمحت قدوم القطار، وأنه ليس أمامك إلا ثوان معدودة، لاتخاذ قرار توجيه سير القطار.

فإما أن تترك القطار يسير كما هو مقرر له ( على المسار الثاني) ويقتل مجموعة الأطفال أو تغير اتجاهه إلى المسار الآخر( الأول ) ويقتل طفلاً واحداً فقط، فأيهما تختار ؟، و ماهي النتائج التي سوف تنعكس على هذا القرار..؟

دعنا نحلل هذا القرار.........

قد يرى معظمنا، أنه من الافضل التضحية بطفل واحد، وذلك خير من مجموعة اطفال، وهذا من الناحية العاطفية على اقل تقدير.

فهل ياترى هذا القرار هو صحيح ؟

اولاً :هل فكرنا ان الطفل الذي كان يلعب على المسار المعطل قد تعمد اللعب عليه، حتى يتجنب مخاطر سير القطار على المسار(الثاني)، ومع ذلك يجب عليه ان يكون الضحية بسبب قرارنا!!!.

في مقابل ان الاطفال الآخرون الذين في سنه، هم المستهترون وغير المبالين و اصرارهم على اللعب في المسار النشط للقطار ( الثاني )، علينا أن نفكر بهم ونحميهم!!!.

هذه الفكرة مسيطرة علينا في كل يوم في مجتمعاتنا في العمل.

حتى في القرارات السياسية الديمقراطية، كذلك قد يُضحى بمصالح الأقلية، مقابل الاكثرية بغض النظر عن قرار الاغلبية حتى ولو كانت هذه الأغلبية على خطأ في قرارها والاقلية هي الصحيحة ( كما هي حالة الطفل على مسار القطار).

وهنا نقول ان القرار الصحيح انه ليس من العدل تغيير مسار القطار وذلك للأسباب التالية :

 الأطفال الذين كانوا يلعبون في مسار القطار العامل، كانوا يدركون ذلك! وسوف يهربون بمجرد سماعهم صوت القطار !.

 ولو انه تم تغيير مسار القطار فان الطفل الذي كان يعمل في المسار المعطل سوف يموت حتماً، لأنه لن يتحرك من مكانه عندما يسمع صوت القطار، لانه ببساطة سيعتقد بأن القطار لن يشكل خطراً عليه لأنه يلعب على المسار المعطل كالعادة.

إضافة إلى أن هذا المسار المعطل لم يُترك هكذا، إلا لأنه غير صالح ولا آمن وتوجيه القطار الي هذا المسار لن يقتل الطفل فقط بل سوف يدفع بحياة الركاب إلى الخطر، وعندها قد يحدث ما لا يُحمد عقباه ولا ينفع الندم.

 فبدلا من انقاذ حياة مجموعة من الاطفال فقد يتحول الأمر إلى قتل مئات من الركاب بالاضافة الي موت ذلك الطفل المسكين !!!

مع علمنا ان حياتنا مليئة بالقرارات الصعبة التي يجب ان نتخذها لكننا قد لا ندرك ان القرار المتسرع عادة ما يكون غير صائب.

تذكر أن: الصحيح ليس دائماً هو الشائع..... و أن الشائع ليس دائماً هو صحيح.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى