السبت ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

محاربُ الاسمنت

علي سيف علي الرواحي

يقفُ على روحه بينما ينّزُ من أحلامِه العرقُ
لا تمتصهُ الأرضُ، ملحه يشكل قسوةَ الجبال
مكيف سيارته الفرنسية رخيصة الثمن معطلٌ؛ السعادةُ المتاحة
فليس كلُ ألمٍ يوجع
تنظرُ إليه محطاتُ الوقودِ شزرا
أيها العاشقُ الخائنُ للمعنى، لا تدخر شقاءك للمستقبل الغاشمِ
أراد أن يتعلم العزفَ على البيانو
فأخبروه بأن أصابعه ليست ملكا له
كانت الشُعلةُ أصغرَ من عُقلة الإصبع
لكنهم رأوها بركانا عظيما
تكلمْ بصوتٍ خافتٍ كي لا تَسمعك روحك
فتثور
دعِ الأفكار تسبح طليقةً داخل حدود عقلك
كي لا تفقده
لا تعر لطعم الصدأ الذي يعلو أغلالك
أيُ أهميةٍ
لا تقف بصورة مخالفة
لقد تضاعفت العقوبة
تعطلتْ سيارتي في منتصفِ الطريقِ
سيدي الشرطي
هل أُخبرك بطرفة مبكيةٍ وتسامحَني
تأتيه الكآبة عند الغروب
(خليطٌ من لذةٍ سحيقةٍ وتأنيبِ ضمير)
ما يزالُ المستقبلُ يكشرُ بأنيابه
كان عائداً من صلاةِ المغربِ على رجلين من شكٍ
يسحبه القدرُ من تلابيبه
يجب أن تشربَ من البركة كالجميع
لا وجود لجبل الأوليمب الثلجي، وخمر ربات الإلهام محرمٌ
يحدق فيه السقف بكل ارتياب
هل تعلم بأن هنالك سماء زرقاء فوقي
هو يعلم ذلك
لكن الغراءَ الذي اشتراهُ لإلصاقِ جناحيه كان مغشوشا
وكلما علا كانت الشمسُ تذيبُ طموحَه
يرى في عيونهم حسراتٍ وندمٍ
لستْ وحدَك
لم يتبعِ النارَ أحدا منهم
آثروا السكون في الظلام
يجدون طريقهم بأفواههم، والصمتُ قد اختارك منفى له
تلهى عن الحياةِ بطاعتِها
حاربْ الألم باحتضانه
واهربْ من نفسك بأقصى ما تستطيع من صراخ
كان ظلهُ غاضباً نوعا ما
أنفق مالا كثيرا ولم يفز، لم يحضَ إلا بطنين في الأذنِ
مازال النومُ يعاديه، والكوابيس ترتُع نتنةً في خلايا مخه
يجلسُ معه غثيانُ الصباحِ أثناء المقابلةِ
لا خبرةً لديك، ولا علم لك بمسالك المتاهة
وماذا تفعلُ إن جاءت المشاكلُ كاشفةً عن ساقِ؟
هل تهربُ منها أم تستلُ جرح كفاءِتك المتخثر؟
تقطيبةُ المدير تشي بالنتيجة
في المساءِ يُراقبُ جسدَه وهو يحاولُ الخروجَ منهُ
الكون يصغُر في أحشائهِ
وتتفجرُ الدماء في أنهارِ ملله
كانَ يظنُ أن هنالك بعض الفُشارِ
سيشرب الصودا مع بعض التعبِ في عظامه
سيتذكر ابتسامتها حينَ كانت تعبر الشارعَ
يضحك الممثلون من فراغ المعنى
وهو يشاهدهم سعيدا بنكهة الحزن في قلبه
وقبل أن يأوي إلى فراشه يقف مكرها أمام نفسه
ضرساً آخر يحاولُ الانتحار
تصفعهُ السعادة بكفين من ذهب
لا يتحسس مكان الألمِ، لإطالة أمدِ اللذةِ
يقّبل بعينيه أصابع قدمِها التي تكسوها
طلاءُ أظافر أحمر الإثارة
بينما يتمرغُ خيالَه في انحناءاتِ عباءتِها
يحاولُ أن يخمنَ سعادة غطاءَ رأسِها وهو يلتفُ حولَ عنقها
وفي عقلهِ يعدُ الأوراقَ النقدية
هل تكفيه للطعام والقهوة خلال سعيه الصحراوي
نحو الرزق؟
لا يمكنُكَ أنْ تُعاندَ أثينا، عليكَ أن تسكنَ في شقة مؤجرة
لا يمكنُك أن تعصي أبولو، سيارتُك القديمة أَصبرْ عليها
تَذّكر جحيم هاديس، تعاطى من الملذاتِ أَمَرّها
وطاعةُ زيوس واجبةٌ عليك
أُشكرْ وسبّح بحمدها؛ حياتُك المؤجلة
ومثل عوليس
حاربْ الأوهام الإسمنتية
وقاومْ السقوط في هاويةِ الخلود

علي سيف علي الرواحي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى