
معلّقة السيدة باء
دِيارٌ ناء ساكنها
و ربّي يعلم أنّي
لأهل الدار أشتاقُ.
و شِعرُ المرء يفضحه
بأنّ البال منشغل
و أنّ القلب مشتاق.
فإن أبصرتَ مقبرةً
ترحّم و ارثِ ساكنها
فجُلُّ الموتى عشّاق.
بعيدٌ لست أحضنها
و هذا القلب منتظرٌ
فصار الشّوق يشتاق.
أرى أنّي أعانقها
و ثوب الليل يغمرنا
فلي في القلب أحداق.
عيون ترنو ضاحكة
و شَعرٌ يكره القيد
كَنَهْر الشوق دفّاق.
سواد الليل يسكنه
و ضوء البدر منكسر
كوادي الكُحل رقراق.
أيا طيراً يؤرّقه
شتاء الغرب قد طال
لشمس الشرق يشتاق.
فأنتِ الشهد منسكبٌ
خجول يمشي في خفر
و لون الخد دُرّاق.
خيال يحلو، أَتبَعُهُ
و صوت البحر ناداني
كمثل الطفل أنساق.
فأنتِ البحرُ مَوْجَتُهُ
و أنتِ الماءُ لُجّتُهُ
و لي في اليمّ إغراق.
لك الأنوار مشرقة
و نجم الليل و القمرُ
و تلك الشمس إشراق.
لو انّ البحر مِحبرة
و غابُ الدنيا أقلام
و كل الأرض أوراق
لكنتُ ماشيا دهرا
يَخطّ في جوانبها
حروفَ الحبّ ميثاق.
ربيعاً كان مولدك
لك في الزّهر إسورة
و ذاك الورد أطواق.
ألا يا بسمة الثغر
لِباب الخير فاتحةٌ
لِباب الحزن مغلاق.
فشُكري للّذي وهب
لهذي الرّوح توأمها
فإنّ الدنيا أرزاق
فإنّ الدنيا أرزاق.