

مع يَسُوع
لا يَكسِرَنَّ اللهُ إلَّا عَاصِيَا
ولا يُضَيِّعُ فى سَرَابٍ رَاجِيَا
فَالشَّمسُ لا تَغفُو عَلَى أوجَاعِنَا
إلَّا وكَانَ الصَّبرُ لَيلًا حَانِيَا
خَطوُ المَسِيح الحَيِّ فَوقَ دِمَائِهِ
ودُمُوعُهُ تَحسُوا ضِيَاءً سَاجِيَا
قَد جَالَ فى كُلِّ المَفَاوِزِ يَصطَلِ
حَتَّى أتَاه الجَمرُ يَمشِى حَافِيَا
بِمَرَارَةِ الصَلَبُوتِ يَنزِفُ حَلقُهُ
وبِصَرخَةِ المَصلُوبِ يَبكِى عَالِيَا
إكلِيلُ شَوكٍ مِثلَ تَاجٍ نَابِشٍ
فى جَبهَةِ المَحبُوبِ يُطوَى دَامِيَا
ضَربُ السِّيَاطِ المُرِّ فى أعضَائِهِ
مِثلَ السُيُوفِ تَمُرُّ مَرًّا قَاسِيَا
ذَاقَ احتِرَاقَ الخَلِّ فى حُلقُومِهِ
والطَعنَةُ النَجلَاءُ تُردِى آنِيَا
وشَرَاهَةُ المِسمَارِ فى تَعذِيبِهِ
كَأُفعُوَانِ الشَرِّ يَغزُو كَاوِيَا
مَا اهتَاجَتِ الآلَامُ يُومًا دُونَهُ
إذ لَم يَكُن يَومًا ذَلِيلًا جَاثِيَا
لَم يَنحَنِ أو يَنكَسِر سُلطَانَهُ
بِقُوةٍ أَعطَى مِثَالًا رَاقِيَا
بِصَيحَةٍ (أَنَا هُوَ) إذ قَالَهَا
مُبَادِرًا فى كُلِّ آنٍ فَادِيَا
أصحَابَهُ وَشَعبَهُ فِى عِزَّةٍ
واستَقبَلَ التَّنكِيلَ طَوعًا شَاكِيَا
بِيلَاطُسَ البُنطِى و كُلِّ جُنُودِهِ
وَيَرتَئِى اليَهُودَ شَعبًا قَاسِيَا
فِى قَسوَةِ القَلبِ العَنِيدِ المُشتَكِى
يَشكُو مِرَارًا كُلَّ حِينٍ نَاسِيَا
أنَّ المَسِيَّا فِى جِرَاحٍ قَد أَتَى
ولَم يَكُن فَظًّا غَلِيظًا عَاتِيَا
إذ جَال بَحثًا عَن شَرِيدٍ هَالِكٍ
ولِلخَرُوفِ الضَالِ يَشدُو رَاعِيَا
بَل كَانَ حِصنًا أو جَلِيسًا لِلخُطَاه
مَا استَاءَ مِنهُم أو تَمشَّى قَاضِيَا
ولَم يَكُن دَيَّانَ أَمرٍ لِلعُصَاه
أو كَانَ يُلقِى لِلمَعَاصِى هَاوِيَا
بَل كَانَ عَذبًا وَاعِظًا فِى حِكمَةٍ
أو حَافِظًا مِن كُلِّ دَاءٍ وَاقِيَا
وَدَاعَةُ الحَمَامِ فِى تَعلِيمِهِ
وَبِحِكمَةِ الحَيَّاتِ يَرجُو نَاجُيَا
يَبكِى عَلَى أُورُوشَلِيمَ مَرَارَةً
كَالخَالِدِ المَعصُومِ يَنعِى فَانِيَا
لَم يُسلِمُ الرَأسَ الشَرِيفَ لِرَاحَةٍ
إذ لَم يَكُن فى الأرضِ إلَّا سَاعِيَا
رَكضًا وَرَاءَ المَوتِ و المَوتَى و كَم
مَا طَاف بِالأرجَاءِ حُرًّا شَافِيَا
يُحيِّ مَزِيدًا مِن عِظَامٍ أُهلِكَت
وعُوِّضَت جِسمًا سَلِيمًا بَاقِيَا
لِعَازَرُ المَحبُوبُ قَد أَنتَن ومَا
بُقَبرِهِ المَأسُوفِ إِلَّا نَاعِيَا
أَبكَى يَسُوعَ حِينَ أَعلَنَ مَوتَهُ
وأَقَامَهُ حَيًّا سَعِيدًا رَاضِيَا
والمَجدَلِيِّةُ قَد أَزَالَ قُيُودَهَا
فَجَدَّدَت بِالرُوحِ عُمرًا خَاوِيَا
قَد بِيعَ فى أَرضِ المَفَاسَدِ والهَوَى
واستَبدَلَت بِالمَوتِ حُبًّا طَاغِيَا
كَأحمَرٍ وأَبيَضٍ يَبدُو لَهَا
كَمُشتَهَى الأَجيَالِ حَيًّا بَاقِيَا
مِن جَنبِهِ الفِردَوسُ يُسقَى أنهُرًا
كَنَهرِ خَمرٍ نَستَقِيهُ قَانِيَا
كَدَمِّهِ المَسكُوبِ فَوقَ الجُلجُثَه
كَى يُولَدَ الإنسَانُ حُرًّا سَامِيَا
فَوقَ المَلَائِكَ كَانَ ظِلُّ بَهَائِهِ
بِبِشَارَةِ المَلَكُوتِ نُورًا هَادِيَا
لَمَّا تَمَاهَى المَعمَدَانُ بِدَربِهِ
يَستَصرِخُ الأَروَاحَ قَلبًا صَافِيَا
تُوبُوا لِأنَّ اللهَ يَطلُبُ ذَاتَكُم
طُوبَى لِمَن كَالعَبدِ يَدعُو بَاكِيَا
يَهجُو زَوَانَ الحَقلِ فى أعمَاقِهِ
كَالصَارِخِ المَحزُون يَهجُو زَانِيَا
هل حُرِّرَ العَبدُ العَتِيقُ بِدَاخِلِى
مَا زَالَ فى دَربٍ كَذُوبٍ لَاهِيَا
و المَاءُ و الأَنوَارُ عَن أَسقَامِهِ
تَرنُوا بَعِيدًا حِينَ يَرجُو وَاهِيَا
قَلبٌ ظَلُومٌ لا يُرَجَّى مَاؤُهُ
والنَبعُ فِى جَنبَيهِ يَشكُو ظَامِيَا
والدَمعُ لا يَكفِى خُشُونَةَ أَضلُعِى
والجَمرُ فى جَنبَىّ يَبدُو كَابِيَا
إنِّى وَكِيلُ الظُّلمِ لا أرجُو غَدًا
إلَّا ابتِغَاء الصَّفحِ دُونَ عِقَابِيَا
يَا رَبُّ إنِّى قد كَرِهتُ حَمَاقَتِى
وَاليَومَ أُعلِنُ أنَّ فِيكَ صَوَابِيَا
فَارحَم كَثِيرَ العَفو زَيفَ مَرَاحِمِى
واستُر بِفَضلِكَ إن رَحِمت خَوَافِيَا