الاحتفاء بالشّاعر والإعلاميّ محمد بكريّة
في أمسية أدبيّة بهية، احتفى نادي حيفا الثّقافيّ بتاريخ 22 أغسطس 2024، بالكاتب والشّاعر محمد بكريّة، وذلك لإطلاق روايته "أرملة من الجليل"، وقد شهدت الأمسية، الّتي أقيمت في قاعة كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة، مشاركة نخبة من الأدباء والنّقاد، منهم الأديبة صباح بشير، د. راوية بربارة، والكاتب والإعلامي الطّيب غنايم.
افتتحت الأمسية بكلمة ترحيبيّة من الأستاذ المحامي فؤاد مفيد نقّارة، الذي هنّأ بكريّة على إصداره الجديد، وأعرب عن امتنانه للمجلس الملّي الأرثوذكسيّ الوطنيّ على رعايته لأمسيات النّادي.
أدارت الحفل وقدّمته بلباقة ومهنيّة عالية، الإعلاميّة المتميّزة سماح حسنين، رحّبت بالحضور وقدّمت الضيّف المحتفى به، كما أعربت عن شكرها للنّادي على تنظيمه لهذه الفعاليات القيّمة، ورعايته للأدباء والمبدعين.
قدمت الكاتبة والنّاقدة صباح بشير قراءة نقديّة عميقة في الرّواية، مشيرة إلى أنّها تربط بين الذّات والمجتمع بخيوط رفيعة، حيث تتداخل الذّاكرة الفرديّة مع الجماعيّة في لوحة فنّيّة بانورامية للحياة.
أردفت: يروي الكاتب حكاية أسرته على خلفيّة تاريخيّة واجتماعيّة متغيّرة، فتتداخل الذّكريات مع الأحداث الّتي شهدها المجتمع، ليتحوّل النّصّ إلى سيرة تعكس روح الزّمان والمكان، أمّا اللّغة، فاستُخدمت كأداة تجمع الواقع بالماضي والحاضر، التقى بكريّة من خلالها بطفله الدّاخليّ الّذي كان، وبأحلامه الّتي راودته، ومشاعره الّتي أحسّ بها، وكأنّها حبلاً يمتدّ عبر الزّمن، يربط بين مختلف أطوار حياته، ويصالحه مع ذاته.
أمّا الدكتورة راوية بربارة، فافتتحت مداخلتها بالحديث عن الأمّ، قدّمت تحليلًا معمّقًا وأشادت بالرّواية قائلةً: ما فعله بكريّة هو تثمين للمرأة، تثمين للأرملة التي ربّت وأنشأت ورعرعت أطفالها وحدها، وكبّرتهم وعلّمتهم، ها هو ابنها يسدي لها ما فعلته بسرد أرملة من الجليل، وهو لا يُعرّفها بأل التعريف، بل يكتب أرملة، فالتنكير في الاسم "أرملة" يعمّم السيرة، وهذه الأرملة نُكّرَت لتشمل غيرها من الأرامل، وليرتقي بكريّة بسيرة أرملة واحدة، إلى تمثيل معاناة وتضحيات الأرامل العربيّات كافّة، فيخلّد كفاحهن في بناء الأجيال.
الكاتب والإعلاميّ الطّيّب غنايم، قدّم تحليلا موسّعا للعمل، واصفاً إيّاه بأنّه عمل تسجيليّ بالمفهوم التوثيقيّ للتاريخ الفلسطينيّ، وأضاف: إنّ الكاتب يعيد إحياء اللّغة في هذه الرّواية، ثمّ اقتبس من محمود درويش بعض الأبيات من قصيدة مديح الظّلّ العالي: "لغةٍ تُفَتِّشُ عن بينها، عن أراضيها وراويها، تموتُ ككُل مَنْ فيها وتُرمى في المعاجم".
أردف: تتبنى الأدبيّات العربيّة ومنها الأدب الفلسطينيّ، جدليّة عميقة في تصوير الأمّ، فهي ليست مجرّد رمز للحنان والعطاء، بل تتشابك صورتها مع الأرض والوطن والموطن، وتتجلّى هذه الجدليّة في تصوير الأمّ كرمز للأرض الّتي تحتضن أبناءها، وكرمز للوطن الّذي يغذّي الهويّة والانتماء، وكرمز للموطن الذي يمثل الملاذ والأمان.
في النهاية: اختتمت الأمسية بقصائد شعريّة عذبة من الشّاعر محمد بكريّة، الّذي عبّر عن شكره للحضور، ولإدارة نادي حيفا الثّقافيّ على هذا الحفل الرّائع.