
نازك الملائكة فى رحاب الله
وورى بعد ظهر أمس الخميس جثمان الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة التى وافتها المنية يوم الأربعاء بالعاصمة المصرية القاهرة عن عمر ناهز الخمسة والثمانين عاما.
شارك في تشييع جثمان الفقيدة نخبة من المثقفين، وأبناء الجالية العراقية فى مصر، إضافة إلى مجموعة من الأدباء والشعراء، والمثقفين المصريين.
وتعتبر نازك الملائكة من أبرز رواد الشعر العربي الحديث وكانت في طليعة الذين جددوا في شكل القصيدة العربية وخرجوا على الشعر العمودي التقليدي وكتبوا شعر التفعيلة لأول مرة في تاريخ الشعر العربى.
ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد عام 1922 في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر، إذ كانت والدتها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أم نزار الملائكة أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا.
وتبتهل أسرة مجلة "ديوان العرب" إلى الله أن يدخلها فسيح جنته، وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان.
وفيما يلي ما كتبته شيرين من موقع محيط عن الشاعرة الملائكة
" فلماذا إذن مشى العالمُ المجنون للموت والأذى والدمار؟ / فيم تحدو الشعوب أطماع غر يتصبى عينيه وهج النار؟ / أعن نصر يبحثون؟ وهل نصر لمن تستذله الأهواء؟ / هل فخار وحولنا عالم يملؤه الجائعون والأشقياء؟ "
ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23أغسطس 1923م في أسرة تحتفي بالثقافة والشعر فكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو " أم نزار الملائكة" أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا.
درست الملائكة اللغة العربية في دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944م كما درست الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة، لم تتوقف في دراستها الأدبية والفنية إلى هذا الحد إذ درست اللغة اللاتينية في جامعة برستن في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك درست اللغة الفرنسية والإنجليزية وأتقنت الأخيرة وترجمت بعض الأعمال الأدبية عنها، وفي عام 1959 عادت إلى بغداد بعد أن قضت عدة سنوات في أمريكا لتتجه إلى انشغالاتها الأدبية في مجالي الشعر والنقد، والتحقت عام 1954 بالبعثة العراقية إلى جامعة وسكونسن لدراسة الأدب المقارن، وقد ساعدتها دراستها هذه المرة للاطلاع على اخصب الآداب العالمية، فإضافة لتمرسها بالآداب الإنجليزية والفرنسية فقد اطلعت على الأدب الألماني والإيطالي والروسي والصيني والهندي.
عملت سنين طويلة في التدريس في جامعة بغداد ، وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت ، وقضت سنواتها الاخيرة في القاهرة.
والملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية.
رائدة الشعر الحر
تعد الملائكة من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمردوا على الشعر العمودي التقليدي وجددوا في شكل القصيدة حيث كتبوا شعر التفعيلة متخلين عن القافية لأول مرة في تاريخ الشعر العربي.
ويعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماه "الكوليرا" من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي حيث سجلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل شاكر السياب الذي نشر في العام نفسه قصيدته "هل كان حباً" واعتبر النقاد هاتين القصيدتين بداية ما عرف فيما بعد بالشعر الحر.
وسجلت نازك الملائكة في كتابها "قضايا الشعر الحديث" أن "بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947م في العراق. ومن العراق بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت بسبب تطرف الذين استجابوا لها تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً" .
ولكن في الطبعة الخامسة من نفس الكتاب تراجعت عن كون العراق هو مصدر الشعر الحر، وأقرت بأن قصيدتها الكوليرا لم تكن الشعر الحر الأول بل هنالك من سبقها بذلك منذ عام 1932.
الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون ؟
الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنَى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإذا فضاءْ !
شاعرة العراق الأولي
تعتبر نازك الملائكة شاعرة العراق الاولى في القرن العشرين ، وربما يمكن اعتبارها ايضاً اهم الشاعرات العربيات نظراً لتميز وجمال اعمالها الشعرية ونزعتها التجديدية. وقد اثار كتابها "قضايا الشعر المعاصر" ضجة نقدية كبيرة منذ صدوره عام 1960 اذ دعت فيه الى التجديد في اوزان وقوافي القصيدة العربية بحيث تصبح اكثر مرونة، وان بقت القصيدة موزونة ومقفاة.
صدر ديوانها الأول "عاشقة الليل" عام 1947م ببغداد ثم توالت دواوينها التالية ومنها "شظايا ورماد" عام 1949و" قرارة الموجة " عام 1957م و"شجرة القمر" عام 1968و"يغير ألوانه البحر" عام 1970، كما صدرت لها عام 1007م بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها "الشمس التي وراء القمة".
استمرت في كتاباتها الشعرية حتى مطلع السبعينات ولم تواصل الرحلة ، وانقطعت عن الكتابة الشعرية ، وبدأت تكتب في قضايا سياسية واتهمت أنها تراجعت عن آرائها السابقة في ضرورة الحداثة ووجوب التطوير.
ومن بين دراساتها الأدبية "قضايا الشعر الحديث" عام 1962م و"سايكولوجية الشعر" عام 1992 فضلاً عن دراسة في علم الاجتماع عنوانها "التجزيئية في المجتمع العربي" عام 1947م.
بعيدا عن ضجيج الناس
منحتها جامعة الكويت عام 1985م إجازة تفرغ للعلاج بعدما أصيبت بمرض عضال ثم عادت إلى العراق ومنها إلى القاهرة لتكمل علاجها الطبي بسبب نقص الأدوية في العراق بسبب الحصار الأمريكي، واتخذت نازك وزوجها وابنها الوحيد الدكتور "براق" القاهرة سكنا ومستقرا دائما.
وبعد وفاة زوجها الدكتور عبدالهادي محبوة سنة 2001م عاشت في عزلة بعيدا عن ضجيج الحياة، وقررت ان تسدل على حياتها الخاصة ستارا من الهدوء ومن السكينة فرضتها عليها ظروفها الصحية الصعبة وخيارها بالابتعاد عن الحياة العامة ، مما حدا ببعض الصحف أن تنشر أخبارا عن وفاتها رغم أنها ما زالت على قيد الحياة.
ورغم غيابها عن المنتديات الثقافية الا إنها ظلت في دائرة الضوء حيث حصلت على جائزة البابطين عام 1996وجاء في قرار منحها الجائزة أنها "شقت منذ الأربعينيات للشعر العربي مسارات جديدة مبتكرة وفتحت للأجيال من بعدها باباً واسعاً للإبداع دفع بأجيال الشعراء إلى كتابة ديوان من الشعر جديد يضاف إلى ديوان العرب، نازك استحقت الجائزة للريادة في الكتابة والتنظير والشجاعة في فتح مغاليق النص الشعري".
كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26مايو أيار 1999م احتفالاً لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب .
تقول في قصيدة بعنوان " خمس أغان للألم":
من أينَ يأتينا الألم?
من أين يأتينا?
آخى رؤانا من قِدَمْ
ورَعَى قوافينا
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
يحيا ويَسْقينا
3
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?
**
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
**
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?