الأربعاء ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

وأنا استفقتُ على الفَراغ...

خالد هدي السبتي مصطفى

هربتْ بلادٌ من يديّ
كأنَّها منّي عَلَيّ…
حلّقتُ خلفَ يمامةٍ
وسَقَطتُ مغشيًّا عَلَيّ..
ولمستُ نَفْسي
كي أحسَّ بأنَّني ما زلتُ حيّ..
هربتْ بلادٌ من يديّ
أسيرُ وحدي في ترانيمِ التَّذكُّرِ
فالبلادُ إذا استفاضتْ بالحنينِ
ترى الظَّلامَ بها تواشيحًا لضيّ …
هربتْ بلادٌ من يديّ
كأنما العشّاقُ تحتَ غصونِها يتغازلونَ
يباغتونَ العشبَ في دِفءِ العناقِ
ويسهرونَ على أهازيجِ الرّفاقِ
الحالمينَ بموسمِ الخيرِ القصيّ…
هم يكتبونَ على الجذوعِ الأمنياتِ
وتشربُ الرِّيحُ الكلامَ
وتنطوي ضحكاتُهم
يمضونَ دونَ الأغنياتِ
كأنَّ امرأةً - تدلُّ التائبينَ عن الغوايةِ للطَّريق لبيتِها-
سرقَتْ خطاهم حيثُ غابَ الوردُ
واختلفَ الرّويّ…
هربتْ بلادٌ من يديّ
على السَّريرِ تنامُ أحلامُ الصّغارِ
يضيقُ أفْقُ العائدينَ من الهزائمِ
يولدُ الحمقى
ويتركُ سارقٌ كفَّيْه في الصّندوقِ
تُشعِلُ جارةٌ بخُّورَها
وتطلُّ من شبَّاكِها الشَّرقيّ...
وتتيهُ بوصلةُ النُّجومِ
يحاول الجوعى الصعودَ على البرودةِ
يأخذونَ حقائبَ المَوتى
إلى البحرِ الشّقيّ...
سرقوا البروقَ من السَّحابِ
وغادروا أرواحَهم ثملينَ بالنَّجوى
ومكتملينَ في النّسيانِ
في الصّبرِ البَهيّ...
هربتْ بلادٌ من يديّ
وليسَ يسعفُني التأمُّلُ في حقولِ رحيقِها
فلقد تمادَتْ فيَّ أروقةُ الضّياعِ
ولست أجلسُ خلفَ طاولتي
وأرسمُ قطَّةً قُربي
وأشعلُ شمعةً لأدلَّ قلبي كيفَ ينجو
أو أحاولَ منعَ هاوٍ
كانَ مثلي يعشقُ القمرَ الفتيّ...
هربتْ بلادٌ من يديّ
وكلّما انتظرتْ حضوري
لم أجئ
ولم تزلْ تروي انطفاءَ شموعِها
وتكسّرَ الإيقاعِ واللحنَ الشجيّ...
هربتْ بلادٌ مِن يَديَّ
فَمَن سيبكي غيرَ أشعاري عَلَيّ...

خالد هدي السبتي مصطفى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى