آن المخاض...
آنَ المَخَاضُ وَلَيْتَ الآنَ مَا آنَ
وَلَا ابْـتُلِيـنَا بِـهِ إِفْـكًا وَبُـــهْـتَـانَا
مَا أَكْذَبَ النَّجْمَ وَالعَرَّافَ يَا أَبَتِي
وَصَاحِبَ النَّرْدِ وَالزَّرْقَاءَ وَالجَانَ
قَالُوا وَظَلَّتْ ، وَفِي الآفَاقِ أُمْنِيَةٌ
غَـــدًا يَكُــونُ فَــلَا كَانَـتْ وَلَا كَانَ
القَوْمُ أَهْلِي وَهَذَا الجُرْحُ مِسْرَجَتِي
وَ"عَـاقِدُ الطَّـرْفِ" مَا أَبْكَـاهُ إِلاَّنَا
هُوَ المَرَافِــئُ وَالأَشْـوَاقُ مَـائِجـَةٌ
قَـدْ أَدْمَنَ التـِّيهَ وَالأَوْجَـاعَ إِدْمَانَا
سِتُّونَ عَـامًا مِنَ الأَحْـلَامِ يَا أَبَتِي
وَلَـيْلُ لَـيْلَى زَهَا بِـالْعُتْـمِ وَازْدَانَ
سِتُّــونَ عَـامًا تَـرَاتِـيلٌ وَأَدْعِـــيَةٌ
لَانَ الْجَـمَادُ وَهَـذَا الطِّـينُ مَا لَانَ
هِيَ التِـي انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا سَحَرًا
وَمَــاءُ صَـبْوَتِـهَا قَـدْ زَادَ كِـتْمَـانَا
هِـيَ التِـي سَـاقَهَا الإعْيَاءُ مُرْغَمَةً
وَكَـأْسُهَا مِنْ حَـمِيمِ الصَّـبْرِ مَـلآنَا
هِـيَ التِي سَـوَّت الأَقْدَارُ صَفْحَتَهَا
وَخَــطَّـهَا السَّـوْفُ لِـلآتِينَ عُنْـوَانًا
هِـيَ التِـي فَضَّ أَهْـلُوهَا بَـكَارَتَهـَا
فَهَاهِــيِ الآنَ بِــالآهَيْـنِ سَـكْـرَانَا
أُمُّ الْبَـدَائِلِ وَالـرَّمْضَاءُ تَـحْجُبُــهَا
فَـكُلَّـمَا أَعْـتَـمَتْ تَـزْدَادُ تِـــبْـيَـانَا
أُمُّ الْـمَسَـافَاتِ وَالْأَحْـدَاقُ مُـتْرَعَةٌ
لَا شَـيْءَ يَـزْجُرُهَا إِنْ دَفْـقُهَا حَانَ
لَا شَـيْءَ يَـطْفُو عَـلَى آفَـاقِـهَا أَبَـدًا
سِـوَى الْمَدَى إِذْ أَفَاقَ الآنَ وَسْنَانَا
سَوَى الْخُطَى إِذْ حَبَاهَا النَّجْمُ مُتّقِدًا
لِيُنْشِئَ السَّوْفَ تَحْتَ الضِّلْعِ بُرْكَانَا
لَيْلَـى سَـمَاءٌ مِـنَ الْأَحْـلَامِ يَا أَبَـتِي
أَحْلَامُ مَـنْ وُئِدُوا صُـمًّا وَعُـمْيَـانَا
آمَالُـهُمْ إِذْ غَـدَتْ حُـبْلَى بِـهَا شَـرَفًا
وَشَــكّلَتْ نَـهْدَهَــا تَـاجًا وَنِـيشَـانَا
جَـالَتْ بِـمُنْقَـطِعِ الْـوَادِي تُــعَمِّـدُهُ
حَتَّى اَكْتَسَاهَـا دِثَـارُ الطِّيبِ إِيمَانَا
وَيَنْحَنِي مِنْ لَضَى الأَشْوَاقِ تَأْسِرُهُ
وَيَــا لِشَـوْقِ يَـمُـزُّ الْـخَـمْـرَ نَشْوَانَا
تَـمَايَلَ الـرَّمْلُ فِـي جَـنْبَيْـهِ مُـتّـقِـدًا
وَأَجْهَشَ الْعَزْفُ مِلْءَ الرُّوحِ أَلْحَانَا
هَذَا امْـتِدَادُكَ صَارَ الْيَـومَ يَا أَبَـتِي
وَهْـمًا فَـكَـانَ لِعَـيْنِ الـدَّهْرِ إِنْـسَـانَا