أفكار التحرر وقفت عند قشرة الثقافة العربية
شددت مخرجة سورية على ضرورة البدء ببحث قضايا المرأة باعتبارها "المفتاح الصحيح لحل كثير من قضايا المجتمع العربى الذى يعيش حالة من الفصام والازدواجية." وقالت واحة الراهب ان المجتمع العربى ضحية التناقض بين افكار التنمية والتحديث والتحرر فى مقابل القيم التقليدية التى يرتبط بعضها بالغيبيات والتعصب.
وتشارك المخرجة فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى تستمر عروضه حتى الجمعة المقبل بفيلم كتبته وأخرجته وشاركت فى احد أدواره ويحمل عنوان "رؤى حالمة" وعرض اليوم بمركز الابداع بدار الاوبرا المصرية بالقاهرة. وتدور أحداث الفيلم عبر نحو 15 عاما اذ تتضمن حوارات أبطاله ما يفيد "ضياع فلسطين" فى اشارة الى هزيمة يونيو حزيران عام 1967 مرورا بوفاة الرئيس المصرى الاسبق جمال عبد الناصر عام 1970 وتتوقف الاحداث عند اجتياح القوات الاسرائيلية للعاصمة! اللبنانية عام 1982.
يعالج الفيلم قضية التحرر بالربط بين حرية الوطن وتحرر فتاة سورية تنتمى الى الطبقة المتوسطة حيث يحمل ابوها وهو أحد مصابى الحرب قدرا هائلا من القسوة والتناقض اذ يحرم على أولاده ما يعتبره حقا له. وتزداد حيرتها مع استاذها الذى يلقنها دروسا فى العقلانية ولكنه يجسد تناقض المثقف. ففى ذروة الشعور بالعجز يفاجيء الاستاذ تلميذته بالهجرة الى الكويت بينما كانت تطرح عليه أسئلتها عن امكانية المشاركة فى التصدى للاجتياح الاسرائيلى لبيروت قائلا "ما عاد عندنا طاقة للحياة حتى تكون عندنا طاقة للحرب."
وتذهب الفتاة التى تفاجيء أهلها باختفائها الى لبنان عبر الجبال الا انها تتوقف فى منتصف الطريق متسائلة..الى أين..وهل نبدأ بتحرير الارض ام بتحرر الذات من الاشباح. ولا تتخذ المخرجة موقفا أحاديا من شخص أو قضية حتى جمال عبد الناصر الذى بكته فى الفيلم الجماهير السورية لكن شخصا يهون من فكرة موت الامة بموت الزعيم قائلا "كان لازم يحررنا منه الاول وبعدين نحرر معه فلسطين."
وقالت واحة الراهب وهى أول مخرجة روائية فى تاريخ السينما السورية فى ندوة بعد عرض الفيلم ان قيم الحداثة والتحرر و! قفت فى المجتمعات العربية عند السطح فلامسته فقط دون ان تتوغل فى عمق الثقافة. وتقول "هذا ما كشفت عنه هزائمنا المتكررة فى 1948 و1967" فى اشارة الى هزيمة الجيوش العربية وما ترتب عليها من قيام اسرائيل عام 1948 وهزيمة يونيو حزيران 1967 التى أسفرت عن استيلاء اسرائيل على كامل أرض فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
وقالت ان الفيلم الذى ظل ينتظر فرصة لانتاجه على مدى سبع سنوات يناقش قضية تناقض الاجيال وحيرتها "هناك جيل زادت أحلامه على قدراته وظروفه فأصيب بالاحباط وأورث فكرة العجز للجيل التالى .. وجيل بلا أحلام .. وبينهما جيل الوسط الذى تجسده بطلة الفيلم فى حيرتها بين المثاليات وانكسارات الواقع." وأوضحت انها لم تطرح حلولا بقدر ما تحاول اثارة أسئلة حول تناقض المثقف وحيرة المجتمع ومشروع النهضة العربية "الذى انتهى بدفع المواطن الى الاستغراق فى همومه اليومية وهى كثيرة ألجاته الى الافكار الغيبية."
المصدر: العرب اونلاين