الأحد ٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٢
عندما تمر العروس تحت فوهة الدبابة
بقلم عبدالرحيم قوصيني

إجراءات الاحتلال الإسرائيلي تحدد مواعيد وأماكن الزفاف

لم يخطر ببال عروس فلسطينية في التاريخ ان تكون الطريق لزفافها ولبيت زوجها يمر قسرا تحت فوهة دبابه احتلالية تتربع على مداخل المدن والقرى وتحجز ما بين العريس وعروسه وبين الام وابنتها وتحاول ان تمنع النفس والهواء عن الرئة الفلسطينية.

فاطمة فتاة في العشرين من عمرها من مخيم بلاطة قام بخطبتها شاب يدعى ياسر من قرية بيت فوريك وحددوا موعد الزفاف في شهر حزيران وانتظرت العائلتان الموعد بفارغ الصبر لزرع الفرحة في قلوب العائلة في زمن عزت فيه لحظات الفرح بسب الاحتلال وجرائمه .

ولم تجر الرياح بما اشتهى العروسان بل فرض الاحتلال حظر التجول التجول على مدينة نابلس ومخيماتها واستمر الحظر لأكثر من 100 يوم لم يستطع فيها عريسنا ياسر من اكمال فرحه وتاسيس بيت الزوجية وتم تأجيل الزفاف عدة مرات حتى اتفق الجميع ان يقيموا حفل الزفاف المتواضع يوم الخميس حيث اعلن المحتلون ان حظر التجول سيرفع في هذا اليوم … وتم تحضير كل شيء الا ان المحتلون عدلوا عن رايهم وابقوا على منع التجول . ياسر وفاطمة قررا المجازفة وتحدي الحصار وخرجت العروس ووالدتها وعمنها وتوجهوا مشيا على الاقدام لقرية بيت فوريك التي تبعد 4 كيلومترات ىلبست العروس ثوب الزفاف الابيض عله يكون جواز سفر لمرور هم عن دبابات الاحتلال ولم يونس مسيرة العروس الا بعض المصورين الصحفيين الذين جاؤوا لتغطية الحدث والمغامرة.

العريس ياسر جلس مع شقيقه بيت الشجيرات بعيدا عن الدبابات والجنود يراقب من بعيد ما سيحصل مع عروسه ليستقبلها بعد الحاجز العسكري ليكملا سيرهما نحو بيت الزوجية وبالفعل مرت العروس وفي وجهها قسمات الخوف تحت فوهة الدبابة وهي تحمل أطراف ثوبها الأبيض الذي اختلط لونه مع أتربة الطريق الوعرة لتصب في النهاية لتتشابك يدها مع يد العريس المنتظر ويسيران معا يسجلان في ذاكرتيهما حكايات غريبة ستكون مادة دسمة تحكى لأولادهما والجيل القادم.

أما الشاب نعمان وعروسته سماح من نابلس فبرغم الظروف الصعبة التي يحياها الشعب الفلسطيني في ظل الحصار ومنع التجول المفروض من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلا أن مشاعر الفرحة بزفاف عروسين في مدينة نابلس تسللت عبر الحواجز .وأمام تأجيل حفل الزفاف ثلاث مرات لم يجد الشابان امامها سوى إكمال مراسم الزفاف في اول فرصة يتم فيها رفع حظر التجول لعدة ساعات .وما أن سرى قرار رفع حظر التجول حتى التم شمل اسرة العروسين والاقارب من الدرجة الاولى لتنبعث مشاعر الفرحة من بيتين فلسطينيين حرما من الفرحة بسبب قيود الاحتلال ولينتقل العروسن الى عش الزوجية الجديد في اجواء غير عادية. ولم تكن اجراءات الاحتلال لوحدها عائقا بل ان ظروفا داخلية ساهمت في عملية التـاخير حيث والد العروس يعمل مدرسا ومراقبا لامتحانات الثانوية العامة(التوجيهي) وتمكن من اللحاق بمراسم الزفاف بعد انتهاء عملية المراقبة كما كان الجميع بانتظار شقيق العريس من رام الله. واختفت الكثير من اشكال العادات الفلسطينية في مثل هذه المناسبات فلم يتوفر للعروس التحضير الكافي اضافة الى عدم وجود الزفة والوليمة والنقوط واقتصرت الدعوة على الاقارب المحدودين. وامام توجه العروسين الى شقتهما الجديدة فان عادات العائليتين بالقيام بزيارة صباحية العيد لا يمكن القيام بها بسبب منع التجول المتواصل. وبسبب قيام حفل الزفاف ظهر هذا اليوم شديد الحرارة فان الاجواء الحارة عكرت مزاج الحضور الى جانب ما عكرته الاوضاع السياسية الصعبة.ولم تنبعث من صالة العرس في بيت العروس سوى اصوات موسيقية خافتة تركت اثارها في اوساط الجيران الذين حاولوا من خلال حالة البهجة ان يتناسوا من سببه الاحتلال من كابة في مشاعر فلذات اكبادهم بسبب ممارساته القمعية.

وفي جو اخر انتصرت ادارة التحدي على الاحتلال ليكتمل فرحة العريسين ماهر وامين على العروسين سونيا ومروة من خلال توجه افراد عائلتي العروسين والعريسين الى الاردن لعدم قدرة العريسين من الحضور للخليج حيث يعملان هناك لتقام مراسم الفرح في الاردن وتم ذلك وسط فرحة غامرة. ويشار الى ان ماهر تزوج شقيقة امين كما تزوج امين شقيقة ماهر.
وفي جو اخر غلب عليه طابع التحدي اكتملن فرحة امجد من دير استيا بهنادي من بروقين قضاء سلفيت حيث اضطر موكب العريس الى التفاف عبر طرق فرعية وعرة للوصول الى منزل العروس لاحضارها علما بان الطريق الاصلية لا تبعد سوى ربع ساعة بالسيارة.واضطرت العروس ان تقطع مشيا على الاقدام وهي ترتدي الطرحة وبدلة العروس للخروج من بلدة بروقين التي تم اغلاق منافذها الخمسة بالسواتر الترابية.كما حرم العروسين من زيارة الاقارب لتهنئة بالزفاف لصعوبة التنقل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى