الاقتصاد في صحار .. قديما وحديثا
تعد صحار من أقدم وأشهر المدن العمانية عبر التاريخ ، فقد كانت عاصمة لعمان في فترات زمنية مختلفة وشكلت بموقعها الاستراتيجي على ساحل خليج عمان مركزا هاما من مراكز الاقتصاد العماني عبر العصور ، وتعتبر حاليا المركز الإداري لمنطقة شمال الباطنة بسلطنة عمان، وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى صحار بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، لايعرف. على وجه التحديد. تاريخ نشأة صحار، غير أنه من المؤكد إنها كانت مزدهرة في عهد بني الجلندي، والذين اتخذوها عاصمة لعمان، وعند ظهور الاسلام كانت بها فرس. قال ابن الأثير في طبقاته: فلما أسلم جيفر وعبد ابنا الجلندي خيرا من كان في صحار من الفرس بين أن يدخلوا في الاسلام أو يخرجوا، فلما لم يقبلوا أيا من هذين الخيارين قاتلاهم حتى أخرجاهم منها. وبلغت أوج ازدهارها في القرن الرابع الهجري. قال المقدسي: "وصحار هي قصبة عمان، ليس على بحر الصين بلد أجل منه، عامر، أهل، حسن، طيب، نزه، ذو يسار وتجارة، وفواكه وخيرات. أسواق عجيبة، وبلدت طريفة، ممتدة على البحر. دورهم ممتدة على البحر. دورهم من الاجر والساج، شاهقة نفسها، ولهم آبار عذبة، وقناة حلوة. دهليز الصين، وخزانة الشرق والعراق، ومغوثة اليمن ". وقال الأصطخري في وصفها:"وهي على البحر، وبها متاجر البحر، وقصد المراكب، وهي أعمر مدينة بعمان، وأكثر مالا. ولا تكاد تعرف على بحر فارس، وجميع بلاد الاسلام، مدينة أكثر عمارا ومالا، من صحار.
الاقتصاد قديما: منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وصحار شهيرة بتعدين النحاس ، وهذا ما تؤكده الآثار التي تدل على استقرار مجتمعات صغيرة في تلك العصور القديمة ، عملت في التعدين ، وكانت المواد الاولية تستخرج من المناجم ، وتتحدث الوثائق (السومرية والأكادية) عن مجان أو بلاد المناجم ،فقد صدر العمانيون النحاس الى الدولة السومرية في العراق انطلاقا من ميناء صحار القريب من مناطق انتاج النحاس ، وكانت صناعة صهر النحاس تتركز في وادي عندام وعلى مشارف مدينة صحار في وادي الجزي الرابط بينها وبين واحة البريمي.
كما شكلت الزراعة موردا اقتصاديا مهما لصحار، عمل أولا على تلبية حاجات السكان المحلية وسد احتياجات المناطق العمانية المجاورة ثانيا ، ثم اتجه الى تصدير الفائض الى غيرها من الأسواق الخارجية .
وكانت صحار المركز الطبيعي للتطور الزراعي في اقليم الباطنة الذي كان ينتج فائضا كبيرا من المنتجات الزراعية وخاصة التمور والفواكه شبه الاستوائية ، ويعد وصف الجغرافيين العرب لصحار عندما زاروها دليلا على التقدم الزراعي الذي حصل في صحار في تلك الفترة .
كما كان صيد الأسماك من الموارد الاقتصادية الهامة لصحار منذ القدم ، وقد شكل الصيد وشحن الأسماك الى الخارج واحدا من دعائم الاقتصاد في صحار وما زال ، وقد شمل هذا النشاط قطاعات ثانوية من بينها : التخزين ، التصنيع ، التجفيف ، الحفظ والتمليح وانتهاء بالتصدير.
الاقتصاد في عصر النهضة:
الصناعة: منذ بداية عصر النهضة المباركة وبالتحديد في عام 1973م بدأت عمليات التنقيب عن الناس في ولاية صحار، وقد قامت شركة عمان للتعدين التي أنشأت عام 1978م بالتنقيب في مناجم الأصيل والبيضاء وعرجاء، وتكلل المشروع بالنجاح، حيث افتتح مصنع النحاس عام 1983م ، وقامت السلطنة بتصديره الى الخارج في منتصف ذلك العام، ونظرا لما تمثله المعادن من ثروة وطنية تثري الاقتصاد فقد تم التنقيب عن معادن أخرى، فاكتشف الكروم والمنجنيز في جبال صحار.
ومنذ العقد الأخير من القرن الماضي وصحار تزخر بقيام العديد من الصناعات بها وذلك من خلال منطقة صحار الصناعية، إلا أنه خلال السنوات الخمس الماضية دخلت صحار في مرحلة الصناعات الثقيلة وذلك بإنشاء ميناء صحار الصناعي، حيث يبلغ حجم الإستثمارات به عدة مليارات من الدولارات. ومن بين الصناعات الثقيلة المقامة في الميناء الصناعي مصفاة صحار بتكلفة 1300 مليون دولار وتواصلا مع حركة التصنيع في ولاية صحار أعلنت السلطنة عن انشاء مجمع لصناعة العطريات تبلغ تكلفته 956مليون دولار ، ومن المنتظر أن يسهم المشروع في استقطاب الاستثمار الجنبي ويعزز صناعة البتروكيماويات في السلطنة ، وهنالك مشاريع أخرى مثل مصنع الألمنيوم ومصنع البولي بروبلين ووالميثانول والحديد والمواد البلاستيكية وغيرها من المشاريع العملاقة.
2- الزراعة:
لصحار تجربة ناجة في المشاريع الزراعية دعمتها الدولة بمشاريع زراعية وفرت لها المعدات الزراعية ، فتسارع معدل الانتاج ، وحرصت الدولة على الاستفادة من المياه الدافقة من الاودية باقامة سدود التغذية الجوفية ، من بينها سد وادي الحلتي ، وسدي وادي الصلاحي ، وسد وادي عاهن ، وتغذي قراها عددا من الأفلاج منها العوهي وفلج القبائل ، وعوتب ، الى جانب الآبار الارتوازية .
3- التجارة:
عرفت صحار منذ القدم بنشاطها التجاري. وبحكم كونها مركزا إداريا لمنطقة شمال الباطنة في العصر الحديث، فقد تم إنشاء أسواق متخصصة تخدم مختلف الشرائح من الزبائن، ومن بين هذه الأسواق سوق الخضروات والفواكه المركزي وسوق الأسماك وسوق الحرفيين (المتخصص في السلع الحرفية) وسوق الجمعة (المتخصص ببيع الأعلاف والمنتوجات الزراعية). وفي الآونة الأخيرة بدأت بعض محلات التسوق الكبرى في إنشاء أفرع لها بصحار.
4- السياحة:
تمتاز صحار بالعديد من المميزات السياحية. فعلى سبيل المثال تمتاز صحار بوجود الجبال الشاهقة والتي تشكل عامل جذب لهواة تسلق الجبال. كما يوجد بها العديد من الأودية سواء تلك التي تزخر بالمياه على مدار السنة أو الأودية الموسمية. وبالإمكان رؤية العديد من العائلات والتجمعات سواء كان ذلك في وادي حيبي أو وادي عاهن أو وادي الجزي. بالإضافة إلى الجبال والأودية فإن شواطئ صحار النظيفة تجذب العديد من السواح سواء من المواطنين أو الزوار.
كما أولت حكومة سلطنة عمان اهتماما كبيرا للعناية بالمقومات السياحية للولاية، مثل ترميم قلعة صحار وإنشاء الحدائق العامة وأماكن التنزه. وقام القطاع الخاص بدوره في التنمية السياحية للولاية حيث توجد عدة فنادق ومؤسسات توفر خدمات سياحية.
وتشهد صحار حاليا طفرة في المشاريع الخدمية والتجارية والعقارية والترفهية تزامنا مع الطفرة الاقتصادية التي تشهدهها الولاية والمتمثلة في مينائها الصناعي ، مما أغرى العديد من المستثمرين العرب والأجانب الى الاستثمار في صحار .
ويمكننا القول أنه كان لصحار وما زال أهمية كبرى في تقدم الاقتصاد العماني ،وقد اتضح لنا من خلال وصف الرحالة العرب المسلمين أو الأجانب الرخاء والازدهار الاقتصادي التي شهدته صحار عبر التاريخ خاصة في مجالات الصناعة مثل صهر النحاس قديما والصناعات البتروكيماوية وغيرها حديثا بالاضافة الى التجارة والزراعة والسياحة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
وتعد المشاريع العملاقة التي يحتضنها ميناء صحار الصناعي حاليا من أهم المشاريع الواعدة التي سوف يرتكز عليها الاقتصاد الوطني العماني في المستقبل.
المراجع
– حسن صالح شهاب، الموانيء العمانية في وصف الرحالة والبحارة العرب والأجانب، مجلة نزوى، العدد 23.
– صحار عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان مسقط، 1982م.
– مسيرة الخير، وزارة، سلطنة عمان، المطابع العالمية ، 2005م.
– موقع صحار نت: www.sohar.net
مشاركة منتدى
7 أيار (مايو) 2015, 13:28
ابي عن.
اهم ما قاله الرحاله عن مدينه صحاررر بسرعهه بلييييز؟؟