الجمعة ١٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠
بقلم جعفر آجورلو

الترسل في العصر الجاهلي والعصر الأموي

المقدمة

إن المراد من العصر الجاهلي في تاريخ الأدب العربي هو العصر الذي لايمتد أكثر من قرنين قبل الإسلام لأنه لم يصل إلينا من أدبه شيئا.وكانت الكتابة ُ موجودة ً فيها بصورة ساذجة دون تعقيد وتأ نق تبعا لحياة العرب البسيطة،ولايعرف الكتابة إلا أفذاذ ُهم،واستعمل العرب آنذاك رسائل إشارية،وشفوية،والتدوينية(الكتابية).

ومن الموضوعات التي كان عرب الجاهلية حريصين علی كتابته ،كتابة العهود والمواثيق مع القبائل المهادنة،وحساب تجارتهم ،إذ إن مكة كانت مركزا تجارية لهم.

ولما ظهر الإسلام فتح آفاقا جديدة لهم وأخرجهم من الظلمات إلی النور،فحثّ القرآن علی تعليم الكتابة وعظـّم شأنها حيث نری بأنه أقسم بالقلم(ن والقلم وما يسطرون)،وقد ساعد النبي (ص)علی نشرها كما جعل فديةأسری بدر تعليم الكتابة لعشرة من المسلمين ،ففشت الكتابة بينهم وتأثروا بالقرآن والأحاديث واقتبسوا من ألفاظه ومعانيه.

وكانت كتابة الوحي من أهم الموضوعات التي يعنون بها ،وإلی جانب ذلك توجد كتابات أخری كرسائل النبي(ص) إلی رؤساء القبائل للدعوة إلی الإسلام أو رسائله التشريعيةالتي يبين فيها الأصول والسنن.فأدّت هذه الكتابات إلی وضع ديوان الإنشاء،وقيل إنه أول ديوان وضع في الإسلام و ذلك أن النبي (ص) كان يكاتب أمراءه وأصحاب سراياه من الصحابة ويكاتبونه وكتب إلی من قرُب من ملوك الأرض يدعوهم إلی الإسلام،وبعث إلیهم رسله بكتبه.

وفي عهدالخلفاءالراشدين قد ظل أدب الرسائل غالباً امتدادا للمكاتبات النبوية،إذ بقيت الرسائل في هذا
العصرمتأثرة بتلك التيارات المختلفة منذ فترة مبكرة،إضافة إلی ما استجد من أحداث خطيرة بعد وفاة الرسول (ص) وقد ظل صدی تلك المؤثرات واضحا في مكاتبات هذا العصر،ومميزا له عن سواه من ضروب الأدب الأخری.

ملخص المقال

تدور هذه المقالة حول الترسل في العصر الجاهلي والعصر الإسلامي،وللبحث عن هذا العنوان لابد من التكلم عن الكتابة وأدواتها وأشكال الرسائل،فبدأتُ الكلام عن العصر الجاهلي ممهّدا للبحث عن وجود الكتابة وأشكال الرسائل وموضوعاتها في هذا العصرومعنی الترسل،ثم تحدثت عن الكتابة وصفاتها وميزاتها في صدر الإسلام مع بيان موضوعات رسائل النبي(ص)وخصائصها تمهيدا للكلام عن الترسل في العصر الإسلامي ثم تعرّضت ديوان الإنشاء بصورة موجزة.

الكلمات الدليلية: العصر الجاهلي،الترسل،الرسائل النبوية،ديوان الإنشاء،
فن الترسل في العصرالجاهلي

أ-العصر الجاهلي

قبل الكلام عن الترسل ، ينبغي لنا أن نعرف بأنّ الكلمة الجاهلية التي أُطلقت علی زمن قبل الإسلام ليست مشتقة من الجهل الذي هوضد العلم ونقيضه، وإنما هي مشتقة من الجهل بمعني السفه ،والغضب ،والضلالة، وتفشـّي الوثنية أوانتشارالعداوات، وسفك الدماء، فهي تقابل كلمة الإسلام التي تدلّ علی الخضوع والطاعة لله عزّوجلّ. [1]

ودارت الكلمة في الذكر الحكيم ، والشعر الجاهلي بهذا المعنی من الحمية والغضب نحو قوله تعا لی:
(قَالَ أَعُوذ ُ بِالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الجاهلينَ ) ، ومن قول الشاعر، كلام عمرو ابن كلثوم في معلقته:

ألا لايجهلـَنْ أحدٌ علینا

فنجهلْ فوق جهل الجاهلينا

فنری أنّ كلمة الجاهلية تدل علی الخفة،والأنفة، والحمية، وهي أمورأوضح ماكانت في حياة العرب قبل الإسلام، فسُمّي العصر«جاهلية» مقابلا لكلمة الإسلام لا العلم ،كما قال أحمد أمين:«وقد كان الجهل فاشيا فيهم، والأمية شائعة بينهم، ولكن الكتابة والعلم كانت موجودة بينهم». [2]
فقد كان العرب يعرفون الكتابة وأحدثوا بها آثارا مكتوبة،كما قال«شوقي ضيف»في كتابه:« هم عرفوها، ولكنها معرفةمحدودة،فلم يكتبوا بها كتبا،ولا قصصا،ولارسائل أدبية،وإنما كتبوا بها بعض أغراض تجارية وأخری سياسية. [3]
واعتقد «محمد واضح رشيدالحسني» بأن الشعر العربيّ كان زاخرا بذكر الكتابة ، وإن تشبيه رسوم الديار بالكتابة دليل علی شيوعها ، لأن حكم المشبه به أن يكون أعم من المشبه. [4]

الجاهلية الأولی والجاهلية الثانية

رأی الباحثون إن الجاهلية تنقسم إلی فترتين: الفترة الجاهلية الأولی التي تمتدّ من آدم (ع) إلی نوح والجاهليةالثانية من المسيح (ع) إلی محمد (ص) [5] كما جاء في الذكر الحكيم: (...وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهليةِ الْأُولَى...)
وأشارجرجي زيدان إلی هذه الفترة قائلا :«إن الجاهلية الثانية هي الجاهلية التي جاءنا عنها الشـعـر
وهي لاتمتدّ إلی أكثرمن قرنين قبل الإسلام،وأما ما قبل ذلك فهي الجاهلية الأولی» [6]

الترسل في الجاهلية

إن وجود الرسائل في أرقی أشكالها وأكملها–أي الشكل التدويني–يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود الخط وانتشارالكتابة بين الناس،وتوفـُّرالمواد التي تـُستعمَل فيها عادة،ولو لم يكن الخط لبقي الشكل الشفوي،والآثارالشفويةبطبيعتها سريعة الزوال، إذ ليس في مقدرة الذاكرة أن تحفظها و ترويها للأجيال. فبدت الحاجة إلی الكتابة و تخليد الآثار بها.
الكتابة
الكتابة في اللغة مصدر «كتب»، يقال: كتب، يكتب،كـَتبا و كتابا ،ومعناها «الجمع»، و سُمّي الخط كتابة، لجمع الحروف بعضها إلی بعض.وقد تـُطلـَق الكتابة علی العلم، ومنه قوله تعإلی:( أَمْ عِندَهم الْغَيْبُ فَهم يَكْتُبُونَ )أي يعلمون.
وجاء في «مصادر الشعر الجاهلي»:«إن عرب الجاهلية قدعرفوا الكتابة بالحروف العربية منذمطلع القرن الرابع للميلادی، و كتبوا بهذا الخط العربي ثلاثة قرون قبل الإسلام علی أقل تقدير.» [7]

ومن البراهين التي تدلّ علی وجود الكتابة بين الجاهليين ومعرفتهم بها، ورود بعض المفردات في أشعارهم أوكلامهم واستعمال الألفاظ التي تدلّ علی الكتابة مثل «القلم» ،و«الدواة »،و«المداد»،و«اللوح»، و«الصحف»، و«الكتب»، و«العسيب»، و«الرق» و «الكتاب»، و «الزبور» وغيرها.
أما أدوات الكتابة في العصر الجاهلي فكانت علی ضربين؛ الأول:المواد التي كانوا يكـتبون عـلـیها،
والثاني: المواد التي كانوا يكتبون بها.

والمواد التي كانوا يكتبون علیها ضروب شتی، منها: الجلد و كانوا يسمّونه «الرق» و «الأدیم»، و«القضيم». و قد ورد ذكرها في الشعر الجاهلي، كقول طرفة بن العبد:

كسطور الرق رقـَّشـه

بالضحی مُرقـِّـشٌ يـَشِمُه

والقماش- وهو إما حرير وإما قطن،ويطلقون علی الصحف إذا كانت من القماش«المهارق»؛ومفردها«المُهرَق»،
وهذا الضرب من مواد الكتابة يحتاج إلی إعداد خاص، فكان نادرا غالی الثمن ولذلك كانوا لايكتبون فيها إلا الجليل من الأمر- مثل كتابة الدين ،أوالعهود ونحوها-. كما قال الحارث بن حلزّة الیشكري:

واذكروا حِلف ذي المَجازِوما
قـُـدِّم فـيه العـهودُ و الكـُفـَلاءُ
حَذ َرَالجورِ والتـَّعَدّي وهل ينـ
ـقـُصُ ما في المَهارق الأهواءُ؟
و قول الأعشی:
ربّي كريم لايكدّرُ نعمة
و إذا يُناشـَد بالمهارق أُنشدا

و النبات- و أشهرأنواعه؛ «العسيب» و جمعه«عسب» ،وهو جريدة النخل المستقيمة يكشـَطُ خوصُها . فمن الشعرالجاهلي الذي ورد فيه ذكرالعسيب قول لبيد يصف كاتباً:

مُتعوِّدٌ لَحِنٌ يعيدُ بكفـه
قلما علی عُسُبٍ ذبلن و بان ِ
وقول امري ء القيس:
لمن طـَلـَلٌ أبصرتـة فـَشجاني
كخطّ زبورٍ في عسيبِ يمان

والعظام- و أشهر أنواع العظام التي كانوا يكتبون علیها«الكتف» و الأضلاع و كان يكتـَب علیها الوحي.
واستعمل الجاهليون كتف الحيوان – و هو عظم عريض في أصل كتف الحيوان- للكتابة عليه، و« قد كتب عليه كتبة الوحي،... و لما كانت العظام مادة مبذولة ميسورة في استطاعة الكاتب، الحصول علیها بغير ثمن،وهي صالحة للكتابة بكلّ سهولة علی شكلها الطبيعي،أوبعد صقل وتشذيب قليلـَين ِ،لذلك استعملها الكتـّاب بكثرة، فكانت مادة مهمة استعملها كتبة الوحي في تدوين القرآن.» [8]و لقد بقي العظم مادة من مواد الكتابة حتی العصر العباسي الأول.

والحجارة – والكتابة والنقش علی الحجر كانا يُسمَّيان «الوحي»، كماقال لبيد في معلقته:

فمدافعُ الرّيان ِ عـُرِّي رسمُها
خـَلـَقا ً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
وقال زهيربن ابن سلمي:
لِمَن الدّيار غشيتَها بالفـُدفـد
كالوَحي في حَجر المَسيل ِ المُخلد

والورق- كلمة الورق تتردد في الشعرالجاهلي و أخبار صدر الإسلام كما قال حسان بن ثابت:

عرفتَ ديارَ زينب بالکثيب
ِ
کخطّ الوحي في الرّقِّ القشيب

والقرطاس- وهو برد مصري استعلمت للكتابة علیها،فأصحبت معناها الصحيفة التي يكتب فيها،والجمع قراطيس. وقد وردت لفظة قرطاس و قراطيس في القرآن الكريم( وَلَوْ نَزَّلْنَا علیكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوة بِأَيْدِيهم لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ). و اعتقد الدكتور «جواد علی» بأنها من الألفاظ التي دخلت العربية من مصر أوبلاد الشام.

تحدثنا عن المواد التي يكتب علیها العرب كتاباتهم. وأما ما يكتب به، فهو القلم والحبر.

1- القلم

هو من أدوات الكتابة المذكورةعند الجاهليين، و قد ذكر في القرآن الكريم، و أُ قسم به في سورة القلم و عـُظـِّم شأنه في سورة العلق.وذلك إظهارا لخطرالقلم، وثمرات الأقلام في الحضارة الإسلامية منذ الوهلة الأولی ،ولبيان قيمته في التعلیم عند البشر،وهو مرتبط أصلا بالخط الذي كان بحد ذاته نقلة نوعية في الفكر الإنساني.ولولا الخط والقلم لما حـُفظت آثار الماضيين.

ولفظة القلم من الألفاظ المعربة عن أصل يوناني، فهو«قلاموس»في اليونانية، ومعناها«القصب»،لأن الیوناينين اتخذوا قلمهم منه. [9]

و قد ذكره الشعراء في قولهم، كقول عدي بن زيد:

ما تـَبينُ العينُ من آياتِها
غيرَ نؤي مثلَ خطٍّ بالقلم
وقال المُرقـِّش الأكبر:
الدار قفرٌو الرسوم ُكما
رقـَّشَ في ظهر الأدیم ِ قلم

2- الحبر

يعرَف أيضا بالدواة و المداد، و يصنع من مواد متعددة تترك أثراً في المادة التي يكتب علیها و قد ذكر في شعرالجاهليين كما قال عبدالله بن عَنـَمة:

فلم يبقَ إلاّ دمنه ٌ و منازلُ
كما رُدَّ في خطّ الدواة مدادُها
وقال أبوذؤيب الهذ َلي:
عرفتُ الدّيارَ كرقم الدوا
ة يزبُرُها الكاتبُ الحِميری
وقال سلامة بن الجُندَل
لِمَن طـَللٌ مثل الكتابِ المُنمِق ِ
خلا عهدة بينَ الصّليب فمُطرق
أكـَبَّ عليه كاتبٌ بـِدَواتِه
وحادثُهُ في العين ِجدَّة مُهرَق

موضوعات الكتابة في العصر الجاهلي

موضوعات الكتابة في العصر الجاهلي كانت كثيرة متنوعة، وقد كان القوم آنذاك يكتبون كثيراً من
شؤون حياتهم و ألواناً متعددة من الموضوعات التي يفرضها علیهم نشاطهم العملي أو العلمي و الوجداني.
والعرب استخدموا الكتابة في العصر الجاهلي لأغراض سياسية و تجارية و لكنـهم لم يخرجوا بها إلی أغراض أدبية خالصة، ولاتوجد في كتاباتهم صورة فنية. [10]

وأول هذه الموضوعات التي كان عرب الجاهلية يدونونها، الكتب الدينية؛ولعل الموضوع الثاني الذي كان عرب الجاهلية حريصين علی كتابته، هو كتابة العهود و المواثيق ،والأحلاف التي يرتبطون بها فيما بينهم افرادا وجماعات.

والموضوع الثالث الذي لعله يكون أكثرالموضوعات اتساعا،هوالصكوك التي كان عرب الجاهلية يكتبون فيها حساب تجارتهم وحقوقهم علی غيرهم.

ولما كانت الحياة الإقتصادیة تأخذ المكانة الأولی بين هموم العرب آنذاك، وكان بعضهم قداتخذوا التجارة مصدراً للرزق، وهي بحاجة إلی الكتابة لتقييد حساباتهم،أوصكوك البيع والشراء، أوالدين والوفاء به. فقد انتشرهذا النوع من التقييد بين التجارمنهم خاصة لحفظ حقوقهم علی الناس،إذلامجال في مثل هذا النوع من المعاملات للمشافهة،مهما بلغ أحد الطرفين من الثقة بالطرف الآخر،والأمانة،أوقوة الذاكرة.
ومما وصل إلینا من أمثال هذه العقود، نص واحد ذكره ابن النديم، إنه كان في خزانة المأمون بخط عبدالمطلب بن هاشم في جلدأدم ونصُّه:«ذكر حق عبدالمطلب بن هاشم من أهل مكةعلی فلان بن فلان الحميری من أهل وزل صنعا، عليه ألف درهم فضة كيلاً بالحديدة، ومتی دعاه بها أجابه، شهدالله والملكان». [11] و بما أن مكة كانت مركزاً تجارياً و كان كثير من القوم في ذلك الوقت تجاراً فكان من الطبيعي أن يكثرعندهم هذا الضرب من الكتابة كي يحفظوا به حقوقهم.

والموضوع الأخير الذي كان شائعاً بينهم آنذاك، هو كتابة الرسائل بين الافراد، يحملونها أخبارهم و يفهمونها ما تتطلبه شؤون حياتهم.

الترسل في العصر الجاهلي

أ- المعنی اللغوي العام للكلمة

ورد في المعاجم العربية قولهم: ترسَّل في قراءتة؛ إذا اتأد و تمهل و توقـّرفيها أو رتلها، و الترسل في الكلام؛ التوقر، والتفهم، و الترفق من غير أن يرفع المرء صوته شديداً. والترسل في القراءة و الترسيل واحد: وهوالتحقيق بلاعجلة. و الترسل؛ 1- مص ترسل: أ-أنشأ رسالة ب- أتي بكلامه مرسلاً غير مقيد بقافية أوبسجع، 2- فن انشاء الرسائل.

ب- المفهوم الاصطلاحي الخاص

ورد استعمال كلمة "الترسل" في كتابات الأدباء، والنقاد، والبلاغيين، في القرنين الرابع ،والخامس الهجريين علی وجه الخصوص بمعني كتابة الرسائل،وكانت أقدم اشارة صريحة إلی هذا الاستعمال بهذا المفهوم الإصطلاحي الذي يدلّ علی هذا النوع، تلك التي وردت عند "ابن وهب الكاتب"من القرن الرابع،حيث يقول:«الترسل من:ترسلت،ترسلا و أنا مترسل، كما يقال: توقفت بهم، أتوقف، وأنامتوقف. ولايقال ذلك إلا فيمن تكرّر فعله في الرسائل. ويقال لمن فعل ذلك مرة واحدة: أرسل،يرسل،إرسالا، و هو مرسل، و الإسم الرسالة. أوراسل، يراسل، مراسلة، وهو مراسل، و ذلك إذا كان هوومن يراسله قداشتركا
في المراسلة». [12] ونفهم من هذا القول،بأن معنی الترسل يكون كتابة الرسائل بكثرة ويكون هذا النوع الادبي عادة في دواوين الدولة خدمة الخلفاء والوزراء و الولاة و المتصرفين في إدارة شؤون الخلافة والمجتمع في شتی
المناصب الرفيعة.

وقد استعمل لفظ" الترسل" في القرن الخامس الهجري، مصطلحاً دالا علی مفهوم "كتابة الرسائل "، كما قال المرزوقي:« إن المقصود من الترسل هو "كتابة الرسائل"، إذ كان مورده علی أسماع مفترقة من خاصي و عامي، و أفهام مختلفة من ذكي و غبي، و للمترسل أمور لابدّ من مراعاتها: منها تبيين مقادیر من يكتب عنه وإليه حتی لايرفع وضيعا و لايضع رفيعا، و أن يعلم أوقات الإسهاب و التطويل، والايجاز والتخفيف، فقد يتفق مايحتاج فيه إلی الإكثار حتی يستغرق في الرسالة الواحدة أقدار القصائد الطويلة و يتفق أيضا ماتغني فيه الإشارة و يجري مجری الوحي في الدلالة». [13]
وفي القرن الثامن الهجري ألّف «شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي» (م 725 هـ)، صاحب ديوان الإنشاء بدمشق، كتاباً تحت عنوان «حسن التوسل إلی صناعة الترسل» و مضمونه يدور حول كتابة الرسائل الديوانية.

وفي أوائل القرن التاسع للهجرة ألـّف «القلقشندي» (م 821هـ)كتابه الضخم «صبح الأعشی في صناعةالإنشاء» في هذاالموضوع،وكانت التسمية الغالبةعلی كتابةالدواوين في عصره هي صناعة الإنشاء،والترسل والمكاتبات أعظم كتابة الإنشاء و أعمها من حيث إنه لايستغني عنها ملك ولاسوقة وهو يری أن المقصود الأعظم من النثر هو«الخطب والترسل».

و نری أن مصطلح الترسل عند المتأخرين قد أخذ معني أوسع من كتابة الرسائل، و ذلك بتعميم معناه
علی كل ما يُكتب وينشأ في ديوان الدولة الذي كان يُعرف آنذاك بـ‌«ديوان الإنشاء» ،و هــذا المفهوم كان
يعرف حتی أواخر القرن الخامس الهجري باسم الكتابة مجرّدة من أيّ قيد،وكان الديوان يُعرف في القرنين الأول والثاني الهجريين باسم«ديوان الرسائل»،إذ إنّ الرسائل غالبةعلی ما يُصدر عن هذا الديوان، إلاّ أن دوره اتـّسع مع اتساع شؤون الدولة وحاجات المجتمع الإدارية، فتعدّدت موضوعات الكتابة و إن ظلـّت الرسائل من أبرزها.

ونجد بعض الباحثين في العصر الحديث يستعملون الترسل بمعناه الإصطلاحي،-أي كتابة الرسائل- فيقول«أنيس المقدسي» مثلاً عن عبد الحميد الكاتب: «و أمّا الذي نقله عن الفارسية مما لم يكن شائعاً في الترسل العربي سابقا، فهو التحميدات الطويلة، والتبسط في عرض الفكرة،» [14] وعمرفرّوخ يتحدّث في كتيبه«الرسائل و المقامات» بايجاز تحت عنوان «التدوين الإداري و الترسل الاول» عن نشأة دواوين الرسائل و تطورها من أيام النبي (ص) إلی أواخر العصر الأموي، فيقول في جملة كلامه:«إنّ الترسل إذا كان معروفاً عند العرب، فإنّ عبدالحميد قدجعله فنـّا له قواعده وأصوله،ولاشك في أنه أوّل من أطال الرسائل ،...وقد صرف عـبـدالحـمـيـد الترسل أيضا ًمن الـناحية الإدارية إلی الناحية الإخوانية». [15] و يقول في كتاب «تاريخ الادب العربي»:«كان الترسل الفنّ الذي استجّد في العصرالأموي، أوالفنّ الذي أصبحت له، في ذلك العصر، حدوده و شروطه الثابتة و خصائصه المميزة علی الأقل.» [16]

فـيبدو لنا أنّ أبرز المعاني اللغوية لكلمة الترسل، وهو التمهل، و الترفق،يكون ذاصلة عميقة وقوية
بجوهرالمعنی الإصطلاحي للترسل، أي كتابة الرسائل و فن إنشائها ،إذ إن هذا المعنی يحتوي ذلك المعنی اللغوي، لأن كتابةالرسالة يغلب علیها أن تتسم بتمهل وترفق من الكاتب، إذ يتروي، ويتأني،ويحكـّك فيها وينقـّح ذلك،لتوفرالوقت والفراغ له،و العزلة التي يكون فــيها غالباعـند كتابتها، فـيكون بـذلك قـادرا علی المحو،والإثبات،والتغيير، بعيداً عن التعجيل الذي يوقع في الزلل مما يحيط بالخطباء الذين يرتجلون خطبهم بديهة.

الرسائل الجاهلية

أ- وجودها

عرف الإنسان منذ اكتشافه الرسائل وسيلة للإتصال والتفهام والإبلاغ عن بعد، ثلاثة أشكال للتعبير عن مضمونها و إبلاغه إلی الآخر. و تمثل هذه الأشكال، ثلاث مراحل تاريخية أساسية مرت بها الرسائل في طريق تطورها.

واستعمال الرسائل بأشكالها المختلفة،لازمة من لوازم الحياة التي لايمكن الفكاك منها، وقلنا: إن الكتابة كانت شائعة بين العرب في العصر الجاهلي و أشرنا إلی موضوعاتهم الكتابية و نحن نقول الآن كانت بينهم رسائل، لكنها ضاعت لأسباب عديدة؛منها:ضعف انتشار الكتابة ،وندرة أدواتها ،و قلة استعمالها، مما يضعف الإعتماد علی الكتابة لتكون أداة عمليةسهلة لكتابة الرسائل وتبادلها في المجتمع الجاهلي،ومنهاخلوالكتابة العربية في الجاهلية من النقط والإعجام، مما كان يدعو الكاتبين إلی إعتماد الإيجاز في الكلام. فهذه العوامل أدت إلی قلة استعمال الرسائل المدونة.

وقد شكّ بعض الباحثين الذين تطرقوا إلی دراسة النثرالجاهلي كـ «طه حسين» الذي ينفي كلية وصول أي نموذج من النثر الجاهلي. [17] و«زكي مبارك» حيث يقول: «إن أكثرما نـُسِب إلی الجاهليين غير صحيح.» ويواصل كلامه و يقول في موضع آخر: «والخطب والوصايا و الرسائل التي نـُقلت إلینا علی أنها جاهلية هي موضع شك». [18]

ب- أشكالها

عرف الجاهليون جميع أنواع الرسائل، و هي: الإشارية، والشفوية، و التدوينية.أشيرهنا إلیها بصورة
موجزة.

أ- الرسائل الإشارية

قدعرفت الأمم القديمة والحديثة أنواعا شتی من الإشارات،واستعملها الأفراد وسيلةمن وسائل الإتصال والإبلاغ و التفاهم ويُعدّ الرسائل الإشاريةمن أقدم أشكال الرسائل من الناحيةالتاريخيةوكانت هذه الرسائل عندالعرب علی شكلين؛ الأول: الشكل المادی- وكان من أبرز أنواعه إشعال النيران في أعالي الجبال وعلی المرتفعات المشرفة،اعلاماً بشيء مايتفق عليه عادة بين طرفين؛ يكون أحدهما مرسِلاً و الآخرملتقياً، فاذا أشعل المرسِل هذه النيران، فهم منه الملتقي المعنی المصطلح عليه بينهما.

وروي أن يوما معدودا من أيام العرب يُعرَف بـ «يوم خزازی»، واجتمعت قبائل ربيعة ومضر، وعلیها كليب بن ربيعة التغلبي،فتوافوا بخزازی-وهو اسم جبل-لقتال جيش من حمير يقوده صهبان.فوجه كليب السفاح بن عمروأمامه، وأمره إذا التقی بالقوم أن يوقدوا نارا علامة جعلها بينه وبين صهبان،فسارالسفاح ليلاحتی وافی معسكرالملك بخزازی فأوقدوا نارا، فأقبل كليب في المجموع نحو النار،فوافاهم صباحا،فاقتتلوا فقـُتل الملك صهبان،وانفضت جموعه. [19]
وتعـدّ النار في الليل من أهم الرسائل البصرية،و لذا كان أجواد العرب في الجاهلية يوقدون النارعلی شرف من الأرض ليهتدي بها الساري إلی بيوتهم ليَفـْروه و يقوموا بحقه من الضيافة ،و كانت لذلك تـُدعی "نارالقِری" ،نظرا للوظيفة التي تؤديها، وإنماهي في حقيقة الأمر رسالة بصرية بسيطة بمنزلة إرسال دعوة إلی السارين والمنقطعين من أبناء السبيل حتی يقدموا علی بيت صاحب هذه النار. [20]

والثاني- الشكل اللغوي الذي يعتمد الرمز وسيلة لنقل معانية،وهومن أنواع الإشارة،إذ يكون ظاهرالكلام فيه عادیا ساذجا،بل يدل أحيانا علی هذيان المرسل إلا أن يكون مضمونه عميقا ويحتاج إلی رجل فطن ليستخرج منه المغزی المراد به.

2- الرسائل الشفوية

أتی هذا الشكل مرحلة تالية بعد الشكل الإشاري ، واتسع في غياب الخط والتدوين وموادهما ،لأنه يعتمد بطبيعـته علی الألفاظ اللغوية التي تؤلف فيما بينها كلاما مفهوما يحمله رجل بعد أن يحفظه من المرسل ليبلغه إلی المرسَل إليه بنصّه الحرفي الذي قاله المرسِل أو معانيه الجوهرية التي أرادها المرسِل إن أمكن،وهذا أمر نادرالوقوع عادة.
و عرف العرب نوعا من التاريخ الشفهي، فقد كانت القبائل تروي أيامها، و حروبها و انتصارتها لتفخربها علی القبائل الأخری. و كانت الرسائل النثرية الشفوية أكثر حظا في الدوران بين الناس بسبب قلة انتشار الرسائل المدونة و شكوك الباحثين في صحة تلك الرسائل المدونة.
والقاعدة في نقل رسائل ذلك العصركانت المشافهة، و في ذلك يقول أحمد زكي صفوت:«إن جمهرة العرب في ذلك العصر كانت متبدية،فلم تكن الكتابة فيهم فاشية ، ولذا كانوا يعتمدون في مراسلهم علی المشافهة، فيبعثون برسالاتهم- ويمكن المراد بأن الرسالات السماوية المنزلة علی الرسل-شفهية مع أبناء ينتخبونهم لإبلاغها،وكانوايحتفظون بآثارهم الأدبية ،فيستظهرونها في الصدور،ويتناقلونها علی الألسن». [21] ولاشك في أن المشافهة لاتكفي لحفظ النصوص النثرية و نقلها من جيل إلی جيل، لصعوبة ذلك علی الذاكرة، و لاختلاطها با لكلام الیومي للمرء،و لتأثرها بأسالیب الناقلين المختلفين. فأقبل العرب إلی كتابة الرسائل علی شكلها التدويني.

3- الرسائل التدوينية

يعد هذا الشكل ،المرحلة الثالثة في تاريخ تطور وسيلة الإبلاغ من طريق الرسائل، ولابد من أن يكون ظهوره مرافقا للبدايات الأولی لنشأة الخط ، و ازدهار استعماله و موافقا لاختراع الإنسان مواد الكتابة التي تـَيسّر وضع هذه الوسيلة المهمة في خدمة التواصل و التفاهم المشترك بين البشرأفراداً و جماعات.
ومن المسلم به أن الرسائل التي وصلت إلینا من هذا العصر تكون خلاصة لمضمون الرسائل الشفوية و هذا الأمر يخرجها من نوع الوثائق المؤكدة التي قد تنفع في التاريخ للعصر الذي نسبت إليه. يضاف إلی ذلك عدم الكتابة آنذاك و لذلك قد سقط عدد كبيرمن الرسائل في ذلك العصر إلا ما جمعه أحمد زكي صفوت في كتابه وسماه «جمهرة رسائل العرب».

وظلت الرسائل المدونة أطول بقاء من الرسائل الشفوية و يمكن روايتها و نقلها من جيل إلی جيل، لأن الكتابة كفيلة بحفظها، و هي لذلك أدق رواية و أوثق مضموناً من الشكل الشفوي.

إذن كان الترسل العربي موجوداً في العصرالجاهلي وبأسمی أشكال التعبيرالأدبي آنذاك وهوالشعر.وكانت الرسائل الشعـرية تمثـل الوجه الحقيقي الأصيل للترسل الجاهلي ، إذ غلبت الأمية في الجاهلية علی العرب، فاعتمدوا لذلك في تواصلهم و تفاهمهم عن بعد علی ما سهل قوله و حفظه وتداوله في البوادی والحواضرعلی حد سواء،فكانت الوسيلة المثلی لتحقيق هذه الغاية آنذاك هو الشعر الذي ذكر القدماء منزلته الرفيعة في الحياة الثقافية للعرب.

وكان للعرب في الجاهلية بعض التقييدات الشعرية القليلة، إلا أنها لم تتحول إلی حركة تدوين حقيقي منظم للتراث الشعري آنذاك، و أبرزهذه التقييدات- تقريباً- كانت المعلقات.
تحدثنا في هذا المبحث عن وجود الكتابة بين الجاهليين، لكن نحن لانقصد بأن كل عربي آنذاك كان يعرف الكتابة و إنما نقصد أن الكتابة كانت أمرا معروفا عندهم إلا أن الأمية كانت اكثر شيوعا و انتشارا.
فقدعُرف بينهم من يكتب لهم و لو بكتابة ساذجة وكان العرب قبل الإسلام يهتمون بالكتابة و استعملوها في شؤون الحياة ، كتدوين العقود و المواثيق، و الوثائق السياسية و التجارية و شؤون الأدب والشعر وكل جوانب الحياة،فلم تكن الأمة أمية بمعني أنها تجهل القراءة و الكتابة، فإن نزول القرآن بالعمق الفكري والأسلوب البليغ يبيّن أن هناك أمة لديها القدرة علی فهمه و حمل رسالته.

وأشرنا إلی الآيات القرآنية التي تدل علی معرفتهم الكتابة مثل الآية التي تشير إلیها )... فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم... ) وفهمنا بأن الأمية، ليست الأمية الكتابية و لا العلمية، و المراد «الأمية الدينية»، أي لم يكن لهم قبل القرآن كتاب ديني، فلذا كانوا أميين دينياً ولم يكن لهم مثل ما كان لأهل الكتاب من اليهود و النصاری.

وعلمنا بأن العرب في جاهليتهم كانوا أميين و قلّ بينهم الكاتب القارئ ، و كانوا قبل الإسلام و في صدره يكتبون علی الرق و عسب النخل و في عظم أكتاف الإبل و الغنم .و ورود أداة الكتابة في القرآن وأشعار الجاهليين دليل علی استعمال الأداة الكتابية وشيوعها بينهم.

وعلی كل حال فهذه العسب ،والرق،والقرطاس،لاتساعدعلی انتشار العلم لقلتها، و عدم صلاحيتها. فهي لا تصلح لشعب يرید أن يتعلم ويدون العلم فانتشرت الكتابة،ودوّنت العلوم النقلية-علوم القرآن والحديث والفقه والأصول وعلوم اللغة و الأدب- ، والعلوم العقلية -من علوم الرياضية و المنطق و الفلسفة و الكلام– في أقل من خمسين عاما من آخر الدولة الأموية إلی صدرالدولة العباسية. [22] و ساعد علی هذه الحركة العلمية الواسعة والميل إلی تدوين العلم و نقله من المشافهة إلی الكتابة، اتساع صناعة الورق.

الترسل في العصر الإسلامي

عصر صدر الإسلام

هو العصر الثاني من عصور اللغة العربية. و تتحدد بداية هذا العصر الأدبي بظهور الدعوة الإسلامية و انتشارها وتوحيد القبائل العربية المتنافرة ويفتتح هذا العصرببعثة النبي محمد (ص) في أوائل القرن السابع الميلادي و بالتحديد عند استقرار دولة الإسلام في المدينة سنة 622م، بداية التاريخ الهجري إلی انتهاء الخلافة الراشدة سنة (661م= 41هـ).

إذن فهو عصر قصيرالمدة، إلا أنه فائق الأهمية؛ لما تم فيه من أحداث أثرت في مجری الحياة العربية و تطورها، فكان ذلك خاتمة للعصر الجاهلي وفاتحة للعصر الجديد في تاريخ الادب العربي.

نظرة الإسلام إلی الأدب

ظهر الرسول (ص) و كان قد نشأ علی بلاغة القول و فصاحة البيان، لأنه من قريش و من أكرم فرع
منها. و نـزل عـليه القرآن الذي اشتمل علی الكلام البليغ المؤثر و البيان الرائع، تحـولت به النفوس مـن
الضلال و مساوئ الآداب إلی الصلاح و مكارم الاخلاق.

أثرالإسلام في الحياة الادبية

أحدث ظهورالإسلام تحولاً جذرياً في حياة الأمة العربية و نقلها من طور التجزئة القبلية إلی طور التوحد في إطار دولة عربية تدين بالإسلام و تتخذ القرآن الكريم مثلاً أعلی و كان لابد لهذا الحدث العظيم من أن يعكس صداه القوي في الحياة الأدبية لهذه الأمة.

وكان للإسلام اثر كبير في ازدهار النثر العربي و لاسيما الخطابة و الترسل، و قددعا قيام الدولة الإسلامية و اتساع سلطانها إلی الإستعانة بالكتابة و الكتـّاب، و كانت الكتابة محدودة الإنتشار في العصر الجاهلي، فاتسع لها المجال في صدر الإسلام. فإن قيام الدولة الإسلامية استدعی وجود كتـّاب يوجهون الرسائل إلی العمال و القبائل في مختلف أقطارالدولة، فكان للرسول (ص) كتـّاب كما كان لخلفائه و ولاتهم من بعده كتـّابهم.

مصادر الأدب الإسلامي

أ- القرآن الكريم

القرآن أول كتاب دُوّن في اللغة العربية.فدراسته ضرورية لتاريخ الأدب، لأنه مظهر الحياة العقلية والحياة الأدبية عند العرب أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع للمسيح،وهو واضع النثر الفني ومنبع المعاني، و الأسالیب و المعارف التي شاعت في أدب ذلك العصر.

أثر القرآن في الأدب العربي

للقرآن أثر كبير في الأدب العربي، فقد تأثر به المسلمون في بلاغته و فصاحته، فلانت أسالیبهم وعذبت ألفاظهم، و اقتبسوا منه في شعرهم و نثرهم. و أحيا القرآن فـنوناً أدبية جـديدة كالقصص، و أدب
الزهد،وأدب التاريخ كما رفع من شأن النثربعدأن كان المقام الأول للشعر وحده من بين سائر فنون الأدب.

بـ - الحديث

الحديث هوقول الرسول (ص) أو حكاية فعله أوحديث الصحابة عنه،فهو في المنزلة الثانية من كتاب الله فيما يتعلق بالدين و الثقافة، وأغزر ينابيع التشريع في العبادات والحقوق، وأقوم طريق يؤدي إلی فهم القرآن.
و كان للحديث تأثير بارز في‌الأدب فالأدباء و الشعراء أضافوا إلی معجمهم اللغوي و اقتدوا بأسالیبه، واستعانوا بتراكيبه، و اقتبسوا الكثير مما تضمنه من المعاني و الأفكار.
الكتابة في صدرالإسلام
قد انتشرت الكتابة العربية مع انتشار الإسلام وخرجت من الجزيرة العربية في كل الأنحاء.و لقد ساعـد النبي(ص) علی نشرالكتابة و تعلیمها، فـبعد غزوة بدر وافق علی اطلاق سراح كل أسير تلقاء أن يعلم الكتابة والقراءة لعشرة من صبيان المسلمين. و جعل فدية أسری بدر أن يعلموا المسلمين الكتابة. و أظن أن هذا الأمر دليل علی وجود مجموعة كبيرة من الأسری يعرفون القراءة و الكتابة، و أنها- الكتابة- كانت شائعة بين العرب قبلها.

و كانت الكتابة في عهد الرسول (ص) تشمل شيئين: أولهما: و هوالأهم، كتابة الوحي، و يخبرنا الجهشياري بأن: «علی بن ابي طالب و عثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتبه أبي بن كعب، وزيد بن ثابت». [23] و الثاني: تدوين الرسائل التي كان الرسول (ص) يكتبها للملوك و الرؤساء يدعوهم إلی الإسلام، و كذلك كـتـابة العهود و
المعاهدات.
وكان الرسول (ص) و الخلفاء الـراشدون من بـعـده يستخـدمون الكـتابة في شؤونهم بعـد أن ازدادت
الدواعي إلیها في شتی الأغراض الدينية و السياسية والإخوانية وغيرها، و استجدت أحداث تطلبت قدراً
كبيرا من الرسائل، و بخاصة تلك الأحداث التي صاحبت الدعوة إلی الدخول في الإسلام.
واقتضي تبليغ الدعوة ونشرها من الرسول (ص) مكاتبة القبائل والملوك العرب والأعاجم،وعقد العهود والمواثيق مع عدد منهم. فارتقت الكتابة واتسع نطاقها و شاعت كثيراً حتی غدت الفن الأدبي الأكثرأهمية و انتشاراً. و نهض فن الرسائل بدور كبير مع تطور حياة المسلمين الدينية و العقلية و الإجتماعية و السياسية.
فنری ‌أن الكتابة تطورت تطوراًواسعاً في هذا العصر،فقد تعددت الموضوعات إذ إن أدب الرسائل كان وليدالحاجة، و لذا تنوعت موضوعاتها تبعاً لتلك الحاجة. وازدادت الحاجة إلی الكتابة للتطور الذي رافق الحياة الإسلامية الجديدة في آفاقها السياسية و الإجتماعية و الفكرية. فأصبحت الكتابة من الوسائل المهمة لنشر الدعوة الإسلامية و من الدعائم الأساسية لتنظيم المجتمع الإسلامي و بنائه.

ميزات الكتابة في صدر الإسلام

من الظواهر الإسلامية- في كتابتهم- وجود كلمة «بسم‌الله» علی المسكوكات الإسلامية و وجود«البسملة» كاملة علی البردية الطويلة سنة 22هـ،وظهورالتاريخ الهجري علی البردتين.
أما «البسملة» فقد كان أول من افتتح الكتابة بها هو رسول الله (ص)، إذ كان يفتتح الكتاب بقوله: «باسمك اللهم» ثم تحول فافتتح الكتاب ببسم الله.

و من الطريف أن نشير هنا إلی كتابة بسم‌الله الرحمن الرحيم.

روي عن الشعبي«أن رسول الله (ص) كتب أربعة كتب، في الأول:باسمك اللهم، فنزلت «هود» و فيها «بسم‌الله مجراها و مرساها» و كتب في الثاني «بسم‌الله» فنزلت بنواسرائيل و فيها «قل ادعوالله أو ادعوا الرحمن»فكتب في الثالث «بسم‌الله الرحمن» ثم نزلت سورة النمل و فيها:«إنه من سليمان و إنه بسم‌الله الرحمن الرحيم»». [24]
الرسائل في العصر النبوي
لقد أصبحت الرسائل وسيلة مهمة لأداء حاجات الرسول السياسية و الدينية، فاتخذها منهجاً قويماً واعتمدها أسلوباً صحيحاً لنشر مبادئ دعوته. فشرع يكتب الرسائل إلی العرب في الجزيرة وما جاورها يدعوهم إلی الإسلام كما راسل الملوك الأعاجم.
وكانت الرسائل النبوية تعالج موضوعات تشريعية و توجيهية، لهاصلة بالدين الجديد، فشرع النبي (ص)يبعث الرسائل المختلفة يشرح فيها الأصول و الأحكام و السنن، ويبين فيها حقوق المسلمين و واجباتهم، و يوضح فيها- تلك الرسائل- أصول الفرائض و أحكامها.

موضوعات الرسائل النبوية

يمكن تصنيف الرسائل النبوية حسب الموضوع الذي أنشئت الرسالة من أجله إلی الأصناف التالية.
أ- رسائل الدعوة إلی الإسلام بـ- رسائل تشريعية توجيهية توضح الفرائض و الأحكام. جـ- رسائل النبي إلی بعض أصحابه في أمور شخصية و إلی غيرهم في أمور مختلفة.

أ- رسائل الدعوة إلی الإسلام

ظهر هذا الضرب من المراسلات النبوية بعد أن قويت أركان الإسلام و خاصة بعد هدنة الحديبية، فاتجه الرسول إلی تثبيت الدولة الإسلامية و بنائها، فيدعو العرب وغيرهم للدخول في الإسلام.ويمكن تقسيم هذا الضرب من الرسائل النبوية إلی صنفين: 1- رسائل موجهة إلی رؤساء القبائل العربية 2- رسائل موجهة إلی الملوك الاعاجم.

بـ- رسائل تشريعية دينية

هذه الرسائل لون آخر مما أملاه الرسول علی كتابه و أرسله إلی معتنقي الإسلام ليوضح لهم سنن الدين الجديد و أحكامه و يشرع عبرها أصول الصلاة وأحكام الزكاة ويحدد مقادیر الجزية لأهل الكتاب ويبين فيها كثيراً من الأحكام و الأصول، و الفروع.

جـ- الرسائل النبوية الخاصة

و هذا لون آخر من الرسائل النبوية اتسمت بطابع خاص ميزها عن مكاتباته الأخری. و قد تناولت هذه
الرسائل موضوعات شتی و عرضت لأمور كثيرة متباينة، مثل ما كتب إلی عماله و امراء سراياه. و قد
تفاوتت تلك الرسائل في مواضيعها و أغراضها. و كان غرض تلك الرسائل تفقيه العمال بأمورالدين وسياسة الرعية وجباية ما علیهم من صدقة أو جزية و غير ذلك.

خصائص رسائل النبي (ص)

تتميز الرسائل النبوية بلغتها المترسلة وميلها إلی الإيجاز والسهولة مع البعدعن الإطناب و المبالغة، إذ
يعتمد علی اللمحة و الإشارة دون التفصيل والإسهاب،وكانت بعيدة عن التكلف، خالية من عبارات التفخيم، و لها اوضاع خاصة قلما تعثر علیها في غيرها من الكتب، و تتابع في كثير من عباراتها بعطف اوغير عطف دون تكلف للتعادل بينها.

و يشير «محمدكردعلی» إلی سبب ذلك حيث يقول في كتابه: «كان الرسول يتوخی إذا كتب لغير العرب أن يوجز القول و يقل من اللفظ الذي لا يتفهمه كل انسان حتی يسهل نقل كلامه إلی ألسن من كتب إلیهم من غير العرب،‌كما كان إذا خاطب قبائل من قريش، أو كاتبهم يستعمل ألفاظا مألوفة لهم لا يعرفها القرشيون، ذلك لأن مقصده الإفهام.و البليغ من الكلام ما فهم و أبقی في النفس أثرا». [25]

الرسائل في العصر الراشدي

في عهدالخلفاءالراشدين قد ظل أدب الرسائل غالباً امتدادا للمكاتبات النبوية،إذ بقيت الرسائل في هذا العصرمتأثرة بتلك التيارات المختلفة منذ فترة مبكرة،إضافة إلی ما استجد من أحداث خطيرة بعد وفاة الرسول (ص) وقد ظل صدی تلك المؤثرات واضحا في مكاتبات هذا العصر،ومميزا له عن سواه من ضروب الأدب الأخری.

ومن ألوان الرسائل التي شاعت في هذا العصر بسبب كثرة الفتوحات الإسلامية، الرسائل الشخصية
(الإخوانية). و قد شاع هذا اللون من المراسلات لتدفق كبار الصحابه وغيرهم من الأجناد الذين ابتعدوا عن مركز الخلافة إلی تلك الأمصار المختلفة ارتباطا بالخليفة أوالحاكم.

والمعروف أن عمر كان أول من دوّن الديوان من العرب في الإسلام .فعلی أثر الفتوحات، و بعد ان كثرت الاموال التي ترد إلی الخلافة، ‌أنشأ عمر بن الخطاب أربعة دواوين و هي: 1- ديوان الخراج و الجزية، أو ديوان الجباية الذي يهتم بستجيل الأموال الواردة إلی الخلافة و كيفية التصرف بها 2- ديوان الجند و هو الذي يهتم بتسجيل المحاربين و صرف نفقاتهم 3- ديوان العطاء أو ديوان المال و عمله الأساسي توزيع الاموال علی الرعية. 4- ديوان الإنشاء ‌أو ديوان الرسائل و الذي يهتم بالمكاتبات وحفظ الوثائق الرسمية. [26]

لفظ ديوان وتطور مدلوله

الديوان لغة: الدفتريُكتب فيه اسماء الجيش و أهل العطاء،وجمعه دواوين.

الديوان اصطلاحا:

اختلف الباحثون في أصل هذه اللفظة، فقد ذهب أكثرهم إلی أن لفظ «ديوان» غيرعربي، و قد أكد ذلك الأصمعي فذكر أن الديوان لفظ عجمي كما أشار إلی ذلك الصولي، إذ يری أن الديوان «اسم فارسي تكلمت به العرب فقالوا دِيوان (بكسر الدال) ولم يقولوا دَيوان كما قالوا دِيباج ولم يقولوا دَيباج. [27]

و لقد ذهب البعض إلی أن لفظ «ديوان» عربي، إذ يقال «دونته أي أتبتته» و إليه يميل كلام سيبويه و قد ذكر القلقشندي نقلا عن «النحاس» في صناعة الكتاب قوله،والمعروف في لغة العرب أن الديوان: الأصل الذي يرجع إليه و يُعمل بما فيه.

لقدأطلق لفظ «ديوان» أول الأمرعلی السجل الذي يثبت فيه أسماء الجند و المقاتلة حسب قبائلهم ومقدار أعطياتهم، وما ثبت فيه أيضا من أموال الفيء وغيره.
ثم صار هذا اللفظ يطلق بعد ذلك علی سجلات الحساب العامة، ويؤكد ذلك ما طبقت شهرته الآفاق من محاولة تعريب تلك الدواوين- أي السجلات- التي كانت تكتب باللغات الأجنبية، و نقلها إلی العربية في عهد عبدالملك.
ولقد تطورمدلول هذا اللفظ فصار يطلق حينا علی الموضع الذي توضع فيه تلك السجلات وذكرالماوردي:«الديوان موضوع لحفظ ما يتعلق بحقوق السلطنة من الأعمال و الأموال، ومن يقوم بها من الجيوش و العمال.» [28]
ديوان الإنشاء (الرسائل)
ذكر«القلقشندي» أنه اسم مـركـب من مضاف و هـو ديـوان ، و مضا ف إليه و هـو الإنشاء ، فإضافـة
الديوان للإنشاء تحتمل أمـرين: أحـدهما؛إن الأمـور السلطانـية من المكاتبات و الولايات تـُنشأ وتـُبتدأ منه. والثاني؛ إن الكاتب ينشيء لكـل واقـعـة مقالا. وقد كان هذا الديوان في الزمن المتقدم يعبرعنه ب‍ـ «ديوان الرسائل» تسمية له بأشهـرالانواع التي تصدرعنه،لأن الرسائل اكثرالأنواع الكتابيةوأعمها وربما قـيـل «ديوان المكاتبات».ثم غلب عليه هذا الاسم واشتهر به.
هذا الديوان أول ديوان وضع في الإسلام و ذلك أن النبي (ص) كان يكاتب أمراءه وأصحاب سراياه من الصحابة ويكاتبونه وكتب إلی من قرُب من ملوك الأرض يدعوهم إلی الإسلام،وبعث إلیهم رسله بكتبه،مثل رسائله التي كتبها إلی الملوك الاعاجم و هذه المكتوبات كلها متعلقة بديوان الإنشاء. [29]

الرسائل في عهد عمر وعثمان

شهدت خلافة عمربن الخطاب ازدهارا واسعا لفنون الرسائل، فكثرت مكاتباته إلی قادته وولاته وعماله و قضاته، و منهم أبوموسی الأشعري، وأنس بن مالك.

و كان عمر اول من قرّر التاريخ من الهجرة، لأن أباموسی كتب إليه: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ- و كانت العرب تؤرخ بعام الفيل-فجمع عمرالناس للمشورة، فقال بعضهم:أرِّخ بمبعث النبي و قال بعضهم بمهاجره،فقال عمر: لا، بمهاجر رسول الله فإن مهاجره فرق بين الحق و الباطل و كان ذلك في سنة سبع أوثماني عشرة من الهجرة. [30]
و لقد أخذت الرسائل منذ عهد عثمان، تتلون بألوان جديدة، فقد طفق بعض الصحابه يتراسلون فيما بينهم في أمور سياسية مختلفة، لاسيما سياسة الخليفة و تغييره و تبديله كما ناقشوا سياسة عمـاله و ولاتـه
في الأمصار الإسلامية.

ويتصل بهذا اللون من المراسلات السياسية ، ما وجه إلی الخليفة مباشرة من رسائل انتقادیة ذات مغزی سياسي واضح الملامح، و كان كثيرمن تلك الرسائل علی نقد سياسة الخليفة، و الكشف سقطاته و أحداثه.

رسائل علي بن أبي طالب

تعدّ رسائل الإمام علی (ع) من الوثائق المهمة من الناحية السياسية والإجتماعية والدينية إضافة إلی جمال أسلوبها البلاغي و قيمتها الأدبية العالية.

و كانت رسائله موجهة إلی أمراء بلاده و قواده وعمال دولته أو إلی مجتمعات أوأفراد، سواء كانوا موالین له أو مناهضين لحكمه، من كان لهم ارتباط و ثيق بالأحداث السياسية التي طرأت علی الساحة الإسلامية من نزاعات و خلافات غيرت مجری الحياة السابقة. كما ارتبطت رسائله بالشؤون الدينية و الإدارية التي أصابها الإنحلال و الفساد، فانتخب لها الإمام في كتاباته للرسائل الموجزة، و المفصلة استجابة لمقتضيات الاحوال.

و كانت الرسائل تـُكتب في الغالب بلغة مترسلة تختلف عن لغة الخطابة.لأنها في صدد تحديد وظائف تتطلب لغة واضحة الدلالة، صادقة اللهجة خالية من التراكيب الصوري.

فأصبحت الرسائل في أواخر العصر الراشدي وثائق تاريخية سياسية لها أهميتها البالغة في تصوير تلك الاحداث و الكشف من أدقّ الامور التي ألمّت بالمجتمع الإسلامي و رسم ملامحه المختلفة. فكانت الرسائل الوسيلة المهمة التي لجأت إلیها كل الأطراف السياسية المتخاصمة للتعبير عن نوازعهم و دعم حججهم وإبطال مزاعم خصومهم و الكشف عن مساوئهم.


[1الفاخوري،حنا،تاريخ الأدب العربي.ص52، ضيف،شوقي،تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي.ص339.وأمين،أحمد،فجرالإسلام.ص69

[2أمين،أحمد،فجر الإسلام.ص140

[3ضيف،شوقي،الفن و مذاهبه في النثر العربي. ص19

[4الحسني،محمد واضح رشيد،تاريخ الادب العربي.ص147

[5شلق،علی،مراحل تطور النثرالعربي. ج1.ص20

[6زيدان،جرجي،تاريخ آداب اللغة العربية. ج1.ص24

[7الاسد، ناصرالدين، مصادرالشعرالجاهلي وقيمتها التاريخية.ص107

[8علي،جواد،المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.ج8.ص260

[9علی،جواد،المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.نقلاً عن فرائد اللغة.ص293

[10ضيف،شوقي،الفن ومذاهبه في النثر العربي. ص 19

[11ابن النديم،محمد بن أبي إسحاق،الفهرست.ص8

[12ابن وهب الكاتب،أبو الحسين إسحاق بن ابراهيم،البرهان في وجوه البيان.ص192

[13المرزوقي،أبوعلي أحمدبن محمدبن الحسن،شرح ديوان الحماسة.ج1.ص18

[14المقدسي،أنيس،تطور الأسالیب النثرية. ص 151

[15فروخ،عمر،تاريخ الأدب العربي. ص 360

[16فروخ،عمر،تاريخ الأدب العربي. ص 361

[17حسين،طه،في الأدب الجاهلي. ص331، وكتابه من تاريخ الأدب العربي الجزء الأول.ص83

[18مبارك،زكي،النثرالفني في القرن الرابع.ص42

[19ابن الأثير،الكامل في التاريخ.ج1.ص520

[20المقداد،محمود،تاريخ الترسل النثري عند العرب في الجاهلية. ص122

[21صفوت.أحمدزكي:جمهرة رسائل العرب.ج1.ص7

[22أمين،أحمد،ضحی الإسلام.ج2.ص20

[23الجهشياري،أبوعبدالله محمدبن عبدوس:الوزراءوالكتاب.ص15

[24الجهشياري،أبوعبدالله محمدبن عبدوس،الوزراءوالكتاب.ص16

[25كردعلي،
محمد،امراء البيان. ص12

[26الحسنية،سليم،أضواء علی صناعة الكتابة الدواوينية. ص26

[27القلقشندي،أبو العباس أحمد،صبح الأعشي،ج1، ص 89.الصولي،أبوبكرمحمدبن يحيی،أدب الكاتب،ص187

[28الماوردي،أبوالحسن علي بن محمد،الأحكام السلطانية. ص 199

[29القلقشندي،أبو العباس أحمد،صبح الأعشي.ج 1.ص91

[30الجهشياري،أبوعبدالله محمدبن عبدوس،الوزراء والكتاب، ص 19


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى