الاثنين ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٥
بقلم حنان بديع

الجمال بين الغباء والاحتيال

قد تكون فكرة الاحتفاء بالجمال ليست الا نتاج الترف الفكري، لكن المؤكد أن مسابقات ملكات الجمال التي يتم تنظيمها بشكل سنوي في معظم دول العالم قد خلقت نوعا جديدا معولما من المقاييس الجماليه التي ترتب عليها أيضا تحديد وتأطير المواصفات الجماليه بدقة وتفصيل لغرسها في ذائقة الناس.

وإذا كانت هذه المواصفات الجماليه متعارف عليها ومتفق بشأنها في مختلف الثقافات ابتداء من طول الاقامة وتناسق الملامح الى الذكاء والثقافة والحضور فان التمتع بهذه الاخيرة الذي يميز حضور اي ملكة هو ما نتوقعه في مثل هذه المسابقات الجمالية اذا لم تكن الفتاة هي الاجمل شكلا على الاقل..

لماذا ؟

لان المتابع لحفل تتويج ملكة جمال لبنان 2005 الضخم والذي نظمته المؤسسة اللبنانية للارسال يلاحظ على الفور بان الصبايا المتباريات لم يكن على مستوى الثقافة المطلوب رغم أن الملكة التي تم تتويجها لم تكن هي الاجمل لسبب أو لآخر.

الاسئلة التي كانت في غاية البساطة والعمق في آن وذات صبغة فلسفية في معظم الاحيان لم تحظى بالإجابة المتوقعة من ملكة ذات شخصية لبقة ومثقفة والأكثر اهمية ان الاجابات كانت في اطار ما يجب وما يتوقع منهن.

اقول انها الملاحظة الاكثر اهمية ذلك لان الجمال ليس في استعراض الاجابة المثالية والمدروسة بحذر ..

اين الثقة بالنفس وقوة الشخصية التي تجعل من الاجابة على السؤال المطروح متعة وتعبير وانعكاس للوجه الحقيقي لأي من فتياتنا ككائنات انسانية مفكرة وجميلة.

الجمال في ان نقول الحقيقة لا أن نبالغ في عرض ما لقنا وبرمجنا عليه من مبادئ وقيم ومفاهيم اجتماعية قد لا تعكس شخصيتنا بالضرورة.

يبدو ذلك بصورة صارخة وواضحة من خلال السؤال المكرر والمستهلك الذي يطرح باستمرار على المتسابقات حول رسالتها التي تود أن تقوم بها اذا ما توجت ملكة للجمال، وكل الاجابات تأتي بلا جديد وتنحصر في الخدمات الاجتماعية من زيارة للمرضى والمسنين والاهتمام بالفقر والأمية والتلوث..

فهل هي الحقيقة ؟

وان لم تكن..

اليس هو نوع من الجمال ان يكن حقيقيات كما هو وجه من وجوه القبح أن يكن مستنسخات كأشخاص.

وهل الجمال ثوب نلبسه ليرانا الآخرون ويعترف بنا المحكمون ؟

أم لنزهو به وبأنفسنا بلا زيف أو رتوش ..

ربما أصبحنا لكثرة التكرار والسطحية نتمنى أن تأتي احداهن بثقافة جديدة تعكس جمالا آخر غير ما نريده أو ما نتوقعه..

وغير ما اجابت به احداهن على سؤال خيرها بين ان يقال عنها طيبة القلب او محتالة فأصرت على تغيير مصطلح (محتالة) الى ذكيه واختارت الاثنتين !

اليست أجمل وأروع لو قالت أنها تفضل أن يقال عنها محتالة لان في الاحتيال نوع من أنواع الذكاء ولكن الحياة تتطلب هذا احيانا؟

لكن هذه الجميلة شاءت أن تتجمل فحاولت جمع الصفتين وتغيير المصطلح الذي لم تراه مناسبا لمثاليتها المفترضة ولنيل الاعجاب وجمع النقاط !

أين هو الجمال ؟

وما هي الاعذار ؟

يقول توفيق الحكيم "ان الجمال .. هو العذر الوحيد الذي تغتفر للمرأة به تفاهتها وحماقتها.."

فهل صدق؟

وهل تصدق الانثى أن للوجود الانساني تجليات متعددة غير الجسد قبل أن تلعب على أوتار المجتمع لعبة حواء في الجمال والإغراء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى