الدعم المؤسسي ورهان الجودة
لا شك أن المتتبع لقضايا الشأن التربوي والتعليمي بالمغرب، يسجل الاهتمام الكبير بمسألة الجودة في سياق سيرورة الإصلاح التي انطلقت ديناميتها بانطلاق مرحلة أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين. فلم يسبق أن حظيت مسألة تربوية تعليمية بما حظيت به مسألة الجودة. فالأدبيات التربوية حاولت مقاربتها في أبعادها المختلفة باعتبارها بؤرة الإشكالات المطروحة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
وليس معنى ذلك أن الجودة لم تكن تمثل اهتمام الأطراف المتدخلة في قضايا التربية والتكوين، فالمسألة ظلت مطروحة تحت عناوين مختلفة كالنوعية، المردودية، الفعالية والنجاعة...
وفي إطار المفهوم الجديد للجودة، اتخذت مقاربتها بعدا شموليا، فصارت مقاربة نسقية تعود إلى التفكير في إعادة بناء المنظومة التعليمية من جديد وصياغة الفعل التعليمي/ التعلمي صياغة متجددة، وتغيير طبيعة العلاقات التي تربطها مع المحيط عبر تقريب دائرة التربية من العالم السوسيو- اقتصادي والثقافي ومتطلبات زبنائه، قصد التوصل إلى منتوج يستجيب للانتظارات المهنية للمجتمع.
من هذا المنظور جعل الميثاق الوطني للتربية والتكوين من مسألة رفع الجودة إحدى الرهانات الأساسية لإصلاح المنظومة التربوية، بل وجعل منها أحد مجالاته الأساسية للتجديد. فبالرجوع إلى الميثاق، وبالتحديد إلى المجال الثالث المتعلق بالرفع من جودة التربية والتكوين، نجده ينبني على ست دعامات:
1- مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية (الدعامة السابعة).
2- مراجعة استعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية (الدعامة الثامنة).
3- تحسين تدريس اللغة العربية واستعمالاتها وإتقان اللغات الأجنبية والتفتح على الأمازيغية (الدعامة التاسعة).
4-استعمال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل (الدعامة العاشرة).
5-تشجيع التفوق والتجديد والبحث العلمي (الدعامة الحادية عشرة).
6-إنعاش الأنشطة الرياضية والتربية البدينة المدرسية والجامعية والأنشطة الموازية (الدعامة الثانية عشرة) (1).
ضمن هذه الرؤية الشمولية النسقية يحدد الميثاق للجودة مسارات متعددة تمس مداخل النظام التربوي ومخارجه، فهو يوسع مفهوم الجودة ليجعله ممتدا في الزمان والمكان والوسائل، منفتحا على المحيط وعلى الحياة المدرسية في ثرائها وغناها. فمن حيث الزمان لا تقتصر الجودة في التعليم على مرحلة تعليمية معينة، ولا على مستوى دراسي محدد، ومن حيث المكان لا تنحصر على فضاء المؤسسة التعليمية، بل تتعداها إلى فضاءات خارجية، ومن حيث الوسائل فإن تحقيق الجودة يتمظهر على مستويات عديدة تشمل الكتاب المدرسي والمناهج والإيقاعات المدرسية وإتقان اللغات واستعمال التكنولوجيا الحديثة، والبحث العلمي، وإنعاش الأنشطة المختلفة.... وقد جعل الميثاق تحقيق الجودة شأنا جماعيا يهم كثيرا من الأطراف الفاعلة على صعيد المؤسسة التعليمية أو النيابة أو الأكاديمية أو على صعيد الشراكات الخارجية: جمعيات آباء وأولياء التلاميذ أو منظمات غير حكومية أو جماعات محلية أو بعثات ثقافية أو شركاء اقتصاديين...
إن الجودة التعليمية بهذا المعنى، لم تعد ترفا من القول البيداغوجي، أو بذخا من الادعاء الزائد عن الحاجة، بل تتعلق بإرادة سياسية جماعية ووعي مجتمعي وميكانيزمات تنظيمية ينبغي ترسيخها بواسطة قناعات وخيارات وتشريعات تعمل على تقوية الشعور بضرورتها، وتتدخل بآليات محسوبة تنبثق من جراء التفاعل الذي تقتضيه دينامية المؤسسات وحركية المجتمع.
واعتبارا للأهمية المركزية لموضوع الجودة، فقد جعل منه الميثاق الوطني للتربية والتكوين إحدى مجالاته التجديدية. لكن المسألة الجوهرية تتمثل في كيفية إخراج هذا العنصر من عموميته ليصبح فعلا يوميا معيشا داخل المؤسسة التعليمية باعتبارها نواة للإصلاح وفضاء لأجرأة هذا الشعار على أرض الواقع وترجمة هذا الخيار إلى ممارسة تشمل كل الفاعلين في الحقل التربوي والتعليمي وكل المتدخلين وشركاء المؤسسة.
في هذا السياق، قررت وزارة التربية الوطنية تنظيم سلسلة من منتديات الإصلاح على المستويين الجهوي والإقليمي، ثم على مستوى المؤسسات التعليمية ومكونات محيطها في إطار ممنهج للإشراك والتواصل والتعبئة الجماعية والذاتية لكل المعنيين والمساهمين في تدبير الشأن التربوي ضمن توحيد التصور والرؤية والتفكير الجماعي، وجعلت من منتديات الإصلاح هاته محطة مباشرة لتفعيل مقررات الإصلاح وتسريع وتيرة إنجازها (2).
لقد خلقت منتديات الإصلاح دينامكية غير مسبوقة وسط الحقل التعليمي والتربوي جلبت إليها اهتمام كل الفاعلين والمتدخلين في هذا الحقل تحت عنوان الارتقاء بجودة التعليم"، وأكدت هذه الدينامية "بأن قطاع التربية والتكوين يعيد هيكلة نفسه من خلال تحديد طبيعة خدماته التي تجعل من الزبون (التلميذ) الركيزة الأساسية في صلب أوراشها الإصلاحية الوظيفية، مع تحسن مستوى الأداءات وربط المنتوج المعروض بمبدأ الشفافية وتحفيز المتعلمين على بلورته وتطويره وتكييفه وفق انتظارا تهم. إن الزبون (التلميذ) يعتبر المكون الجوهري في صلب العدة العملية الموظفة للخدمات، فالمراهنة على المنتوج الجيد لا يمكن تحقيقها إلا بموافقة ومساهمة المتعلم نفسه..." (3).
ومن دون شك فإن انخراط المؤسسة التعليمية في إنجاز هذا الاختيار، يقضي بأن تشتغل بعقلية ومنهجية جديدتين تستهدفان الفعالية والتنظيم المعقلن والواضح للفعل التربوي. والجلي أن هذا التغيير لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وضع مشروع للمؤسسة يتخذ هدفا له الرفع من المردودية وتحقيق الجودة الشاملة: جودة تمثل آليات التسيير والتدبير، جودة مقاربة الجديد، جودة العلاقات التربوية البيداغوجية التي تجمع بين مختلف مكونات الحقل التعليمي، جودة الوشائج مع المحيط الشامل للمؤسسة التربوية وجودة فضاءاتها وجاذبيتها (4).
إن تحليلينا قادنا إلى إثارة مسألة العلاقة بين الجودة والدعم التربوي من خلال الحديث عن مشروع المؤسسة بمفهومه الحديث، مشروع متكامل يعتبر الدعم أحد مقوماته في إطار ما يسمى بالأنشطة التربوية أو الأنشطة الموازية...
وقد فرض علينا منطق موضوع هذه المقالة أن نعتمد منهجية استراتيجية، تدرجنا فيها من الجودة إلى الدعم، خلافا لما يدل عليه منطوق العنوان، منهجية استنباطية تنطلق من العام إلى الخاص، وتربط اللاحق بالسابق، والمتغير بالثابت، والسبب بالنتيجة والفرع بالأصل...اعتبارا منا أن الجودة هي الثابت والدعم متغير ضمن متغيرات أخرى، هي نتيجة والدعم أحد أسباب تحقيقها...
وسنبدأ أولا بتحديد دلالات مفهومي الدعم والجودة، حتى يتسنى لنا إدراك العلاقة التي تربط بينهما، ومن خلال ذلك معرفة حدود تدخل الأطراف المعنية في تحقيق الجودة التعليمية عبر أجرأة الدعم في سياق مشروع المؤسسة. فمن الثابت أن تحديد المفاهيم في أية دراسة أو بحث، يعتبر ضرورة معرفية ومنهجية تنير للباحث أو الدارس الطريق وتقيه مأزق السقوط في الخلط والالتباس والتأويل، وتوضح له الإطار النظري الذي يتحرك ضمنه. إنه تحديد يرسم الحدود التي لا ينبغي تجاوزها في وضع الأهداف واختيار المضامين والمحتويات والوسائل الممكنة والفرضيات وكيفية التحقق منها وضبط آليات الاشتغال. فعلى هذه الخلفية لا يعتبر تحديد المفاهيم مسألة شكلية أو إجراء زائدا عن الحاجة، ولكنه يدخل في صميم الإنجاز ويشكل جزءا من استراتيجيته.
في ضوء هذا التوضيح المنهجي يبدو أن مقاربة موضوع " الدعم المؤسسي ورهان الجودة"، لا يستقيم بدون تحديد دلالات مفهوم "الدعم" ومفهوم "الجودة ". فما الذي نعنيه بالدعم التربوي وبالجودة؟ أية علاقة تربط الجودة بالدعم التربوي؟
1- مفهوم الدعم:
إن مفهوم الدعم اتخذ بعدا شموليا في إطار النظام التربوي، بل وفي إطار الإصلاح الشامل للمنظومة التربوية ببلادنا. فقد اعتبرت أنشطة الدعم التربوي، الإجراء المناسب لتعميق الفهم وتطوير المهارات وترسيخ المكتسبات بين فئات المتعلمين. وذلك اختيار أساسي للوزارة الوصية على القطاع، هدفه تحسين المردودية وجعل الدعم مكونا أساسيا في تطوير كفاءات ومهارات المتعلمين، وعاملا في تقدم المنظومة التربوية. والدليل على هذا الاهتمام بالدعم التربوي يتمثل في التوجه الذي أُثمر بإنشاء مديرية الدعم التربوي على المستوى المركزي، تسهر على تصريف الأمور المرتبطة به، فما هو الدعم؟ وما هي أنواعه؟ وما هي ضرورته، وما موقعه في المؤسسة التعليمية؟ وما هي أشكال تصريفه؟
إننا في محاولتنا لتحديد مفهوم الدعم التربوي لابد من الإشارة إلى ما عرفه من تطورات رافقت الأبحاث والتجارب والمقاربات المختلفة التي تمت من خلالها معالجة مسألة الدعم، أي أن مفهومه لم يستقر على دلالة واحدة، فقد ترددت في الأبحاث والأدبيات التربوية تحديدات مفاهيمية كان هدفها محاولة صياغة مفهوم إجرائي له، ومن تلك التحديدات نذكر ما يلي:
– "الدعم مجموعة من الوسائل والتقنيات التربوية التي يمكن اتباعها داخل الفصل في إطار الوحدات الدراسية أو خارجها أو في إطار المدرسة ككل، لتلافي بعض ما قد يعترض تعلم التلاميذ من صعوبات (عدم الفهم – تعثر – تأخر...) تحول دون إبراز القدرات الحقيقية والتعبير عن الإمكانات الفعلية الكامنة..." (5).
– "الدعم استراتيجية من العمليات والإجراءات التي تتم في حقول ووضعيات محددة وتستهدف الكشف عن التعثر الدراسي وتشخيص أسبابه وتصحيحه من أجل تقليص الفارق بين الهدف المنشود والنتيجة المحققة"(6).
– "الدعم مجموعة من الأنشطة والوسائل والتقنيات التربوية التي تعمل على تصحيح التعثرات العملية التعليمية التعلمية لتدارك النقص الحاصل في العمليتين وتقليص الفارق بين الأهداف والنتائج المحصلة"(7)، وهو أيضا "مجموعة إجراءات واستراتيجيات تهدف إلى تصحيح ثغرات التعليم والتعلم من أجل تقليص الفارق بين الأهداف المتوخاة والنتائج الفعلية"(8).
– "الدعم مجموعة من التقنيات والوسائل التربوية التي تستهدف تمكين التلاميذ المتعثرين دراسيا من تجاوز الصعوبات الذاتية والموضوعية التي تواجههم أثناء العملية التعليمية التعلمية، حتى يتأتى لهم متابعة دراستهم بصورة طبيعية لوقايتهم من الرسوب والتكرار"(9).
– "الدعم مكون من مكونات عملية التعليم والتعلم يستغل في سياق المناهج الدراسية، وظيفته تشخيص وضبط وتصحيح وترشيد تلك العمليات من أجل تقليص الفارق بين مستوى تعلم التلاميذ الفعلي والأهداف المنشودة... بواسطة أنشطة ووسائل وأدوات... وتخطيط وضعيات الدعم وتنفيذها ثم فحص مردودها ونجاعتها"(10).
– "الدعم مجموعة من الطرائق والأدوات والتقنيات الخاصة التي تنتهج داخل الفصل الدراسي عبر الوحدات والمواد، أو خارجه في شكل أنشطة تكميلية تصحيحية لتلافي ما قد يظهر على المتعلم من صعوبات تعتري سيره الدراسي"(11).
– "الدعم جملة من الأنشطة التعليمية المندمجة، والتي تهدف بالإضافة إلى حصول التعلم لدى جميع التلاميذ (أو معظمهم) بشكل عاد، على تقديم تعليم فردي وقائي ملائم للنقص الذي يتم اكتشافه خلال المراقبة المستمرة، وحتى يتمكن التلاميذ جماعات وأفرادا من تحقيق الأهداف المرسومة حسب إمكانياتهم، وحسب متطلبات المستوى الدراسي الذي يوجدون فيه"(12).
نحن إذن أمام مجموعة من التعاريف لمفهوم الدعم، إذا دققنا النظر فيها في محاولة لتفريغها فإنها تقدم لنا المعطيات التالية:
– الدعم يرتبط لدى التلاميذ بالنقص والخصاص، والصعوبات والتعثر الدراسي وبوجود ثغرات، وفوراق بين التلاميذ، وبالتأخر في التحصيل... وبالرسوب والتكرار.
– الدعم يرتبط بما يسمح بتجاوز هذه السلبيات.
– الدعم مجموعة إجراءات وتقنيات واستراتيجيات وأنشطة، ووسائل وطرائق... تستهدف التصحيح والتشخيص والرصد وتقليص الفوارق وتعويض النقص وتجاوز الصعوبات بناء على التقويم والمراقبة المستمرة.
– قد يتم هذا الدعم في الفصل أو خارجه.
– يقوم به المدرس في إطار الوحدات الدراسية أو فاعلون تربويون في إطار المؤسسة ككل.
وبناء على هذه المعطيات التي تقدمها التعاريف والمفاهيم المتعددة للدعم، يمكننا إيراد تعريف شامل وإجرائي لمفهومه يستدمج كافة الإجراءات: "الدعم مكون من مكونات عمليات التعليم والتعلم يستغل في سياق المناهج الدراسية، وظيفته تشخيص وضبط وتصحيح وترشيد تلك العمليات من أجل تقليص الفارق بين مستوى تعلم التلاميذ الفعلي والأهداف المنشودة على مستوى بعيد أو قريب المدى. وتتحقق هذه الوظيفة بواسطة إجراءات وأنشطة وأدوات تمكن من تشخيص مواطن النقص، أو التعثر أو التأخر، وضبط عواملها لدى المتعلم وتخطيط وضعيات الدعم وتنفيذها ثم فهم مردودها ونجاعتها"(13).
ان الدعم التربوي، في ضوء المفهوم الإجرائي يتأسس على استراتيجية بيداغوجية تقوم على تصور نسقي متعدد العناصر والعوامل للعملية التربوية التعليمية، وتضمن مجموعة من الإجراءات والأساليب التي تروم الوقوف على وضعيات التعثر الدراسي، وتشخيص أسبابه، في اتجاه تصحيح هذا التعثر وملء الثغرات وتقليص الفارق بين الأهداف المرسومة والنتائج المحصلة.
فالدعم التربوي بهذا المعنى يرتبط بالتعثر الدراسي، ويتخذ هدفا له تصحيح وضعيات تعليمية تعلمية قصد تجاوز مظاهر التعثر، ومن ثم يشكل استراتيجية بيداغوجية تصحيحية. هذه الاسترتيجية تبدأ بتشخيص عوامل التعثر الدراسي أو النقص الذي أسفرت عنه عملية التقويم، تليها عملية ضبط وتصحيح مسار عملية التعلم والتعليم من خلال تدخل المعنيين بعملية الدعم، داخل القسم أو خارجه ككل. ويمكن أن تتوج عملية الدعم بقياس مدى تحقق الأهداف المنشودة من خلال النتائج المحققة وذلك بترشيد وتوعية جهود الدعم نحو تحقيق هذه الاهداف.
ان استراتيجية الدعم بالمواصفات التي ذكرناها، تختلف باختلاف الوضعيات التعليمية واختلاف الفئات المستهدفة من الدعم وكذا اختلاف المتدخلين في تنفيذ عملية الدعم والفضاء الذي يتم فيه. ويتوقف تنفيذ استراتيجية الدعم أيضا على نوعه وصيغه " بحكم الطبيعة المعتمدة للفعل التربوي، فإنه لا يمكن لأي إجراء تصحيحي أن يتسم بالشمولية المطلقة والصلاحية للتطبيق في أي وضعية، بل إن التعامل مع كل وضعية تعليمية تعلمية يتطلب استراتيجية للدعم والتصحيح ملائمة "(14).
والدعم تختلف أنماطه وصيغه باختلاف الوضعيات التعليمية التعلمية، أي باختلاف الفئة المستهدفة من الدعم، والفضاء الذي يتم فيه. فهل يكون داخل الفصل الدراسي أو خارجه؟ وهل يجري داخل المؤسسة التعليمية أو في فضاءات خارجية؟ هل ينجزه الأستاذ أو الإداري، أو ينجز في إطار شراكات مع هيئات ومؤسسات؟ هل هو دعم مؤقت أو دعم مستمر؟
في هذا الإطار حددت اللجنة المركزية للدعم التربوي ثلاثة أنماط من الدعم وهي:
– الدعم المندمج الذي ينجزه المدرس داخل الصف.
– الدعم المؤسسي الذي يتم داخل المؤسسة وفي أقسام خاصة.
– الدعم الخارجي الذي يتم في فضاءات خارج المؤسسة.
هذا التصنيف الثلاثي لأنواع الدعم يستند إلى المذكرة الوزارية رقم 168 الصادرة في أكتوبر 1997 التي تدعمت بإنشاء مديرية للدعم التربوي قائمة الذات في الهيكلة الأخيرة لوزارة التربية الوطنية سنة 1998، حيث حاولت هذه المذكرة وضع تصور نظري متكامل يتضمن الإطار المرجعي العلمي للدعم التربوي وموضعه وأهدافه وصيغه وشروطه. كما طرحت صيغا للدعم (دعم مندمج، دعم مؤسساتي، ودعم خارجي) دون أن تراعي الشروط الموضوعية لتطبيقها(15). وتتجلى دلالة الأنواع الثلاثة فيما يلي:
الدعم المندمج: هو دعم يتم في القسم ويمارسه المدرس بمعية تلاميذه في إطار الأنشطة المندمجة، أو أنشطة المراجعة أو التعويض، وهو دعم يرتبط عادة بالتقويم التكويني والتقويم الإجمالي، ومن خصائصه أنه دعم دائم ومستمر.
الدعم المؤسسي (أو المؤسساتي): ويقصد به "مجموعة الأنشطة والوسائل والإجراءات التي تتوخى معالجة حالات التعثر الدراسي من خلال تقليص الفارق الملحوظ بين المستوى الفعلي للتلاميذ والأهداف المنشودة في إطار أقسام خاصة أو وضعيات تعليمية مستقلة عن السير العادي للبرامج الخاصة بالمواد الأساسية"(16). إنه دعم يقع خارج الفصل الدراسي لكنه لا يخرج عن نطاق المؤسسة التعليمية في سياق وضعيات على هامش السير العادي للبرنامج الدراسي في إطار عروض أو محاضرات أو أنشطة ترتبط بمختلف المواد ينفذها وينشطها مدرسون ينتمون إلى المؤسسة، أو أطر إدارية، أو فعاليات تتم دعوتها للانخراط في مشروع المؤسسة ومنحى الدعم التربوي.
3- الدعم الخارجي: وهو دعم يتم في فضاءات خارجية ويشمل وضعيات وأنشطة تربوية تتم في فضاءات غير مدرسية تنفتح فيها المدرسة على محيطها في إطار شراكات مع المؤسسة التعليمية وفعاليات تنتمي إلى المحيط الجغرافي والسوسيوثقافي الذي تنتمي إليه المؤسسة.
ويعتبر الدعم المؤسسي أكثر أنواع الدعم الثلاثة ارتباطا بموضوعنا، فالأمر كما تم توضيحه يتعلق بدعم يتم خارج الفصل، وداخل المؤسسة التعليمية، ويرتبط بفضائها بخصوصيته البشرية والتنظيمية، ويقوم بتنفيذه مدرسون وإداريون بموازاة أو على هامش البرنامج الدراسي.
والدعم المؤسسي كغيره من أنواع الدعم، يستهدف كشف وتشخيص مواطن وأسباب التعثر والتأخر، والعمل على تصحيحها وسد الثغرات وتقليص الفوارق المعرفية والمهارية بين التلاميذ خاصة المتعثرين منهم، وتحسيس التلميذ بنقائصه وأخطائه ودفعه إلى تجاوزها بمساعدة الأطراف التي تقوم بالدعم أو المشرفة عليه أو المشاركة فيه. فالدعم المؤسسي يمكن أن يكون عبارة عن دروس للتقوية أو أنشطة أو مشاريع تندرج في إطار "مشروع المؤسسة" بشراكة مع مؤسسات أخرى أو مع النيابة أو الأكاديمية أو في إطار شراكات مع هيئات ومؤسسات المجتمع المدني.
وفي كل الأحوال، ينبغي أن يندرج الدعم المؤسسي في إطار مشروع متكامل يبتغي مساعدة المتعلمين على تجاوز الصعوبات والثغرات من خلال تشخيص مستوياتهم وفقا للمواد الدراسية وتحديد مكامن النقص التي سيتوجه إليها الدعم أو التقوية أو التصحيح، مع تحديد الفئة أو الفئات المستهدفة من هذا الدعم. علاوة على ذلك فإن نجاعة الدعم المؤسسي تتوقف على اختيار الهيئة المشرفة والهيئة المنفذة له، مع وضع أجندة أو رزنامة زمنية لتوزيع أنشطة الدعم. ولكي يكون الجهد المبذول مثمرا ويحقق الأهداف المتوخاة، يتعين أن يتوج الدعم بإجراءات للتقويم والترشيد على المؤشرات حول تعلم التلميذ تساعد على اتخاذ قرارات للمراجعة وترشيد عملية الدعم بشكل يسمح للمشرفين عليه من قياس النتائج.
2- مفهوم الجودة:
ليس من باب التكرار التأكيد مرة أخرى على أن هاجس الجودة أضحى الشغل الشاغل في تحريك دينامية التربية والتكوين استجابة لضرورات الإصلاح والتغيير، بل من باب الإلحاح والتثبيت.
واعتبارا للأهمية المركزية لهذا الموضوع، فقد جعل منه ميثاق التربية والتكوين إحدى مجالاته التجديدية في ارتباط مع تجديد وإعادة بناء المناهج والكتب المدرسية وإعادة تنظيم الإيقاعات المدرسية والبيداغوجية وتحسين تدريس اللغات والتفتح على الإعلام والتكنولوجيا الحديثة.
فما المقصود بالجودة؟ وما مدلولها في حقل التربية والتعليم؟ هل هي مفهوم تربوي أو مفهوم تسرب إلى حقل التربية والتعليم من مجالات أخرى؟ وبأي معنى يمكن الحديث عن جودة في مجال التربية والتعليم؟
إن الجودة في أي منتوج كيفما كان اقتصاديا أم ثقافيا أم تربويا ،هي درجة من الإتقان شديدة الصلة بمعنى الكمال المثالي في المجال المقاولاتي الذي سيتهدف بمنهجية أسلوبه وتخطيط أهدافه، تحصيل أقصى النتائج المتميزة بصفر خطأ في العمل المقدم والمشروع المنجز، بالنظر إلى المواصفات والمقاييس الموصوفة في دفتر التحملات ومدى ملاءمتها للمعايير المؤسساتية الوطنية والدولية، وبصفر هدر في الوقت والمواد الأولية المستعملة، بالإضافة إلى استغلال الوسائل والمعدات في أقصى طاقاتها المتاحة والمفكر فيها بما في ذلك هامش الخطأ، واستثمار المجهودات البشرية في التدبير والتسيير والتواصل بتفعيلها لانتزاع أقصى عطائها...17. وهذا التعريف يقدم لنا مفهوما اقتصاديا مقاولاتيا للجودة، وهو تعريف يدل على أن مفهوم الجودة قد تسرب من المجال الاقتصادي والصناعي وتم إسقاطه على مجالات أخرى بما فيها مجال التربية والتعليم.
وفي دلالة أخرى تحدد الجودة عموما على أنها " مجموع الخصائص والمميزات أو الإنجازات التي تمكن من تحديد ما إذا كان منتوج ما، أو أداء معين، يستجيب لما ينتج من أجله أم لا. وتختلف هذه المواصفات تبعا لطبيعة المنتوج ونوعيته (أهو منتوج مادي أم فكري؟)"(18). إنها "درجة عالية على سلم الإنجاز الكامل ونقطة حاسمة لإضفاء القيمة المضافة على أي نشاط أو منتوج..." (19).
وفي مجال البيداغوجيا تتمثل الجودة في المعايير التي ينبغي توفرها في أداءات المتعلمين وإنجازاتهم، لتكون مستجيبة لما تم تخطيطه، وتترجم هذه المعايير إلى محاكاة مضبوطة لإصدار أحكام بخصوص المجالين التاليين:
– مستوى أداء المتعلم ودرجة إتقانه في ضوء الشروط والقيود والمعطيات المتوفرة لديه.
– نجاعة التعليم وفعالية الوسائل التي وظفت لأجل تحقيق ذلك المستوى من الأداء... (20).
إن الجودة بمفهومها الاقتصادي المقاولاتي تقتضي تعبئة القدرات والإمكانيات لنشر روح المبادرة على جميع المستويات، من أجل الرفع من الإبداعية والمردودية، وبالتالي بقاء وتطوير المؤسسة (المقاولة) من أجل تحقيق منتوج جيد بصفر عيب أو خطأ في الإنجاز، وبصفر هدر في الوقت والمواد، وبثمن مناسب يلبي حاجات وانتظارات الزبون. فالجودة بهذا المعنى تمثل عنصرا حيويا من عناصر التنافسية التي تقتضيها السوق، وهي جودة يمكن قياسها من أجل معرفة الفارق بين الإنجازات (النتائج) والمنطلقات (الأهداف) بواسطة مؤشرات ترصد مدى مطابقة هذه الإنجازات لمعايير محددة أو عدم مطابقتها لذلك..وهذه المؤشرات تسمح بمعرفة مستوى الجودة وبمراجعة دورية لمتطلباتها أو البحث عن أسباب عدم المطابقة في عملية إنجاز المنتوج، والعمل على إزالة هذه الأسباب سواء كانت موجودة أو محتملة، وهذا الإجراء يروم إعطاء الثقة في قدرة المؤسسة على ضمان مطابقة منتوجاتها وخدماتها للمواصفات والمعايير الوطنية والدولية المحددة للجودة. فالأمر يتعلق بعملية مراجعة أو ترشيد لأداء المؤسسة الإنتاجية لإنجاز العمل بشكل جيد في المرة الأولى وفي جميع المرات بصفر خطأ أو عيب. لأن العيوب الناتجة عن عدم الجودة تكون مكلفة بالنسبة للمؤسسة وتسبب لها ضياعا يمكن تجنبه. فهذا الضياع يعتبر عائقا يحول دون تنافسية المقاولة، ويحد من فرص الشغل وتحقيق الربح.
ووفقا لهذا المنظور فإن المؤسسة الجيدة هي تلك التي تبحث عن إرضاء زبنائها في جميع أنشطتها، وهي التي تلتزم فيها أطراف العملية الإنتاجية إدارة وأطرا وعمالا بالعمل على تحقيق الجودة، والعمل على التحسين الدائم والمعالجة المنهجية لأي خلل في سير أنشطتها وقياس مدى مطابقة إنجازاتها للمعايير المحددة، بالإضافة إلى مشاركة كل العاملين بالمؤسسة في اتخاذ القرارات من أجل تطوير تنافسها.
ولتحقيق هذه الأهداف والمبادئ، فإن الأمر يتطلب تدبير الجودة من خلال "وضع سياسة للجودة، أهداف الجودة، تأمين الجودة، وتحسين الجودة"(21).
الجودة إذن بمفهومها الاقتصادي المقاولاتي هي جودة مادية، تتعلق بإنجازات قابلة للقياس وفق مؤشرات إجرائية، وتتوجه إلى الزبون/المستهلك من أجل إرضائه وفقا لحاجاته وانتظاراته. ولذلك صارت المؤسسات مطالبة في إطار السباق الدولي الراهن المتميز بالمبادلات وتسارع الحاجيات الملحة للأسواق الداخلية والخارجية بتحسين جودة خدماتها في أفق تقوية تنافسيتها.
ولقد تكيفت المؤسسات/المقاولات تدريجيا مع مقاربات للجودة تسمح بتقديم منتوجات مطابقة لانتظارات الزبناء، "فمن مقاربات تعتمد المراقبة النهائية لمطابقة المنتوجات خلال الأربعينات من القرن العشرين إلى مقاربة تعتمد الطرق الإحصائية خلال سنوات الستينات، مرورا بمقاربة تأمين الجودة خلال الثمانينات ، إلى طرق تدبير الجودة مع بداية القرن الواحد والعشرين، وبالأخص مقاربة الجودة الشاملة التي هي نمط من تدبير المقاولة يتمركز حول الجودة ويتأسس على مشاركة كل موظفي المؤسسة، ويهدف إلى تحقيق النجاح على المدى البعيد عن طريق إرضاء كل الشركاء"(22).
وبما أن مفهوم الجودة مستقى من المجال الاقتصادي، فكيف ينعكس على المجال التربوي والتعليمي؟ وكيف يمكن انتقاء مفهوم ذي دلالة مادية وإسقاطه على مجال ذي حمولة تربوية ومعرفية وفكرية؟وهل يستوعب مجال التربية والتعليم هذه الترسانة من المفاهيم؟ وهل ممكن أن تستجيب لمقاربة هذه الجودة مؤسسات التربية والتكوين؟
في سياق الإجابة على هذه التساؤلات، لا بد من التذكير بأن الجودة أصبحت إحدى الرهانات الأساسية لإصلاح المنظومة التربوية ببلادنا، وقد جعل منها الميثاق الوطني للتربية والتكوين إحدى مجالاته لتحقيق التغيير والتجديد (الدعامات الست: 7، 8، 9، 10، 11، 12، من الميثاق الوطني للتربية والتكوين).
ولكي يتحقق هذا التغيير أو التجديد، فإن الأمر يفرض على كل المؤسسات التربوية أن تجعل من الجودة العمود الفقري لكل أنشطتها بالاستناد إلى مبادئ الجودة في إنجاز المهام التربوية بنفس الكيفية المعتمدة في المجال الاقتصادي والمقاولاتي، وذلك بجعل المؤسسة التربوية أكثر إنتاجية مميزة بأقصى قدر من الفعالية والنجاعة بواسطة تشجيع المبادرة والإبداع لدى أطراف العملية التعليمية وخلق دينامية تطوير دائمة، والانسجام في طرق العمل والتقليل من الخطأ ومن الهدر الدراسي وتحسين شروط العرض المدرسي والعمل داخل المؤسسات التعليمية وحسن النجاعة والمردودية.
ولن يتأتى تحقيق ذلك إلا بتحسيس الفاعلين بالمؤسسة بأهمية الجودة ودورها في تطوير التعليم وتحسينه، وإقناعهم بضرورة الانخراط في الرفع من الجودة بما يستجيب وانتظارات التلاميذ (الزبناء) وانتظارات المجتمع الذي يراهن على أن تكون المدرسة أو المؤسسة قاطرة لتحقيق التنمية الشاملة.
والظاهر أن منتديات الإصلاح في طبعتها الأولى والثانية قد سارت في هذا الاتجاه التحسيسي الذي اتخذ شعارا له: "الارتقاء بتحسين الجودة" في إطار استراتجية تتوخى إشراك الجميع في تطبيق الجودة وتحسينها من خلال إدراك أهميتها وأسسها ومفاهيمها ومبادئها.
وبناء على ذلك فإن المؤسسة التربوية الجدية هي التي تقدم منتوجا تعليميا جيدا يلبي حاجيات المتعلمين تتحقق فيه مطابقة بين الأهداف المرسومة والنتائج المحققة. فالتعليم إذن هو الذي يشارك فيه كل الفاعلين بالمؤسسة ويساهمون في اتخاذ المبادرات والقرارات من أجل تطوير حسن الجودة والارتقاء بها.
وقد حدد التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع ملخصه لسنة 2005، أبرز فيه مبدأين لقياس التعليم: "فالمبدأ الأول يحدد النمو المعرفي للدارس، باعتباره الهدف الصريح الرئيسي لكافة النظم التعليمية، ينظر إلى النجاح الذي تحرزه تلك النظم في تحقيق هذا الهدف، باعتباره مؤشرا على مدى جودتها. أما المبدأ الثاني، فإنه يشدد على دور التعليم في النهوض بقيم مشتركة بين الجميع وفي تعزيز النمو الإبداعي والعاطفي، وهما هدفان يصعب إلى حد كبير تقييم مدى النجاح في تحقيقهما"(23).
هذا يعني أن تحقيق هدفي النمو المعرفي وتعزيز مجموعات من القيم والمواقف والمهارات والكفايات التي تشكل أهدافا عامة لجميع النظم التعليمية، يعتبران مؤشرا من شأنه إعطاء خريطة مفيدة للجهود الرامية إلى تحقيق الجودة ومراقبتها وتحسينها.
3- علاقة الجودة بالدعم التربوي (المؤسسي):
إن تحقيق الجودة في المؤسسة التربوية يتطلب منهجية وإجراءات عملية، وبمقتضى آليات محددة يشارك فيها الفاعلون داخل هذه المؤسسة من أساتذة وإداريين وتلاميذ. ولذلك فإن عملية الدعم المؤسسي تتوقف على التحديد الدقيق للمواصفات التي يكون توفرها في نشاط من أنشطة التعلم دليلا على إتقانه وجودته، حيث يمكن ملاحظته فيما ينتجه المتعلمون من إبدعاءات وإنجازات، سواء كانت في صيغة معارف أم مهارات.
ومن المؤكد أن تحقيق الجودة تساهم فيه الإدارة التربوية أيضا، لكونها فاعلا مساهما في مشروع المؤسسة، ومخططا لاستراتيجية الدعم ومدبرا ومنظما لها، فهي قوة اقتراحية ومورد بشري ينشط الحياة المدرسية ويعطيها الفعالية، وبهذا فإن مسؤوليتها تتجلى أيضا في الارتقاء بجودة التعليم داخل المؤسسة التعليمية من خلال الخدمات التي تقدمها للتلاميذ بما فيها الدعم والتقوية.
فالجودة ، من زاوية الدعم المؤسسي وفي ارتباط معه ،لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار مشروع المؤسسة، ذلك أن العلاقة بين الجودة والدعم تتجسد من خلال هذا المشروع.فالدعم يشكل مكونا من مكونات مشروع المؤسسة الذي يعد نمطا لتنظيم الفعل التربوي عن قرب ونقله إلى مستوى أفضل باعتماد بيداغوجيا فعالة يكون (الدعم) أحد عناصرها، فتضمن للتلميذ نجاحا أفضل وتعمل على تصحيح التعثر الدراسي وملء الفراغات الموجودة في مردوديته معرفيا ومهاريا وكفائيا، وتأهيله لمواجهة الاستحقاقات المختلفة في حياته الدراسية (فروض، امتحانات) وتحسين أدائه وإنجازاته.
من هنا فإن العلاقة بين الجودة والدعم التربوي المؤسسي، هي علاقة تلازم، ينبغي تفعيلها لتنظيم الفعل التربوي والتعليمي بشكل معقلن وهادف، وإثارة الوعي لدى الفاعلين داخل المؤسسة بمهامهم في الارتقاء بالجودة وتحسين نتائج التلاميذ خاصة المتعثرين منهم، وذلك من خلال تخطيط وتنفيذ جماعيين، وخلق دينامية تحاول تقديم أجوبة على تحديات متعددة كمحاربة الفشل الدراسي والهدر المدرسي.... وذلك بالتكيف أكثر مع حاجات التلاميذ وانتظاراتهم حتى تصبح المؤسسة فضاء اعتزاز وتأهيل، ما دامت قيمتها رهينة بخدماتها وإنتاجيتها التي تدعم لدى التلاميذ روح المواطنة وتولد لديهم سلوكات الانضباط الذاتي عوض الضبط والزجر، وتخلق عندهم الميل إلى الالتزام بدل الإلزام والإكراه، وما دام هذا التلميذ يشعر أن مؤسسته تقدم له خدمات لها صلة مباشرة بمعيشة اليومي الدراسي، وأن المشرفين على أنشطة الدعم في إطار مشروع المؤسسة منشغلون بمستقبله الدراسي.
نستخلص من خلال ما سبق أن الدعم المؤسسي صار اليوم وسيلة لتحقيق الجودة متجلية في مردودية التلميذ معرفيا ومهاريا لخوض الاستحقاقات التقويمية المحلية والجهوية والوطنية. فلا يمكن للدعم ان يحقق جودة قي غياب التخطيط ووضع الأهداف والتنسيق والتشاور والتفاعل بين الأطراف المتدخلة التي يشترط فيها التوفر على جودة في التكوين التربوي والعلمي.. وإن إجراءات هذا الدعم ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار الوضعيات التي تناسب مسار التعلم لدى التلاميذ وتلائم تدرجهم وذلك بناء على المعطيات المستقاة من عمليتي التشخيص الاستطلاعي والتقويم القبلي. ويشترط في التدخلات الداعمة أن تقاس في الأخير بدرجة تحقق الاهداف المنشودة قي حدود معينة.
الهوامش
1- الميثاق الوطني للتربية والتكوين- المجال الثالث، ص: 47.
2- ينظر في هذا ما قاله السيد وزير التربية الوطنية على خلفية تنظيم منتديات الإصلاح جهويا وإقليميا ومحليا - مغرب التربية، التقرير العام حول منتديات الإصلاح، ص: 6.
3 - ذ. فائزة السباعي، "هل رهانات الجودة اختيار أو استراتيجيات وظيفية للإصلاح "، الاتحاد الاشتراكي،16/ 3/ 2005.
4- شرف الدين حلمي، مفهوم الجودة، وحدة الإنتاج التربوي، أكاديمية جهة الشاوية ورديغة، ص:1.
5 - وزارة التربية الوطنية: تكوين معلمي السنة السادسة من التعليم الأساسي 1986، ص: 25.
6 - بيداغوجيا الدعم، سلسلة علوم التربية، ص: 12.
7 - الملتقى التربوي الخاص بوضع المعالم الرئيسية الاستراتيجية للدعم التربوي، يوليوز 1998.
9 - مشروع الدعم والتقوية في السلك الثاني من التعليم الأساسي - تجربة نيابة الرباط، جريدة معالم تربوية العدد 10 يناير 1997.
9 - علمي شنتوفي مصطفى، بيداغوجيا الدعم والتقوية بين التنظير والتطبيق، جريدة معالم تربوية، العدد 9 دجنبر 1997.
10- مقتطفات من المنهاج العام للدعم التربوي - ملحق المذكرة رقم 42 بتاريخ 28/ 03/ 2000 ص: 4.
11- بيداغوجيا الدعم، سلسلة التكوين التربوي- الكتاب السادس، ص: 7.
12 - ذ محمد الدريج، الدعم التربوي، سلسلة عالم التدريس، الكتاب السادس، ص: 25.
13 - كتاب مرجعي في الدعم التربوي، من إعداد اللجنة المركزية للدعم التربوي، السنة الدراسية 98/99. ص:214.
14 - ع. الواحد المزكلدي، الدعم التربوي، من أجل بداغوجيا فعالة، لقاء 8 مارس 99/ تنظيم المركز الأكاديمي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي، أكاديمية بني ملال، ص: 415.
15- الدعم التربوي، من أجل بداغوجيا فعالة، مرجع سابق، ص: 16.
16- كتاب مرجعي في الدعم التربوي، مرجع سابق، ص: 75/76.
17- عبد الله لحرش، الجودة التعليمية والأستاذ، إضاءات وإشارات، جريدة الاتحاد الاشتراكي 16/03/2005.
18- كتاب مرجعي في الدعم التربوي، مرجع سابق، ص: 38.
19- الجودة التعليمية والأستاذ، إضاءات وإشارات - مرجع سابق.
20- كتاب مرجعي في الدعم التربوي- مرجع سابق، ص: 38/39.
21- مفهوم الجودة، مرجع سابق، ص: 4.
22- نفس المرجع، ص: 1.
23- ملخص التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع، ضرورة ضمان الجودة، UNESCO PUBLISHING ص: 5.