الاثنين ٣١ آذار (مارس) ٢٠٠٨

الروائي محمد أنقار في لقاء مفتوح حول روايته

بقلم: سليمان الحقيوي

الرواية هي التي تملي على صاحبها الصيغ الأسلوبية أو البلاغية، والإبداع لايتحرك بالمشاعرفقط، بل بالأحاسيس الفنية والإنسانية معا.
بفضاء قاعة الندوات بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، ضمن الحلقة الأولى من سلسلة "تجارب إبداعية" نظمت شعبة اللغة العربية مؤخرا لقاءا مفتوحا مع الروائي العربي والمغربي الدكتور محمد أنقار بمناسبة صدور روايته الجديدة "باريو مالقه".

وقد سبق للأديب محمد أنقار أن حاز على جائزة المغرب للكتاب عن كتابه "قصص الأطفال بالمغرب" سنة 1998، كما أصدر عديداً من الأعمال الإبداعية والنقدية. ففي مجال الإبداع صدرت له ثلاث مجاميع قصصية: "زمن عبد الحليم"(1994)، و"مؤنس العليل"(2003)، و"الأخرس"(2005)، ورواية "المصري" (2003)، فضلاً عن سلسلة قصصية للأطفال(2006). وفي مجال النقد صدر له "بناء الصورة في الرواية الاستعمارية"(1994)، و"بلاغة النص المسرحي" (1996) و"قصص الأطفال بالمغرب"(1998 و"صورة عطيل" (1999)، و"التركي: الرجل الذي طار بالدراجة" (2000)،و"ظمأ الروح أو بلاغة السمات في رواية " نقطة النور "لبهاء طاهر (2007)في طبعته المغربية عن منشورات مرايا، ثم عن دار الانتشار العربي بلبنان. وقد تميز هذا اللقاء بحضور أساتذة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان وأعضاء من منتدى السرد الأدبي بتطوان، وممثلي المركز الثقافي الأندلس، وبعض ممثلي الصحافة الوطنية والعربية وإذاعة طنجة وتطوان وعدد من المبدعين والمشتغلين بالحقل الأدبي (محمد مشبال،محمد عز الدين التازي، عبد اللطيف أقبيب، محمد الإدريسي ،البشير الدامون، عبد الواحد العلمي، محمد المعادي، أحمد المخلوفي، عبد الجليل الوزاني، خالد أقلعي، حسن الغشتول محمد الردام، محمد الفهري،هشام مشبال، سعاد أنقار، لبنى الفقيهي،..)، وعديد من الباحثين والمهتمين. وقد أدار هذا اللقاء الباحث عبد السلام دخان الذي أكد أهمية المشروع الثقافي الذي خطته شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة للاحتفاء بالمبدعين المغاربة وبمختلف الأجناس الأدبية، وهو الأمر الذي أكده الدكتور عبد الرحيم جيران في كلمته التي أشار فيها إلى ضرورة عودة المثقف إلى الاضطلاع بأدواره الطلائعية في الاحتفاء بالأدب والثقافة.

بعدها تناول الكلمة المحتفى به محمد أنقار مبتدئا بقراءة مقطع صغير من روايته المعنون بحارة الباريو جاء فيه: "ما أجمل أن يكتب كاتب عن موضع أليف إليه تتردد إليه أو تسمع عنه باستمرار، ثم تراه ذات يوم مصورا بالأحرف والكلمات على الورق المطبوع..". والحقيقة إن هذا الاختيار لم يكن اعتباطيا، بل يعكس إلى حد كبير موقف أنقار من الكتابة عن المدينة التي يعشقها. وهذا الهاجس بالإضافة إلى مقاصد أخرى هو الذي حركه في روايته الأولى"المصري" التي احتفت بأمكنة تطوان العتيقة وتصويرها روائيا. ورواية الباريو تمشي في ذات السياق، إنها تعيد الحياة إلى حارة مألوفة لجميع التطوانيين، إنها رواية الأحاسيس الإنسانية بامتياز، ليختم حديثه بطرح تساؤل عن مدى صدق هذه الدعوى: إلى أي مدى يمكن أن يعيد العمل الروائي الحياة إلى المألوف؟ هل يستطيع فعلا أن يجدد الحياة من حولنا ويقضي على أجواء الألفة التي نحياها ي محيطنا الذي تعودنا النظر إليه بمنظور أحادي ثابت؟

وقبل أن يعطي الكلمة للحضور اعتبر الأستاذ عبد السلام دخان أن رواية "باريو مالقه" تأتي تتمة لتجربة أنقار الروائية (رواية المصري) الصادرة عن دار الهلال المصرية وانسجاما مع التصور النقدي الذي صاغه أنقار لنفسه منذ كتابه النقدي "بناء الصورة في الرواية الاستعمارية" ووصولا إلى كتابه الأخير "ظمأ الروح". ورواية "باريو مالقه" تذكرنا بالروايات التي لاتنصاع لمقولات نظرية جاهزة بقدر ماتنصاع لسياقها المخصوص، واعتبر أنها رواية الرومانس والتخييل المفتوح.

وأبدى الحضور اهتماما خاصا بالرواية لكونها تحتفي بجماليات المكان وبتاريخ مدينة تطوان، الأمر الذي أثار قضايا نقدية كبرى حول الأبعاد الرمزية والإنسانية، وتداخل التاريخي والجمالي في الرواية، ومقصدية الكاتب، وطرائق توظيفه للمعلومات الواقعية، وسير شخصياته الروائية.

الروائي محمد أنقار أكد الأهمية الحاسمة للنقد والمقاربات المتعددة لأي عمل روائي. حيث رأى أن كل عمل روائي يفترض مدخله الخاص، وأان التواشج والانسجام يتمان باستحضار شخصية المبدع ،كما أن الجمال وثيق الصلة بالمواصفات الخارجية، ومن ثمة فكل بلاغة لابد أن تكون متضمنة لأبعادها الاجتماعية. والإبداع المسؤول يجب أن يتسم بالإحساس بالمسؤولية. إن رواية "باريو مالقه" رواية مفتوحة، برهنت على ذلك عندما جعلت شخصية سلام لاتصل إلى امتحان الباكالوريا من حيث إن هذه المرحلة التعليمية تتسم بطابعها الحاسم، وقد ألححت، يقول الكاتب على ترك سلام في منتصف السنة الدراسية حتى لا أكتب الرواية بطريقة كلاسية. وبـَتـْر النهاية نمط من أنماط التعبير الجمالي الذي لا يخلو من تشويق. إن طبيعة المكان هي التي تملي على المؤلف نمط الوظيفة التصويرية، وهي التي جعلت الفقيه الصنهاجي شخصية متوترة وقلقة داخل الرواية.

بعد ذلك قدم المحتفى به كلمة شكر في حق شعبة اللغة العربية بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل ومديرها، واللجنة التنظيمية لسلسلة "تجارب إبداعية" في شخص الدكتور عبد الرحيم جيران والباحث محمد العناز، والحضور الكرام. ليختم هذا اللقاء بحفل توقيع العمل الروائي "باريو مالقه" وحفلة شاي أقيمت على شرف الحاضرين والمحتفى به.

بقلم: سليمان الحقيوي

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى