الجمعة ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم أحمد الخميسي

السيدة جـــيـــنـــــا لــنـــدن ترصد أدق الرغبات

أعلنت السيدة جينا لندن مديرة المعهد الجمهوري الدولي في مصر أن المعهد يتعامل على حد قولها مع " الحزب الوطني الحاكم وأربعة أحزاب معارضة هي الوفد والغد والناصري والتجمع "، ونشرت جهات كثيرة أن المعهد التقى بالفعل بنحو سبعين قياديا من الأحزاب الخمسة .

تصريح جينا لندن المذكور جاء بعد أن طلبت وزارة الخارجية المصرية من المعهد وقف نشاطه في مصر لحين حصوله على تصريح رسمي بالعمل. وكانت الإدارة الأمريكية قد افتتحت فرعا لمعهدها الشهير في القاهرة في أغسطس العام الماضي ، وباشر الفرع عمله من مقره الفاخر في الزمالك ، وأقام احتفالات حضرها ما يعرف بالنشطاء السياسيين ( أنشط الناس في تلقي الأموال الأمريكية المشبوهة) ، وفي واحد من تلك الاحتفالات قالت جينا لندن : " إن معهدنا سيجمع تقارير من الأحزاب المصرية عن القضايا التي تهم المعهد " ، وأن دور المعهد هو : " العمل مع مؤسسات المجتمع المدني على تعزيز الديمقراطية في العالم ".

وتعزيز الديمقراطية الذي تتحدث عنه جينا لندن ، هو هدف عظيم يختلف تماما عن تعذيب الديمقراطية في معتقلات أبو غريب ، وجوانتانامو ، والمعتقلات الأمريكية السرية الأخرى في العالم ) . المعهد الجمهوري المذكور تشكل بعد افتضاح الدور القذر لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في تدبير الانقلابات ، والتدخل العسكري ، واغتيال قادة حركات التحرر في العالم ، بحيث أصبح من المطلوب تشكيل هيئة أخرى ، تحدث عنها الرئيس الأمريكي السابق ليندون جونسون ، تبدو مستقلة ، وتجمع بين جهود الحكومة والقطاع الخاص ، وبذلك تشكل " المعهد الجمهوري الدولي " عام 1983 ، كواجهة للمخابرات تقدم الدعم للمنظمات غير الحكومية التي تقدم التقارير لها ، وهكذا تلقت المنظمات المصرية من صندوق المعهد عام 2003 ستمائة ألف دولار ، وحصلت المعارضة الإيرانية على خمسة وسبعين ألف ، وتلقت منظمات الدفاع عن المرأة في الأردن مائتي ألف دولار ، وتنفق تلك الهيئة بسخاء على استطلاعات للرأي ، وأبحاث جامعية ، وأحزاب سياسية ، ونقابات وصحف ، وغير ذلك ، عملا بمبدأ " نفيد ونستفيد " . وقد صرح أحد المسئولين عن برامج المعهد بأن أهداف المعهد في مصر هي : " دعم التعددية ، وقدرات الأحزاب السياسية ، والقيام ببحوث لرصد رغبات المجتمع المصري ". المعهد يتلقى تمويله من " صندوق الوقف القومي للديمقراطية " أي عبر الكونجرس الأمريكي ولذلك تجد المعهد مهتم جدا بأي رغبة ولو بسيطة تخطر للمجتمع المصري ! ويمتد اهتمام المعهد من أفغانستان والعراق مرورا بالأردن والمغرب والبحرين والضفة الغربية وغزة . والمعهد سئ الصيت هو الذي شارك بشراء المثقفين والمنظمات في دول كثيرة من أجل تمرير السياسة الأمريكية ، وهو الذي قدم الدعم ليوشنكو في الانتخابات الأوكرانية ، وساعد الحركات الموالية لأمريكا في هايتي ، وأعد للانقلاب العسكري الذي وقع عام 2002 في فنزويلا للإطاحة بالرئيس هيجو شافيز .

هذا هو المعهد الذي تقول جينا لندن مديرته في مصر إنها تتعامل مع الحزب الوطني وحزب الوفد والغد والناصري والتجمع ، كما تقول إن معهدها سيقيم ورشة عمل للأحزاب في شهر يونيو الحالي تشتمل على دورات تدريبية بشأن " كيفية جمع الأموال " ! والحق أن دورة كيفية جمع الأموال في اعتقادي زائدة عن الحاجة ، لأن النشطاء السياسيين عندنا ليسوا بحاجة لمن يعلمهم ، فهم موهوبون بالسليقة والفطرة في ذلك المجال . ومع ذلك فإن تكرار المعلومات لا يضر لمن أراد المراجعة . أما عن السبب في نشاط السيدة جينا لندن فهو أن هناك على حد قولها : " تيارا ديمقراطيا موجودا في مصر منذ 25 عاما، لكنه لم ينجح في إحداث تغيير؛ كونه لم يتلق مساعدة كالمساعدة التي حصل عليها التيار الديمقراطي في كل من رومانيا وأوكرانيا".

ما لم تفسره السيدة جينا لندن وهي تجتهد لرصد أدق رغبات المجتمع المصري ، هو تعامل المعهد على قدم المساواة مع الحزب الوطني الحاكم وأحزاب المعارضة . ولا يفهم من ذلك سوى أن المعهد يقدر أن الخلاف بين المعارضة والحكومة ليس كبيرا ، وأن المعهد الجمهوري الدولي يرى أن دور المعارضة هو إضعاف الحكومة ، ودور الحكومة هو إضعاف المعارضة ، بعيدا عن كل أهداف التطور المصري الحقيقي، ولمجرد أن تفتح الأبواب على مصراعيها للوجود الأمريكي مالا ، ونفوذا ، وسياسة .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى