
الشاعر سعود الأسدي وفنّ الشعر
كتب محرر زاوية الفن في صحيفة "القدس" الصادرة في فلسطين قال:
من المعر وف أنّ الفنون سبعة وهي : الشعر والغنــــاء والموسيقى والرقص والرســــم والنحــت والتمثيل ، وقد صدر للشاعر الفلسطيني : سعود الأسدي كتاب جديد رائع بعنوان ( إشراقة الشعر الغنائي اليوناني ) عن " زرقاء اليمامة للنشر" في مدينة الناصرة.
ومن الملفت للانتباه في هذا الكتاب الثقافيّ الجادّ الذي يتناول فيه الأستاذ الأسدي سبعة عشر شاعرًا يونانيًا من القرنين السادس والخامس قبل الميلاد نظرته الفنية العميقة للشعر فهو يراه ملازماً للموسيقى والغناء ، وأنّ علاقة هذه الفنون ببعضها أوجدتها ضرورة فطريّة . وقد تحرّاها المؤلّف في الحضارات القديمة البابلية والفرعونية واليونانية من صفحة 14ــ24 منوِّهاً بغناء الشعر العربي في العصر الجاهلي والأموي والعباسي من خلال كتاب الأغاني للأصفهاني وسواه من مؤلّفات الموسيقيين وعلماء أوزان الشعر وقوافيه في الشرق والغرب منذ القديم إلى العصر الحديث .
وحين ترجم المؤلّف لأولئك الشعراء الإغريقيين وعلى رأسهم الشاعرة الغنائية العالمية الأولى سافو ثم ألكايوس وهسيودس وسيمونيدس وبندار إلى آخره .. فإنّه لم يبتعد عن مقولة الشعر ملازم للموسيقى والغناء ، ولذا تراه عندما عرّب قصائدهم رأيناه قد اختار أسلوب الشعر العمودي المعتمد على البحر والوزن والقافية ، كما هو متّبَع في شعر العرب . وأرى أن الأستاذ سعود الأسدي وهو الشاعر المتمكّن من فن الشعر واللغة العربية قد استوفى شروط الترجمة بجمالية وأناقة فائقتين ، وحتى في تصميمه الكتاب عندما استخدم صور الشعراء القدماء وهم يضربون على آلة اللير (Lyre ) التي منها جاء اسم Lyrical Poetry أي شعر غنائي .
وإذا كان المتنبي قد قال :
وما الدهرُ إلاّ من رواة ِ قصائدي
إذا قلتُ شعراً أصبح الدهرُ منشدا
فسار بــــــه من لا يسيرُ مشمِّـراً
وغنّى بــــــــه من لا يغني مُغـَرِّدا
فإن بندار الثيبيّ يقول :
قصائـــــدي غَـرِّدي في كلِّ ناحية
فليس بالشعر ِ ما لا يبعـثُ الطربـــا
وَلْتَخْرُجي من " إجينا " فوق جاريةٍ
في اليَـمِّ تمخـرُ لا تخشـى لـه غَضَبا
أو زورق ٍ قد غدا في البحرِ منطلِقاً
إنْ موجــةٌ صادفتـــــه فوقهـــا وثبا
وهكذا يظلّ الشعر والموسيقى والغناء ثالوثـًا متلازمًا وإن بدا لبعضهم أنها فنوناً منفصلة غير متداخلة في بعضها بعضاً .
ومن الشعر الغنائي اليوناني اخترت هذه الأغنية من أغاني الزفاف للشاعرة الغنائية سافو :
يا عـــروس ! العـــريس عـــزّه يدومْ
يا عــــريس ! العروس نجمـة النجومْ
يا عريس ! العـــــروس غصنها يميس
يا عــــروس ! العريس شبـــه أدونيسْ
فانعمـــــا بالرفـــــــاء مثلمـــا نشـــــاءْ
وافرَحْـــنَ ياعذارى واشرَبْنَ الكؤوسْ
فالعريس والعـــروس مُنيـــــــة النفوسْ