
الشاعر موسى حوامدة
أن يصبح الدم العربي مباحا بهذه الطريقة فهو يفقد طعم الشهادة وطعم الموت الفلسطيني.
نرضى أن نكون قرابين للإنسانية أولا؛ ولكن للعرب على وجه الخصوص،
الشعر في هذه المرحلة سيشهد مرحلة تراجع وانحطاط
لكل لقاء قصة، أو ثمة حكاية قد تظل بعيدة.. مجهولة إلا لصاحبها الذي عايشها، قد لا تخرج عن الذاتية، وقد تتجاوزها لمواقف أكبر، بدايات مغايرة ومصادر مختلفة المشارب والجنسيات والأجناس، متغايرون في الأفكار والرؤى، وإن كان جمعهم كلهم عطر إلهي حبوا به فصاروا مميزين عن غيرهم، وإن كان لكل منهم لونه وعالمه الخاص، إلا أنهم جميعا ملهمون بصنعة الشعر.
في عاصمة الحياة «القاهرة» كان لقاء مميز مع شاعر عاشق للحياة، محب للموت ينشد دائما أنشودة لا يجيدها سواه، لقاء تنابذته الكثير من الشجون، وانتابه أسى في ظل الدماء العربية التي تراق يوميا وعلى مدار عام مضى، هو عام «الربيع العربي»، والذي أظهر كم أن للحرية ثمناً لابد للشعوب أن تدفعه، لقاء نم عن رؤية فلسفية، وقراءة متأنية للأوضاع وللمواقف من حوله.
مع الشاعر المبدع «موسى حوامدة» كان اللقاء الذي بدأ بقصيدة «لصحبة الريح»، من ديوانه «سلالتي الريح ..عنواني المطر»، والذي به أطل حوامدة إلى الجمهور المصري، قبل عامين في طبعته الثانية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بعد مشوار حافل بالأعمال الإبداعية.
يقول حوامدة في بداية اللقاء: «هذه القصيدة أحبها، أرتاح كثيرا بقراءتها، ولا أعرف لم»... يقرأ القصيدة بصوت هادئ: لصحبة الريح شبه بالنحيبنأوي إلى ذكريات الناي، نحتمي بالذي مضىكي تنجو الغانيات من نزوات الحريرتستوي بين أيدينا الخطيئة والسماء
وبعد أن يجول طويلا في قصيدته الأثيرة يبدأ الحوار...
– «سلالتي الريح ..عنواني المطر» ديوان تعتبره بداية مرحلة مغايرة في مشوارك الشعري حصلت به على جائزة المهاجر العالمية فما الذي تمثله لك هذه الجائزة..؟
– القصيدة عندي أهم من الجوائز، ولا أعتبر أن الجوائز لها أية قيمة في الإبداع لأننا نرى الكثير من الجوائز التي منحت لكتاب وكتب، وحينما نقرأ هذه الكتب نصاب بخيبة أمل، فأنا لا أسعى إلى الجوائز لأني لا أحب أن يصاب القراء بخيبة أمل كما أصاب أنا بخيبات أمل كثيرة، لذلك لا أعتبر الجائزة على الإطلاق-مع احترامي- لها أية قيمة إبداعية، القيمة في الإبداع نفسه وفي القصيدة، القيمة في مغايرة الوجود، وما إذا كانت هذه القصيدة تصدر فعلا من قلب شاعر له نظرة ورؤية في الوجود وليس مجرد تصدير كلمات لا معنى له.
– الموت..ما الذي يمثله لك؟
– الموت حياة، ولكن الموت أصبح قهوة الصباح، وإفطارنا وغداءنا وعشاءنا، فأنت ترين الآن الموت الذي حصل في بورسعيد، والموت الذي يحصل في سورية يوميا بالجملة، والمجازر التي ترتكب بالجملة، والألم الذي يرتكب بالجملة، والموت الذي أصبح حياة يومية للأمة العربية.
– لم تعد الوردة حمراء كلون الدم الفلسطيني فقط..
– نعم وهذا ما يقهرني، أنا أقول للعرب دعونا نكون قرابينكم، لماذا تصرون أن تنافسونا حتى في الموت، لماذا..!!؟؟ نحن نموت قربانا لكم، فلماذا تحبون الموت مثلنا نحن نموت من أجل حياة، ونحب أن تكونوا أبناء حياة، أن تحبوا الحياة، أن تولدوا فيها لا أن تقتلوا أنفسكم بهذه الطريقة البشعة، بغض النظر عن الخلافات الكروية، والخلافات السياسية، والخلافات الإقليمية التافهة والسخيفة، أما نحن؛ فنحن مثل المسيح، نحن مخلصو العرب، مخلصو الإنسانية من عذاب ضميرهم، بتنا متعودين أن نسمع بأن الفلسطيني يقتل منذ مذبحة البراق في الخليل، إلى مذبحة دير ياسين، إلى كل المذابح التي تمت وبالمناسبة فهناك مذابح لم تنشر على الإطلاق، قرى فلسطينية ماتت بالعشرات، وحتى المذابح التي تحدث حتى لفلسطينيي الشتات خارج فلسطين، كلكم تعرفون ذلك، فليس من قبل الإسرائيليين فقط، بل من قبل عرب مات فلسطينيون، ولكن نحن كنا نرضى ذلك.. نرضى أن نكون قرابين للإنسانية أولا؛ ولكن للعرب على وجه الخصوص، أما أن يصبح الدم العربي مباحا بهذه الطريقة فهو حقيقة يفقد طعم الشهادة وطعم الموت الفلسطيني.
فأنا حقيقة تحدثت عن الموت لأنه هو الأكسجين الذي نتنفسه منذ 2003 بسقوط العراق، واحتلال بغداد، وموت أبي في 1/5، وموت أمي في 18/5/2003، وانفتح العالم العربي على موت أشبه بالملحمة، فالموت في كل مكان، حتى الثورات العربية حينما تدفق شلال الدم كأن هذه الأمة تحب القتل، كأننا مازلنا في معركة حطين، رغم أننا كان بإمكاننا أن نغير كل شيء بدون كل هذه الدماء.
– هل هي أزمة الديكتاتور العربي..؟
– ليست أزمة الديكتاتور فحسب، الأزمة في بنية العقل العربي نفسه، إذا كان الديكتاتور يعطي أوامر بالقتل والتعذيب، ألا توجد رحمة في قلب من ينفذ الأوامر، حسني مبارك ليس شرطيا، فهو ليس الشرطي الذي ينفذ كل هذا القتل وكذلك القذافي وغيره من الحكام العرب، لكن القسوة الموجودة في روحنا تجاه أنفسنا عجيبة جدا.
– وبرأيك ما السبب في هذه القسوة..؟
– هذه القسوة مرض.. خلل في بنية العقل العربي، البيئة، التربية، الثقافة، وربما حتى التدين أيضا رغم كل آيات الرحمة، لكن تبدو هذه القسوة تجاه النفس، تجاه الجار، الآخر، ثم إن لدينا ثقافة مراوغة جدا بحيث أمتدح الأشياء وأنتقدها في آن واحد، فأقول التفاح جميل لكنه معطوب من الداخل، والتفاح المفيد أيضا للصحة هو رمز الخطيئة فلا تقربوا التفاح واقربوا التفاح، فاللغة مشتتة، والثقافة مشتتة، وهي تخلق منا الطيب والشرير في آن واحد، وإلا كيف يتحول جمهور ذهب ليشاهد مباراة إلى قتلة..!!
– عنصر المؤامرة هل تستبعده..؟
– حتى وإن كانت هناك مؤامرة، فمن اليد التي تلقت المؤامرة..!! أيضا الرحمة حتى لو طلبوا منك أو دفعوا لك مليارات الدولارات لكي تقتل فهل تبيد العشرات..؟؟ أنا لا أستبعد نظرية المؤامرة، لكني أقول أيضا من يقتل شقيقه يقتل نفسه.. ويقتل أحلام أمة كاملة، أحلامنا مع بداية الربيع العربي كبرت وازدهرت وعلت إلى عنان السماء، لكن؛ أن يتم ذبحنا بهذا الشكل المجاني فما معنى ذلك.. إلا قتل أحلامنا.. ما الذي يجري في سوريا الآن وأية قصائد يمكن أن تكتب عن سوريا الآن.. ذبح بالمئات ولم..؟ من أجل تثبيت نظام حكم..!! فلتذهب كل الأنظمة إلى الجحيم، أنا في نظري ألم أم واحدة ودمعة طفل واحدة، أو دم شاب مهدور أثمن عندي من كل الزعماء العرب بلا استثناء.. ما يجري في سوريا حرام..ظلم.
– وهل للمثقف العربي دور يقوم به الآن..؟
– يمكن للمثقف العربي، والمفكرين العرب أن يقوموا بأدوار كبيرة في هذا المجال، لكن للأسف الشديد السلطات السابقة أو الأنظمة السابقة اخترقت أرواح الكثير من المثقفين وأصبحت أرواحهم معطوبة وأصبحوا أنانيين يبحثون عن مكاسب شخصية، موالين للسلطة، بعدة وجوه في نفس الوقت، ولذلك صارت ثقافتنا العربية للأسف الشديد ثقافة مراوغَة، وحتى كثير من شعرائنا الكبار والمعروفين ولا أريد أن أذكر أسماء يمارس أشياء على عكس ما يقول، يكتب عن الحرية ويمارس الديكتاتورية، يكتب عن حرية المرأة ويضطهد المرأة، شيزوفرينيا متعددة الأوجه، وقد نكون بحاجة لمثل الصدمة التي جرت ببورسعيد، أوفي حمص، لعل الصدمات التي كانت تحدث في فلسطين لم توقظ العقل العربي من سباته وغفوته الشديدة، ونحن للأسف الشديد لا نريد ذلك، لا نريد أن تحدث مذابح لكي يصحو العرب من سباتهم ومن جهلهم وتخلفهم، عدم الاهتمام بالتعليم، عدم الاهتمام بالثقافة؛ استباحة حقوق الآخرين؛ السماح لأنفسنا بالوصاية على الآخر، فهذه الثقافة تسمح لنا بتوجيه الآخر، وقتله في نفس الوقت، هذه الثقافة البطريركية الأبوية، لدينا الشرعية لنقيم، لا يجب لحياتنا أن تكون مبنية على حياة سابقة بـ 1500 سنة.. كفى؛ العالم أصبح مفتوحا، علينا أن نتعلم كيف يعاملون الإنسان كيف يهتمون بالحياة، فنحن للأسف الشديد أصبحنا لا نهتم بأطفالنا، ولا حتى بمرضانا ولا مستشفياتنا، والغش دخل في كل مناحي الحياة، وحتى في صناعة الأدوية وفي المواد الغذائية، فالعالم العربي أصبح للأسف حاوية"زبالة" للكثير من الشركات الغذائية التي لا تستطيع أن تبيع المواد الغذائية لدول فيها مواصفات ومقاييس حازمة فترميها علينا، وتجد الفاسدين الذين يدخلون إلينا هذه البضائع، وتأكدي أنه طالما هناك قوانين تساهم في إدخال هذه البضائع الفاسدة، فهذا مجتمع ذاهب إلى الخراب، والمشكلة ليست في رئيس أو في حاكم، لعل الحاكم والرئيس له يد أخرى ولكن نحن نصوغ الأشياء وفقا لهوانا.
– هل ينقلب الربيع العربي إلى خريف..؟
– ليس المهم في تعداد الفصول ربيع، شتاء، وخريف؛ المهم ألا ينقلب الربيع العربي إلى خراب وفوضى ودمار، ما الذي سنستفيده إذا تحول الحال إلى فوضى وخراب الآن في مصر، وتحولت مصر إلى بلد مثل الصومال، فهل هذا يعني أن القضية الفلسطينية استفادت..!! هل الشعب المصري استفاد، هل الأمة العربية استفادت..؟؟
– لكن مسألة التشبيه بين مصر والصومال صعبة ومستبعدة كثيرا..؟
– ليس هناك شيء صعب أو مستبعد طالما أن الأشرار في أي بلد عربي يريدون أن يحولوه إلى خراب، فهم سيحولونه إلى خراب، إذا كان هناك أشرار لا يريدون لأي بلد أن ينتقل انتقالا سلميا إلى مجتمع مدني ديمقراطي، ويكون هناك أناس حريصون على المجتمع بشكل عام، حريصون على حياة الناس بشكل عام، يستطيعون أن يتخلوا عن أنانيتهم ومصالحهم الضيقة وحزبيتهم، ويضعوا دستوراً حقيقياً وقوانين صارمة تطبق بحيث يتحول إلى مجتمع مدني علماني لأن العلمانية تسمح بوجود حياة حقيقية.
– فكرة وجود المجتمع المدني العلماني صارت مستبعدة بالرؤية الحالية، ففي مصر تابعنا صعودا لتيار الإسلام السياسي في انتخابات برلمانية أتت بتيارات إسلامية على رأس القائمة، ونفس الحال تابعناه في تونس من صعود للإسلاميين، والأوضاع في ليبيا تشير إلى مثل ذلك أيضا، ففي ظل هذا الصعود ألا يساهم ذلك في انتفاء فكرة الدولة المدنية، وما رأيك أنت تحديدا في صعود تيار الإسلام السياسي وقد كان لك إشكالية مع الإسلاميين كادت أن تتسبب لك بالسجن..؟
– على العكس أنا لا أريد أن أضع قضيتي الشخصية، أو أن أفضل الدفاع عن قضيتي الشخصية وأظلم نصف العين، الحقيقة أن الإخوان المسلمين أو أية حركة سياسية- طبعا أنا ضد الأحزاب الدينية بالأساس- لكن كوننا الآن موجودين في مجتمع فيه أحزاب دينية، قبلنا بوجودها، ودخلنا فيها وصار لها أفق عربي أو إسلامي حتى، وإذا كنا نريد مجتمعاً مدنياً علمانياً، فيجب أيضا أن نتقبل الآخر، لكن شريطة أن يتقبلني هو أيضا، أنا أتقبل الديمقراطية أن تأتي من الإخوان، لكي يكون عضواً في البرلمان، أو رئيسا للحكومة، وحتى رئيسا للجمهورية، شريطة أن يتقبلني هو أيضا، ويقبل فيما لو جئت أنا أيضا كرئيس لتيار آخر، فلا يعني أنه إذا وضع دستور علماني أن الإخوان سيقلبون الحياة إلى جحيم، هو سيقبل شروط اللعبة الديمقراطية، وإذا قبل بشروط اللعبة الديمقراطية، فأهلا وسهلا به.
– لكن في السابق وحتى في ظل الحكم السلطوي فقد عانى المثقف من بعض التيارات الإسلامية في وقت كانت فيه ممنوعة، فما بالنا وهي على رأس السلم السياسي، تفتح له الآفاق ليحكم ويتحكم..؟
– التيار الإسلامي في السنوات السابقة لم يكن معترفا به فكان يريد أن يستغل أية قضية، قضية حيدر حيدر، أو قضيتي مثلا أو أية قضية، ولكن حينما يصبح هو صاحب الحكم وصاحب القرار، لن تحدث مثل هذه الأشياء، و سيكونون أكثر اتساعا للأفق، وهذا تصوري، فأنا أتصور أنه إذا وصل للحكم فإن أمامه الكثير مما سيفعله في قضايا مصيرية، ولن ينشغل بقضايا بسيطة مثل قضايا الثقافة وغيرها، وإذا ما كان بعيد النظر واستطاع أن يصنع مجتمعا مدنيا ويحقق نموا اقتصاديا، فأهلا وسهلا به وأنا حتى لا أمانع أن أكون في حزب إخوان مسلمين، إذا كان حزبا حقيقيا ينظر إلى مصلحة البلد، إلى مصلحة المجتمع، بعيدا عن التطرف، بعيدا عن العقلية الماضوية، بعيدا عن العقلية الاتهامية، وأن يترك الفكر حرا كما قال الغنوشي، وكما عبر الكثير من المفكرين، مثل محمد سليم العوا، أو غيره من المفكرين الإسلاميين المستنيرين، ففي أوربا أيضا أحزاب مسيحية تتسلم الحكم ولا أحد يحتج، ولكنها لا تغير طبيعة المجتمع، ومن هذا المنطلق أهلا وسهلا بالديمقراطية العلمانية التي تقدم الأخ المسلم، وحتى من أي حزب كان.
– في حال أتت "رياح الربيع العربي" أكلها، فما التصور المطروح لواقع الثقافة العربية، خاصة و أن الثقافة هي الأساس في بناء المجتمعات وفي رقيها وتقدمها..؟
– نحن الآن في حالة ارتباك شديد، أولا تعودنا طيلة ما يزيد على 50 سنة، طيلة القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين على أنظمة شمولية، سواء قومية بعثية أو غيرها، فأنت تعرف توجه هذا الحزب، والمثقفون يتعاملون مع هذه التيار أما الآن فنحن في حالة فوضى وفي حالة ارتباك، توهان، فلا المثقف يعرف ما الذي سيحصل، أو لديه رؤية أو تنبؤ لأنه لم يتنبأ أحد بالثورة أو الربيع العربي، ولا حتى المفكرون والسياسيون لديهم رؤية لما سيحدث، فكل شيء متوقع وكل شيء جائز، ولا نعرف هل سيعيدوننا إلى الماضي، هل سيغلقون علينا العقول..!! فالمجتمعات خاصة في مصر والشام وصلت لمرحلة حضارية لا تحب العودة إلى الوراء، الدين يتطور أيضا.. فما كان يقبل في صعيد مصر في بداية القرن العشرين لا يمكن أن يقبل الآن، فهناك حالة من التطور، صحيح أنها قد لا تكون بالمستوى المأمول، لكن الروح أيضا تتغير ووسائل الاتصال والمعرفة أوصلت الناس إلى إدراك الكثير من الحقائق.
– في خضم هذه التحركات العربية والأحداث هنا وهناك.. هل جنى الشعر أية مكاسب...؟
– لا؛ باعتقادي أن الشعر في هذه المرحلة سيشهد مرحلة تراجع، وسيشهد مرحلة انحطاط، ليس لأن الثورة سيئة، لكن لأن الكثير من الكتاب وبعض الشعراء يظنون أن للشعر وظيفة ويعتقدون أن بإمكانهم حتى أن يكسبوا جماهير، أن يكتبوا عن الثورة، ولكنها ستكون كتابة مباشرة وسطحية لا معنى لها.
– أي أن الشاعر النبي لن يعود..؟
– لن يعود.. هم يريدون الآن كما في دكتاتورية شمولية سابقة، أيضا الثورة إذا أرادت أن تكون شمولية وديكتاتورية في الثقافة، سينتج أدب مشوه، لأن أكثر شيء يقتل الإبداع المباشرة والسطحية، وحينما يكون الحدث كبيرا تكون الكتابة أقل من مستوى الحدث.
– لكن الثورات دائما ما يرافقها أدب وإبداع موازٍ، فهل سيتأخر هذا، وهل ما صدر بعد الثورات العربية من إبداعات، على نطاق الشعر والرواية والقص، هو إبداع يمثل هذا الحراك، أم أنك تعتبرها شيئاً آخر، من منطلق مسايرة الحدث..؟
– أعتقد أن كثيراً من الكتاب الواهمين أن مجرد إصدار كتاب عن الثورة كفيل بالترويج والتوزيع، وهؤلاء تجار وليسوا كتابا حقيقيين، رأيت مثلا الكثير ممن جمع مقالات ونشرها، فهذه ليست كتابه حقيقية، حينما تحقق الثورة شيئا من أهدافها، وللأسف الشديد كل ثورات العالم كان لها منظرون، وكانت الأيدلوجيا، أو العقيدة أو الفكر، كروسو، وغيره، كانوا ينظرون للثورة، فالثورة البلشفية كان لها منظرون أيضا، الثورة الفلسطينية، واكبها الكثير من الكتاب العرب والكتاب الذين ينظرون لها، كل ثورات العالم حتى الخوارج كان لهم منظروهم، لكن الآن ولأن الثورة جاءت من القاع فهي ثورة شعبوية بامتياز/، ليس لها قيادات وليس لها منظرون وليس لها هدف. صحيح في البداية طالبوا بإسقاط النظام أو رحيل الرئيس، لكننا اكتشفنا الآن أن هذا ليس كافيا، فرحيل فرد أو رئيس لا يعني رحيل النظام ولا يعني نجاح الثورة، ولا يعني التغيير، ثم ما هو التغيير الذي نريده..؟ فهذا غير مطروح .. لم تطرح علينا الثورات العربية ما هو المجتمع الذي تريده لذلك، هناك مثقفون يتحولون، وقد أجد لهم مبرراً لأن الثورات لم تطرح ثقافة بديلة، لذلك فإن الكثير من المثقفين يعيشون الآن في صمت وفي عزلة ينتظرون، وبات البعض يقولون /وأنا لست منهم/ نتعايش مع ديكتاتور ولا نذهب لنظام دموي شمولي قاتل يقتل الهوية، وأنت ترين ما جرى في العراق للأسف الشديد، والثورة العربية مع احترامنا لهم، وبرغم الشباب والشهداء وترحمنا عليهم، لكن لا قيادات لا برامج ..لا هدف, لذا هناك خوف كبير كبير كبير.
– عودة إلى الشعر وإذا قلنا كيف يمكن لقصيدة أن تنتفي عنها صفتها فتصير "قصائد ليست شعرية"..؟
– قصدت بذلك، وبهذا الاسم بالذات أن هذه القصائد ليست قصائد موزونة على نمط الخليل بن أحمد، ولا على طريقة نازك الملائكة في الشعر الحر، وقذفت بها هكذا على الورق لتكون هذه القصائد ليست شعرية، لتكون ربما يقول القارئ هي شعر أيضا، وهي لها علاقة بالجدل حول شرعية قصيدة النثر، شعرا أو ليس شعراً، أما أنا فلا يهمني، ومستعد حتى أن أكتب قصائد ليست شعرية، أكتب، فالعنوان للقارئ ليقرأ وما قصدته في المعنى أن هذا الذي يثار حوله الإشكال هو شعر أيضا، فأنا نفيت المعنى لأصل إليه.
– قلت في السابق إن الناس سيعودون للكتاب المقروء وراهنت على ذلك، وأن الناس لن يستمروا طويلا مع هذه الشاشة الصغيرة إلا أنك بعد ذلك اتجهت لنشر ديوان من خلال هذه الوسائط الحديثة فهل هذا اعتراف منك بأهمية هذه الوسائط وأنها طرف أكثر حضورا أم ماذا.؟
– لا، الوسائط صارت الآن أكثر حضورا لكن بإمكانك الآن أن تقرأ كتاباً على الآي فون أو الآي باد أو غيره لكني لا أتراجع في أن الكتاب سيبقى هو الكتاب لأن هذه الأجهزة لا تعطيك متعه تلمس الورق، تلمس الصفحات، فلا تجد هذه العلاقة الحميمة بينك وبين الكتاب، وإلا ما رأيت الآن أنك تستطيعين أن تشتري الكتب بدولار أو دولارين على الآيباد، لكن مع ذلك فأنت تذهبين لمعرض الكتاب وتبحثين عن كتاب ورقي ولو كلفك 10 دولارات، فهناك علاقة سرية بين الإنسان وبين الورق، حتى في وصول المعلومات، وأنا جربت وحاولت أن أقرأ بعض الكتب من على الكمبيوتر ووجدت أن وصول المعلومات مختلف كثيرا عن وصولها من الكتاب، فلا تستقر المعلومة كأننا تعودنا على أن الإنترنت يسهل وصول المعلومات، لكن الكتاب يحتاج إلى أريحية في تقبله، ولا يزال بيت المتنبي: "أعز مكان في الدنى سرج سابح/ وخير جليس في الزمان كتاب" صالحا.
– وهل أنت مع المقولة القائلة بأن العرب لا يقرؤون..؟
– لنكن واقعيين، فمشكلتنا أننا نردد المقولات ونستريح، فنكتفي بترديد الشعار أو الجملة، ونريح ضمائرنا، فلماذا نحن لا نقرأ..؟ أنا شخصيا أقرأ، لماذا نحن لا نقرأ.. ربما هناك مشكل، فالإنسان بحاجة للقراءة وهي غذاؤه لكن ماذا يقرأ، وهل هناك حكومات ذهبت لاتجاه تثوير القراءة عند الإنسان العربي..؟ مؤسساتنا هل ذهبت باتجاه إنتاج ثقافة حقيقية ليقرأها الإنسان ويتابعها.
– أي أن النظام السلطوي كان يوجه حتى مثقفيه..؟
– فعلا نظام التربية والتعليم، لمَ ينفر الطلاب من المدرسة والقراءة؟، فمن الطبيعي أن هناك من لا يحب تنويرهم، لكن رغم الأمية التي كانت تجتاح العالم العربي في أوائل النهضة حينما كان نظام التربية والتعليم نظاما صارما، إلزاميا، حينما وضع طه حسين التعليم الإلزامي المجاني، رأينا انعكاس ذلك على الواقع لكن اليوم هناك قصدية في تخريب القراءة وقصدية في تخريب التعليم، وسماح للمؤسسات الأجنبية ولرأس المال العربي والأجنبي بفتح مدارس أجنبية خالصة لتغريب الإنسان العربي عن ثقافته وعن هويته، فالمدارس الخاصة أصبحت الآن بالعشرات وبالآلاف في كل بلد عربي، لسلخ الإنسان العربي عن ثقافته وهويته.
– البعض قال إننا أمة مسخ فهل صرنا أمة مسخ.؟
– لا؛ أنا أرى بأننا أمة ذكية، عبقرية، لكن حبالاً تلفنا من كل اتجاه تريد تطويقنا، تخيلي المؤامرات التي تحاك بنا من كل اتجاه، من (إسرائيل)، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى التمويل الأجنبي، إلى المؤسسات، الأنظمة الفاسدة، الأحزاب الغبية المتطرفة، كل ذلك ومع ذلك مازال هناك ثقافة وهوية عربية.
– وهل لدينا الآن رموز ثقافية عربية يمكن أن نشير إليها ونضعها في المقدمة..؟
– نعم لدينا؛ لدينا إدوارد سعيد..
– الآن..؟
– حتى الآن هناك أسماء جيدة.
– لكن وحتى إدوارد سعيد فالبعض يعتبره استثناء، بل ويذهب البعض الآخر لإخراجه من ذلك، نظرا لأنه عاش في أميركا برغم إسهاماته على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية، وحتى ما قدمه في جانب الاستشراق..
– هو ذهب من منطقتهم، وعاد بكتاباته ورؤيته، ولم يتخلّ عن هويته، صحيح أنه ذهب إلى ثقافة أخرى إلا أنه أثبت أن بإمكانه أن يؤثر في تلك الثقافة، لكن لو أنه كان قد انصهر في تلك الثقافة، أو اكتسحته مثل العراقي مكية أو غيره من المبدعين العرب الموجودين في الولايات المتحدة أو بعض الشعراء العرب الموجودين في فرنسا ويكتبون بالفرنسية تماما، وإدوارد سعيد لم ينسلخ عن ثقافته لأنه كان أفضل متحدث بلسان الشرق في الغرب.
– لو طلبنا أن تعدد لنا خمسة رموز ثقافية عربية مضيئة من وجهة نظرك فمن تختار..؟
– ليس مهما الرموز نحن أيضا الرمزية والرموز قتلتنا، أصبحنا نتشبه بالرمز، هناك كتابات في مصر سواء على صعيد الشعر أو الروية، فهناك كتابات جديدة وجيدة، فإذا نظرنا إلى النتاج الثقافي العربي من الـ 2000 وحتى الآن فإن هناك كتابات، والكتابة لم تتوقف، وكتابة الشعر لم تتوقف ومعنى ذلك أن هذه اللغة حية، تماشيا مع المقولة "مادام هناك شعراء يكتبون بهذه اللغة فهي لغة حية لم تنقرض"، لكن نحن طبعا نخاف على اللغة العربية ونريد أن تكون موجودة بشكل أكبر، نريد فك الارتباط الموجود بين الدين والثقافة، ليس لأننا ضد الدين ولكن لتتحرر الثقافة من المقدس ومن ثقافة اليقين، التي تقلق اللغة، وهذه اللغة متحررة وموجودة من قبل القرآن، إذن فهي قابلة للحياة، للتطور، قابلة حتى للتدريس في الجامعات، لكن للأسف الشديد معاجم اللغة العربية اكتفت بالدور الوظيفي، والتراجع الذي صار في التعليم، التجارة في التعليم، هذا كله لو كانت هناك حكومات وطنية حقيقية لم يكن ليحصل.
– أنت أيضا لك رأي في هذا المجال وهو أن العربية "مهددة بالانقراض" وقد يأتي اليوم فلا نجدها سوى في "القرآن الكريم"..؟
– نعم، مثلما حدث في اللغة الآرامية، وهي لغة الإنجيل وهي الآن لا يتحدث بها سوى نفر قليل في قرية سورية اسمها "معلولة"، وممكن إذا توافر الإهمال في اللغة العربية، لأن اللغة استعمال يومي، فإذا توافر هذا الإهمال ممكن أن تتلاشى اللغة من الاستعمال اليومي وتبقى فقط في القرآن، فـ"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" عن القرآن وليس اللغة، فالذي يبعث الطمأنينة لدى الناس غير صحيح فليس معنى ورود القرآن بالعربية أن نطمئن ونسمح للغات الأخرى باختراقنا، فهذا خطر شديد، وممكن أن تنقرض اللغة العربية كما حدث مع لغات كثيرة، فأين اللغة السومرية، أين اللغة الفرعونية، الآشورية وغيرها من اللغات، كلها انقرضت لأن استعمالها قل مع الوقت.
– لمن تقرأ الآن..؟
– أقرأ للكتاب الشباب، وهناك أسماء مبشرة وأصوات جيدة، وقراءتي للشباب أيضا تمنحني حرية التلقي، وقد تعودنا أيضا في ثقافتنا أن نقرأ لعدد محدود من الأسماء، هيكل، نزار قباني، الكل يقول هيكل، إذا أردت أن تقرأ في السياسة فلتقرأ هيكل، وهذا ليس صحيحاً، ليس عدم احترام لتجربته، لكن هذه الأسماء التي ظلت تضخ في جسد هذه الأمة كالمطرقة، وبالضغط، أنا ضدها لأنها لا تتيح لك حرية القراءة بمعنى أنها تعاملك كعبد وليس كحر، فعليك أن تقرأ وتعجب بما تقرأ، لكن تجارب الشباب تعطيك مجالا لأن تقرأ وتكون حرا في التلقي والقراءة، فالتلقي هو الجزء الرئيسي، وأرى تجارب جيدة جدا في العالم العربي برمته فهنا اليوم نحن لم نعد لدينا ثقافة المراكز مهمة،/ حتى الأفراد حتى القرى النائية يمكن أن يظهر فيها شعراء مهمون، فلم يعد المركز هو محور الحدث، ثم أن هناك دولاً لم يكن فيها كتاب معروفون أصبح كتابها الآن في متناول الجمهور، حتى في الجزيرة العربية، صدرت كتب مبشرة بأن هناك تجارب حقيقية في العالم العربي يجب الالتفات إليها من المغرب وحتى الشرق.
– سأحاول أن أذكر بعض الأسماء أو الكيانات وأتمنى لو رددت علي بجملة حولهم. معرض القاهرة في دورته الـ 43
– أفضل ما في المعرض أنه عمل في هذه السنة، لأنه في ظل هذه الظروف، هناك جهد لإقامة هذا المعرض الذي يدل على أن الشعب المصري قادر على الحياة.
– أدونيس
– شخصية جدلية، يحب المعارك الكثيرة، لكنه شاعر مؤثر
– اتحاد الكتاب العرب في سوريا
– مهزلة.. يذكرنا باتحاد الكتاب في الاتحاد السوفيتي، فأسوأ شيء يتم للثقافة هو أن يتم ربطها بحزب أو بنظام، فتصبح الأهمية لعضو الحزب أو لكادر الحزب وليس للكاتب أو المبدع.
– جابر عصفور؟
– حزين على جابر عصفور، حزين عليه لأنه قبل جائزة القذافي، لأنه لو جاءت حتى من مؤسسة ثقافية أيام القذافي لكانت عادية لكنه قبلها بعد أن رفضها خوان جويتيسولو، الذي رفضها لأنه قال أنا لا أقبل هذه الجائزة من ديكتاتور، في حين قبلها جابر عصفور، وقبل الوزارة، وربما قبول الوزارة لا يعني جريمة، لكن حظه سيء إذ قبلها في وقت صعب، وتخلى عن دور الناقد.
– الاتحاد العام للأدباء العرب
– اتحاد مهلهل، لأنه اتحاد كما الجامعة العربية اتحاد للدول العربية، وللأسف ليس هناك إطار ثقافي عربي حر، فليس لدينا شيء حر لنقول إن لدينا شيئاً جميلاً، وأود أن أشير إلى شيء، فهل عضوية اتحادات الكتاب العربية هذه حقيقية؟ أنا أرى بعض البلدان الصغيرة لديها اتحادات للكتاب فيها ألف عضو، فهل صحيح أن هذا البلد لديه ألف كاتب وألف عضو..!! وللأسف الشديد مداخلنا لقبول الأعضاء خطأ وبالتالي فإن النتائج ستصبح خطأ فمثلا لدينا في الأردن اتحاد للكتاب ورابطة للكتاب، أنا عضو في رابطة الكتاب لأن الاتحاد أسسته المخابرات، وحتى في أعضاء الرابطة هناك أكثر من النصف ليسوا كتابا، وتم قبولهم لأسباب ليس لها علاقة بالكتابة.. ومادامت المداخل خاطئة على مستوى القطر الواحد، فإن المخرجات من المؤكد أنها خاطئة أيضا.
– أحمد عبدالمعطي حجازي
– كان يجب أن يعتزل منذ 20 عاما وأن يظل الفارس الجميل والشاعر الجميل، لكن هو لا أدري، غلطته الكبرى كانت في الجائزة التي منحها لنفسه، وكانت فضيحة بكل معنى الكلمة، وديوانه الجديد لا معنى له، كان يجب أن يعتزل، وكان عليه أن يأخذ برأي الآخرين المخلصين، فإذا قالوا له إنه لا يضيف لتجربتك شيئاً فلماذا الإصرار، فهناك بعض الكتاب عندما لا يجدون الجديد الذي يقدمونه يتوقفون عن الكتابة إلا هيكل أتوقع أنه وحتى وهو في القبر ستصدر له كتب.
– احتفالية عواصم الثقافة العربية
– فكرة تافهة وسخيفة وليس لها أي معنى على الإطلاق، فلا يمكن أن تقسم الثقافة بهذا الشكل الدوري، كل يوم في بلد ودون أن تحدث أية نتائج، "عاصمة ثقافة في القدس" ما معنى ذلك..؟ أو في عمان أو الجزائر.. طبعوا بعض الكتب وقدموا بعض الندوات بشكل رسمي، ومادامت الأنظمة تتحكم في الثقافة والنشاطات فلا معنى لها.
– صلاح فضل؟
– أستاذ وناقد جليل ويعجبني في صلاح فضل نظرته النقدية والعروبية للحياة، وبغض النظر عما يقال عنه، فلديه منجز في تاريخ النقد العربي، وصلاح فضل اسم جميل وناقد جميل، وله منجزات حقيقية، ولا يكرر نفسه.
– ماذا عن جديدك في الفترة القادمة..؟
– أكثر من فكرة مشروع لطباعة المقالات التي كتبت عن التجربة ومجموعة قصائد جديدة تبلورت، وهناك الديوان الأخير والذي لم يوزع بشكل جيد جدا، ولا حتى بشكل جيد، وقصائد أيضا تشكلت بعد "الموتى يجرون السماء".
– الكتابة الساخرة هل سنجد لها حضوراً في كتاباتك القريبة...؟
– المشكلة أن روحي صارت كئيبة والكتابة الساخرة كنت وأنا صغير أميل لها، وأصدق فكرة الشعبوية، ثم بعد ذلك اكتشفت أنها شعبوية لا معنى لها، فما معنى أن تكون شعبويا على مقالات ليس فيها إبداع حقيقي، لكنها لا تشكل إضافة بالنسبة إلى روحي، ثم أصبحت روحي بعد ذلك تميل إلى الكآبة، إلى العمق أكثر، فبتّ لا أميل إلى هذه السخرية، وربما هي موجودة في أعماقي، سخرية من الوجود، من الحياة نفسها، من الكائن نفسه، لكن بتّ لا أميل لها، وأصبحت على مسافة منها وصارت روحي تميل للتشاؤم أكثر، الأمل موجود طبعا، لكن للروح قوانينها الخاصة ولا يمكنك أن تسيطر عليها وتوجهها إلى اتجاه معين.
– كلمة أخيرة
– أنا الآن في مصر وأنا أحب مصر وقد اكتشفت أن أغلب قصائد المجموعة فيها روح مصر، فكثير من القصائد كتبتها عن مصر، وما دمنا هنا فنحن ما زلنا نأمل أن تحقق مصر حلم العرب كلهم بأن تتحول إلى حكم ديمقراطي حقيقي، بأن تتحول إلى حياة حقيقية، الفساد والخراب الذي ترعرع في مصر سنوات طويلة تسبب في زيادة الفقر، وفي زيادة البطالة، النهضة في مصر بدأت مع اليابان، التي مضت هذا الشوط الطويل ومصر تراجعت هذا الشوط الطويل، ولو كان الوضع في مصر أفضل لاختلفت الأمور مع الدول العربية أيضا، فمصر فيها مقدرات وموارد، يد عاملة، فيها كل مقومات النهضة، ونتمنى لمصر رغم كل هذه الظروف والإحباطات الموجودة أن تتجاوز هذا وتصير عاصمة حقيقية للعرب، للثقافة وللإبداع، اجعلوا الثورة مستمرة، لكن لابد للحياة أيضا أن تستمر.
أيضا أود الحديث عن الوكالة وهي نمط جديد من الصحافة، فأنا لا أجري حوارات كثيرة لكن الوكالة أنا ضعيف أمامها، لأن فيها نمطا جديدا من الصحافة العربية، فوكالة أنباء الشعر العربي التي تهتم بنقل أخبار الشعر العربي والثقافة العربية وبشكل سريع جدا، وكما لديكم حضور هنا في مصر، فإنه لدينا أيضا زميلكم "أحمد الصويري" حاضر ومتابع ومتميز، وأعتقد أننا بحاجة لأن تترجم الوكالة نفسها بالكامل إلى لغات أخرى، بنفس المادة العربية لتكون نافذة للقارئ الآخر، فالوكالة في موقعها الإنجليزي نأمل أن تقدم نفس ما يقدم على موقعها العربي، ونأمل أن تدخل الوكالة إلى لغات وأجواء أخرى