العراق ُ.. وا عروبتاهُ
(( التاريخُ الكونيّ للخزي )) .. هوَ عنوانٌ لمجموعة ٍ قصّصيّة ٍ جميلةٍ بفضحُ فيها الكاتبُ الأرجنتينيّ ( خورخي لويس بورخيس ) الكهنة الفاسدين ، والجنرالات
والسماسرة ، والتجار ، وحثالة الدكتاتوريين ، والساقطين من البشر أمثال :
( الناسك إيستمان ، لازاروس موريل ، وبيلي ذاكيد ) – أبطال قصّصه ِ ، وبأسلوب ٍ
رشيق ٍ ، مُمتع ٍ وهادف ٍ ، يضعُ السهمَ في الهدف ، .. وهذا الكتابُ أخذني ، بلْ جرّني من شريان ِ قلبي النابض بحبّ العراق العظيم إلى ما يُحاكُ لهُ من مُؤامرات ٍ ، وما أفرزَ وضعهُ البائسُ من حُثالة ِ السياسيين ، والتجار ِ ، والسماسرة ، والمرتزقة ، وبقايا المحبطين والمهزومين روحيا ً وحياتيا ً ، سدنة المستعمرين وخدمهم ، والذين لا وجود لهم إذا ما أرادَ التاريخ التحدّث عن السياسة ِ والسياسيين ، ولا ذكرَ لهم إذا ما أرّخَ للنضال ِ والمناضلين العراقيين الحقيقيين الذين قهرهم النظامُ السابقُ فعلا ً ، وصدأوا بينَ برد ِ وهجير ِ العواصم ِ وبينَ الخُذلان واليأس الذي كانوا يواجهونَ به ِ حياتهم حتّى ماتوا وحيدين .. غُرباء !!
العراقُ العربيّ العظيم ، مبدعُ الكتابة العربية ، .. أولُ مَنْ وضعَ النقاط على الحروف ، وأول منْ سنّ القوانين للإنسان على يد ِ ( حمورابي ) وأولُ مَنْ أرّخَ
للألفة ِ والمحبة ِ ،فكانت أولى قصائد الحُبّ التي كتبها جدنا العظيم- جلجامش !!
عراقُ الثورات ، والانتفاضات ، والعروبة ، والحب ، .. عراقُ العمالقة من المفكرين والشعراء والأدباء (( الرصافي، والجواهري ، والسياب ،والبياتي ،
وغائب طعمة فرمان ، وجواد سليم ، ومنير بشير ، وشاكر حسن آل سعيد ، ويوسف العاني )) .. عراقُ الكوفة والبصرة حيثُ مدارس اللغة والفقه والشعر
والأدب ، لا يحكمهُ الأكراد .. !! ولنْ يكونَ كرديّا ً ً أبدا ً ،. وإذا كانَ ( الطالباني ) و
( البرزاني ) و( زيباري ) أباطرة العراق الجديد يحلمونَ بالقضاء على عروبة العراق ليصبحَ إمبراطورية كردية بموجب هذه ِ الفدرالية التي يدعون لها ، بلْ يقاتلون من أجلها ، ويساندهم للأسف شيعة العراق الوافدين ، وبمباركة يهود العالم , فهذا الحلم بعيد .. وبعيد جدّا ً ، وهو الحلمَ الوحيدُ ( غير المتلو بيقظة )
بتعبير- سارتر.
نعم !! الأكرادُ عراقيون ، نحترمُ هذا ، ولا اعتراض لنا عليه ، ومنهم أصدقاءُ
لنا أدباء وكتّاب ومناضلون ومفكرون ، طالما وقفنا معهم ، وأشدنا بنضالهم التاريخي ، .. وتضامنا معهم ، كانوا يسكنون الجبال ، احترمَ الشعب العراقي الوفيّ
نضالهم ، وصبرهم ، وعراقيتهم ( الهشة ) و( المزخرفة ) وجعلَ لهم مدنا ً مضيئة ً ، وحكما ًذاتيا ً ، ويتعلمون باللغة التي يتكلمون بها ، إذاعات ، وتلفزة ، ومدارس ، وجامعات ، كلها باللغة الكردية ، في الوقت الذي لو تكلمَ الكردي بلغته ِ في تركيا لحُكم َ بالإعدام ، .. هؤلاء ِِ يحولونَ عقدتهم المزمنة من ( عقدة – نظام ) إلى عقدة
الشعب العراقي وهم منهُ ، ويسعون إلى تدميره ، وإلغاء هويته ووجوده ، ليصبحَ
ذكرى ، أثرا ً ، اسما ً كانَ على الخارطة .. !!
الأكرادُ أولُ مَنْ استقبلَ ( جارنر ) و( بريمر ) بالورود والرقص والأغاني بعَد
سقوط النظام .. ، وأول منْ قامَ بنهب ثروات العراق ، وتدمير مؤسّسات هي للمال العام ، لمْ يتركوا شيئأ ً ، جامعة الموصل شاهدة ، لمْ يتركوا حتّى كرسيّا ً صدئا ً في تلكَ الجامعة .. رأيتُ أساتذتي –عبرَ الفضائيات- يبكونَ على ما حصل َ ، والذي حرقَ ، ودمرَ دار الكتب ، والمخطوطات ، والمكتبات ، والمتاحف في مدينة الموصل همُ الأكراد .. ، وهمُ أول منْ أدخلَ اليهود إلى شمال العراق وفتح مكاتب للموساد ، وعلى ذمة أحد السياسيين العراقيين الغيورين فأنّ في شمال العراق وحدهُ ستة وثلاثون مكتبا ًللموساد ، تحتَ مسميات الاستثمارات ، والمقاولات ، والتصدير والاستيراد .. وهم أول منْ باعَ اليهود العقارات والأراضي ، وهاهمُ
يستوطنون شمال العراق ، ويتسللون إلى بغداد والمحافظات الأخرى .. عرفتم لماذا
تدعمُ إسرائيل وأمريكا الأكراد ، وتدفعُ بهم بشكل ٍ قوي داخل ما يسمى بمجلس الحكم ، وتحجزُ لهم ثلثي أرض العراق العظيم .. !!
والآنَ لمْ يبقَ أمامهم إلاّ عروبة العراق .. !! وهي الهدفُ ، وهذا العراك ، والعناد ، والاختلاف ، والتناطح في صياغة ما يُسمى بالدستور يريد الأكراد من
خلاله القضاء على العراق نهائيا ً .. حذف كلمة العروبة ، والتمركز في مدينة
( كركوك ) للسيطرة على الثروة النفطية لأنّ هذه المحافظة تنفرد بالجزء الأكبر من
ثروة العراق النفطية ، .. ورفع علم كردستان بدلاً من العلم العراقي ، يعني دولة مستقلة ، حكومة ودوائر وسفارات وعاصمة ورئيس ، وميليشيات على غرار
( البيش مركة ) التي نقلت حربها من المغارات والجبال إلى داخل البيوت العراقية الآمنة ، تقتلُ ، وتعتقلُ منْ تريد ، تدمر وتحرق ، قطاع طرق ليسَ إلاّ ..!!
الدستور العراقي الجديد بداية الفوضى في العالم العربي وجيرانه .. وإنذار
بالحروب هُنا وهُناك ، فإذا ما حصلَ أكراد العراق على دولة مستقلة فهناك أكراد تركيا الذين يزيدون على اثني عشرَ مليونا ً ، ونصف هذا العدد في سوريا وإيران
أيضا ً، وإذا ما حصلَ الشيعة ، طبقا ً للفدرالية ، على دولة ٍ فهناك شيعة السعودية
والكويت والبحرين وتركيا والباكستان وغيرهم .. الذين يحق لهم بموجب الدستور العراقي الجديد أنْ يستقلوا ، وتصبح لهم دولة وعلم .. وهكذا ، فمن يوقف هذه ِ
الفوضى ؟؟ ومَنْ المستفيد ؟؟
الجامعة العربية ُ لمستْ هذا الخطر ، نبّهت وأشارت إلى تبعاته ِ ، وعلى دول ِ الجوار ِ أنْ تستيقظ َ ، وتبدّل عسلَ الصمت ِ المرّ برغيف ِ الحقّ والعدل ِ والأمان ِ..،
سُنة العراق وأئمتهم مثال ٌ للوفاء ِ واليقظة ِ والذكاء ِ والوطنية في زمن ِ الصّمت ِ ،
والتخدير ِ ، واللامبالاة ، والنوم الصّناعي .. !!
أيّها المثقفون .. أيّها المبدعون أدباءً وكتّابا ً وشعراءَ وفنّانين وصحفيين .. !!
مَنْ يقرعُ أجراسَ الخطر ِ ؟؟ .. بلدٌ يختفي ، أرضٌ تتلاشى ، خارطة ق تُطوى ، هوية ٌ تُصادرُ ، إنسانٌ يحترقُ ،.. يذبلٌ ، يموتُ ، .. مؤامرةٌ كبيرة ، العراقُ – العمقُ العربيّ في خطر ٍ ، .. أرضهُ ، إنسانه ُ ، تراثهُ ، وعروبتهُ ، وقيمهُ ، ومآثرهُ !! هناكَ منْ يثأر من العراق ، وهو من بنيه ِ الضالين ، الذينَ أعمتهم الخيانةُ ، وألغت ذاكرتهم أنانيتهم البغيظة ، ووعود الموساد وبذخه وأمواله .. ، طمعهم ،
وجشعهم ، وانحيازهم غير المُبرر لقومياتهم وعقائدهم .. !!
أيّها الحالمون الصغار .. أحلامكم كاذبة ٌ .. !! العراقُ واحدٌ ، ولنْ يكونَ دويلات ٍ
ضعيفة ً متشرذمة ً ، تتحكمُ فيها القوى المعادية .. والظلمة ُ .. والفتن .. والحروب والنزاعات .. ، الدستور الجديد إنذارٌ بحرب ٍ أهلية ٍ طاحنة ٍ إلى ما لانهاية ، .. العراقُ عربيّ منذ ُ خطّ السومريون والآشوريون والبابليون اسمَهُ الكونيّ .. ، ومسلمٌ منذ ُ وضعت آياتُ الكتاب وذُكرت بابلُ .. ، والعراقُ لا يعرفُ الطائفية َ أبدا ً،
كلّ العراقيين إخوةٌ ، هكذا قالت حضارةُ سومر ، وهذِهِ التقسيمات هيَ من صُنع ِ
المُحبطين سياسيا ً والبائسين ، .. من صُنع ِ الأمريكان واليهود .. ، من صُنع ِ الحاقدين على العراق – صباح العروبة الدائم .. !!
أيّها المثقفون َ.. عراقيين وعربا ً .. إذا لمْ ترفعوا أصواتكم .. ، وتطلقوا أقلامكم ،
وتعطوا لكلماتكم حريةَ المبادرة ، فإنّ الندمَ سيقضّ نضاجعكم .. ، وستلاحقكم لعنة
العراق في كُلّ مكان .. !!
أيّها الشرفاء تحتَ كلّ نجمة ٍ عربية ٍ مضيئة ٍ !!
هذا العراقُ – العمقُ العربيّ .. موطن المدارس اللغوية والفقهية والدينيّة .. ، لا تتركوه في حيرته ِ، وغربته ِ ، ودمعه ِ الحجريّ ، لأنّ الكلمات ستشنقكم بحروفها .. ، والتاريخ يعذبكم بسطور ِ صدقه ِ وعدالته ِ ،.. والوقتُ يتقيأ خطواتكم .. ، وأحلامكم ، .. اللهم إنّي بلّغت .. اللهم فاشهدْ .. !!