الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم سليمان نزال

المفاتيح

عائد من جرح المدينة إلى جرح الصمت..أصعدُ درجات الشتات..أصلُ الشرنقة..أ قفُ على عتباتها..أُدخلُ يدي في جيبِ سترتي الزيتونية, بحثاً عن مفتاح..أكتشفُ ضياعه في طريق..يكتشفُ القلق حيرتي..أضرب الباب بقبضتي الغاضبة..ثم أركله بقدمي..ضربات متلاحقة..يتهمني جاري التركي بالإزعاج..أشرحُ له المشكلة..يأتي معي..يجرب مفاتيحه..باب الشرنقة لا يستجيب..أتراجعُ إلى الوراء قليلا..ثم أهجم بكامل حزني و جسدي, على باب الشرنقة الثلجية مندفعاً..ألجُ دائرةَ المؤقت في منزلٍ بعيد كئيب..أرتمي على مقعد برتقالي..أنظرُ في صور خالدة على الجدران..أحدقُ في صورةِ المسجدِ السجين..

تائهاً, أجلس أترقبُ عواصفَ إنتظاري..متنقلاً بين ظلال الوقت المُهجّر و نسيج فكرة تعادني.. و لا تأتي..أجوبُ قاعةَ الهمِّ ذهاباً و إياباً و لا تأتي..أتخيّلُ حزمة من سنابل تفتش في الغربة عن جبيني, أتخيلني أكتب شيئاً و ألمس أعطافَ و شناشيل البدايات.. بأصابعي..تتقدم مني مواسم من فرح و كبرياء..أراها تمرُّ بأضلاعي..دفقات من شذا الرجوع..أمشي على طريق مضاءة من الجانبين..أتحسسُ قلبَ الحكاية..أشعرُ أني إمتلكتُ مفاتيحَ البوح..أبصرها تتوهج على الأغصان..على البيادر..أحملُ بيدي حفنة قمح, أجدها ثقيلة..يتبين لي أنها تحتوي على بضعة مفاتيح ملونة..تتوهج.

أخرجُ من طقوس أعالي الزفير..تتفرق دهشتي أسرارا, أهاجم المسافات بالصبر..أتحرك, أصحو, أتماسكُ, أعرفُ وجهتي, أطمئن على حالةِ السنديان, أقودُ صوتي إلى مهاد الأعراس و الجذور الباقية.
المفاتيح ذهبية..تصدر عنها إبتسامات ذهبية..يستقبلها بريد الحقول..يوزعها على الناس و المواعيد و الأشجار.

تدنو منها..تدلكَ على الصهيل..تشيرُ إلى الأبوابِ الكثيرةِ, تعرف بابك..آلاف آلاف الأيدي و حشود..ممسكة بمفاتيحها..

سليمان نزال


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى