الکنایة في رؤیة ابن رشیق القیرواني من ضوء کتابه العمدة
الملخص:
الکنایة لغة هي أن یتکلم الانسان بشيء ویرید غیره ومصدر «کنیت» أو «کنوت». واصطلاحا کلام أرید به غیر معناه الحقیقي الذي وضع له وتجوز إرادة المعنی الأصلي أیضا لأن القرینة التي تمنع هذه الإرادة غیر موجودة في الکلام.
الکنایة عبر الزمان ومن فترة إلی فترة ومن بلاغي إلی بلاغي آخر أصیبت بالتغیر والتطور.
قام العلماء والبلاغیون بتعاریف مختلفة للکنایة وانقسموها باعتبارات مختلفة إلی أنواع وأقسام مختلفة. مثلا ذکرها ابن قتیبة في باب المجاز وأسلوب الکلام وبعضهم کابن معتز عدّها من باب المحاسن البدیعیة. اما ابن رشیق في کتابه العمدة لم یقم بتعریف دقیق من الکنایة وعدّها تارة من باب الإشارة وتارة أخری من باب المجاز وذکر أمثلة فیها نتطرقها في هذه المقالة إن شاء الله.
الکلمات الدلیلیة: ابن رشیق القیرواني، الکنایة، المجاز، الإشارة، العمدة.
المقدمة:
الکنایة صورة من صور التعبیر وأسلوب من أسالیب البیان وهي ألطف أسالیب البلاغة وأدقّها، وما من شک في أنها أبلغ من الإفصاح والتصریح ووراء اختیار هذا الموضوع أي «الکنایة في رؤیة ابن رشیق القیرواني في ضوء کتابه العمدة» دوافع وهي:
عدم اهتمام وافٍ في دراسة الکناية عند ابن رشيق القيرواني ومقارنة آرائه في هذا المجال مع البلاغيين الآخرين والفروق الموجودة بينه وبينهم. وأن هذا موضوع لم يناقش بصورة جامعة وافية ولو کان هناک بعض الاهتمامات والإنتاجات اليسيرة عند عبدالعزيز العتيق والدکتور فاضلي.
ومن أهم المراجع والمصادر التي أمدّتني فی کتابة هذا الفصل وكانت ذات أهمية كبری هي: دلائل الإعجاز للجرجاني والصناعتين لأبي الهلال والإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ومعاني القرآن للفراء والبيان والتبيين لجاحظ والکامل للمبرد ونقد الشعر لقدامة بن جعفر والکشاف للزمخشري والمثل السائر لابن الأثير ومفتاح العلوم للسکاکي وتحرير التحبير لابن أبي الأصبع وعلم البيان للعتيق والعمدة لابن رشيق و ... .
وأما في البدایة درست الکنایة لغة واصطلاحا، ثم تطورها، وبعد أقسامها، وفي النهایة الکنایة في رأي ابن رشیق وفرقها بالنسبة إلی آراء البلاغیین الآخرین.
الکناية لغة و اصطلاحا
الکناية فی اللغة هي مصدر کنی يکنو أو کنی يکني، يقال: کنوت بکذا عن کذا، إذا ترکت التصريح به، وکنيت بکذا عن کذا، فأنت تتکلم بشيء و تريد غيره. وفي الاصطلاح کلام أريد به معنی غير معناه الحقيقي الذي وضع له، مع جواز إرادة ذلک المعنی الأصلي؛ إذ لا قرينة تمنع هذه الإرادة. ومثالها قول الشاعر:
طويل نجادِ السيف، شهمٌ، کأنّما يصولُ إذا استخدمته بقبيل
فقوله (طويل نجاد السيف): «معناه الحقيقي: أن الممدوح نجاده طويلة، ولکن هذا المعنی ليس مرادا، وإنما المراد: لازم هذا المعنی، وهو أنه طويل القامة، وذلک لأنه يلزم من طول النجاد، أن تکون القامة طويلة، ومع هذا يصح أن يراد المعنی الحقيقي، بأن يراد المعنيان معاً: طول النجاد، وطول القامة». [1]
تطور الکناية
عبرت الکناية بالأجواء المختلفة وتطورت کغيرها من فترة إلی فترة ومن بلاغي إلی بلاغي آخر، بعضهم قام بتعريف دقيق لها دون أن يشرح أنواعها، وبعضهم شرحها بالتفصيل، من البلاغيين من يعدّها من المجاز ومن يقرنها بالتعريض، إذن نقوم ببيان تطورها ورأي علماء العربية و البلاغيين حولها، وندرسها علی حسب تعاقب الأجيال والعصور.
أبو عبيدة معمر بن المثنی (ف209هـ): «هو اول من عرض للکناية في کتابه "مجاز القرآن". فهو يمثل للکناية في کتابه بأمثلة من نحو قوله تعالی: ﴿کلُّ من عليها فان﴾ [2]، وقوله: ﴿حتی توارت بالحجاب﴾ [3] ثمّ يعقب عليها بأن الله سبحانه کنّی بالضمير في الأول عن الأرض، وفي الثانية عن الشمس. فهو يستعمل الکناية استعمال اللغويين والنحاة بمعنی الضمير، ومعنی هذا أن الکناية عنده هي کل ما فُهم من سياق الکلام من غير أن يذکر اسمه صريحا في العبارة». [4]
ثم نلتقي بالجاحظ، هو يقول في کتابه البيان والتبيين «ربّ کناية تربي علی إفصاح» (الجاحظ، 2002: ج2، ص7)، يفهم من القول هذا أن الکناية عنده بمعنی التعبير عن المعنی تلميحا لا تصريحاً، والکناية عنده تقابل الإفصاح والتصريح، ثم جاء بأمثلة في کتابيه (البيان و التبيين)، و(الحيوان)، منها: «فلان مقتصد فتلک کناية عن البخل». [5] والأمثلة التي جاء بها في کتابه تدل أنه يری بأن القصد من استعمال الکناية البعد عن الفحش والإقذاع ويصرح به.
قال عبدالعزيز العتيق: «والذي يتتبع الجاحظ فيما قاله عن الکناية وفيما أورده من أمثلة لها يری أنه استعملها استعمالاً عاماً يشمل جميع أضرب المجاز والتشبيه والاستعارة والتعريض، دون أن يفرق بينها وبين هذه الأساليب». [6]
ومن الذين جاؤوا بعد الجاحظ ودرسوا الکناية محمد بن يزيد المبرد صاحب (الکامل). أنه لم يعرف الکناية وجاء بها في کتابه في باب ضروب الکلام فيقول: «والکلام يجري علی ضروب، فمنه ما يکون في الأصل لنفسه، ومنه ما يکنی عنه بغيره، ومنه ما يقع أصلاً، فيکون أبلغ في الوصف. والکناية تقع علی ثلاثة أضرب:
أحدها التعمية والتغطية، کقول النابغة الجعدي:
أکني بغير اسمها وقد علم اللـ ـه خفيات کل مکتتم
والثاني: الرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش إلی ما يدل علی معناه من غيره: قال الله – وله المثل الأعلی- ﴿أحل لکم ليلة الصيام الرفثُ إلی نساءکم﴾ [7]، وقال الله عز وجلّ في المسيح ابن مريم وأمه (ص) ﴿کانا يأکلان الطعام﴾ [8]، وإنما هو کناية عن قضاء الحاجة.
والضرب الثالث من الکناية: التفخيم و التعظيم، ومنه اشتقت الکناية، وهو أن يعظمض الرجل أن يدعی باسمه، ووقعت في الکلام علی ضربين: وقعت في الصّبي علی جهة التفاؤل؛ بأن يکون له ولدٌ ويدعی ولده کناية عن اسمه، وفي الکبير أن ينادی باسم ولده صيانة لاسمه». [9]
وأما ابن المعتز فهو قد عدّ الکناية من البديع ولم يفرق بينها وبين التعريض، هو في کتابه البديع لم يقم بتعريف في الکناية. من الأمثلة التي أوردها في هذا المقام: «کان عروة بن الزبير إذا أسرع إليه إنسان بسوء لم يُجبه، ويقول: إني لأترکک رفعاً لنفسي عنک. فجری بينه وبين علي بن عبدالله بن عبّاس کلامٌ فأسرع إليه عروة بسوء، فقال علي بن عبدالله: إني لأترکک لما تترک الناس له. فاشتد ذلک علی عروة». [10]
قدامة بن جعفر (337هـ): ذکرها في کتابه نقد الشعر، وعدّها نوعا من أنواع ائتلاف اللفظ والمعنی، وأطلق عليها اسم (الإرداف) وعرفه بقوله: «الإرداف أن يريد الشاعر دلالة علی معنی من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال علی ذلک المعنی بل بلفظ يدل علی معنی هو ردفه وتابع له، فإذا دلّ علی التابع أبان عن المتبوع بمنزلة قول الشاعر:
بعيدة مهوی القرط إمّا لنوفل أبوها وإما عبد شمس وهاشم» [11]
فإنه أراد أن يصف طول جيدها، فلم يذکره لفظه الخاص به، بل أتی بما دلّ عليه من طول مهوی القرط، وواضح أن بعد مهواه ردف لطول الجيد. سمّی ابن المعتز هذا النوع باسم «التعريض و الکناية».
ویأتي أبو هلال العسکري (395هـ): هو يقرن الکناية بالتعريض کأنما يعتبرهما أمراً واحداً، ثم يعرفهما بقوله: «وهو أن يکنّی عن الشيء و يُعرّض به ولا يُصرّح، علی حسب ما عملوا باللحن والتورية عن الشيء». [12] یظهر من کلامه أنه لایفرق بین الکنایة والتعریض إلا أنه يفتت الأمر إلی ارداف ومماثلة و کناية وهو يخلط في ذلک کله أيضا بين ما عرف بالتشبيه التمثيلي والاستعارة التمثيلية والکناية في مفهومها المتأخر.
هو جعل کتابه الصناعتين في عشرة أبواب، أما الباب التاسع فجعله لفنون البديع، وهي عنده خمسة وثلاثون فناً، وإحدی من فنونه الکناية والتعريض، يعنی أنه کابن المعتز عدّ الکناية من الفنون البديعية. هو في هذا الباب يتحدث عن فن باسم «المضاعفة» و«هي أن يتضمن الکلام معنيين: معنی مصرّح به ومعنی کالمشار إليه، کقول الأخطل:
قومٌ إذا استنبح الأضيافُ کلبَهم قالوا لأمّهم بولي علی النار
فقد دلّ بإطفاء نارهم القليلة علی بخلهم، وأشار إلی مهانتهم ومهانة أمهم عندهم». [13]
هو في موضع آخر يتحدث عن فن باسم المماثلة، فيقول: «أن يريد المتکلم عبارة عن معنی، فيأتي بلفظة تکون موضوعة لمعنی آخر، إلا أنه ينبئ إذا أورده عن المعنی الذي أراده، کقولهم: فلانٌ نقي الثوب: يريدون به أنه لا عيب فيه». [14] أسامة بن منقذ جاء بهذا المثال في کتابه "البديع في البديع" في باب الکناية والإشارة وجاء ابن الأثير في باب أقسام الکناية من أمثلة التمثيل.
وواضح أن هذا النوع يدخل في الکناية، و يمکن أن يدخل أيضا في الإشارة وفي الإرداف والتوابع، ولکن أبو هلال قد أفرد عن الکناية کثيرا من أقسامها، بينما کان ينبغي أن يسلکها فيها.
الشريف الرضي (ف406هـ): الکناية وردت في مواضع متعددة من کتابه -تلخيص البيان- وأريد بها الاستعارة. مثلا قال في تفسير قوله تعالی: إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجة واحدة : «إنّ هذا الکلام داخل في حيّز الاستعارة، لأن النّعاج ههنا کناية عن النساء».
بعد أبي هلال نلتقي بابن رشيق (463هـ): فهو ذکر الکناية في کتابه العمدة وأدخل التمثيل والکناية في باب الإشارة تارة وتارة أخری جاء بها في باب المجاز. هو لا يعرّف الکناية، فقط يشير إلی أوجه الکناية وأمثلة لها علی حسب قول المبرد وغيره. سنتحدث عنه في المباحث الآتية إن شاء الله.
أما ابن سنان الخفاجي (ف466هـ) يذکر من نعوت البلاغة والفصاحة «الإرداف والتتبيع» في کتابه (سر الفصاحة) وهو ضربٌ من الکناية، مثل بعيدة مهوی القرط کناية عن طول العنق، الاسم الأول وضعه قدامة کما أسلف، والاسم الثاني وضعه بعض المتأخرين، واکتفی به ابن رشيق في التسمية کما أسلف، وسمی العسکري الباب «الأرداف والتوابع».
وجعل أيضا من نعوت البلاغة والفصاحة التمثيل وهو عنده کما عند قدامة وابن رشيق يتطابقون.
الشیخ عبدالقاهر (471هـ): هو یعرف الکنایة تعریفا یشعر بأنه یُدخلها في صورة المجاز، إذ یقول هي: «أن یرید المتکلم إثبات معنی من المعاني فلا یذکره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولکن یجيء إلی معنی هو تالیه وردفه في الوجود، فیومئ إلیه، ویجعله دلیلا علیه، مثل ذلک قولهم طویل النجاد کنایة عن طول القامة وکثیر رماد القدر کنایة عن کثرة القری ونؤوم الضحی کنایة عن ترف المرأة وأنها مخدومة». [15]
قال شوقي ضيف: «يفتح فصلا سماه المجاز الحکمي، [وهو مجازٌ لا في الکلمات وإنما في الإسناد] ويستهله بأن وراء ما ذکره من الکناية والاستعارة التصريحية و المکنية مجازاً آخر، وهو بذلک يجعل الکناية مجازاً» [16]. إذن عبدالقاهر يعدّ الکناية مجازاً.
جاء الزمخشري (538هـ) بعد عبد القاهر وذکر الکنایة في کتابه الکشاف ویقول: «الکنایة أن تذکر الشيء بغیر لفظه الموضوع له، کقولک طویل النجاد والحمائل، لطول القامة، وکثیر الرماد للمضیاف» [17] ثم یصور أنواعها. هو يستمد من تعريف عبدالقاهر للکناية في التفرقة بين الکناية والتعريض فهو يعلّق علی هذه الآية، فيقول: ﴿ولا جناحَ عليکم فيما عرّضتم به من خطبة النِّساء﴾ [18]: التعريض: «هو أن يقول لها إنک لجميلة أو صالحة ... ومن غرضي أن أتزوج وعسی الله أن ييسر لي امرأة صالحة ونحو ذلک من کلامهم الموهم أنه يريد زواجها، حتی تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه، ولايصرّح بالزواج فلا يقول إني أريد أن أتزوجک أو اخطبک. فإن قلت: أيّ فرق بين الکناية والتعريض؟ قلت: الکناية أن تذکر الشيء بغير لفظه الموضوع له کقوله طويل النجاد والحمائل لطويل القامة وکثير الرماد للمضياف، والتعريض أن تذکر شيئا تدلّ علی شيء لم تذکره، کما يقول المحتاج للمحتاج إليه: جئتک لأسلم عليک ولأنظر إلی وجهک الکريم. وکأنه إمالة الکلام إلی عرض يدلّ علی الغرض ويسمّی التلويح، لأنه يلوح منه ما يريده». [19] تعريف الکناية علی هذا النحو شبيه بالمجاز الذي تُستعمل فيه الألفاظ في غير ما وضعت له. هو قد صرّح في هذه الآية: ﴿وقالت اليهود يدُ الله مغلولةٌ، غُلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان﴾ [20] بأن الکناية من باب المجاز، يقول: «غلّ اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود».
هو في کتابه قد وقف عن کثير من صور الکناية المعبرة عن صفة مثل ﴿ولا تجعل يدک مغلولة إلی عنقک ولا تبسطها کل البسط﴾ [21]کناية عن البخل (الزمخشري، محمودبن عمر، الکشاف، ج2، ص662)، وهذا النوع نبّه عليه عبد القاهرمراراً، وتنبّه الزمخشري بجانبه إلی الکناية عن موصوف في مثل آية القمر: ﴿وحَمَلناه علی ذات ألواح ودُسُر﴾ [22] يقول: «أراد السفينة، وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتؤدی مؤدّها». [23].
يخالف الزمخشري عبدالقاهر في عدّ کناية النسبة من باب المجاز الحکمي أو العقلي، ويقول في قول الله تعالی: ﴿أن تقول نفسٌ يا حَسرتا علی ما فرّطت في جَنب الله﴾ [24]: «الجنب: الجانب، يقال: أنا في جنب فلان وجانبه، وهذا من باب الکناية، لأنک إذا أثبتّ الأمر في مکان الرجل وحيزه، فقد أثبته فيه، ألا تری إلی قوله:
إن السماحةَ والمروءةَ والنّدی في قبّة ضُربت علی ابن حشرج
ومنه قول الناس: لمکانک فعلت کذا، يريدون لأجلک». [25].
ملخص القول إنه يفرق بين الکناية والتعريض کما فرق بينهما عبد القاهر، ومثله يعدّ الکناية مجازاً، ولکن يخالفه في عدّ الکناية عن نسبة مجازاً حکمياً.
وأما فخرالدين محمد بن عمر الرازي وکتابه «نهاية الإيجاز، في دراية الإعجاز»، هو يعلن في مطلع کتابه أنه سيعنی بتنظيم ما صنّفه عبدالقاهر في کتابيه: «دلائل الإعجاز» و «أسرار البلاغة».
القاعدة الخامسة من کتابه الکناية. فهو يبدأ بتعريفها، ثم يجيء بأمثلة، وتأثره بالزمخشري واضح في کناية النسبة. قلنا في السابق إن عبدالقاهر سلک الکناية في المجاز العقلي، وردّها الزمخشري إلی بابها الحقيقي، وفخر الرازي أخرجها من باب المجاز، وتابعه في ذلک السکاکي والبلاغيون. هو يعقد فصلا لبيان أن الکناية أبلغ من الإفصاح وأن الاستعارة والمجاز أبلغ من التشبيه.
بعد الزمخشري نلتقي بالسکاکي، فهو قبل الخروج إلی مبحث المجاز والکناية يعرض أقسام الدلالات وقسمته بين وضعية وعقلية، ثم قسمته للعقلية بأنها إما أن تکون من باب دلالة الکل علی الجزء وإما أن تکون من باب الدلالة الالتزامية، وهذه الدلالة أي الدلالة الالتزامية تجري فيها الصور البلاغية والخاصة بعلم البيان وصوره فإما أن تکون من باب دلالة الملزوم علی اللازم کدلالة کثرة الرماد علی الکرم في الکناية، وإما من باب دلالة الملزوم علی اللازم کدلالة الغيث علی النبات في قولهم رعينا غيثا علی نحو ما هو معروف في المجاز.إذن السکاکي يفرق بين المجاز والکناية. هو سيقدم الکلام في المجاز علی الکناية «لأن المراد فيه هو اللازم فقط مع قيام قرينة تدل علی عدم إرادة الملزوم بخلاف الکناية فإنها تدل علی اللازم والملزوم معاً، وبذلک يصبح المجاز بالقياس إليها کالجزء بالقياس إلی الکل، فحسن الکلام عنه اولاً». [26]
هو يعرّف الکناية بأنها: ترک التصريح بذکر الشيء إلی ذکر ما يلزمه ليُنتقل من المذکور إلی المتروک، وأن المتروک قد يکون قريبا ظاهرا وقد يکون بعيدا خفيا، ومن أجل ذلک قال إن الکناية تتفاوت إلی تعريض وتلويح ورمز، وإيماء وإشارة، ومرّ بنا أن الزمخشري کان يفرق بينها وبين التعريض، أما السکاکي فجعله نوعاً منها.
هو يقول إن التعريض قد يکون علی سبيل الکناية وقد يکون علی سبيل المجاز، ومثّل لذلک بنحو: «آذيتني» فإن القائل لهذه العبارة إذا خاطب بها شخصاً ومعه غيره مراداً بها کان ذلک علی سبيل الکناية، وإذا لم يُرِد غير المخاطب کان ذلک علی سبيل المجاز، و«تعبيره بکلمة علی سبيل يدل علی أنه يريد أن التعبير الأول يشبه الکناية والثاني يشبه المجاز لا علی أنهما کناية ومجاز حقيقتان، وبذلک يکون قد عدل عن کلامه الأول الذي عدّ فيه التعريض من الکناية مباشرة، وکأنه اقتنع أخيرا برأي الزمخشري وأنه نوع قائم بنفسه». [27]
هو يفرق بين الکناية والمجاز من وجهين:
أحدها: أن الکناية لا تنافي إرادة الحقيقة بلفظها فمثل «هي نؤوم الضحی» کناية عن أنها مخدومة، لا مانع فيها من أن يريد القائل أنها تنام ضحیً، والمجاز ينافي ذلک، فلا يصح في مثل کلمت أسداً أن يراد الأسد الحقيقي.
والوجه الثاني: وهو أن مبنی الکناية علی الانتقال من اللازم إلی الملزوم، ومبنی المجاز علی الانتقال من الملزوم إلی اللازم.
هو يقسم الکناية بحسب المراد منها إلی ثلاثة أقسام: کناية عن موصوف، کناية عن صفة، وکناية تدور علی تخصيص الصفة بالموصوف، وسماها مَن بعده کناية النسبة. صوّرها جميعاً من قبله الزمخشري.
هو يقف عند القول إن المجاز والکناية أبلغ من حقيقة التصريح، ويستضيء بما قال عبدالقاهر ويقول: إن المجاز أبلغ من الحقيقة لأن الانتقال فيه من الملزوم إلی اللازم، فهو کدعوی الشيء ببينة.
وأما ابن الأثير، هو في البداية يتحدث عن الخلط بين التعريض والکناية علی يد بعض البلاغيين وعلماء العربية، ثم يقول في الفرق بينهما: إن الکناية يتجاذبها المجاز والحقيقة، وجاز حملها علی الجانبين معاً، بينما التعريض لا يدخل فيه المجاز، وهو بذلک القول يسلک الکناية في المجاز. ولم يلبث أن جعلها من باب الاستعارة ويقول: «أما الکناية فهي جزء من الاستعارة، فإنها لا تکون إلا بحيث يُطوی المکنّی عنه، ونسبتها إلی الاستعارة نسبة خاص إلی عام، فيقال کل کناية استعارة، وليس کل استعارة کناية، ويفرّق بينها من وجه آخر، وهو أن الاستعارة لفظها صريح، والکناية ضد الصريح، لأنها عدول عن ظاهر اللفظ، وهذه ثلاثة فروق أحدها الخصوص والعموم، والآخر الصريح، والآخر الحمل علی جانب الحقيقة والمجاز». [28]
هو يقول في کتابه الجامع الکبير إن الکناية تنقسم إلی ثلاثة أقسام: إما التمثيل وإما الإرداف وإما المجاورة، وفي کتابه المثل السائر يقول: هذا التقسيم ليس صحيحاً ثم يقوم بأدلة لإثبات قوله.
کل ذلک يدل علی أنه مضطرب في قوله کما قال شوقي ضيف: «والحق أن کلامه في جميع الصور البيانية مضطرب، وکل ذلک في رأينا مرجعه إلی أنه لم يقرأ شيئاً مما کتبته مدرسة عبدالقاهر». [29]
وأما الخطيب القزويني و تلخيصه، هو بعد حديثه عن المجاز ينتقل إلی الکناية، ويعترض في فاتحتها علی السکاکي، إذ جعلها انتقالا من اللازم إلی الملزوم، وجعل المجاز انتقالا من الملزوم إلی اللازم، وهي مسألة اعتبارية کان ينبغي أن لايقف عندها. ومضی ينقل عنه أقسام الکناية مناقشاً له في بعض الأمثلة.
وأما يحيی بن حمزة العلوي اليمني المتوفی 705للهجرة، وکتابه «الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز» الذي يقع في ثلاثة أجزاء. فهو في کتابه هذا يتحدث عن الکناية، ويسوق فيها تعريف عبدالقاهر لها، وکذلک تعريفات بدرالدين بن مالک، وابن الأثير وبعض الأصوليين، وارتضی رأي ابن الأثير في أنها تُعدُّ ضرباً من المجاز، وتحدث عن أقسامها کما تحدث عن التعريض.
هنا جدیر بالذکر أن نشیر إلی بعض الفروق بین الکنایة والمجاز والتعریض لأن بعض البلاغیین لم یفرقوا بین هذه الثلاثة کما أشیر.
أولا إن الکناية لا تنافي إرادة الحقيقة بلفظها، أما المجاز فيمنع من إرادة المعنی الحقيقي وذلک بسبب وجود قرينة تمنعها وثانیا إنها بُنيت علی الانتقال من اللازم إلی الملزوم، علی حين بُني المجاز علی الانتقال من الملزوم إلی الازم. إذن یفهم من ذلک أن الکنایة لیست مجازا وتختلف عنه.
أما حول الکنایة والتعريض لنعلم أن التعریض أخفی من الکناية، لأن دلالتها لفظية وضعية من جهة المجاز، ودلالة التعريض من جهة المفهوم لا بالوضع الحقيقي ولا المجازي. فضلا عن ذلک الکناية تشمل اللفظ المفرد والمرکب معاً، فتأتي علی هذا تارة، وعلی هذا أخری، وأما التعريض يختص باللفظ المرکب ولايأتي في اللفظ المفرد. وأما اللفظ ظاهر في المعنی المجازي في الکناية، وأما في التعريض فهو ظاهر في بيان المعنی الحقيقي. وأیضا المعنی الکنائي مقصود أصالةً والمعنی الحقيقي مقصود تبعاً، وأما في التعريض فهما مقصودان علی السواء. إذن لیس من الصحیح القول بأن الکنایة والتعریض کلیهما واحد بل یختلفان.
هناک بلاغيون وأدباء آخرون بين هذه الأطوار و الأدباء، نحو ابوبکر محمد بن طيب باقلّاني (متوفی 403هـ) صاحب «إعجاز القرآن»، أو محمد بن أحمد بن طباطباء المتوفی (322هـ) صاحب «عيار الشعر»، الذين قد تحدثوا حول الکناية و بلاغته، ولکنه لم یتم دراستهما تجنبا عن إطالة الکلام.
أقسام الکناية
العلماء والبلاغيون قسّموا الکناية باعتبارات مختلفة إلی أقسام متعددة، منها أقسام الکناية باعتبار المطلوب منها والأخری أقسامها باعتبار الوسائط والسياق، نقف في هذا المجال عند أقسام اعتبرها السکاکي والقزويني ومن تبعهما، لأن أکثر البلاغيين من القدماء والمحدثين تبعوا هذا التقسيم:
ألف) الکناية باعتبار المطلوب منها
تنقسم الکناية باعتبار المطلوب منها ثلاثة أقسام:
* الکناية عن صفة
«ويسمی الإرداف» (ابن مالک، بدرالدين، المصباح في المعاني و البيان و البديع، ص148) وهي التي يطلب بها نفس الصفة، المطلوب بها الصفة، «ويراد بها ما يجری مجری الجود والکرم والشجاعة في القيام بالغير وکونه صفة معنوية. کقول اسماعيل بن يسار في رثاء عروة بن الزبير:
منعَ التّعزي أنني لفراقه لبس العدوُّ عليَّ جلدَ الأربدِ
فإنه کنّی عن مجاهرة غيره له بالعداوة بـ (لبس العدو...)». [30]. في هذا النوع من الکناية يذکر الموصوف وتستر الصفة مع أنها هي المقصودة.
واعلم أن الکناية التي تطلب بها صفة، نوعان:
الأولی: «کناية قريبة، وهي ما ينتقل فيها الذهن من المعنی الأصلي، إلی المعنی المقصود، بلا واسطة بين المنقول عنه، والمنقول إليه، کما في قولک (فلان طويل النجاد) فالمطلوب صفة هي طول القامة، وليس بين طول النجاد، وطول القامة واسطة، وإنما ينتقل الذهن من طول النجاد إلی طول القامة مباشرة.
والقريبة نوعان: واضحة و خفية:
1: فالواضحة: ما يفهم منها المقصود لأول وهلة، لوضوح اللزوم بين المکنی والمکنی عنه، کقول (فلان طويل النجاد).
2: والخفية: ما لايفهم منها المقصود إلا مع شيء من التأمل والتفکير، لخفاء اللزوم بين المکنی عنه والمکنی به، کما في قولهم: (فلان عريض القفا) کناية عن غبائه، فإن عرض القفا مما يدل علی البلاهة والبلادة، إلا أن فهم ذلک يتوقف علی إعمال فکر ورؤية، لخفاء اللزوم بين المعنيين، لأنه لايدرکه کل أحد.
والثانية: کناية بعيدة، وهي ما ينتقل الذهن فيها من المعنی الأصلي إلی المعنی المراد بواسطة» [31]. نحو کثير الرماد، الذي شرح فيما سبق.
∗ الکناية عن موصوف
وهي الکناية التي يطلب بها نفس الموصوف، فتذکر الصفة ولا يصرح بالموصوف، «ومن شرطها أن تکون مختصة بالمکنّی عنه، لاتتعداه، ولذلک يحصل الانتقال» [32]. و «من ذلک قوله تعالی: ﴿وحملناه علی ذات ألواح ودسر﴾ (القمر54: 13)، فذات الألواح والدسر کناية عن موصوف هي السفينة». [33]
وهي نوعان:
1: ما تکون الکناية فيه معنی واحدا يختص بالمراد، کما في المثال السابق، موطن الأسرار کناية عن القلب.
2: ما کان المکنی به مجموعة معان مختلفة، بضم بعضها إلی بعض وتکون المعاني کلها مختصة بالموصوف، «کقولنا کناية عن الإنسان –حيٌّ مستوی القامةِ عريض الأظفار- وشرطهما الاختصاص بالمکنِّي عنه». [34]
في النوع الأول من هذه الکناية الانتقال فيها سهل، بسيط وقريب لاستغناءه عن ضم لازم إلی آخر، ولکن النوع الثاني منها الانتقال فيه صعب وغير سهل؛ لأنه يکون من مجموع معان مختلفة بعيدة.
∗ الکناية عن النسبة
يراد بها إثبات أمر أو نفيه عنه، ولا يصرح فيها بالنسبة الموجودة بين الصفة والموصوف، مع أنها هي المرادة، قال السکاکي بهذا النوع تخصيص الصفة بالموصوف، وسمّي من بعده کناية النسبة.
1. «إما أن يکون ذوالنسبة مذکورا فيها. نحو: (المجد بين برديه): «کناية عن إثبات المجد للممدوح، صرح في هذه الکناية بالموصوف، وهو ضمير الممدوح، کما صرح بالصفة، وهي (المجد) ولکن لم يصرح فيها بنسبة المجد إليه، وإنما ذکر مکانها نسبة المجد إلی برديه إثباتا، وهي تستلزم نسبة المجد إليه». [35]
2. وإما أن يکون ذوالنسبة غير مذکور فيها». [36]
من الأمثلة التي يذکر فيها ذوالنسبة:
خير الناس من ينفع الناس: کناية عن نفع الخيرية عمن لاينفعهم.
قال الإمام الخطيب القزويني: « وقد يُظنّ أن هنا قسماً رابعاً، و هو أن يکون المطلوب بالکناية الوصفَ والنسبةَ معاً، کما يقال: (يکثر الرماد في ساحة عمرو) في الکناية عن أن عمراً مضيافٌ، وليس بذاک؛ إذ ليس ما ذکر بکناية واحدة، بل هو کنايتان: إحداهما عن المضيافية، والثانية عن إثباتها لعمروٍ». [37]
أقسام الکناية باعتبار الوسائط
یقسم السکاکي الکناية من حيث کثرة الوسائط وقلّتها، وخفاء المراد ووضوحه، وذکر الموصوف وحذفه إلی أربعة أقسام هي:
1. التعريض 2. التلويح 3. الإيماء أو الإشارة 4. الرمز
∗التعريض: التعريض لغة خلاف التصريح و«هو أن يطلق الکلام، ويشار به إلی معنی آخر يفهم من السياق» (سلّوم، علي الجميل ونورالدين، الدليل إلی البلاغة وعروض الخليل، ص165) وقال السکاکي فيه: «کناية مسوقة لأجل موصوف غير مذکور کقولک في عُرض من يؤذی المسلمين:
(المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)» [38]: نفی الإسلام عن ذلک الشخص المؤذي، في هذه الکناية لم يذکرالموصوف الذي نفي الإسلام منه، ونعرفه من السياق والقرائن.
التعريض عند السکاکي وبعض البلاغيين الاخرين قسم من الکناية أو صورة منها سيقت لأجل موصوف غير مذکور، والحقيقة أنه غير الکناية، و هناک فروق بينهما سنشير إليها إن شاء الله.
∗ التلويح: فهو کناية کثرت فيها الوسائط بين اللازم و الملزوم، «ووجه التسمية بالتلويح، هو أن التلويح بمعنی الإشارة إلی غيرک من بعيد، فتتناسب التي ينتقل فيها المخاطب إلی المراد من بعيد أن تسمّی به». [39] ومن أمثلته: (جبان الکلب)
المقصود بقول (جبان الکلب) هو أنه کريم، صفة الکرم تمت عبر الوسائل التالية: «جبن الکلب ناجم عن دوام منعه عن النباح في وجه القادمين، ودوام منعه بسبب کثرة القادمين إلی دار صاحبه، وکثرة القادمين دليل سيادة وکرم صاحب الدار». [40]
∗ الإيماء أو الإشارة: هو الذي قلت وسائطه، مع وضوح اللزوم، وتدل علی المعنی المراد دلالة مباشرة، نحو:
أما ما رأيتَ المجدَ ألقی رحلَه في آلِ طلحةَ ثمّ لم يتحوّل
الشاهد في (ألقی المجد رحله في آل طلحة)، کناية عن مجد آل طلحة، لأن المجد ألقی رحله فيهم، وکما تری وضوح هذه الکناية غير خفيّ.
∗ الرمز: کناية عدمت فيها الوسائط أو قلت مع خفاء اللزوم، يعني الانتقال فيها إلی المعنی المراد من قريب ولکن فيها نوع من الاستتار، ودرجة الاستتار في الرمز تتفاوت من کلام إلی کلام آخر، منها يفهم بيسر ومنها ما يحتاج فهمه إلی جهد کبير، ومن أمثلتها:
فلان عريض القفا← کناية عن بلاهته.
«سبب إطلاق الرمز علی هذا القسم، أن الرمز بمعنی الإشارة من قريب علی سبيل الخفية، قال الله تعالی في قصة زکرياء: ﴿ألّا تُکَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ إلّا رَمزاً﴾ [41]». [42]
ذکر ابن الأثیر في کتابه الجامع الکبیر أن الکنایة تنقسم إلی أربعة أقسام: التمثیل، الردف، المجاورة، وما لیس بالتمثیل والردف والمجاورة، ثم في کتابه الآخر یعني المثل السائر یردّ هذا التقسیم ویقول أن هذا التقسیم لیس صحیحا، وقدّم تعلیقا علیه لیس من الممکن الإشارة إلیه إتقاءً لإطالة الکلام.
الکناية عند ابن رشيق القيرواني
في البدایة یجب أن نذکر نبذة عن العمدة بعد ذلک قمنا بدراسة الکنایة بأنها باب من أبواب هذه الکتاب.
العمدة کتاب في نقد الشعر مع مقدمة مفصلة عن فن الشعر عموماً، وقد امتدحه ابن خلدون بأنه رائد في سبيل الحکم علی الشعر المحدث. وله مختصر بعنوان (العدة في اختصار العمدة) لأبي عمرو عثمان بن علي الأنصاري الخزرجي الصقلي النحوي». العمدة هو الکتاب الذي حمل اسم ابن رشيق وجعله خالداً بين أدباء العرب. «قد بدأ ابن رشيق کتابة هذا الکتاب بعد سنة 412هـ وذلک لأنه يذکر عند الحديث عن صوت دعبل الخزاعي بزويلة بني الخطاب قبر ابن شيخه أبي عبدالله محمد بن جعفر النحوي ويقول: فإذا قلنا إن الدعاء بالرحمة إنما هو لشيخه، وإنه کان قد مات في أثناء کتابة قصة دعبل وخبره، وهو مات سنة 412 هـ. ومن هذا يتبين لنا أن العمدة قد ألف في الفترة ما بين 412-425هـ».
تضمن الکتاب مجموعة من الأبواب معظمها في نقد الشعر وصناعته وتاريخه، وما يتصل به من مباحث الوزن والقافية، والصور الفنية التي تتصل بفن القول عموماً وفن الشعر بخاصة. هو يضم موضوعات أخری إلی الموضوع الأصيل وکان يتحدث في باب عن أصول النسب وبيوتات العرب وفي باب ينناول ملوک الراب وفي باب يذکر العتاق من الخيل و... .
أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني «456هـ» في کتابه العمدة جاء بالکناية، فتارة يعدّها من المجاز، وتارة من أنواع الإشارة التي فسرها بقوله:
«والإشارة من غرائب الشعر ومُلحه، وبلاغة عجيبة تدل علی بعد المرمی وفرط المقدرة، وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز والحاذق الماهر، وهي في کل نوع من الکلام لمحة دالة، واختصار وتلويح يعرف مجملاً، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه». [43]
قال قدامة بن جعفر في الإشارة: «ومن أنواع ائتلاف اللفظ والمعنی، الإشارة، وهو أن يکون اللفظ القليل مشتملاً علی معان کثيرة بإيماء إليها أو لمحة تدلّ عليها». [44]
وقال أسامة بن منقذ: «اعلم أن الفرق بين الکناية والإشارة أن الإشارة إلی کل شيء حسن، والکناية عن کل شيء قبيح، مثل قوله عز وجل: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ [45] إشارة إلی عفافهن وقوله سبحانه: ﴿کانا يأکلان الطعام﴾ (مائدة 5: 75) کناية عن قضاء الحاجة وقوله تعالی: ﴿ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ﴾ [46] إشارة إلی نساء کرام». [47]
ثم يشير ابن رشيق إلی أنواعها، ويقول: من أنواعها التفخيم، والإيماء، والتعريض، والکناية والتمثيل، والتلويح، والرمز، واللمحة، واللحن، والحذف، والتورية، والتتبيع.
ابن رشيق لم يقم بتعريف دقيق للکناية وقد جاء ببعض ما جعله البلاغيون الآخرون تحت الکناية في باب الإشارة. أشرنا في المباحث السابقة إلی أقسام الکناية وقلنا أن الکناية بحسب الوسائط تنقسم إلی التعريض، والتلويح، والإيماء والإشارة، والرمز وقدمنا تعريفا لکل من هذه الأقسام. أما ابن رشيق قد أدخل هذه الأقسام الأربعة في الإشارة، کذلک الکناية بوصفه نوعا من أنواعها.
هو لم يقدم تعريفاً لهذه الأنواع أو الفروق الموجودة بينها، فقط قام بمجيء الأمثلة فيها، ويقول:
«أما الإيماء فکقول الله عزّ وجلّ ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ [48]، فأومأ إليه وترک التفسير معه. وقال کثيّر:
تجافيتِ عنّي حين لا لي حيلةٌ و خلّفتِ ما خلّفتِ بينَ الجوانحِ
فقوله: (وخلفت ما خلفت) إيماء مليح». [49]
في التعريض يقول: «ومن مليح التعريض قول أيمن بن خزيم الأسدي لبشر بن مروان يمدحه ويعرض بکلف کان بوجه أخيه عبد العزيز حين نفاه من مصر علی يدي نصيب الشاعر مولاه:
کأن التـاجَ تاجَ بني هرقلٍ جلوهُ لأعظمِ الأعيادِ عِيـدا
يصافحُ خدَّ بشرٍ حين يُمسی إذا الظلماءُ باشرتِ الخُدودا
فهذا من خفي التعريض؛ لأنه أوهم السامع أنه إنما أراد المبالغة بذکر الظلماء ولا سيما وقد قال: «حين يمسی» وإنما أراد الکلف، هکذا حکت الرواة». [50]
من الأمثلة التي قد ورد ابن رشيق في نوع التلويح، قول النابغة في طول الليل، وبرأيه من أجود ما وقع في هذا النوع:
تقاعسَ حتی قلتُ: ليس بمنقض وليس الذي يرعی النجومَ بآيبِ
ويقول: « "الذي يرعی النجوم" يريد به الصبح أقامه مقام الراعي الذي يغدو فيذهب بالإبل والماشية فيکون حينئذ تلويحه هذا عجيباَ في الجودة. وأما من قال: إن الذي يرعی النجوم إنما هو الشاعر الذي شکا السهر وطول الليل فليس علی شيء».
وأما في الرمز يقول: «وأصل الرمز، الکلام الخفي الذي لايکاد يفهم، ثم استعمل حتی صار الإشارة، وقال الفراء: الرمز بالشفتين خاصة». [51]
ومن الأمثلة التي قد أتی بها في هذا النوع، قول أبي نؤاس في وصف کؤوس ممزوجة فيها صور منقوشة:
قرارتُها کسری وفي جَنَباتِها مَهاً تدَّريها بالقِسيِّ الفـوارسُ
فللخمر ما زُرّت عليه جُيوبُها وللماءِ ما دارت عليه القلانسُ
يقول: «إن حد الخمر من صور هذه الفوارس التي في الکؤوس إلی التراقی والنحور وزبد الماء فيها مزاجاً، فانتهی الشراب إلی فوق رؤوسها، ويجوز أن يکون انتهاء الحباب إلی ذلک الموضع لما مزجت فأزبدت، والأول أملح وفائدته معرفة حدها صرفاً من معرفة حدها ممزوجة». [52]
بين أنواع الإشارات التي ذکرها ابن رشيق، قمنا بشرح هذه الأنواع الأربعة بما أن بعض البلاغيين الآخرين قد عدّوها أقساماً من الکناية، في حين أن ابن رشيق جاء بها في باب الإشارة، ورأينا أنه لم يقدم أي تعريف فيها، واکتفی إلی إتيان الأمثلة فيها، ثم يشير إلی أن الکناية والتمثيل من أنواع الإشارات ويقول:
«ومن أنواع الإشارات الکناية والتمثيل ، کما قال ابن المقبل - وکان جافياً في الدين يبکي أهل الجاهلية وهو مسلم، فقيل له مرة في ذلک- فقال:
وما ليَ لا أبکي الديارَ وأهلَهـا وقد رادَها رُوّادُ عکّ وحِميَرا
وجاء قَطا الأحباب من کل جانب فوقـع في أعطاننـا ثم طيَّـرا
فکنی عما أحدثه الإسلام ومثل کما تری». [53]
هنا لم يفرق ابن رشيق بين الکناية والتمثيل ويعدهما نوعا واحدا ، ولکنه جاء في کتابه العمدة باباً مستقلا للتمثيل ويعده من ضروب الاستعارة، ويقول:
«ومن ضروب الاستعارة التمثيل، وهو المماثلة عند بعضهم، وذلک أن تمثل شيئاً بشيء فيه إشارة، نحو قول امرئ القيس وهو أول من ابتکره، ولم يأت أملح منه:
وما ذرفت عيناک إلا لتقدحي بسهميکِ في أعشارِ قلبٍ مقتَّلِ
فمثل عينيها بسهمي الميسر يعني المعلی وله سبعة أنصباء والرقيب وله ثلاثة أنصباء، فصار جميع أعشار قلبه للسهمين اللذين مثل بهما عينيها ومثل قلبه بأعشار الجزور؛ فتمت له جهات الاستعارة والتمثيل». [54]
هو أيضا لم يفرق بين الکناية والتورية في دراسته، ويشير إلی أن التورية من أنواع الإشارة، ثم يقول: «وأما التورية في أشعار العرب فإنما هي کناية: بشجرة، أو شاة، أو بيضة، أو ناقة، أو مهرة، أو ما شاکل کل ذلک کقول المسيب بن علس:
دعا شجرَ الأرضِ داعيهم لينصرَهُ السدرُ والأثأبُ
فکنی بالشجر عن الناس، وهم يقولون في الکلام المنثور: جاء فلان بالشوک والشجر، إذا جاء بجيش عظيم» [55].
قال بعضهم: «إن جميع ما ذکره تحت الإشارة يندرج في باب الکناية بمفهوم الاصطلاحي، وإن معظم الأساليب التي درسها ابن رشيق في التورية، هي من أسلوب الکناية. ومرجع کل ذلک هو المفهوم اللغوي للتورية إذ إن معنی التورية اللغوي هو الستر والخفاء وهو لا يختلف عن معنی الکناية اللغوي کثيراً». [56]
القزويني في کتابه "الإيضاح في علوم البلاغة" قد أدخل التورية في علم البديع، وقال: «وتسمی الإيهام أيضاً» (القزويني، جلال الدين، الإيضاح في علوم البلاغة، ج2، ص499)، وقال ابن أبي الأصبع: «ويسمی التوجيه». [57]
قال الصقيل: «لقد أسلمه الحديث في التورية وهي نوع من أنواع الإشارة إلی أن يدخل فيها الکناية، لاتحادهما الذاتية والغاية الأدائية و البلاغية؛ فإذا کانت التورية هروبا من الإفصاح عن المعنی المراد بلفظ قريب إلی لفظ بعيد لقصد أو غرض ما، فإن الکناية تشارکها الطريق نفسه، من حيث إنها هروب عن التصريح و الإفصاح عن المعنی المراد بلفظه القريب النباشر إلی لفظ آخر لغرض ما، وفي کلا الوجهين يغلب أن يکون بين اللفظين المستبدلين علاقة وصلة، إما بالشبه الشکلي الظاهر أو الشبه الدلالي اللزومي بينهما...». [58]
هو قال في موضع آخر من کتابه: «ومن أنواع الإشارة التتبيع، وقوم يسمونه التجاوز»، ولکنه لهذا النوع جعل باباً مستقلاً وقدّم تعريفاً ويقول: «وهو أن يريد الشاعر ذکر الشيء، فيتجاوزه، ويذکر ما يتبعه في الصفة وينوب عنه في الدلالة عليه، وأول من أشار إلی ذلک امرؤالقيس يصف امرأةً:
ويُضحي فتيتُ المسکِ فوقَ فراشها نؤومُ الضُّحی لم تنتطق عن تفضُّل
فقوله «يضحي فتيت المسک» تتبيع وقوله «نؤوم الضحی» تتبيع ثان، وقوله «لم تنتطق عن تفضّل» تتبيع ثالث، وإنما أراد أن يصفها بالترفه، والنعمة وقلة الامتهان في الخدمة، وأنها شريفة مکفية المؤنة، فجاء بما يتبع الصفة ويدل عليها أفضل دلالة». [59]
هو قد يعدّ التتبيع نوعا من الإشارات، في حين أن المظفر العلوي في کتابه يقول فيها: «الکناية وربما سماها قوم التتبيع لأن الشاعر يقول معنی ويأتي بلفظ تابع له، فإذا دلّ التابع عن المتبوع. فمن ذلک قوله تعالی: ﴿وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ [60]، کناية عن شدة الأمر والحرب ومعنی ذلک أن القلوب ارتفعت عن مواضعها، فنفرت کأنها تريد الخروج عن الأجسام مفارقة لها». [61]
ومن الأمثلة التي وردها ابن رشيق في الکناية هي: «قول الله عز وجل في إخباره عن خصم داود (ع):
﴿إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ولي نعجة واحدة﴾ [62]، کناية بالنعجة عن المرأة، وقال امرؤالقيس:
وبيضةِ خدرٍ لا يُرامُ خباؤُها تمتّعت في لهوٍ بها غيرَ مُعجَلِ
کناية بالبيضة عن المرأة.
وروی ابن قتيبة أن رجلاً کتب إلی عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ألا أبلغ أبا حفص رسولاً فِدیً لک من أخي ثقةُ إزاري
قلائصُنا هداک الله إنـا شغلنا عنکم زمـنَ الحصـار
فما قلص وُجدنَ معقلاتٍ قَفا سَلـعٍ بمختلف التجــار
يعقلن جعـد شيظمـی و بئس معقـلُ الذَّود الظـؤار
وإنما کنی بالقلص، وهي النوق الشواب عن النساء، وعرّض برجل يقال له: «جعدة»، کان يخالف إلی المغيبات من النساء، ففهم عمر ما أراد وجلد جعدة ونفاه». [63]
ثم يشير ابن رشيق إلی حديث صريح في الکناية و يقول:
«و من الکناية اشتقاق الکنية، لأنک تکني عن الرجل بالأبوة، فتقول: أبو فلان، باسم ابنه، أو ما تعورف في مثله، أو ما اختار لنفسه، تعظيماً له و تفخيماً.
قال المبرد و غيره:
الکناية علی ثلاثة أوجه: هذا الذي ذکرته آنفاً أحدها، والثاني: التعمية و التغطية التي تقدم شرحها، والثالث:
الرغبة عن اللفظ الخسيس کقول الله عز وجل:
﴿وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا﴾ [64] فإنها فيما ذکر کناية عن الفروج. ومثله في القرآن وفي کلام الفصحاء کثير». [65]
قلنا في البداية إن ابن رشيق عدَ الکناية تارة من الإشارة وتارة من المجاز وحينما يعدّ التشبيه من المجاز، يقول:
«وأما کون التشبيه داخلاً تحت المجاز، فلأن المتشابهين في أکثر الأشياء إنما يتشابهان بالمقاربة علی المسامحة والإصلاح، لا علی الحقيقة... وکذلک الکناية في مثل قوله عز وجل إخباراً عن عيسی ومريم (ع):
﴿کانا يأکلان الطعام﴾ [66]کناية عما يکون عنه من حاجة الإنسان، وقوله تعالی حکاية عن آدم وحواء (ع): ﴿فلما تغشاها﴾ [67] کناية عن الجماع، وقول النبي "العين وکاء السه" وقوله لحادٍ کان يحدو به «إياک والقوارير» کناية عن النساء لضعف عزائمهن». [68]
ملخص القول إن ابن رشيق لم يقدم تعريفا دقيقا للکناية في کتابه العمدة، ثم إنه يعدها تارة من المجاز وتارة أخری من الإشارة وأيضا لم يفرق بينها وبين التمثيل کأنه يعتبرهما شيئا واحداً.
النتیجة
بعد دراسة الکناية والنظر في بعض صفحات العمدة وصلت إلی نتائج هامة منها:
1: أطبق البلغاء کلهم علی أن الکناية أبلغ من الإفصاح بالذکر والمجاز أبلغ من الحقيقة. والسبب في ذلک أن الانتقال من الملزوم إلی اللازم، فيکون إثبات المعنی به کدعوی الشيء ببينة، ولاشک أن دعوی الشيء ببينة أبلغ في إثباته بلا بينة.
2: لم تکن الکناية في بداية الأمر قضية فنية ذات الأنواع و الأقسام، وقد تطورت في مدی الزمن من طور إلی طور ومن أديب إلی أديب آخر ، وکل منهم عرفّها تعريفاً مختلفاً بالنسبة إلی غيره. قلنا أن أبا عبيدة أول من عرض للکناية في کتابه مجاز القرآن.
3: إن بعض البلاغيين کالعسکري وابن المعتز يقرن الکناية بالتعريض ويعتبرهما أمراً واحداً. وبعضهم يفرق بينهما کالزمخشري. وهناک فروق بین الکنایة والتعریض، منها التعريض أخفی من الکناية وأیضا الکناية تشمل اللفظ المفرد والمرکب معا، فتأتي علی هذا تارة، وعلی هذا أخری، وأما التعريض فإنه يختص باللفظ المرکب، ولا يأتي في اللفظ المفرد البتة.
4:لم يفرق بعض الأدبا بين الکناية والمجاز ويعدونهما أمرا واحدا کالجرجاني، والزمخشري في حین أن هناک فروق بين الکناية والمجاز أهمها هو تخالف الکناية المجاز من جهة جواز إرادة المعنی الحقيقي للفظ مع إرادة لازمه، فإن المجاز ينافي ذلک، فيمنع من إرادة المعنی الحقيقي بسبب وجود قرينة تمنع ذلک وکذلک مبنی الکناية علی الانتقال من اللازم إلی الملزوم، ومبنی المجاز علی الانتقال من الملزوم إلی اللازم.
5: إن ابن رشيق لم يقدم تعريفا دقيقا للکناية في کتابه العمدة، ثم إنه يعدها تارة من المجاز وتارة أخری من الإشارة وأيضا لم يفرق بينها وبين التمثيل کأنه يعتبرهما شيئا واحداً.
6: إن الکناية أسلوب تفخم المعنی في نفوس السامعين، التعبير الکنائي يُظهر المعاني في صورة المحسوسات، فيجعلها ملموسة ومشهودة ويصورها واضحة وبينة، يعني للکناية قدرة علی تجسيد المعاني وإخراجها صوراً محسوسة. والعبارات الکنائية کثيرة جدا عند العرب وأنهم استخدموها في أشعارهم ومنثورهم استخداما ما.
فهرس المصادر و المراجع
- ابن الأثير، ضياء الدين، الجامع الکبير في صناعة المنظوم من الکلام والمنثور، تحقيق د مصطفی جواد وجميل سعيد، بغداد، مجمع العلمي العراقي، 1956
- ابن الأثير، ضياء الدين، المثل السائر، تحقيق أحمد الحوفي وبدوي طبانة، مصر، مطبعة الرسالة، الطبعة الأولی، 1962
- ابن مالک، بدر الدين، المصباح في المعاني والبيان و البديع، تحقيق وشرح حسنی عبدالجيل يوسف، لا مک، مکتبة الآداب، لا تا
- ابن المعتز، عبدالله، البديع، الأرفيت، لا تا
- الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، بيروت، دارالمعرفة، الطبعة الأولی، 2001
- پريز، عبد القادر، الکناية بين الأدبين العربي والفارسي، (الدکتوراه)، جامعة العلامة الطباطبائي، 1388
- التفتازاني، سعدالدين، کتاب المطول، قم، مکتبة الداوري، الطبعة الأولی، 1424هـ
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، شرح المختصر، قم، منشورات در الحکمة، لا تا
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، البيان والتبيين، شرح علي بوملحم، بيروت، دار و مکتبة الهلال، 2002
- الجرجاني، عبد القاهر، أسرار البلاغة في علم البيان، قم، منشورات الرضوي، الطبعة الأولی، 1404هـ
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ، دلائل الإعجاز في علم المعاني، تصحيح السيد محمد رشيد رضا، بيروت، دار المعرفة، 1978
- الخفاجي، ابن سنان، سر الفصاحة، تصحيح عبدالمتعال الصعيدي، مصر، مطبعة محمد علي صبيح وأولاده، 1952
- الديباجي، السيد ابراهيم، بداية البلاغة، تهران، سمت، الطبعة الثالثة، 1385
- الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة، القاهرة، دار الکتب و الوثائق القومية، الطبعة الثانية، 1973
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الکشاف عن حقائق غوامض التنزيل، بيروت، دار الکتاب العربي، لا تا
- سلّوم، علي جميل وحسن محمد نور الدين، الدليل إلی البلاغة وعروض الخليل، بيروت، دار العلوم العربية، الطبعة الأولی، 1990
- ضيف، شوقي، البلاغة تطور و تاريخ، القاهرة، دار المعارف، الطبعة العاشرة، لا تا
- عبدالرازق، حسن اسماعيل، البلاغة الصافية، مصر، المکتبة الأزهرية للتراث، 1991
- عتيق، عبدالعزيز، علم البيان، بيروت، دارالنهضة العربية، لا تا
- العسکري، أبوهلال، الصناعتين الکتابة والشعر، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبوالفضل إبراهيم، لا مک، عيسی البابي الحلبي و شرکاة، الطبعة الثانية، لا تا
- فاضلي، محمد، دراسة ونقد في مسائل بلاغية هامة، مشهد، انتشارات دانشگاه فردوسی، چاپ اول، 1376
- الفراء، أبو زکرياء يحيی بن زياد، معاني القرآن، تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار، تهران، ناصر خسرو، الطبعة الأولی، لا تا
- قدامة بن جعفر، أبو الفرج، نقد الشعر، تحقيق د.محمد عبدالمنعم الخفاجي، بيروت، دار الکتب العلمية، لا تا
- القزويني، الخطيب، الإيضاح في علوم البلاغة، شرح محمد عبدالمنعم خفاجي، بيروت، الشرکة العالمية للکتاب، 1989
- القيرواني، الحسن بن رشيق، الديوان، شرح صلاح الدين الهواري وهدی عودة، بيروت، دار الجميل، الطبعة الأولی، 1996
- المبرد، ابوالعباس محمد بن يزيد، التعازي والمراثي، تحقيق محمد الديباجي، بيروت، دار صادر، الطبعة الثانية، 1992
- الهاشمي، أحمد، جواهر البلاغة، ترجمة حسن عرفان، قم، نشر بلاغت، چاپ پنجم، 1384
- هدّارة، محمد مصطفی، علم البيان، بيروت، دار العلوم العربية، الطبعة الأولی، 1989
- http://www.qurandoors.com/vb/showthread.php
- http://www.almeshkat.net/books/open.php
- http://www.alwarraq.com
- http://www.shamela.ws
- الموسوعة الشعرية، إصدار3
ABSTRACT
The irony is that the man is literally what it says and wills. And the non-verbal means of expression for which it will have been established, and will, meaning that it is permissible because it will mirror the original meaning there is no deterrent.
Quibble over time and from time to time and from other rhetorical rhetorical to have been changed.
And Blaghyvn scholars have offered various definitions of irony and its various funds are divided into several types
Some, such as Ibn Qtybh authorized to discuss it in style and theology have mentioned some of the advantages of exquisite irony as Ibn Moataz are considered
But Ibn Rshyq in his book Almdh not provide a precise definition of irony
And once again it knows from the point of the metaphor, and the examples mentioned in the article explains.
Keywords:
Ibn rshyq alqyrvavany, irony, metaphor, refer, almdh.
إعداد:
– الدکتور بيژن کرمي ميرعزيزي استاذ بجامعه العلامه الطباطباﺋي.
– مریم ترکاشوند خریجة مرحلة الماجستیر بجامعة العلامة الطباطبائي