

انصرفوا
إلى بعض أصحاب الدكاكين والمُستعطين الذين يظنون بأن ذكرى رموزنا أو اي شيء مرتبط برموزنا مشروع اقتصادي ربحي، أو بمعى آخر سوبرماركت وطني.
نحن لم نصادقْ رموزَنا ولم ندّعِ بأننا تعلمنا معهم في نفس المدرسة أو نفس الصفِ، لم ننمْ معهم في سريرٍ واحدٍ. وعندما كنا نلتقي بهم مصادفة في رام الله أو حيفا أو الناصرة كنّا نردُ عليهم السلام بأحسنَ منه، وإن لم ينتبهوا مصادفة لم ننتبه نحن أيضًا مصادفة.
ولكننا صادقنا إبداعاتهم وحفظناها عن ظهر قبل، علّمناها لمئات الطالبات والطلاب وإن لم يكن للآلاف.
علّمناهم عن توفيق زيّاد، وعن محمود درويش، شكيب جهشان، طه محمد علي، ومطلق عبد الخالق، عن أبي سلمى عبد الكريم الكرمي وأبو الطيّب عبد الرحيم محمود شهيد الشجرة واخرين.
حفظْنا وحفَّظْنا أشعارَهم، ونقلنا للأجيال المتتالية "كأننا عشرون مستحيل..".
نحن أغصان الجذور الفلسطينية. كتبنا وقلنا سابقا: «علينا تنقية مساراتنا الإبداعية من هؤلاء المُتسلقين والإنتهازيين الذين لا همّ لهم الا الكسب الرخيصْ.
الإبداع الملتزم لا يتسامح مع هؤلاء المتمركزين على مفارقنا الإبداعية كمُستعطين. وللحفاظ على داليتنا وإبداعاتها، علينا نبذهم وبدون تردد».
نحن لم ندغدغ أعمالنا بالثرثرات وإنما وثقناها بالدراسات والإلتزام، لم نمدّ أيادينا إلى جيوب الغير ولم نختلس من أحدٍ.
أشفقنا عليهم كمستعطين اعتادت أياديهم على جيوب الغير وتكالبوا على طعام الآخرين، اعتادوا الهشاشة الحاقدة، لا يعرفون العناق الحقيقي الصادق. نَفَسَهم نفس العائلية والحاراتية والمناطقية.. نَفَسُ الإنغلاق المُعتم على الذات الهدّامة والنرجسية القاتلة.
يحسُّ بعضُنا بالذنب لأنه ترك ساحات إبداعات رموزنا لمثل هؤلاء المرتزقة. ويحسّ بالذنب لأنه لم يحمِ شعبَنا من آفاتهم وترهاتهم.
يمزجون بين الأدب وقلته ويخلطون ما بين الحصان الذي تُرِك وحيدا والمقاعد التي يجلسون عليها كأشوال غباءٍ.
لا يعرفون ونَسَ البيت ولا نظرات جياع المخيمات. يتحاورون كالببغاوات ومعَها ويجتروا حديثها عند أسيادهم. إنهم العارُ، عارُنا في كل مكان.
يجهضونها خوفا من أن تنجب مبدعين، ينفرد بهم غيرُهم، ليظلوا على رأس الطاولة الإنتهازية، لا يلتزمون بأيام حزنها ولا بذكرى نضالاتها.
يحاولون احتراف الأدب وهم لا يملكون قدرات التمييز بينه وبين الندب.
يتحدثون عن إبداعاتنا العربية خصوصا الفلسطينية بلغة الحديث عن الآخر ويقولون: إبداعاتُهم، أشعارُهم، قصصهُم.. وكتبُهم.
يهمهمون بلغة متهتكة، تقرفص عند أبواب المساجد والكنائس يستعطون، ويعودون عند المساء لبيوتهم محملين وعانّين.
عندما أتأملُ امثالهم من الذين مرّوا في حياة الإنسانية أسأل بخجلٍ حزين: لماذا خُلقوا وجاءوا إليها وساروا فوقها وارتموا على ترابها هم هم الذين جنّزوها؟ مسارهم متعرجٌ دائما بسبب أو بدونه.
أولاد العطبِخذوا انتهازيتكمرائحتكموانقلعواخذوا اتكاليتكموصورَكمأكاذيبكموانقلعواخذوا رفوفكممنافضكممقاعدكموانقلعواأعيدوا التزاماتكملأصحابها وانصرفواخذوا خليلاتكم معكمخذوا الصحون والملاعقاتركوهمواتركوناوانصرفواخذوا مفاهيمكمأوراقكمأفعالكمفجوركموانصرفواخذوا غلايينكمأراجيلكممعسلكموانصرفواأنتم ثقافة الطارئين المارقين الحاقدينانعكاسات "الداشرين"ونحن أوراق اليقينأنتم الشكّوجوع المنافقين ونحن القمحُ والطحينُوصلب اليقين.أنتم القتادونحن الياسمينفي آذانكمقطنّ وطينْوفي آذاننا تراتيل الحنين.بذِّروا ما استطعتممن أموال القطريينومن تعب المغتربينوعلقوا على أقفيتكم كل شهادات السلوك المهين.**********يا أخوة يوسفأقيموا الولائم بالنفس الطويلواشربوا الأنخابفي ذكرى الرحيل.اكتبوا المراثيبدون ارتعاشٍيا ثعالب الأزمانِويا مكائد المكانِيا أنياب الذئبِويا قمصان الندبِاتركوا القصائد تبكي عليهمتناديهم:اتركوهم، اتركوناوانصرفوا، انصرفوا، انصرفوامن هذا المجال.أيار