بائع علكة
ذات يوم رأيته.. كان هناك في المكان الذي اختاره وأصبح جزءا من جدرانه، هو متجول بارع صنع من كيسه الأسود أسطورة البحث الطويلة... كنت دائما أتأمله وذاك الكيس الذي يضع فيه العلكة، كنت دائما أتساءل هل هي مجرد علكة أم أكثر من هذا؟ وماذا تعني له هل هي سلم للوصول إلى طريق ما... أم طريقة لكسب العيش فقط؟
يوما ما قادتني خطاي السلحفائية إلى ذاك المكان، تأملته عن قرب كان منكسرا غاضبا وملابسه رثة مغبرة في الأصل كانت ملونة لكنها تحولت إلى رمادية وبنية كلون عيونه… كنت أسير، أدخل وأخرج في ذات المكان على غير هدى، ولكن ما الذي جاء بي إلى هذا المكان..أهو قدر أحمق الخطى، أم خطاي الهوجاء المتعثرة…
فرك عيونه ليتأكد من وجودي... بادلني ذاك التأمل... وتلك النظرات... وكأنه قذف أفكارا مجنونة على وجهي... خفضت رأسي متأملة الأرض التي يمشي والمقعد الذي يجلس، وطويت نظراتي لأنه كان يقرأ بعض العبارات المجنونة فيها، في تلك اللحظة تحولت الكلمات اللعينة في رأسي إلى غيوم مبعثرة ترفض الاستقرار، تدور وتستقر في ذات المكان.
يوماً ما قالت لي صديقتي لماذا تنظرين إليه هكذا.. وما الذي يعجبك به؟ أم أنك تعشقين الغرابه في كل شيء، هو هادئ وطائش... متمرد وعاقل... هو ملاك بملامح شيطانية.. هو الخجول أمام الجميع والباكي أمام امرأة…
أربع زنابق في قلبه عرفتها كلها ليست في آن واحد... وإنما في أزمنة مختلفة وظروف غامضة.. كان يوم في تموز عندما قررت شراء العلكة… اقتربت منه فشعرت برعدة تسري في جسدي رغبت بالتراجع لكنني انهزمت وانكسرت واجتاحني شعور غريب صعب تفسيره… ودفعت ذاك الثمن الغالي مقابل علكة لم أتناولها ولم أدر ما سرها… وما زلت احتفظ بها رغم انتهاء صلاحيتها… وما زلت وفية لها كوفاء زوجة عوليس في الحقيقة لا أدري ما الذي دفعني إلى التخلي عن ذاك المبلغ… مقابل شيء لم أعرفه ولكن أعرفه…
عندها سقط قلمي في كيسه سهوا… اختنقت كل الحروف… وبقيت العلكة في حقيبتي…