الأحد ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
الألماني دورر..

تحرير الفن من قيود العصور الوسطى

رسمي الجراح - الرأي - الأردن

عندما رسم الفنان الألماني ألبرشت دورر نفسه في السابعة عشرة من عمره كانت تلك اللوحة بمثابة رسالة لوالده بأنه لن يلبي رغبته في تعلم سباكة الذهب، ومن هناك بدأ مسيرة فنية حافلة بالابداع إلى أن نجح فيما بعد في تحرير الفن من قيود العصور الوسطى والجمع بين الواقعية الألمانية والمثالية الإيطالية، فنالت لوحاته حضورا عالميا لافتا.

ولد دورر في 21 أيار 1471 لعائلة من أصول مجرية، وهو الابن الثالث لها، انتقل مع والده الذي كان يعمل صائغا إلى مدينة نورينبرغ الألمانية بحثاً عن عمل أفضل. وكانت عائلته على صلة كبيرة بالعلم والثقافة، فقد كانت والدته مغنية أوبرا كنسية نشيطة. لكنه سرعان ما كشف عن مواهب فنية حقيقية في الرسم والحفر، وقام برحلات فنية كثيرة أواخر القرن الخامس عشر، ثم عاد ليستقر في نورمبورغ ويتزوج ويؤسس محترفه، غير ان الزواج الذي لم يثمر أطفالاً لم يمنع الفنان من مواصلة التجوال خصوصا في إيطاليا، وقد أمضى دورر سنواته الأخيرة بين هولندا ونورمبورغ.
وقد وجدت مواهب هذا الشاب المبكرة اهتماما كبيرا من قبل عائلته، إذ رغب والده بأن يصبح ابنه رساماً على شأن كبير من الأهمية، فدفعه للتعلم على يد الرسام الألماني ميشائيل فولغموت. فنهل دورر الكثير من المعرفة من أستاذه وعمل معه بين العامين 1486 و1490. وتذكر كتب تاريخ الفن أن ألبرشت دورر ساهم بشكل كبير في رسم بعض اللوحات لأهم أعمال أستاذه فولغموت وهو تاريخ العالم ، الذي صدر في العام 1493.
ورغم أن دورر اشتهر كرسام، إلا أن المؤرخين يتحدثون كذلك عن اهتمامات أخرى له خارج نطاق الفن، فقد اهتم بعلوم الرياضيات ونشر كتبا في هذا المجال مثل: مشاكل الهندسة الخطية و أشكال ثنائية الأبعاد و الهندسة المعمارية والديكور .

استقر فترة من الزمن في مدينة بازل، حيث اكتسب شهرة عالمية من خلال تقديم الكثير من الأعمال كان من أهمها الرسوم المصاحبة لرواية الكاتب الألماني سيباستيان برانت سفينة المجانين ، التي صدرت العام 1494. وبعد عودته إلى مدينة نورينبرغ في العام نفسه وزواجه من انغيس فراي في العام نفسه، حزم دورر حقائبه في جولة جديدة بعد أربعة أشهر على زواجه. وفي العام 1495 قفل دورر عائداً إلى مدينته، حيث قدم سلسلة من الأعمال الفنية التي جسدت الطبيعة من حوله.

في العام 1505 قام دورر برحلته الثانية إلى البندقية التي كانت مركزا لأبرز ممثلي المدرسة الفينسية أثناء حركة النهضة كتيسيان وجبورجينو وبالما ايل فيتشيو، وكان جينتليه بيليني أكثر من تأثر بهم دورر في تلك الفترة. وقد أثْرَت هذه الرحلات تجربته الفنية وقدرته على تقدير دقة الرسومات واستلهام جماليات الطبيعة بطريقة فنية رائعة. وخلال فترة إقامته هذه طلب بعض التجار الألمان من دورر رسم لوحة كبيرة لتزيين كنيسة بارتهولومويس. وبناء على هذا الطلب رسم لوحة عيد التتويج التي اشتراها فيما بعد الإمبراطور رودولف الثاني وحملها أربعة رجال إلى مدينة براغ، وهذه اللوحة ما تزال تُعرض إلى اليوم في المتحف الوطني لمدينة براغ.

رحل دورر في العام 1528، ثرياً إنما من دون ذرية، غير مخلّف سوى فنه الذي خلده على مدار التاريخ تماماً كما خلد هو ذكرى الامبراطور الذي كان مناصره الأكبر، ودُفن في مقبرة يوهانس في المدينة التي ولد فيها. وكتب صديقه فيليباد بيركهايمر على قبره: هذا المرتفع يخفي الجزء الميت من دورر .

رسمي الجراح - الرأي - الأردن

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى