

ثلاث صرخاتٍ خرساءْ
زكام الأرواح
عندما تصابُ الأرواحُ بالزّكامْتغدو عاجزةً عن الغناءْ ،عن العزف على قيثارة الحُبِ ،عن مداعبة جميل الكلامْ ،لا نوافير السماءِ ترويهاولا عبق الأرض يداويها ،لا عناق حبيبٍ يُفرحهاولا بسمة طفل ترضيها ،لا برْدُ الجنوب يشفيهاولا دفءُ الشمالْ***في ضيعته الجديدةيتفشّى الزّكامْ ،ينعدمُ الأمانْ ،نِصْفهُ يعرفُ أنها سليبةونصفه الآخر مثلها سليبٌ ،فوق تلك الرّابية الخضراءانعقدت يوماً مراسم الأحلامْ ،وفوقها اليومَحلّت الأغنامْومراعيها***يبتهلُ لجفونه أن تحمي وجنتيهمن البَرَدِ الحارّالهاطل على الدّوامْ ،فلا أخاديدها عادتْ تتسعُلسيولهِولا نار براكينهِ ترحمُالمسامْ ...في ضيعته الجديدةللقطط مآويهاوللكلاب مصحّاتهاومشافيهاوالناس فيهاأرقامٌ ...مجرّد أرقامْ***
هروبٌ نحو الذاتْ
من ذاته يهرب إلى ذاته ‘
في عتمتِها القاتمة يختفي ظلّهُ
خلف شجرة متصخّرة في واديها العميقْ ،
يختبىء من جيوش الندّابة براياتهم السوداءْ ،
يلتحف الصّمت الدافىء على شَخيرِ عشّ أخرسٍ ،
على موسيقى السّكون يراقص النّجوم المقنّعة بالغيومْ ،
تستريح ذاكرته عند أول مفرق باتجاه النّسيان العظيمْ ،
يستسلم الطاغوتُ الذي لا يفارقهُ أمام أول صيحة ديك ممعوط ،
تنام الأعشاب بعد أن تنسى يباسها ويجفّ العرق عندما يفقدُ حاسّة الّلمسْ ،
يشتمّ رائحة حياة مستحمّة لتوه بمساحيق وَأدِ الأرقْ ،
يلتقطـُ لسان أفعى بلعتْ سُمّها ويلامس معصمه عقربٌ لم يتعلّم اللّسْعْ ،
تتناوب عليّه نوبات برْدٍ دافئة وحرارة باردة
قبل أن يستفيق الطّاغوتُ من جديدْ .
***
منامفي المنامِرأى الجبلَ الجاثمفوقَ قلبهجزيرةً لا تعرفالحُبْ***والصخرة المتدحرجةعلى خدّهقالت: " أنا فيءُشجرة البلّوطالذي إستَقََلتَ منه ،تَصخّرَ بعدما اخْتَطَفتَشمسناراكباً أجنحتهاباتجاه التَجَمّد ...***مذّاكَ قالت الصخرة:"أصابتنا ظلمة أبديةواكتئاب مزمنٌحادّ"***وفي المنامجالس على مقعدٍ خشبيفي حديقة عامّةيعبَثُ بوريقات زهرةٍ برّيةإنتصبَ أمامهُ عجوزٌ أبيضٌعرّف عن نفسه بأنه التاريخْنتفَ شعرةً فضّية من لحيتهِ الكثّة:"كل منجزات غرباء الكونلا تساويها":قالْ .***أمطرته السماءُ الصّافيةبحزن يشبهُ الإختناقْ ،إلتفتَ جانباًلألتقاط بعض أنفاسهِ ،إذا بقبيلة نمل خارجة للتموّنْ ،أفرادها متماثلونْبنيّونْ ،يتدافعونَ بجنونْفي كل اتّجاه ،قالت شيختُها:"هذه أبجديتكالجديدة".***مشتعل الرأسِهرع ليتفقّد أبجديتهُ ،"جملة أو جملتينقبل إضرابي المفتوح":إشترط القلمْ ."سأعودُ إلى شجرة البلّوط ،سأعودُعلى جناح الشمسالتي اخْتَطفْتُهاسأعودْ".قال: "عُد"ثم نشِفْ