جنون الحليب أم جنون الغنم
لماذا الحليب ؟؟؟ وما هي أسرار التسلط المستمر على حليب البودرة وغيره في الأردن ؟؟ ومن الذي يقف حائلاً دون تأمين لقمة الحليب للأطفال ؟؟ ومن هو ذاك المسحور اللامرئي في بلادنا الذي يصعد على منبر الأسعار رافعاً راية النصر المبين على الأطفال ؟؟ ثم بين الحين والآخر ليعلن سعر النار والسعار على الحليب ؟؟ ؟؟
لا أدري هل هي بطولة التفوق الكبير على الصغير ؟؟ وهل هي حاجة الوطن لحلب أضعف مواطنيه لينتصر في الاستثمار ورفع الأسعار وتحقيق أعلى نسب في الضرائب ؟؟
وهل بلغت بنا حماقة الصمت والتنازل عن كل شيء حتى وقفنا بصمت الحداد على أطفالنا المرضى بفقر الدم ونحول الجسم وترقق العظام ؟؟ ومن يحمل حقيبة الكتب المكدسة بالأرطال عن أطفالنا الموغلين في المسير نحو المدارس ؟؟ ومن يمسك عن أصابعهم الهشة تلك الأقلام ليرتجف بدلاً عنهم وهم في فقدان كوب حليب الصباح ؟؟ ألا يكفي أنهم في حرمان من الحليب الطازج من ثدي الماعز وثدي البقرة الحلوب ؟؟ وقد أصبحت البقرة الحلوب غامضة لا وجود لها إلا بالصور على علب الكرتون في السوبر ماركت ؟؟ تلك التي لا يتناولها سوى ذوي سعة من الشراء والتمتع بالحليب الطازج ؟؟ هذا إذا كان فعلاً طازجاً !! وكل مسئول في البلاد يدرك طريق الحياد والمحايدة لهذه الموضوعات السالبة لصحة أطفالنا ؟؟ ويدرك أماكن المراعي والحظائر والقطعان واين هي ؟؟ وعلى ماذا تعتاش ؟؟ وقد دخلت قطعان الأغنام والماعز في سبات لا يعود ؟؟ ألا يكفي أن أطفالنا يعيشون حرمان الطريق من الأمن المروري حين يتلوعون على الطرق امام المركبات المجنونة دون احترام لحقهم في المسير ؟؟ وألا يكفي أن قوانين السير المتتابعة حتى الآن منذ خمسين عاماً وحتى ثورة قوانين السير المعاصرة في الأردن لم تستطع إجبار السائقين للتوقف لطفل يعتل حقيبته على ظهره المنزوع الكلس للوصول لمدرسته ؟؟
ثم من أي المصادر سيحصل الطفل على الكلس وفيتامين أ ؟؟؟ وفيتامين د وبعض مقويات الحليب امام البنكرياس وقدرة الأنسولين على المقاومة ؟؟؟
ثمن من هو الذي يشرب الحليب ؟؟ أهو البطل الغضنفر أو مدير الشركة ؟؟ أو رئيس مجلس إدارة المستشفى أو الشركة الذي اشتد عوده وصلب وقد فاز بالإبل ؟؟ ومن هو الواقف على مائدة الجوع ينتظر زجاجة حليب البودرة بدون الأسنان اللبنية وأسنان الحليب ؟؟ أهو المسؤول والمدير والوزير والثري وصاحب راس المال ؟؟ أو المستثمر والمضارب في بورصة المال ؟
لا .. هؤلاء يشربون بطاقات مصغرة مكثفة ومبسترة ومبردة في عينات ممزوجة بالعسل ؟؟ وهؤلاء لا يقبلون شرب حليب البودرة في براميل بالكيلو أو الأرطال الثلاثة !!
هؤلاء واقصد الساهرين ليلهم بالتفكير الخلاق والإبداع في رفع الأسعار، يشربون النسكافيه مع الكافي ميت بالعسل، ويشربون الحليب والكريما الطازجة بزبدتها ورغوتها، والمستورد ة من باريس وسويسرا وهولندا بالطائرة مع عسل الملكات !!
إذن فالحليب المرفوع الأسعار بجنون الفقر هو الضربة الموجهة لمن لا يستطيع رفع صرخته، والذي سيذهب لمدرسته فاتحاً فمه باتجاه الله، وملتوياً بساقيه الرفيعتين تحت صرير العجلات، حيث لا قوة تدفعه للجري والهروب من عجلات الدهس، والركض نحو الطريق المقابل، ولن أقول للتوجه للتفكير والتحصيل العلمي والاستناد على مقعد الدرس بقوة العظم والكلس والعقل ... ! فتلك أصبحت بعيدة والمطلب هو كوب حليب صباحي يوزع على أفراد عائلة من الأطفال والرضع في الصباح ( كوب حليب بودرة ) وليس الشرط أن يكون بودرة نيدو أو كاو أند جيت، لا فممكن حليب مؤن وكالة غوث من ذاك الذي توزعه الدول الموسرة مجاناً على الدول أمثالنا وفي حالنا !!! ونبيعه كما نبيع تمر الصدقات على الشعب في الشبع الوهمي، ونبيعه في رمضان وفي الأعياد والتمر يأتي لنا في قفف من سعف النخيل، و يباع امام الفقراء بالمال العليل في أسواقنا !!
فالطفل لا يشرب البديل كما قلنا مع أن الدولة مشكورة قامت بتأمين البديل من التفاح وأنواع الفاكهة المختلفة مثل الكويوي والمانجا المستوردة والعسل بالخلايا واللحم المدخن والكافيار واسماك الانشوجا والطيور الصغيرة كمازات للويسكي والمشروبات الروحية، وبعض الاجبان الفرنسية المتعفنة والكاشو والفستق الوهمي ؟؟
ففي ظل فقدان الحليب الطازج من أثداء الماعز والبقر والغنم والكلاب والنوق ؟؟ جاء التكميل بالضغط على حلمات صدور الأطفال لأنهم أكثر فئة فاقدة للحيلة !! ويا للهول ! لم يبق على الدولة سوى بيع دماء الأطفال لتنمو بلا أمل للشعب المحروم ؟؟ ؟؟
أو ليس عيباً كبيراً أن نتفن بحرمان الصغار والأطفال حتى من حليب البودرة ؟؟ والرضع من حليب الوجبة حين تحرم الأم المرضعة من لقمة القمح ؟؟ ويصبح القمح مكسرات غالية الثمن لا يحصل عليه سوى عشاق البورصة العالمية وتجار الحروب ؟؟؟