حتى أنت أيها الكائن الغريب!!
في كل مرة نحاول إخفاءه حتى لا يراه الآخرون.. وكأنه كائن غريب بأنياب بارزة، يحمل ممحاة وحجابا وأسلحة. نُخفيه بكبرياء جريج ونازف ونواصل طريقنا.
هذه المرة، قررنا الكتابة عن هذا الكائن، لكي يعلم أن رهانه على استسلامنا، أمر مضحك، بل إن وجوده بيننا زادنا صبرا وإصرارا ومناعة وأملا.
في كل مرة كان هذا الكائن يعترضنا، فنشعر بالحزن على بلدنا.. ونتساءل باندهاش: هل نحن مخيفون أم مخطئون؟ مجرمون أم ثوريون؟ حالمون أم واهمون؟
مرة أخرى تستعجل السلطات المحلية إبلاغنا شفويا بأن تظاهرتنا الثقافية المركزية يوم السبت 10يونيو 2023 ممنوعة والتي كانت ستلتئم بفضاء الحرية عين الشق بالدار البيضاء، على غرار اللقاءات بأكثر من سبعين نقطة بمجموع المغرب لمناقشة وضعنا الثقافي وآفاق الخروج من حالة الانتظار والهشاشة!!
نحن فعلا في صلب الفعل الثقافي، نخوض صراعا صعبا لأن الكثير من الآليات معطلة وظلال الفترة السابقة تُلقي بصمتها وضجيجها على كل مبادرة. وهو الحافز الأساس لمواصلة البحث عن طريق يقودنا إلى الساحة الكبرى التي تأوينا جميعا ونعود إلى وضعنا الطبيعي والاعتباري. إن ما يُحرّضنا على الاستمرار في ما نحن فيه بإيمان مطلق لا يفصلنا عنه سوى الموت، هو الأمل الكبير والحي الذي يملأ صدورنا من رصيد حقيقي خلفه لنا جيل الحركة الوطنية وجيل المثقفين المؤسسين لروح ثقافتنا ممن عانوا المنع والحصار والقمع والسجن، ومن الذين استشهدوا في ساحات الشرف تحت التعذيب لأنهم حملوا فكرا تنويريا وثقافة حداثية تنشد الحرية والنور، كل هذا يلتقي وطموح جيل جديد من المثقفين المغاربة، أغلبهم لا ينتمون إلى المراكز المدينية الكبرى، ولدوا وعاشوا في ظل وضع مُحاصر بالصمت والزيف والانسحاق، ولكن وعيهم المتقد وحسهم العالي لم يستسلم للمعادلة المخدومة التي تبغي تضبيع الإنسان وتسليع الثقافة والقيم.
ليست المرة الأولى التي يطولنا فيها المنع، فقد منعت السلطات المحلية بمدينة بنسليمان (دائرة وقيادة لفضالات) الترخيص لنا بعقد نشاط ثقافي يوم 31 أكتوبر 2015 بدوار السوالم التابع للجماعة القروية أولاد يحيا/لوطا دائرة بنسليمان، وقال لنا الباشا بأن البادية خط أحمر.كما مُنعنا من ندوة بتاريخ 12 غشت 2017 بموسم الفروسية أولاد يحي لوطا إقليم بنسليمان حول مقاومة رجال ونساء البادية المغربية قبل عشرة ومائة سنة في التصدي للاستعمار الفرنسي. ومنعتنا السلطات المحلية بعين الشق يوم 26 مارس 2022 في لقاء تحت شعار "دفاعا عن المجتمع"، عرف في نفس اليوم تجمعات في أزيد من خمس وأربعين مدينة وقرية بالمغرب، وتم تهديدنا بالاعتقال إن نحن أقدمنا على عقد التجمع. وفي 24 دسمبر 2022 بالدار البيضاء رفض المسؤول الأول انعقاد لقاء ثقافي إن لم نخبره ماذا سنقول ونقرر، رفضنا بشدة وعقدنا اللقاء.
في العاشر من يونيو 2023، يعود المنع والتهديد وهو ما يعكس اختلالا كبيرا في مجال الحريات وفراغا في ساحتنا الثقافية، وإشارة حمراء تخفي الأعطاب المتراكمة، وأن المنع المباشر ليس إلا نتيجة لخنق حقيقي ومتعدد للثقافي في المجتمع، أبرزه السياسة الثقافية التي تنهجها الحكومات المتعاقبة منذ 2011 حتى الآن، وأن الاحتجاج على مقاطعة أنشطة وزارة الثقافة هو وسيلة فقط لمطارحة كل المعيقات في وجه تنمية ثقافية حقيقية.