الأحد ٢٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم شاكر فريد حسن

حركتنا الشعرية الفلسطينية.. الى أين؟

المراقب والمتابع للحركة الأدبية الفلسطينية في هذه البلاد يلحظ ثمة هبوط وتدني مستوى الكتابة الشعرية الابداعية، خاصة لدى الشعراء الناشئين والجدد.

وعلى الرغم من أن الصحف والمطبوعات والمواقع الالكترونية تحفل بالنصوص الشعرية الا اننا بالكاد نعثر على قصيدة فنية جميلة تدفعنا الى اعادة قراءتها مرة اخرى. وهذا يعود الى انعدام التجربة الشعرية الحقيقية عند هؤلاء الشعراء الشباب مما يفقد القصيدة مقوماتها الضرورية كقصيدة مكتملة وناضجة شكلاً ومضموناً. وكذلك غياب الرؤيا الشعرية الواضحة لدى البعض منهم وتكرارهم للموضوعات نفسها علاوة على افتقارها للمضامين الجمالية الثورية الملتزمة الصادقة، وذلك نابع من ثقافتهم الضحلة وقلة اطلاعهم على تراثنا القديم وعلى تجارب الاخرين.
فالثقافة هي التي تغني التجربة وترفد عملية الابداع وتمد الشاعر بالقوة والاستمرارية والبقاء والتواصل، والشاعر المجدد الأصيل هو الذي ينسج حروف قصيدته من المعاناة والألم والتجربة الحياتية، والشعر الحقيقي هو الذي يوقف شعر الرأس ـ على حد تعبير شيخنا وشاعرنا الصفوري طه محمد علي.
وفي الواقع، أن الكثير من النصوص والقصائد التي رأت النور هي قصائد ونصوص سطحية غارقة في الذاتية والرومانسية وبعيدة كل البعد عن واقعنا، ولا تعبر عن همومنا وألامنا وأمالنا وطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني.

وبينما شهدت حركتنا الأدبية في ارهاصاتها الأولى وبدايات تبلورها تدفقاً للشعر الكفاحي والرفضي المقاوم للظلم والقهر، الذي فاضت به القرائح والأقلام الشعرية الفلسطينية، التي اتخذت من الالتزام منهجاً ومسلكاً وطنياً وثورياً صادقاً، فأننا نرى انحساراً وتراجعاً في مكانة شعر الرفض والمقاومة، هذا الشعر الجميل الذي أثار اعجاب شعوبنا العربية على امتداد الوطن العربي، بكل شرائحها وقواها وتياراتها وأطيافها الثقافية والسياسية والفكرية مما جعل شاعرنا الفلسطيني الكبير، الراحل محمود درويش يطلق صرخته المدوية(انقذونا من هذا الحب القاسي).

أن الأسباب الكامنة وراء هذا التدني والتراجع وهبوط المستوى الفني هو التراجع السياسي والأيديولوجي، والحصار الثقافي، وتلاشي الحلم، وحالة الاحباط السائدة. لأن الأدب هو تعبير عن المرحلة السائدة والواقع في صيرورته وتناقضاته وتطوره الثوري، وما دمنا نعيش ونحيا في مرحلة رديئة فأن افرازاتها ونتائجها تجيء رديئة.

ثم فأن المشرفين على الملاحق والصفحات الأدبية ومواقع الشبكة العنكبوتية يتحملون جزءاً من المسؤولية عن تدني المستوى الابداعي والفني للقصيدة، فهم يشرعون الأبواب وينشرون كل ما هب ودب من النماذج الشعرية التي لا ترقى الى مستوى الابداع الحقيقي وذلك من باب تشجيع المواهب والأسماء الجديدة. هذا الى جانب غياب الناقد الادبي المتابع والنشيط الذي يمكنه غربلة الاعمال الشعرية وتقديم المتابعة والمراجعة النقدية بروح نقدية علمية وموضوعية نزيهة.

أن حركتنا الأدبية تحتاج الى الكتابة الشعرية الغاضبة المغايرة ذات المستوى الراقي العميق، وعليه فأن المطلوب من شعرائنا الجدد تعميق ثقافتهم وصلتهم وتفاعلهم مع قضايا الجماهير، وتقديم الأفضل من النصوص الشعرية ذات البساطة والرؤية الثورية المتفائلة،عبر صور شعرية جديدة وغنية تستمد نسغها من عفوية الأرض، بصدق وشفافية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى