![](IMG/img_trans.png)
![](IMG/img_trans.png)
حلب الشّهباء في عيون شاعرها
وافته المنيّة سنة 1390 هـ 1971 م
خلال وجودي في بلاد الغربة في العام 1343 هجري ، أثارتْ عواطفي وأشواقي
ذكريات مدينتي الغالية وساكنيها التي أنجبت الكثير من العظماء والعلماء والأدباء ،
فنظمت هذه القصيدة :
يا نســـمة الشهــــباء حــــين هبوبهامّري بروحي فالفؤادُ هوَى بهـــاوهواؤكِ الصّافي يصيب به الهوىوالنفس ذابت في هوَى محبوبهاو (الجوشن) العــــالي به راق الصفاورياضه فاحـــت بــنشر عبيرها(حلب) حوت أبهى الصفات فكلّ منقد زارها يثني عــــلى أوصــافهاهي أمّ أرباب المعالي والــنــــّـهىكـم غـذَّتِ الألـــــباب من ألــبانهاكم أنشأت قوماً تســـــــامى فضلهموالمكرمات تُـــشامُ بين ربوعـهاوالعامــــلون بعِــــلمهمْ كم علّــموا والنابغون رُقيــــّــُـهم بنبوغـهــــاتلك المعــــــالم لــــــــــم تزل آثارهافي الذكريات تُشــــاد في أبنائهــاشـــــجعانها أسـْــــــدٌ قَضَوا لكنّــهاكم خلّفتْ بالمجد مـــــن أشـبالهـاكم من جهــــــــابذة وأعـــــــلام لقدفاقوا على الدنيا برفـــعة شــأنهـاكم من أديب نابـــــغ كـــــــم شاعرنظم القلائد في جــمان مديحــهاكم من بــليــغ في بديـــــع بــيانــــهِهزّ المنابر في معـــاهد علمهـــاكم قد أثارت أنفـُــساً نحــــوَ العــلاكمْ من ضلال قد أُزيلَ بِهديهــــاكم من فتىً فيها ترعرع وارتقـىوجنى علوماً من رياض علومهاهي بلدتي وطـــــني وفيها مُنيـتيحاشا فـــؤادي أن يميل لغيــرهابركاتها دَرّت لكـــلّ مواطــــــنٍوالخيرعمَّ الــكلَّ مـــن بركاتهاكرَمُ القِرى فيها ارتقى أوْج الـعلاومكارمُ الأخــــلاق في آفاقهــــاشرف الحميّة في رؤوس رجالهانور الطهارة في قــــلوب نسائهاومعاهد الــــعرفان كم هي خرّجتفأقرأ سطور الــنّور في تاريخهاوبدائع العمــــــــران شيْدتْ بهجةًوقصورُ حظ المرء في عمرانهافربيع عيشي يغتنــــي بربوعهــاوربوع أنسي تزدهي بربيعهــــاوأريج أزهار الريــــاض بفَوْحِهِقد فاح مسكاً طـــاب في أرجائهاماء الفرات روى القـــلوب بفيضهِوعذوبة الشــّـهد الشــهيِّ بمائهــاو (قوبق) قد جفّت مآقـــيه جَــوىًلما قَضَتْ جَوْراً به جيــرانهـــــاعَبراتـــهُ تجــري بأيـــام الشتـــايا ليتها تجــري بكل فــصولهـــالو أنصفوها رحمــــةً فـيها لَمــــامنعوا (لعمر الحـقّ) ماءَ حــياتهافالحقّ عوّضَها وأطــــفأ رأفــــةًبعذوبة الماء الطــهور غـــليلهـافهي العزيزة بالعـــروبة واليهــاوهي الأنيســة في لــقاء مُحــبّهـافاسأل عن (الشهباء) تَعلمْ أنّمــــــاتلك المكانة فـــي شوامـخ قدْرهـافــ(ابو عبيدة) والبواســـــل بدّدوا شجعان(قيصرَ)في معارك فتحهاويدُ العناية مهّدتْ لأُولي العــــلارُشْــداً لهمْ عند اســتلام زمامـهاوالدِّين فيــــها لا يزال بأوجـــــهومباديء الشـرع الحنيفِ بأهلـهافشهامة الشهباء عالــــــية الـثنـــاوهي القوية في صيانة عِرضـهاشرف المروءة والامانة رأسُـهاوالقلب منها فهْوَ قـــلعة مــجدهامن وجهها شُمتُ الحــياة لذيـــــذةًوشممتُ طيبَ حُنوّها في صدرهافالعيش كيف يطيب لي من بعدهاإن الحـــياة لــفي جمـال حياتهافيها نــشأتُ وسوف أنشأ ثانيـــــاًفتراب جسمي من عبــير ترابها
– مدرسة ومسجد السّلطانيــــة الأثرية الواقعة قبالة مدخل قلعة حلــــب ،
كانت بُنيت في عهد الملك الظّاهر ، وكان مسجدها ذا محراب فـي غايـــــــة
الرّوعة والجمال ، لكنّها كانت مهملة في حينها كباقي المواقع الأثريّة.
قام الشّاعر بمساعيه الشّخصيّة وبمساعدة الأوقاف الإسلاميّـة بإزالة ما كان
يحيط تلك المدرسة من تلالٍ ترابية ، وترميم ما خرب بداخلها .
في العام 1344هجري افتتح الشّاعر مدرسةً نموذجيّة سمّاها (دار الفلاح)،
وقد عمد في تلك المدرسة إلى تدريس : علوم القرآن الكريم ، وقواعد اللغــة
العربية في صفوفها الثلاثة التي جلب لها أساتذة علماء .
وأضاف إلى الصفوف الثلاثة صفّاً رابعاً خصّصه للطلبة الّذين أنهَــــــــــوا
صفوفهم الثلاثة ، لتعليم وتدريب أصول المحاسبة وإمساك الدفاتر التجاريّة
الّتي اشتهرَ بها في زمانه ، ليتخرّج الطالب بعدئذ وهو مؤهّل للعمــــــــــل
كمحاسب (أي كاتب دوبيا) كما كان يوصف في ذلك الزّمن ،
وكان قد تخرّج العديد من الطلبة الّذين أصبح أغلبهم في مواقع علميــــــــة
وعمليّة رفيعة .وظلّت مدرسته قائمة حتّى العام 1388 هجري .
وقد عُهد إلى (الشيخ إسبير) الّذي ذاع صيته بهذا الإسم حينها ،بإمامــــــــة
المسجد الإثريّ المجدّد ، حتّى الوفاة في العام 1390هجري يرحمه الله ،
كما كان نظمَ العديد من دواوين الشّعر الإسلامــي التّوجيهــــي التربـــوي
التي مازالت تُنشرُ في بعض الصحف والمواقع الإليكترونيّة .