الأربعاء ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
في حوار مع الدكتور أحمد زياد محبك:

الشعر العربي ما يزال بخير في أنواعه الثلاثة البحر والتفعيلة والنثر

زينب عطا

التقييم العام لمسابقة ديوان العرب ناجحة وشارك فيها 664 شاعراً

المعيار المعتمد في منح العلامة وتقييم النص هو الفن

الشعر العربي ما يزال بخير في أنواعه الثلاثة البحر والتفعيلة والنثر

للمسابقات الأدبية دور كبير في التشجيع على الإبداع وتحفيز المواهب

الدكتور أحمد زياد مُحَبِّك، عضو لجنة التحكيم في المسابقة العاشرة من مسابقات ديوان العرب، هو أستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة حلب، وعضو اتحاد الكتاب العرب في سورية، وعضو هيئة التحرير في ديوان العرب. وهو ناقد، وله عشرات الكتب المطبوعة في نقد القصة والرواية والشعر والمسرح، بالإضافة إلى ذلك يكتب القصة والرواية، وله خمس عشرة مجموعة قصصية منشورة، وأربع روايات، وهذه هي المرة الثامنة التي يشارك فيها في تحكيم مسابقات ديوان العرب الأدبية. وقد شارك في تحكيم عشرات المسابقات الأدبية في سورية.

بداية أتوجه إليك، دكتور أحمد، بالسؤال التالي: ما هو التقييم العام لمسابقة ديوان العرب من وجهة نظرك؟

أستطيع القول بصورة عامة إن المسابقة كانت ناجحة، بكل المعايير، فقد شارك فيها 664 ستمئة وأربع وستون شاعرًا، من ثماني عشرة دولة عربية، وجاءت مشاركات لشعراء عرب مقيمين في ثماني دول أخرى في مختلف بقاع الأرض، ويدل هذا على الإقبال الكبير الذي لقيته المسابقة. كما يدل على انتشار خبر المسابقة عبر الشبكة الرقمية وتواصل المثقفين مع ديوان العرب. وهذا هو النجاح الحقيقي للمسابقة، فهي المسابقة العاشرة في تاريخ ديوان العرب.

هل كانت الأعمال المقدمة إلى مسابقة ديوان العرب جيدة في فروع المسابقة كافة؟

لا أستطيع تقييم كل الأعمال المقدمة إلى المسابقة، لأنني عضو في لجنة تحكيم قصيدة البحر. وأستطيع الحديث على القصائد المقدمة في هذا النوع من الشعر فقط، وقد وصلنا 271 مئتان وإحدى وسبعون قصيدة، وهي جميعًا بدون أسماء، ولا نعرف حتى من أي بلد جاءت كل قصيدة، بل إن القصائد وصلت إلى لجنة التحكيم بعد إعادة برمجتها كلها بنوع واحد من الحرف وحجم واحد، تأكيدا للموضوعية والحيادية والنزاهة العلمية. وهذا العدد الكبير من المشاركين يدل على أن قصيدة البحر ما تزال بخير، وأن كثيرا من الشعراء يكتبون فيها، ولكن هذا من ناحية الكم، أما من حيث الكيف والقيمة الفنية، فالأمر يختلف كليا، والقصائد الجيدة ما كانت لتزيد على الخمسين من مجموع قصائد البحر.

عند فرز الأعمال المشاركة، ما هي القصائد التي تم استبعادها؟

في التحكيم كنا نمنح كل قصيدة علامة من مئة. وتم ترتيب عناوين القصائد تنازليا من الأعلى إلى الأدنى، فكان عدد القصائد التي نالت علامة فوق الستين لا يكاد يبلغ الخمسين، وبالطبع كانت القصائد الفائزة هي القصائد الأربع الأولى وفق أعلى العلامات الممنوحة. ولا بد من القول، إن هذه هي طبيعة المسابقات بصورة عامة، إذ لا بد من اختيار عدد محدد من النصوص للفوز. ولا يمكن القول إن كل النصوص التي تليها في الترتيب ضعيفة، بل هي جيدة أيضا، ولكن لا بد من الاختيار، والعلامات هي الفيصل.

إذن، ما هي المعايير التي ركزت عليها لجنة التحكيم عند اختيار الأعمال الفائزة، أو بالأحرى في منح العلامات للقصائد؟

المعيار المعتمد في منح العلامة وتقييم النص هو الفن، وبالفن نعني متانة بناء القصيدة وتماسكها، ووحدة موضوعها، وبعدها عن التشتت وتعدد الموضوعات. وكانت النظرة الكلية الشاملة إلى القصيدة هي الأساس، لا بد من أن تحقق القصيدة وحدتها وتماسكها. ومن القيم الفنية المعتمدة قوة تأثير القصيدة في النفس، وقدرتها على إثارة المشاعر والانفعالات، وتحقيق التدفق اللغوي وانسيابه، واندياح الإيقاع الموسيقي وسيولته، وتماسك الصور الفنية وتلاحمها مع البنية العامة للنص. طبعا للموضوع قيمته، ولكنه ليس وحده الفيصل. ومن الطبيعي أن تكون اللغة سليمة، وأن يكون الوزن لا كسر فيه ولا خلل.

هل يمكننا القول إن الشعر العربي بأنواعه كلها ما يزال بخير؟

الشعر العربي ما يزال بخير، في أنواعه الثلاثة، قصيدة البحر وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر. ومن حق كل إنسان أن يكتب الشعر، فهو تعبير عن إنسانية الإنسان. ومن حق الأنواع الثلاثة أن تتعايش في الساحة الأدبية. ولا يمكن لأي نوع أن يلغي نوعا آخر. وهي كلها تصنع الحركة الشعرية. وكل يوم تطبع عشرات المجموعات الشعرية في الوطن العربي، عدا ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي، والزمن كفيل بالغربلة والانتقاء، بالاعتماد على جهود النقاد. ولكن المشكلة ليست في إنتاج الشعر، المشكلة الحق في تلقي الشعر وقراءته، فالشعر بصورة عامة لا يلقى الإقبال من المثقفين، وتنافسه الرواية، بالإضافة إلى انصراف الناس ولا سيما في الوطن العربي عن الثقافة المكتوبة، واهتمامهم بوسائل التواصل الاجتماعي.

أصعب القرارات التي واجهتها عند تحكيم المسابقة؟

أصعب القرارات هو إعطاء علامة لأربع قصائد أو خمس قصائد متقاربة جدًّا في مستواها الفني والجمالي، فالفرق دقيق بين قصيدة نمنحها 90 تسعين علامة، مثلا، وأخرى نمنحها 92 اثنتين وتسعين علامة، ولا بد من مراجعة القصائد مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، وتعديل العلامات، استنادا إلى الفن، من أجل تحقيق بعض العدل، وليس كل العدل، لأننا أمام فن، والأذواق فيه تختلف وتتفاوت، ولسنا أمام رياضيات. وإن كنا قد حاولنا تحويل القيمة الفنية إلى قيمة رقمية، وهذا هو قانون المسابقات. وهذه هي المرة الثامنة التي أشارك فيها في تحكيم مسابقات ديوان العرب، بالإضافة إلى مشاركتي في تحكيم عشرات المسابقات في القصة والشعر والرواية في سورية.

ما النصائح التي تود تقديمها لجميع الشعراء اللذين لم يحالفهم الحظ لنيل إحدى جوائز هذه الدورة من مسابقات ديوان العرب؟

سأتحدث عن نقاط الضعف في معظم القصائد التي لم تنل علامة فوق الستين، ومن هذه النقاط يمكن أن ينطلق الشعراء لتطوير تجربتهم الشعرية، وأهمها المعالجة التقليدية، والطرح المباشر لموضوعات اجتماعية وفكرية، وتقرير المعاني والأفكار، وغلبة الألفاظ بمعانيها المعجمية البعيدة عن الإيحاء، وحضور البناء الغنائي القائم على التكرار، وغياب الحس الدرامي، وغياب التوظيف الثقافي، والإحساس بحضور الوزن وغياب سلاسة الإيقاع وانسياب الجملة موسيقيا، وسيطرة المألوف والمحفوظ في اللغة والتراكيب والصور، وغياب الإدهاش، وغياب التميز الشخصي. ويرجع الأمر كله اعتماد أكثر الشعراء على الموهبة، والموهبة وحدها لا تكفي، ولا بد من عمق التجربة وسعة الثقافة والاطلاع على التجارب الشعرية الحديثة، ويكاد هذا أن يكون مفقودا، ولعل الأهم هو غياب الفرادة والتميز الشخصي، ولا نكاد نجد خصوصية البيئة المحلية ولا الثقافية، ولا خصوصية الصوت النسائي، وإن كنا نعتقد بوجود شاعرات مشاركات، ولكن لا تحس في أي قصيدة حس الأنثى أو روحها أو شخصيتها.

هل تساعد الجوائز الأدبية على انتشار الأعمال الأدبية، سواء في ذلك الشعر والقصة والرواية، وتدفع إلى الإقبال على قراءتها؟

للمسابقات الأدبية دور كبير في التشجيع على الإبداع، وتحفيز المواهب وتشجيعها، بل لها دور كبير في دفع الأدباء إلى تطوير تجربتهم، سواء فازوا أم لم يفوزوا. ولا شك في أن المسابقات تدفع القراء إلى الاطلاع على الأعمال الأدبية الفائزة، وبذلك تسهم المسابقات في إغناء الحركة الأدبية وتطويرها.

زينب عطا

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى